بدون لف أو دوران فإن الغرض من المقالين السابقين والمقال هذا، هو بث الرعب في نفوس القراء: ضغط الدم لا يصيب فقط كبار السن بل يصيب حتى الشباب والصبيان، فحياتنا المعاصرة الخالية من النشاط الجسماني، وحيث الأطعمة الجاهزة المشبعة بالملح والدهون ومن ثم الكولسترول وازدياد معدلات الاصابة بالسكري و- عند البعض- كذا كأس بالثلج والصودا، وعليها تبغ فرجيني فاخر.. كل هذه البلاوي تمثل وصفة جاهزة لارتفاع ضغط الدم.. وجاء في العدد الأخير لمجلة لانسيت أشهر مجلة طبية في أوربا أن 90% من سكان الدول الغنية معرضون للإصابة بارتفاع ضغط الدم خلال السنوات العشر المقبلة.. رجاء لا تفرح لأنك مفلس ومبهدل، و«حالك حال» ويغني عن السؤال، ولا تخدع نفسك بأن «الضغط» مرض الأغنياء.. فإذا كنت «فلسان» ولكنك من النوع الذي لا يكف عن التفكير في طرق الخروج من دائرة الفقر، ثم يصيبك التفكير باليأس والإحباط فتصبح عصبيا سريع الاشتعال فأنت والغني المترف الذي لا يقوم بأي جهد عضلي ويردم كرشه بالطعام على الدوام حالكما سيم سيم في ما يتعلق باحتمالات الإصابة بـ«الضغط».. وهناك تشكيلة واسعة من أدوية التحكم في الضغط، ولكن المشكلة هي ان معظم المصابين بالمرض من فصيلة حماتي التي تقرر التوقف عن تعاطي الدواء لأنها صارت «كويسة» فقط لأن الطبيب طمأنها في آخر زيارتين بأن ضغط الدم عندها طبيعي.. هو طبيعي طالما انت منتظم في تناول الدواء، ولكن «الضغط» لا يطبطب على ظهرك وينبهك: صح النوم يا استاذ.. أنا «طالع»، بل هو يرتفع بدون إنذار او أعراض، وبالتالي فإن أكثر من نصف المصابين بارتفاع ضغط الدم لا يعرفون شيئا عن حالتهم، ومعظم من يتلقون العلاج اللازم لهذا المرض اكتشفوه بالصدفة.. ولهذا كن لحوحا وتمسك بحقك في معرفة درجة حرارة جسمك ومعدل ضغط الدم عندك حتى لو زرت الطبيب لتقول له: كل سنة وانت طيب في يوم العيد.. اكتشفت انني مصاب بارتفاع في ضغط الدم وعمري 28 سنة عندما ذهبت الى المستشفى شاكيا من الم في الظهر.. وبعد وضعي تحت المراقبة لنحو شهر قرروا منحي أدوية للسيطرة على الضغط، وبعد نحو سنة أوقفوا عني الدواء.. ولكنني ظللت حريصا على الكشف على معدل الضغط كلما زرت طبيباً، وقبل 4 سنوات قال الأطباء ان «الضغط» قرر ملازمتي حتى النهاية، وصرت اتناول صنفين من الأقراص يوميا ودربت جميع أفراد أسرتي على استخدام جهاز قياس ضغط الدم الزئبقي (لأنني لا أثق بالأجهزة التكنولوجية).. وإذا اتضح يوما ما ان الضغط عندي 140/90، فإنهم يتهمونني بأنني «متلاعب».. حقيقة الأمر هي انني لا أقيس ضغط الدم أكثر من 8 مرات في السنة منذ ان التزمت بتعاطي العقاقير المقررة.. بمعنى أنني لا أوسوس لأنني مصاب بـ«الضغط».. بالعكس اتعامل معه كأمر واقع ولكنني لا أتلاعب في امر السعي للسيطرة عليه.. وعليَّ ان أسعى وليس عليّ إدراك النجاح.