-A +A
عبدالجبار أبو غربية (عمان)
توقفنا في الحلقة الثالثة من ذكريات الصحفي والسياسي عرفات حجازي عندما حدثنا عن مشاهداته لمصرع الهاشميين في العراق, وتمكنه من الهرب من بغداد وهو يتنكر بزي مساعد سائق وقيامه فور وصوله عمان بلقاء الملك الحسين ليخبره حقيقة الفاجعة. خصوصا وأن الملك الأردني كان بانتظار أية أخبار من العراق تتعلق بمصير ابن عمه ملك العراق فيصل الثاني وبقية أفراد العائلة الهاشمية, كما كان للأردن وفد رسمي في بغداد عند وقوع الانقلاب ويرأسه رئيس الوزراء, وقتل الانقلابيون جميع أعضاء الوفد, وقدم حجازي باعتباره شاهد عيان, وصفا دقيقا للانقلاب الذي وقع في العراق عام 1958م والذي انتهى بقتل جميع أفراد الأسرة الملكية الحاكمة , ولم يبقوا حتى على الأطفال. وفي هذه الحلقة يحدثنا حجازي عن لقاءاته مع ملوك ورؤساء كانوا لا يلتقون الصحفيين , بسب قوانين بلادهم, إلا أنه التقى بهم وتحدثوا معه حتى أن أحدهم وهو ملك ماليزيا ,تنازل عن العرش ليوم واحد كي يتجاوز مخالفة قوانين بلاده ويلتقي بحجازي .

قوانين البلاد وتقاليد الحكم
في بعض الدول هناك عدد من الملوك والرؤساء الذين لا يتحدثون للصحافة ليس استكبارا أو استهتارا بل لأن قوانين بلادهم وتقاليد الحكم لديهم تمنعهم من استقبال الصحافي بشكل منفرد لتزويده بتصريح أو حديث خاص دون مشاركة صحفيين آخرين, إلا أنني استطعت خلال عملي الصحفي أن اخترق قوانين ثلاث دول عندما قابلت المستشار الألماني كونراد أديناور العام 1963, ورئيس وزراء اليابان تاكيو ميكي العام 1979, وملك ماليزيا اسكندر سلطان العام 1984 , وهم من الذين تمنعهم قوانين بلادهم مقابلة أي صحفي على انفراد .
بالنسبة لألمانيا فقد كان سفيرها في عمان « شوماخر» يعتقد أن علاقة بلاده مع العرب يجب أن تكون أفضل منها مع اسرائيل وكان يخشى من آثار اعتراف بلاده العام 1963 بإسرائيل أن تقوم الدول العربية بمقاطعة ألمانيا , ولأنه كان يؤمن بأن الهدف الإسرائيلي من إقامة علاقات مع بلاده هو الابتزاز ومطالبة ألمانيا بالمزيد من التعويضات بينما العالم العربي هو السوق الرائجة والأكثر رواجا للصناعات الألمانية .
الرحلة إلى ألمانيا
وكان السفير يريد أن تتلقى بلاده تحذيرا مباشرا من العرب لمنعها من الاعتراف بإسرائيل دعاني لزيارة ألمانيا لألتقي بالمسئولين وخصوصا رؤساء وزارات الولايات وأعضاء البرلمان لإقناعهم بخطورة اعترافهم بإسرائيل, وعندها أكدت له أنني إذا لم أقابل المستشار شخصيا وأنقل له حقيقة ما ستواجهه ألمانيا من عقوبات في العالم العربي فإن المهمة ستبقى عديمة النفع لان المستشار هو صاحب الكلمة القوية والأولى والأخيرة نظرا لعلاقاته بالولايات المتحدة وارتباطه بها .
وقبل أن تحط الطائرة سبقتني برقية السفير الذي يطلب استثنائي من التقليد الألماني في اللقاءات الصحفية بترتيب لقاء لي مع المستشار الذي لم يسبق أن التقى صحفيا منفردا, ووسط دهشة المسؤولين الألمان استقبلني المستشار العجوز في مكتبه في بون .
وعقدت له مقارنة بين علاقات ألمانيا مع العرب وبينها مع إسرائيل, وقلت ألمانيا ستخسر كثيرا إذا اعترفت بإسرائيل, لأن الدول العربية ستقاطعها فور إقامة العلاقات الدبلوماسية وهذا هو مخطط التآمر الامريكي على ألمانيا لأن الولايات المتحدة لم تستطع منافسة الصناعات الألمانية التي تغزو الوطن العربي, وقلت له « لو انك وقفت في أحد شوارع عمان وراقبت حركة السير فسيدهشك أن 90% من السيارات هي من نوع مرسيدس و بي ام دبليو واوبل بينما لا تزيد نسبة السيارات الامريكية على 5% .
المستشار قال لي العالم العربي غير موحد ولم نعد نفهمه
وعندما فرغت من تعداد استهلاك الأسواق العربية للصناعات الألمانية قادني المستشار إلى قاعة مجاورة امتدت على جزء كبير منها خريطة العالم وعليها إشارات ضوئية وأخذ يضغط على الأزرار ليقول لي أن السيارات الألمانية موزعة حسب الأضواء التي اشتعلت وأخذت تدل على الدول الرائجة فيها ، ثم ضغط على أزرار أخرى تشير إلى توزيع الثلاجات وبقية الأدوات الكهربائية مثل المكيفات وافران الغاز وأجهزة الراديو وهو يشير إلى عدد الأضواء ليؤكد لي أنه بالرغم من أهمية العالم العربي إلا انه لا يمثل إلا جزءا صغيرا من الصناعات الألمانية التي تباع لبلدان يسيطر عليها رؤساء الأموال اليهودية من جهة والأمريكية من جهة أخرى. ثم قال لي المستشار اديناور: إن الواقع الذي يحدد سياسة ألمانيا ليس أسواق صناعاتها فحسب بل العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى , وقال إننا في الواقع لم نعد نستطيع رسم سياسة واضحة موحدة للعالم العربي لأن هذا العالم العربي غير موحد ومنقسم ومنشق حتى أننا وصلنا لمرحلة لم نعد نفهمه.
وقال إن الخلافات الألمانية الآن على أشدها مع ثلاثة أقطار عربية هامة هي مصر وسوريا والأردن ونحن لو قمنا بمحاولة إرضاء مصر فإننا سنواجه معارضة من سوريا والأردن ولو عملنا على إرضاء سوريا فسنواجه بمعارضة من مصر والأردن ولو رغبنا الاتفاق مع الأردن سنواجه بمعارضة من مصر وسوريا .
وقال المستشار الألماني بألم, لهذا فإننا لم نعد نستطيع إقامة علاقة سليمة مع بعض الدول العربية, وضرب مثالا أن شركة ألمانية كانت تقوم بأعمال التنقيب عن البترول في سوريا بناء على طلب سوري وكانت هذه الشركة تنفق أموالا طائلة في عمليات تجارب التنقيب وكلما أرادت الشركة التوقف عن التنقيب بسبب خسائرها تقوم الحكومة الألمانية بالتعويض عليها حتى تواصل عمليات التنقيب حرصا من ألمانيا على علاقاتها مع العالم العربي ولكن لسوء الحظ عندما جرى تغيير وزاري في سوريا كان أول ما قامت به الحكومة الجديدة أن ألغت الامتياز الألماني لأنها قررت منحه لإحدى دول أوروبا الشرقية ولم تجد الحكومة السورية الجديدة من مبرر لإلغاء امتياز الشركة الألمانية التي بذلت الجهد والمال من اجل البحث عن ثروة جديدة للسوريين إلا بتوجيه الاتهامات للمهندسين الألمان بأنهم جواسيس واعتقلوهم وأهانوهم بدلا من التعويض عليهم وتقديرهم .
واضاف صحيح أنه حتى مثل هذه الأعمال لا يمكن أن تكون مبررا للتضحية بعلاقات ألمانيا مع العرب ولكن هذه بعض الأمثلة على أن العرب ملومون هم أيضا لعدم بذلهم الجهد اللازم لإقامة علاقات مع دول العالم , تكون قائمة على المصالح المتبادلة بكل احترام حتى تبقى للعالم العربي قوته ومكانته , وقال, لا تنس أن اليهود دفعوا ثمنا باهظا على أيدي النازيين وأن من حقهم علينا أن لا نبقى متنكرين لما لاقوه , لأنه لا بد من أن نكفر عن الجرائم التي ارتكبها آباؤنا وأجدادنا بحق الأبرياء منهم .
رئيس وزراء اليابان .. والبروتوكول !
عندما تلقيت دعوة لزيارة اليابان قلت لسفيرهم في عمان, إنني اطلب أن يكون برنامج زيارتي إما سياحيا فأزور المواقع الأثرية والحضارية فقط أو صحفيا تكون أول شروطه مقابلة رئيس الوزراء, وقد أبديت هذه الملاحظة لأنني علمت أن الصحفيين العرب الذي زاروا اليابان لم يجتمعوا بغير موظفي وزارة الخارجية المناطة بهم شؤون بلادهم .
وعندما وصلت طوكيو وجدت سفراء الأردن والكويت والجزائر الذين أحاطوني برعايتهم أثناء وجودي في اليابان في دهشة ما بعدها دهشة لأنهم اطلعوا على برنامج زيارتي واستغربوا كيف يتاح لأول صحفي عربي مقابلة رئيس الوزراء ووزير الخارجية . وكان لقائي مع السيد تاكيو ميكي رئيس وزراء اليابان والسيد كيورا وزير الخارجية من أكثر اللقاءات الصحفية إثارة وكانت أول مناسبة يتحدث فيها مسؤول ياباني عن حقيقة العلاقات اليابانية الشرق أوسطية .
وعندما استقبلني رئيس الوزراء في منزله قال لي انه أراد أن يجد حلا معقولا لاستقبالي فقرر أن يكون اللقاء في منزله وليس في مكتبه, حتى لا يخرق التقاليد التي يلتزم بها رؤساء الوزارات منذ عهد بعيد .
ويعتبر رئيس الوزراء ميكي مهندس الدبلوماسية اليابانية من أقوى الشخصيات السياسية اليابانية على الإطلاق إضافة إلى أنه صاحب الإرادة القوية التي أدخلت تعديلا جذريا على السياسة اليابانية لمصلحة العلاقات مع العالم العربي والقضية الفلسطينية بشكل خاص .
وعندما قابلته كان قد تجاوز السبعين من عمره إلا أنه كان يبدو في قمة النشاط والحيوية.
وبعدما شكرته على استقبالي في بيته أكدت له أنني لن أسبب له أي إزعاج او إحراج وأنني سأترك له تحديد موضوع الحديث وان كنت أتمنى عليه أن يتناول علاقات اليابان بالدول العربية وكذلك مع اسرائيل والموقف من القضية الفلسطينية .
فسمعت منه حديثا مهما وصريحا كشف فيه عن بعض أسرار او عن الظروف التي يجد السياسي الياباني فيها الحرج عند الحديث خصوصا عن الهيمنة الامريكية على المنطقة.
وقال لقد اكتوينا نحن اليابانيين بنيران الحروب السابقة لهذا فالسلام هو أكثر المواضيع حيوية واهتماما بالنسبة لكل ياباني ونحن ندرك أن السلام العالمي لا يمكن أن يتحقق بالقوة ولا بد لتحقيقه من أن يكون سلاما عادلا يؤمن لجميع الأطراف الحياة الآمنة الكريمة , كما أننا نعرف أن أساس مشكلة الشرق الأوسط هو الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية لهذا فان موقفنا والذي أعلنا عنه هو الوقوف إلى جانب الدول العربية لتأمين الانسحاب الاسرائيلي من كافة أراضيهم ومدنهم بما في ذلك مدينة القدس. واضاف أنه عرف أسرار وحقائق الصراع العربي الاسرائيلي والقضية الفلسطينية في وقت متأخر وبالتحديد عندما كان وزيرا للخارجية عام 1967 عندما جرى الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية وكان بصفته وزيرا للخارجية من المشاركين في صياغة قرارات الهدنة لوقف القتال, كما شارك فعليا بصورة رئيسية في صياغة القرار 242 الذي وضعه اللورد كرادون مندوب بريطانيا في الأمم المتحدة عندما قامت مجموعة من الخبراء الدوليين بدراسته وإعادة صياغته وكنت ممن شاركوا عمليا في إخراج هذا القرار إلى حيز الوجود.
واضاف بسبب التدخل الأمريكي كانت لنا علاقات وثيقة مع اسرائيل وكانت هذه العلاقات على حساب التوازن مع الدول العربية ولكن عندما بدأنا ندرك حقيقة الأمور اختلفت الموازين وأصبحت علاقاتنا مع العرب وثيقة لدرجة أننا أصبحنا نستورد 80% من احتياجاتنا البترولية من الدول العربية.
اتهامات كيسنجر
واعترف بأن العلاقات مع الدول العربية دفعتنا إلى الانحياز إلى جانبها في صراعها مع اسرائيل ولقد توجهت شخصيا بعد حرب رمضان عام 1973 إلى الولايات المتحدة وطلبت من الرئيس الامريكي نيكسون أن يقوم بالضغط على اسرائيل لتأمين انسحابها من جميع الأراضي العربية لأن قناعتي بأن السلام لن يجد له طريقا للشرق الأوسط ما دامت اسرائيل تحتل أرضا عربية .
ولازلت اذكر كيف كان وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر وهو في حالة من الغضب وهو يتهمني بأنني قمت بتغيير السياسة اليابانية والانحياز إلى جانب العرب, وأخذ يؤكد لي أن حل القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي سيجد طريقه في النظرية التي صنعها ويعمل على تنفيذها وهي سياسة «الخطوة خطوة» وان أهم ما في هذه السياسة أنها ستبقي العرب مختلفين متفرقين وبهذا الأسلوب يمكن أن يحل السلام في الشرق الأوسط .
موعد مع الملك
قابلت ملك ماليزيا لأول مرة على مائدة العشاء التي أقامها في قصره تكريما للوفد الفلسطيني الذي كنت مشاركا به ويرأسه ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير, وقد دعي لحفل العشاء المائة سفير الذين يمثلون بلادهم في ماليزيا وعندما انتهى الحفل ووقف الملك مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية يودعون ضيوفهم, وعندما سلمت عليه شاكرا مودعا استأذنته إذا كان وقته يسمح لإجراء لقاء صحفي مع جلالته , فأجاب على الفور دون تردد بأنه يرحب بهذا اللقاء وحدد لي موعدا في اليوم التالي قبل الظهر في مكتبه بالقصر الملكي.
وكان رئيس الوزراء داتو سري محاضير محمد يستمع لما دار بيننا ولما سمع الملك يوافق ويحدد لي موعدا للقاء, اقترب من الملك بسرعة وهمس في أذنه كلاما عرفت فيما بعد أنه نبهه إلى أنه محظور عليه بموجب الدستور الإدلاء بأي تصريح سياسي, ولكن الملك هز رأسه إشارة إلى عدم أخذه بنصيحة رئيس الوزراء , وعندما وصلت قصر الضيافة الذي كنا ننزل فيه إذا بمدير المراسم في القصر الملكي يصل فجأة وطلب التحدث إلي, ولما جلسنا على انفراد اخبرني أن جلالة الملك يانغ دي بيراتون المونغ ولقبه الاسلامي جلالة المتوكل على الله الملك اسكندر يدعوني إلى الغداء في اليوم التالي في قصره الريفي خارج العاصمة كوالالمبور, بدلا من اللقاء الذي كان قد حدده في القصر الملكي , وطبعا لم أدرك سبب التغيير في الموعد والمكان كما لم يقدم لي مدير المراسم تفسيرا لما حدث .
وفي الموعد المحدد وصلت سيارة ملكية لتنقلني من قصر الضيافة إلى القصر الريفي الذي فوجئت عندما وصلته بعدم وجود ما يشير إلى أنه قصر ملكي إذ لا حراسة عسكرية ولا حاشية كبيرة, بل كان عند الباب الخارجي حارس عادي وأمام مدخل القصر وجدت شخصا يستقبلني عند باب السيارة لم أنتبه لأول وهلة أنه الملك بنفسه لأنني عندما قابلته في اليوم السابق كان يرتدي زيا عسكريا موشحا بالأوسمة والرتب الرفيعة وكان الملك يحافظ على هيبته الملوكية باصطناع الوقار وهو شخصية مختلفة تماما عن هذا الذي استقبلني عند مدخل القصر الذي كان في منتهى التواضع ويلبس سروالا وقميصا رياضيا.
وعندما دخلنا القصر كانت الملكة التي تبدو في ريعان الشباب بالرغم من تجاوزها الخمسين من العمر مع بناتها الأميرات الأربع اللواتي كن في عمر الورود وفي مستوى ملكات الجمال كن جميعا داخل القصر حيث استقبلني وكأنني واحد من أفراد الأسرة وقادني إلى قاعة الطعام التي لم يكن حولها غير مضيفة واحدة بينما كانت الملكة والأميرات هن اللواتي ينقلن أطباق الطعام ويقدمن منه لي وللملك .
ولم استطع إخفاء دهشتي لهذا التواضع الذي لم أكن أتصور أية عائلة مالكة او حاكمة تعيش فيه وتمارسه خاصة وان الملكة والأميرات أضفين على الجو خلال تناول الطعام جوا من التواضع الحميم والصادق في مشاعر الود وحسن الضيافة.
وبعد أن تناولنا الطعام اصطحبني الملك إلى قاعة شرب الشاي التي تتوسطها نافورة مياه رائعة الهندسة والتصميم , وهناك بادرني بالترحيب وقال لي: إنني أستضيفك اليوم بصفتي مواطنا ماليزيا وليس بصفتي الملك الحاكم , ثم حدثني عن الدستور الماليزي الذي يمنع الملك من التحدث في السياسة والذي لفت نظره إليه رئيس وزرائه في الليلة الماضية. وقال: ولكن لرغبتي في إطلاق صرخات مكبوتة في صدري أردت أن أتخلى اليوم عن صفتي الرسمية وأن أتحدث بصفتي مواطنا ماليزيا , لأن الدستور الذي كفل الحرية لكل مواطن لا يمكن أن يمنع الملك عن الكلام.
وقال الملك : إنني أدرك ماذا تريد مني أن أتحدث عنه إنك تريد الحديث عن مأساة العالم الاسلامي وكيف أن اليهود يسيطرون على مقدسات المسلمين , إنني على اتصال دائم بما يجري في العالمين العربي والإسلامي وخاصة بالقضية الفلسطينية ووالله لو قدر للمسلمين أن يتحدوا لما استطاعت الولايات المتحدة او أية قوى كبرى أن تعتدي عليهم وعلى حقوقهم, وليس اسرائيل الصغيرة التي يعيش فيها ثلاثة أو أربعة ملايين يهودي الذين احتلوا أقدس مقدسات مليار مسلم وهو المسجد الأقصى المبارك , وإنني حريص عل أن التقي باستمرار مع السفراء المسلمين والعرب للحديث معهم عن ضرورة وحدة المسلمين حتى نرفع عنهم هذا الذل الذي يدفع كل دول العالم لابتزازنا والسيطرة علينا لسرقة ثرواتنا وحقوقنا وسيادتنا.
وأكد لي الملك اسكندر انه سيبقى يشعر بالعار ما دام المسلمون في هذا الضعف وما دام الأقصى في ذل الاحتلال.
وقال : والله إنني أفضل أن أكون جنديا في معركة تحرير الأقصى على أن أبقى احمل هذا الصولجان.
وفي الحديث الطويل الذي امتد عدة ساعات في القصر الريفي الذي انتحل فيه الملك اسكندر صفة المواطن الماليزي حتى يتمكن من البوح بما يجول في صدره تحول الملك إلى مواطن فعلا وأصبح كل همه أن يبذل الغالي والرخيص من اجل أن يصبح مواطنا عاديا في امة تشعر بالعزة والقوة والسيادة والأمان. وهكذا نجد أن الملوك والرؤساء الذين امتنعوا عن مقابلة الصحفيين، لان قوانين بلادهم تمنعهم عن الحديث نلاحظ أنه كان لديهم ما يقولونه للصحفيين أكثر ألف مرة ممن يتحدثون به يوميا وبإسهاب ودون حسيب أو رقيب.