في السادس من الشهر الحالي شنت إسرائيل غارة جوية على موقع سوري في أقصى الشمال على الحدود مع تركيا، بعيداً عن جبهة التماس المباشرة بين الدولتين، في هضبة الجولان المحتلة. سوريا وقتها أذاعت الخبر، بينما إسرائيل والولايات المتحدة انتظرتا أكثر من أسبوع من الحادث لتؤكدا وقوع الحادث، دون ذكر أية تفاصيل حوله، عدا ما تسرب بصورة غير رسمية من واشنطن يفيد بأن الغارة الإسرائيلية كانت تستهدف مواقع لمنشآت نووية يُشك بأن دمشق حصلت على عتادها من كوريا الشمالية قبل الغارة بثلاثة أيام. على أي حال الحادثة وقعت، وأنها كانت أكثر من مجرد خرق للأجواء السورية.. وأن مواقع سورية، لا يعرف مدى أهميتها الاستراتيجية والعسكرية قد جرى ضربها.. وأن الطائرات الإسرائيلية أنهت المهمة وعادت إلى قواعدها، دون أن يلحق بها أذىً، واكتفت سوريا، بالإعلان عن وقوع الحادث، مع الاحتفاظ بحقها في الرد، بالطريقة التي تراها مناسبة، مع التحرك دبلوماسياً للشكوى إلى مجلس الأمن. حادث «كلاسيكي» لما يحدث على الجبهة السورية - الإسرائيلية منذ فك الاشتباك بين قوات البلدين عقب حرب أكتوبر عام 1973. في ما عدا الاشتباك الجوي فوق الأراضي اللبنانية وقت الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، الذي أُسقط فيه عدد كبير من الطائرات السورية، بعد أن جرى ضرب الأنظمة الدفاعية الرادارية في غارة إسرائيلية سابقة، لم يحدث أن سوريا تورطت في اشتباك مسلح مع الإسرائيليين، مهما بلغت استفزازات إسرائيل، انتظاراً لما كان يردده السوريون من اكتمال وضعية التوازن الاستراتيجي بين الجانبين...!؟ وتبقى إسرائيل، من الناحية الفعلية، متفوقة استراتيجياً على سوريا.. ويبقى على سوريا عبء الحفاظ على هدوء الجبهة بين الدولتين، مهما كان مستوى وخطورة الاستفزازات الإسرائيلية.
حتى أثناء حرب الصيف الماضي على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، نجح السوريون في تفادي الانجرار إلى معمعة الحرب، وإن كانت إسرائيل، من جانبها، تحاشت تطوير هجومها على لبنان ليفضي إلى أي رد فعل سوري وتركزت معارك تلك الحرب على الجبهة اللبنانية من جنوب الليطاني وحتى الحدود الإسرائيلية - اللبنانية، حتى مع استمرار مد السوريين حزب الله بالعتاد عبر الحدود السورية اللبنانية.. وفتح الحدود السورية لاستقبال اللاجئين اللبنانيين وخروج الأجانب من لبنان.
لكن الغارة الأخيرة لها دلالاتها الخاصة، التي تعكس مستوى التوتر الذي يسود المنطقة من لبنان إلى العراق وعلى جبهة قطاع غزة... حتى أبعد من ذلك إلى التوتر في منطقة الخليج العربي بسبب برنامج إيران النووي.. والشكوى الأمريكية المتكررة من التدخل الإيراني في الشأن العراقي، أخذاً في عين الاعتبار الحلف الاستراتيجي القائم بين دمشق وطهران.
الأمريكيون، من ناحيتهم، غير راضين عن التقارب السوري - الإيراني.. وكثيراً ما يشتكون من عدم تعاون السوريين لتهدئة الأمور في العراق.. ويصرون على استمرار تأثير المتغير السوري السلبي على الوضع السياسي والأمني في لبنان.. ويتفقون مع الإسرائيليين على ما يزعمونه الموقف السلبي لدمشق تجاه مشاريع السلام، واحتضان دمشق لقيادات فصائل المقاومة الفلسطينية... هذا بالإضافة إلى إصرار واشنطن على إدراج سوريا ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، مع تجميد إدارة الرئيس بوش لكل قنوات الاتصال الدبلوماسي مع دمشق، رغم وجود سفارة لكل بلد في عاصمة البلد الأخرى.
ما يجعل الموقف السوري صعباً، وأكثر جاذبية لأي عمل عسكري محتمل من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة أو كليهما معاً، تردي علاقات دمشق مع كثير من الدول العربية المهمة في النظام العربي، على خلفية التعاطي السوري مع أزمات المنطقة ومشاكلها من خلال التحالف القائم بين دمشق وطهران، بعيداً عن الالتزامات القومية تجاه العمل العربي المشترك. دمشق لم تكن المسافة بينها وبين الفعاليات المهمة في النظام العربي أبعد مما هي الآن. بعيداً عن التزام عربي واضح بأمن سوريا، يعكس واقع علاقات أخوية حقيقية وجدية مع أشقاء سوريا العرب تصبح دمشق فريسة سهلة لأي عدوان إسرائيلي، لا تتحرج الولايات المتحدة من تأييده وحتى المشاركة فيه.
كانت الغارة الإسرائيلية الأخيرة على سوريا، بالرغم من تفسيرات دواعيها التي خرجت من تل أبيب وواشنطن، بالون اختبار لمدى تقبل المنطقة والعالم لإجراء عسكري محتمل ضد سوريا. وما لم تتحرك دمشق لمد جسور علاقتها مع العالم العربي والخارجي، فإن تحالفها القوي مع طهران، سيزيد من احتمالات العدوان عليها، لا أن يشكل عامل ردع فعالاً ضد أي عدوان عليها يُخطط له في تل أبيب وواشنطن.
حتى أثناء حرب الصيف الماضي على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، نجح السوريون في تفادي الانجرار إلى معمعة الحرب، وإن كانت إسرائيل، من جانبها، تحاشت تطوير هجومها على لبنان ليفضي إلى أي رد فعل سوري وتركزت معارك تلك الحرب على الجبهة اللبنانية من جنوب الليطاني وحتى الحدود الإسرائيلية - اللبنانية، حتى مع استمرار مد السوريين حزب الله بالعتاد عبر الحدود السورية اللبنانية.. وفتح الحدود السورية لاستقبال اللاجئين اللبنانيين وخروج الأجانب من لبنان.
لكن الغارة الأخيرة لها دلالاتها الخاصة، التي تعكس مستوى التوتر الذي يسود المنطقة من لبنان إلى العراق وعلى جبهة قطاع غزة... حتى أبعد من ذلك إلى التوتر في منطقة الخليج العربي بسبب برنامج إيران النووي.. والشكوى الأمريكية المتكررة من التدخل الإيراني في الشأن العراقي، أخذاً في عين الاعتبار الحلف الاستراتيجي القائم بين دمشق وطهران.
الأمريكيون، من ناحيتهم، غير راضين عن التقارب السوري - الإيراني.. وكثيراً ما يشتكون من عدم تعاون السوريين لتهدئة الأمور في العراق.. ويصرون على استمرار تأثير المتغير السوري السلبي على الوضع السياسي والأمني في لبنان.. ويتفقون مع الإسرائيليين على ما يزعمونه الموقف السلبي لدمشق تجاه مشاريع السلام، واحتضان دمشق لقيادات فصائل المقاومة الفلسطينية... هذا بالإضافة إلى إصرار واشنطن على إدراج سوريا ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، مع تجميد إدارة الرئيس بوش لكل قنوات الاتصال الدبلوماسي مع دمشق، رغم وجود سفارة لكل بلد في عاصمة البلد الأخرى.
ما يجعل الموقف السوري صعباً، وأكثر جاذبية لأي عمل عسكري محتمل من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة أو كليهما معاً، تردي علاقات دمشق مع كثير من الدول العربية المهمة في النظام العربي، على خلفية التعاطي السوري مع أزمات المنطقة ومشاكلها من خلال التحالف القائم بين دمشق وطهران، بعيداً عن الالتزامات القومية تجاه العمل العربي المشترك. دمشق لم تكن المسافة بينها وبين الفعاليات المهمة في النظام العربي أبعد مما هي الآن. بعيداً عن التزام عربي واضح بأمن سوريا، يعكس واقع علاقات أخوية حقيقية وجدية مع أشقاء سوريا العرب تصبح دمشق فريسة سهلة لأي عدوان إسرائيلي، لا تتحرج الولايات المتحدة من تأييده وحتى المشاركة فيه.
كانت الغارة الإسرائيلية الأخيرة على سوريا، بالرغم من تفسيرات دواعيها التي خرجت من تل أبيب وواشنطن، بالون اختبار لمدى تقبل المنطقة والعالم لإجراء عسكري محتمل ضد سوريا. وما لم تتحرك دمشق لمد جسور علاقتها مع العالم العربي والخارجي، فإن تحالفها القوي مع طهران، سيزيد من احتمالات العدوان عليها، لا أن يشكل عامل ردع فعالاً ضد أي عدوان عليها يُخطط له في تل أبيب وواشنطن.