وأنت في مدينة بدر تستعيد نفحات من تاريخ الاسلام حيث ان هذه المدينة ارتبط اسمها بغزوة بدر الكبرى تلك الغزوة الخالدة التي كانت بقيادة رسول هذه الامة محمد صلى الله عليه وسلم كما ان هذه المدينة شهدت النصر الاول للمسلمين وبمناسبة ذكرى غزوة بدر الموافق ليوم السابع عشر من رمضان تجولنا في ارجاء محافظة بدر لاستقراء تفاصيل التاريخ الاسلامي المجيد على الطبيعة واستلهام الموعظة والعبر من هذه الذكرى الخالدة. تقع مدينة بدر على مسافة 150 كلم غربا من المدينة المنورة وقد اكتسبت أسمها من غزوة بدر الكبرى والتي يصفها المؤرخون بأنها كانت أعظم معركة بين المسلمين والكفار فمنطقة بدر من الناحية الطبوغرافية تقع في سهل منبسط واسع الانتشار يتضمن صخورا رسوبية وتحد المدينة من الجنوب والغرب جبال بدر الصفراء والتي تتكون من صخور جرانيتية فاتحة اللون في الغالب اما من الشمال الغربي فيحدها كثيب الحنان والذي يتكون من رمال دقيقة متماسكة على هيئة كثيب رملي كما يحدها من الشمال والشمال الشرقي سلسلة جبال الصدمة ومن الشرق جبل الدقيقة وفي منطقة بدر وادي الصفراء الذي يعتبر من الاودية الرئيسية في المنطقة والذي ينحدر من الشمال الشرقي نحو الجنوب او الجنوب الغربي وفيها ايضا وادي الخشبي ووادي الدقيقة.
أسباب التسمية
هناك الكثير من الروايات حول تسمية بدر منها رواية تشير الى ان الاسم مرتبط باسم بدر بن يخلد بن النفر وهو من كنانة وقيل من بني ضمرة وكان هذا الرجل يسكن هذا المكان فنسب اليه وسمي به بعد ذلك غلب على المكان الاسم وكانت قرية صغيرة قليلة السكان.
كما قيل ايضا ان الاسم ينسب الى بدر بن قريش الذي حفر بئرا في هذا المكان فسميت البئر باسمه ثم غلب الاسم على المكان وعرفت بماء بدر.
جبال بدر
تمتاز جبال بدر المحيطة بأنها مرتفعة نسبيا خصوصا في الجزء الشمالي منها تتساوى في الارتفاع من الناحية الجنوبية منها سلسلة جبال الاصفر.. اما السهل المنبسط لبدر فهو على هيئة شريط يمتد في اتجاه الجنوب والشمال الغربي ويحد المرتفعات من الجهات الاخرى وتمتاز بدر بوجود عدد من مصادر المياه التي تعتبر الامطار مصدرها الأول والرئيسي وهي تمد الآبار بمخزونها من المياه الجوفية عن طريق تسرب الامطار الى باطن الارض.
النشاط البشري
من أكثر المحاصيل الزراعية في بدر التمور والتي تمتاز بها منطقة المدينة عموما كما ان هناك مزارع خاصة لإنتاج الحبوب والخضروات اما النباتات البرية فهناك السدر والسرح والسمر والسلم والبشام والمرخ والعرفج والحرمل والقبة والخضير والقطب والعشرق والديدمان.
مساحة بدر
تبلغ مساحة بدر 8186 كلم مربع ويبلغ عدد سكانها حسب آخر الاحصائيات 41070 مواطنا..
بدر في كتب التاريخ
تقول كتب التاريخ ان بدر كانت موسما من مواسم العرب ومجمعا من مجامعهم في الجاهلية وبها صخور وآبار ومياه عذبة ورياض يقال لها الاثيل منها ينبع والصفراء والجار والجحفة كما ان بدر جبل عظيم من رمل شديد البياض اذا طلعت عليه الشمس يغشي الابصار.
أهم المعالم
يوجد في بدر عدد من المعالم الشهيرة ومن أهمها مسجد العريش والذي كان بمثابة مركز قيادة المسلمين اثناء غزوة بدر الى جانب مقبرة الشهداء والتي تضم رفاة شهداء معركة بدر الابرار كما ان هناك العدوة الدنيا وهي مكان قدوم المسلمين من المدينة المنورة والعدوة القصوى وهي مكان قدوم المشركين الى جانب جبل الملائكة وهو يقع بالجهة الغربية من محافظة بدر.
سكان بدر
سكن بدر قديما بنو غفار ولهم ايضا الصفراء والحسينية وما حولها من القرى اما سكان بدر الحاليين فهم قبائل صبح والاشراف والسادة والظواهر اضافة الى بعض من قبائل الحوازم والمحاميد والاحامدة والدحلة وبني محمد وجهينة.
وعن الموقعة الكبرى التي شهدتها هذه البقعة قال المؤرخ الدكتور تنيضيب الفايدي ان هذا المكان المبارك موقع ماء مشهور في الجاهلية وقد دخلت بدر التاريخ بسبب المعركة الشهيرة عزوة بدر الكبرى والتي لا ينطفئ وهجها ولا يخفت نورها مهما دارت الايام.
واضاف ان هذه الغزوة هي التي فصلت بين الحق والباطل ونالت شرف الزمان حيث وقعت في يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان في الشهر التاسع عشر لهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أي في السنة الثانية من الهجرة واضاف ان هذا التاريخ يوافق 622م كما تنال بدر شرف وقوعها على أرضه فنظرا لأن المشركين قد استولوا على دور المسلمين واموالهم بعد هجرتهم الى المدينة المنورة كان لابد من اجراء يتخذ ضد الظلم والاعتداء وسلب الاموال والاجراء الاقرب هو الاستيلاء على قافلة قريش المتجهة الى الشام بقيادة أبي سفيان ولكنها افلتت من المسلمين اثناء ذهابها حيث وصلت القافلة الى غزة وباع الناس واشتروا وحملوا ثروات طائلة.. ألف بعير محملة بالاموال لا يقل ثمنها عن خمسين ألف دينار ذهبي لذا فأنها كانت فرصة ذهبية لمعسكر المدينة المنورة وضربة سياسية واقتصادية قاصمة للمشركين لذلك اعلن الرسول صلى الله عليه وسلم في المسلمين قائلا: هذه عير قريش فيها اموالكم فاخرجوا لعل الله ينلكموها حتى كتب الله النصر للمسلمين في هذه المعركة الكبرى وهي المعركة التي فصلت بين الحق والباطل.
عدد من اهالي محافظة بدر استعرضوا الامتداد التاريخي للمحافظة وارتباطها بالغزوة الكبرى..
وعبر محمد الصبحي عن اعتزازه وفخره بأنه من ابناء هذه البلدة المباركة واضاف وهو يسترجع تاريخ المعركة في مخيلته المعركة تعيش بيننا فنحن قريبون جدا من الموقع الذي اذا وصلت اليه تحفك الرهبة والرحمة في نفس الوقت وتابع قائلا اني اتمنى ان أحيا وأموت في هذا المكان الذي وطئته أرجل الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما علي الجهني وهو من سكان محافظة بدر ويعمل في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة فاشار الى ان اهالي بدر تأثروا بتاريخ المحافظة وارتباطها بالغزوة الشهيرة حيث يوجد في مدينة بدر لوحدها اكثر من 25 مسجدا فيما يبلغ عدد سكانها قرابة ثلاثين ألف نسمة كما لا يكاد يوجد مسجد في بدر الا وتوجد فيه حلقات لتحفيظ القرآن الكريم واضاف كما تشتهر بدر بكثرة المزارع في الماضي الا ان نقص المياه هون من مكانة بدر الزراعية في السنوات القليلة الماضية كما ان معظم المزارعين ترك الزراعة اما للهجرة الى المدينة وجدة ومكة واما لظروف عمل ابنائهم او لظروف العمل الاخرى واضاف ان مدينة بدر في حاجة ماسة الى المحافظة على تراثها الاسلامي العريق وطابعها الديني المميز مطالبا الجهات الرسمية بدعم مطلب ايجاد متحف يضم ذلك التراث ويحفظه للاجيال المقبلة ويصفه للزائرين من المسلمين الذين يقبلون على المحافظة من أجل الوقوف على موقع الغزوة.
من جانبه قال سليمان الحربي ان محافظة بدر لا تزال محافظة على هذا الارث الاسلامي العظيم فالاجيال يتوارثون مكانة مدينتهم التاريخية ويقومون بين فترة واخرى بزيارة موقع المعركة بل ان بعضهم يقوم بارشاد الزائرين لموقع المعركة اما تطوعا او امتهانا لوظيفة مرشد سياحي متطبع بذاكرة المكان وعن معلومات توارثها اجداده الى ان وصلت اليه ويطالب الحربي بالاهتمام بمدينة بدر واعتمادها كمركز تاريخي يتعلم منه المسلمون ماضي تاريخهم التليد وخاصة عن احداث أهم معركة تاريخية في تاريخ الاسلام.