-A +A
فالح الذبياني (مكة المكرمة)
قال طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي ان المملكة خير من يدعم وحدة واستقرار العراق وهي حريصة جداً على وضع نهاية عاجلة لمحنة العراقيين وتشجع جميع الأطراف للنهوض بمسؤولياتها في إطار مشروع المصالحة الوطنية ، واضاف في حديث شـامل خص به «عكاظ» أن الوضع في العراق صعب للغاية مبيناً أن أربعين ألف معتقل يقبعون داخل السجون العراقية بعضهم بتهم ملفقة نتيجة مخبرين سريين مجهولين مضيفاً أن ما يزيد الوضع ألماً هو الاعتداء الجنسي وانتهاك حقوق الإنسان الذي يتعرض له بعض هؤلاء المعتقلين. أكد أنه يؤيد تشكيل حكومة تكنوقراط خارج إطار الاستحقاق الانتخابي او المحاصصة الطائفية ، وان يترك رئيس الوزراء في الحكومة المقبلة الحرية لاختيار طاقم وزارته من اصحاب الخبرة والكفاءة والحس الوطني ، لكنه قال لا ينبغي أن ننسى أن وزارة التكنوقراط تبدأ من رئيس وزراء يتحلى بهذه المواصفات ، وأضاف أن حملات التهجير التي يتعرض لها السنة من أحيائهم خفت لكنه كشف عن وجود حملة تطهير طائفي لم يسبق لها مثيل ، مشيراً إلى أن هناك مساعي حثيثة انخرطت بها بعض أجهزة الدولة تستهدف تغيير الملامح العربية للعاصمة العراقية ، وقال إن الحكومة تخرق الدستور جهارا نهارا ولا تعبأ برأي الكتل السياسية الأخرى ، مؤكداً أن العراق يدار بمركزية مفرطة.

وفيما يلي نص الحوار:

لتسمح لي بداية أن نسألكم عن قراءتكم للدور الذي تبذله المملكة في دعم وحدة واستقرار العراق؟ والى أين وصل التنسيق بين الجانبين في امن العراق وحدوده؟

- المملكة العربية السعودية داعمة لوحدة واستقرار العراق وهي حريصة جدا على وضع نهاية عاجلة لمحنة العراقيين وتشجع جميع الأطراف على النهوض بمسؤولياتها في إطار مشروع المصالحة الوطنية ، هذا الموقف اتضح في أكثر من مناسبة وأكثر من موقف والشعب العراقي يقدر هذا الدور ويتفهمه جيداً ، أما في ما يتعلق بالتعاون الأمني الثنائي فإنه سائر ولكن يجب تطويره لكي يصب في صالح البلدين والشعبين الشقيقين.

ما هو تقييمكم للوضع الذي يعيشه العراق أمنيا وسياسيا وحتى اجتماعيا واقتصاديا؟

- الوضع في العراق على العموم ما زال صعبا رغم التحسن النسبي في الملف الامني الذي رافقه زيادة ملحوظة في النفقات الاستثمارية الفعلية في تنمية عدد من المحافظات التي تتمتع بهدوء نسبي مقابل ركود في الوضع السياسي باستثناء الانسحابات الجماعية او الفردية في عدد من القوائم الانتخابية، التي تزيد المشهد السياسي تعقيدا.

الملف الاجتماعي ربما كان الاسوأ لانه لايحظى حتى الان بالاهتمام الكافي رغم عظم الفاجعة الانسانية التي حلت بالاسر والفرد العراقي ، لدينا الان طوابير بالملايين من الايتام والارامل والعجزة والمعوقين والمشردين والاعداد في تزايد هؤلاء مع الأسف الشديد لا يلتفت إليهم احد ، ولذلك عندما يسدل الستار عن نكبة العراق وتنتهي مسرحية الغزو سيرفع الستار عن كارثة انسانية قل نظيرها في التاريخ المعاصر للعراق وربما في العالم.

بعد انسحاب وزراء جبهة التوافق بحث رئيس الوزراء العراقي مع السيد السيستاني تشكيل حكومة تكنوقراط كيف ترون هذا الامر واين هي من مصلحة الشعب العراقي ؟

- نؤيد تشكيل حكومة خارج اطار الاستحقاق الانتخابي اوالمحاصصة الطائفية، كما نؤيد ان يترك رئيس الوزراء في الحكومة المقبلة الحرية لاختيار طاقم وزارته من اصحاب الخبرة والكفاءة والحس الوطني ، ولكن ينبغي أن لا ننسى أن وزارة التكنوقراط تبدأ من رئيس وزراء يتحلى بهذه المواصفات ، ولاينبغي اقتصار ذلك على الوزراء فقط.

حملات التهجير

الى اين وصلت حملات التهجير والاعتداء على دور العبادة وخصوصا في ما يتعلق بالسنة؟ هل فرضت سيطرة امنية على الوضع ؟

- حملة التهجير لا زالت قائمة (رغم أنها خفت) في بعض المحافظات خصوصا ديالى واجزاء من العاصمة بغداد التي تعرضت الى حملة تطهير طائفي لم يسبق لها مثيل وهناك مساع حثيثة حالياً انخرطت بها بعض اجهزة الدولة تستهدف تغيير الملامح العربية للعاصمة، وقد توقف الاعتداء على المساجد بسبب تحسن الوضع الامني نسبيا ، نحن في وضع مشوب بالحذر.

يتحدث سيادتكم في اكثر من مرة عن عدم تجاوب رئيس الوزراء مع مطالب جبهة التوافق العراقية.. في المقابل يرد رئيس الوزراء ان كثيراً من هذه المطالب تم تلبيتها في نطاق ما يسمح به الوضع ..السؤال ما هي هذه المطالب؟ ولماذا لم يتم تحقيقها حتى الآن؟

- كنت اتمنى أن يكشف رئيس الوزراء النقاب عما تم انجازه حقا من المطالب المشروعة لجبهة التوافق، بدل الحديث في العموميات، حسب متابعتي للاحداث استطيع ان اقول وانا مطمئن ان الحكومة لم تتحرك الا في اطار ملف حقوق الانسان والتسريع في مراجعة ملفات المعتقلين ،وهذا التطور هو محل تقديرنا لاريب ولكن بسبب ارتباط هذه المسألة بالملف الامني حيث تصر الحكومة على ادارته بنفسها حصرا، فان السجون والمعتقلات لا زالت مكتضة بالابرياء المعتقلين بالشبهة وبالتقارير الملفقة.

استقالة الوزراء

هل أفهم من هذا أن الحكومة فشلت في تنفيذ برامجها وما هو السبب في استقالة وزرائكم، ولماذا لا تتحملون جزءاً من العملية السياسية حيث تشغلون نائب الرئيس ووزراؤكم يحملون حقائب وزارية هامة ؟

- الأسباب التي دفعتنا للانسحاب من الحكومة اوضحتها الجبهة في بيانها الذي صدر في حينه وبالامكان الرجوع اليه هناك أسباب عديدة كانت وراء الانسحاب لا تتعلق فقط بفشل الحكومة في الايفاء بمتطلبات برنامجها السياسي، وعجزها عن تلبية احتياجات الحياة اليومية للمواطن العادي بل تتعدى ذلك بتحميلها مسؤولية فشلها في حماية المواطن ازاء الهجمات الارهابية وفي مقدمتها الميليشيات التي تفاقمت اثناءالحكومة الحالية وتضاعف الى فترة قصيرة عدد القتلى مجهولي الهوية والهجرة التي ضربت الرقم القياسي الى دول الجوار. ناهيك عن التهميش والاقصاء والاستفراد بالقرار، بظاهرة لا يمكن فهمها في اطار ادارة دولة يفترض انها تعتمد معايير الديمقراطية في صناعة القرار .اضافة الى التجاوزات والتعديات المتواصلة على الدستور.

هل في نية جبهة التوافق العودة الى الحكومة ام ان قرارها بالانسحاب نهائي ؟

- لا نية لجبهة التوافق العراقية في العودة للحكومة في ظل الوضع السائد حاليا، لقد خرجت الجبهة من الحكومة لسبب ولن تعود الا بزوال ذلك السبب. هذا هو موقفنا ببساطة.

مشروع التقسيم

دعني أسألك هنا عن مشروع بايدن لتقسيم العراق – هل جاء نتيجة تعثر الأداء الحكومي في العراق أم هو بسبب الطائفية المتناحرة بين القوى السياسية والتي أجهضت العملية السياسية .. ما هو رأيكم في خلفيات صدور هذا المشروع ؟

- حقيقة لا أعلم ما هي خلفيات هذا المشروع الذي قدم للكونغرس الأمريكي لكن ربما يعود للدراسات التي نشرت حتى قبل غزو العراق ربما هذه الدراسات التي مهدت إلى تقسيم العراق وتجزئته ذات صلة بالمشروع الذي قدمه السناتور بايدن، بالتأكيد لدي تحفظات كبيرة جدا حول هذا المشروع لكن كما ذكرت المشروع جاء على خلفية إيجاد حل عاجل للمشكلة العراقية وإيقاف هذا الهدر, في الموارد والخسائر البشرية في القوات المسلحة الأمريكية.

هل ترون ان فدرالية الجنوب كما يروج لها البعض هي مخرج لتقسيم العراق؟ وهل أنتم مع إقليم في الجنوب ... بدلاً من تقسيم العراق ؟

- حقيقة أنا لا أفهم كيف يمكن أو ينشأ إقليم الجنوب في غياب ما نخشاه وهو تقسيم العراق , المشكلة تبدأ من موضوع فرض الفدرالية على العراق فإذا انبثقت فدراليات ثلاث أساسها ليس ادارياً وليس مهنياً ولا ينطلق من المصالحة الوطنية أي أنه يستند على معايير مذهبية وطائفية ومعايير عرقية بالتأكيد هذه وصفة جاهزة لتقسيم العراق ونحن بالتأكيد لا نتمنى أن تنبثق فدراليات جديدة للمنطقة العربية من العراق.

انسحاب الامريكيين

مطالب متعددة من قبل اطياف مختلفة من الشعب العراقي تطالب بضرورة انسحاب القوات الامريكية فورا او على اقل تقدير جدولتها..هل القوات العراقية قادرة على ملء الفراغ الامني؟ وهل تتوقعون قبول الحكومة الامريكية بالانسحاب؟ ومتى سيكون الجيش والامن العراقي قادراً على ادارة هذا الملف الشائك ؟

- من غير المؤكد ان الادارة الامريكية ستسحب قواتها من العراق خلال المستقبل المنظور ، ونحن نسعى الى حث الادارة الامريكية على جدولة انسحاب قطاعاتها بأقرب فرصة بعد تهيئة البديل الوطني اي القوات المسلحة الوطنية لملء الفراغ الامني المتوقع.

المصالحة الحقيقية

وأنا أختم معكم هذا الحوار أريد أن أسأل عن العوائق التي تعيق السنة والشيعة من المضي في بناء العراق ؟

- المشكلة الأساسية هي ان السنوات الماضية بعد سقوط النظام السابق عمقت الفرقة بين العراقيين اكثر مما وحدتهم أي ان العملية السياسية التي اعتمدت لم تكن صمام أمان يجمع العراقيين بصرف النظر عن انتماءاتهم خلف المشتركات الوطنية، ان المشكلة الأساسية اليوم هي ان العلاقة بين المكونات الرئيسية للشعب العراقي تسودها مخاوف متبادلة .

وما هو الحل إذاً ؟

- عملياً .. وحتى يستعيد العراقيون تعايشهم الأخوي لا بد من مصالحة حقيقية وهذه المصالحة لن تتحقق الا بعد إزالة المخاوف ، وظاهرة عدم الثقة، وحتى يتحقق ذلك لا بد ان يوحد العراقيون موقفهم ورؤيتهم في عدد من المسائل الوطنية الهامة. بمعنى انه ينبغي ان تتحقق وحدة الرؤيا وهي غير موجودة في الوقت الحاضر لدى العراقيين.