مشكلة الشرق الأوسط الأساسية أن إرادة السلام لم تتطور بعد في معسكر التحالف الأمريكي الإسرائيلي، الذي اتسع ليشمل ــ مؤخراً ــ الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وحتى روسيا، ضمن ما يسمى باللجنة الرباعية الدولية، التي تنظر في ما يسمى بخريطة الطريق التي تركز ــ بدورها ـــ على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، فقط. هذا ما استخلصته مجموعة الاتصال العربية المكلفة من قبل الجامعة العربية بتفعيل مبادرة السلام العربية بعد حضورها لأحد اجتماعات اللجنة الرباعية في نيويورك، مؤخراً.
يبقى على العرب أن يختاروا: إما التمسك بموقفهم التقليدي الذي جاء في مبادرتهم السلمية للسعي من أجل التوصل إلى حل شامل وعادل لقضية الصراع العربي الإسرائيلي، التي تُعتبر القضية الفلسطينية محوره الرئيس، ولكنه ليس المحور الوحيد... أو يجاروا أجندة مؤتمر السلام الدولي في خيار المسارات المنفردة المتعددة، بدايةً بالتوصل إلى التسوية بين الفلسطينيين، ثم المسارات الثنائية الأخرى السورية واللبنانية، كما هي الرغبة الأمريكية والهوى الإسرائيلي والإذعان الدولي.
الكلام عن المسارات الثنائية، ما هي إلا صياغة جديدة لفكرة قديمة، تم تجربتها في الماضي، ولكنها فشلت في التوصل إلى السلام المنشود وتمخض عنها حالة من السلام البارد، الذي تغلب على سخونة حالة الحرب، ولم يصل إلى دفء السلام الحقيقي، الذي تنشهده شعوب المنطقة والعالم. إلى الآن الموقف العربي يرفض هذا النهج في التعامل مع قضية السلام في المنطقة ويتمسك العرب، إلى الآن، بمنطلقات مبادرتهم السلمية، التي تدعو إلى تطوير حالة من السلام الحقيقي في ظل وضعية من التطبيع الصادق، الذي يعطي الدفء الحقيقي لأي اتفاق يتم التوصل إليه.
من هنا إلى نوفمبر القادم حين يُعقد المؤتمر الدولي للسلام الذي دعت إليه الولايات في واشنطن، إذا قبل العرب إعلان المبادئ هذا الذي يلتزم بالتسوية الشاملة من خلال الاتفاقات المنفردة الثنائية، فإن العرب ماضون في طريق تدفع فيه العربة الحصان، لنصل إلى وضع تسود فيه حالة التطبيع مكان حالة الحرب القائمة، دون ما ضمان إلى تحقيق السلام الحقيقي... مع احتمال ابتعاد العرب أكثر وأكثر عن استرجاع أراضيهم أو الاطمئنان على أمنهم القومي... دعك من احتمال استعادة السيطرة على مقدساتهم في القدس، التي يكون أي اتفاق فلسطيني إسرائيلي منفرد، قد تكفل بها، إلى الأبد.
أما إذا أصر العرب على موقفهم الحالي في ما يخص التسوية الشاملة والتمسك بمبادرتهم السلمية حسب أولوية أجندتها ورفضوا المشاركة في المؤتمر الدولي في واشنطن ما لم يحدث تعديل جوهري ويؤخذ بنهج المسار الواحد الشامل، فإن فرص انعقاد المؤتمر سوف تتضاءل، حتى تفشل مؤامرة الدعوة إليه المشبوهة. ولكن هل يستطيع العرب الصمود في وجه إغراء الحضور في المؤتمر الذي تتبناه الولايات المتحدة ويمكن أن تتمخض عنه نتائج قد تطيل التوصل إلى تسوية سلمية، ولكنها على أي حال يمكن أن تحدث تطوراً على مسار القضية الفلسطينية، ليس مرضياً بالضرورة. أو يتمكن العرب من الصمود أمام نهج الحلول المنفردة التي بدأت منذ قرابة ثلاثة عقود ولم تتمكن من التوصل إلى السلام الحقيقي المنشود.
بالأخذ في عين الاعتبارات توازنات القوى المادية التي يمكن أن تسفر عن حقيقتها الطاولة المستديرة لأي مفاوضات قادمة، فإن حضور العرب في مؤتمر دولي يعاني أطراف من خلل خطير في ميزان القوى من شأنه ألا تتمخض عنه إلا نتائج تتوقف على معادلة القوى الحقيقية وقت الجلوس للتفاوض. ولكننا إذا ما أضفنا إلى معايير القوى المادية، التي هي ضد العرب، معايير قوى معنوية، هي بيد العرب، يمكن أن يحدث شيء من التوازن، لأي مشروع تفاوضي قادم. لو عرف العرب أن معيار القوة المادية عند الطرف الآخر، قد وصل منتهاه.. وأن لجوءه إلى طلب الحلول السلمية، ليس تفضلاً منه، بقدر ما هو تقدير حقيقي منه لإمكانات قدرات المادية المحدودة، فإن العرب يكون بإمكانهم فرض أجندتهم على أي مؤتمر دولي، أو على الأقل معظمها. الشيء الآخر لو تأكد الطرف الآخر من أن العرب متحدون في خدمة أجندتهم التفاوضية وفي مواقفهم السياسية من قضية السلام الشامل، فإنه سوف يعيد حساباته من جديد، وربما يعيد طرح تصوره لأي عملية تفاوض معهم.
مما يبعث على التشاؤم أن العرب، لا من ناحية شعورهم بمكامن قوتهم الحقيقية ولا من حيث واقع حالهم السياسي الحاضر، يجعل الأطراف الأخرى في معادلة الصراع يراجعون موقفهم من أجندة مؤتمر السلام القادم، و لا من الصورة التي يتوقعونها لأية تسوية سلمية قادمة. إلا أن هناك مبعثاً للتفاؤل نجده في تاريخ العرب مع الأزمة. هناك لحظات تاريخية معاصرة فاجأ بها العرب أنفسهم قبل غيرهم، أرجعوا من خلالها حركة التاريخ إلى مسارها الصحيح.
على أي حال مسيرة التاريخ من أهم خصائصها انحيازها الحاسم للسلام.
يبقى على العرب أن يختاروا: إما التمسك بموقفهم التقليدي الذي جاء في مبادرتهم السلمية للسعي من أجل التوصل إلى حل شامل وعادل لقضية الصراع العربي الإسرائيلي، التي تُعتبر القضية الفلسطينية محوره الرئيس، ولكنه ليس المحور الوحيد... أو يجاروا أجندة مؤتمر السلام الدولي في خيار المسارات المنفردة المتعددة، بدايةً بالتوصل إلى التسوية بين الفلسطينيين، ثم المسارات الثنائية الأخرى السورية واللبنانية، كما هي الرغبة الأمريكية والهوى الإسرائيلي والإذعان الدولي.
الكلام عن المسارات الثنائية، ما هي إلا صياغة جديدة لفكرة قديمة، تم تجربتها في الماضي، ولكنها فشلت في التوصل إلى السلام المنشود وتمخض عنها حالة من السلام البارد، الذي تغلب على سخونة حالة الحرب، ولم يصل إلى دفء السلام الحقيقي، الذي تنشهده شعوب المنطقة والعالم. إلى الآن الموقف العربي يرفض هذا النهج في التعامل مع قضية السلام في المنطقة ويتمسك العرب، إلى الآن، بمنطلقات مبادرتهم السلمية، التي تدعو إلى تطوير حالة من السلام الحقيقي في ظل وضعية من التطبيع الصادق، الذي يعطي الدفء الحقيقي لأي اتفاق يتم التوصل إليه.
من هنا إلى نوفمبر القادم حين يُعقد المؤتمر الدولي للسلام الذي دعت إليه الولايات في واشنطن، إذا قبل العرب إعلان المبادئ هذا الذي يلتزم بالتسوية الشاملة من خلال الاتفاقات المنفردة الثنائية، فإن العرب ماضون في طريق تدفع فيه العربة الحصان، لنصل إلى وضع تسود فيه حالة التطبيع مكان حالة الحرب القائمة، دون ما ضمان إلى تحقيق السلام الحقيقي... مع احتمال ابتعاد العرب أكثر وأكثر عن استرجاع أراضيهم أو الاطمئنان على أمنهم القومي... دعك من احتمال استعادة السيطرة على مقدساتهم في القدس، التي يكون أي اتفاق فلسطيني إسرائيلي منفرد، قد تكفل بها، إلى الأبد.
أما إذا أصر العرب على موقفهم الحالي في ما يخص التسوية الشاملة والتمسك بمبادرتهم السلمية حسب أولوية أجندتها ورفضوا المشاركة في المؤتمر الدولي في واشنطن ما لم يحدث تعديل جوهري ويؤخذ بنهج المسار الواحد الشامل، فإن فرص انعقاد المؤتمر سوف تتضاءل، حتى تفشل مؤامرة الدعوة إليه المشبوهة. ولكن هل يستطيع العرب الصمود في وجه إغراء الحضور في المؤتمر الذي تتبناه الولايات المتحدة ويمكن أن تتمخض عنه نتائج قد تطيل التوصل إلى تسوية سلمية، ولكنها على أي حال يمكن أن تحدث تطوراً على مسار القضية الفلسطينية، ليس مرضياً بالضرورة. أو يتمكن العرب من الصمود أمام نهج الحلول المنفردة التي بدأت منذ قرابة ثلاثة عقود ولم تتمكن من التوصل إلى السلام الحقيقي المنشود.
بالأخذ في عين الاعتبارات توازنات القوى المادية التي يمكن أن تسفر عن حقيقتها الطاولة المستديرة لأي مفاوضات قادمة، فإن حضور العرب في مؤتمر دولي يعاني أطراف من خلل خطير في ميزان القوى من شأنه ألا تتمخض عنه إلا نتائج تتوقف على معادلة القوى الحقيقية وقت الجلوس للتفاوض. ولكننا إذا ما أضفنا إلى معايير القوى المادية، التي هي ضد العرب، معايير قوى معنوية، هي بيد العرب، يمكن أن يحدث شيء من التوازن، لأي مشروع تفاوضي قادم. لو عرف العرب أن معيار القوة المادية عند الطرف الآخر، قد وصل منتهاه.. وأن لجوءه إلى طلب الحلول السلمية، ليس تفضلاً منه، بقدر ما هو تقدير حقيقي منه لإمكانات قدرات المادية المحدودة، فإن العرب يكون بإمكانهم فرض أجندتهم على أي مؤتمر دولي، أو على الأقل معظمها. الشيء الآخر لو تأكد الطرف الآخر من أن العرب متحدون في خدمة أجندتهم التفاوضية وفي مواقفهم السياسية من قضية السلام الشامل، فإنه سوف يعيد حساباته من جديد، وربما يعيد طرح تصوره لأي عملية تفاوض معهم.
مما يبعث على التشاؤم أن العرب، لا من ناحية شعورهم بمكامن قوتهم الحقيقية ولا من حيث واقع حالهم السياسي الحاضر، يجعل الأطراف الأخرى في معادلة الصراع يراجعون موقفهم من أجندة مؤتمر السلام القادم، و لا من الصورة التي يتوقعونها لأية تسوية سلمية قادمة. إلا أن هناك مبعثاً للتفاؤل نجده في تاريخ العرب مع الأزمة. هناك لحظات تاريخية معاصرة فاجأ بها العرب أنفسهم قبل غيرهم، أرجعوا من خلالها حركة التاريخ إلى مسارها الصحيح.
على أي حال مسيرة التاريخ من أهم خصائصها انحيازها الحاسم للسلام.