يبدو أن الولايات المتحدة وإيران تلعبان أدواراً مبرمجة في «الرقص» في مجال الأسلحة النووية. فالأولى تدفع مجلس الأمن الدولي باتجاه توجيه تحذير لإيران بشأن عواقب تحوّلها إلى دولة نووية، في حين أن الثانية تواصل مسيرتها على طريق تطوير قوة نووية، بالرغم من إعلان رئيسها، بأنه «لا يحفل» بقرارات تصدرها الأمم المتحدة تدعو فيها إيران إلى تعليق تخصيبها لليورانيوم.
ومع موقف الروس والصينيين الذي يبدو رافضاً لفرض عقوبات، فإن جهودنا داخل المنظمة الدولية سوف تتعثّر، في الوقت الذي تسارع إيران خطاها باتجاه تنفيذ مخططاتها. وإذا بقينا نسير على هذا المنوال، سوف نجد أنفسنا أمام خيارين اثنين هما إما القبول بالواقع المتمثل بقدرة إيران النووية، وإما القيام بعمل عسكري لوقف طموحاتها.
وكلا الخيارين قد تكون نتائجه كارثية. فإذا نجحت إيران في مساعيها، فإننا سنواجه شرق أوسط نووياً. والدول العربية المجاورة، سوف تعمل بالتأكيد، لاكتساب قدرات نووية.
أما الذين يعتقدون بأن قواعد الردع النووي التي حكمت العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في زمن الحرب الباردة، سوف تنطبق أيضاً على الشرق الأوسط النووي، فيجب أن يعلموا أن هذا الاعتقاد خاطئ، لأسباب عديدة.
لكنّ الحل الآخر أي اللجوء إلى استخدام القوة لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لايبدو أفضل بكثير أيضاً. فليس هناك خيار عسكري بسيط ونظيف. والضربات الجوية وحدها قد تعني الحاجة لضرب مئات الأهداف، والكثير منها داخل مناطق مكتظة بالسكان، وتحيط بها دفاعات جوية معقدة. وكلما تسببنا بمزيد من الضحايا، زاد حنق وغضب العالم الإسلامي ضدّنا.
وإذا لم يكن أحد هذين الخيارين، في سياستنا الراهنة، قادراً على خلق نتائج مقبولة، فهل يعني ذلك، أننا لسنا بحاجة للبحث عن مخرج آخر؟ الجواب هو كلا، بالتأكيد، لكن التحدي يبقى أن نقدر على تغيير الحسابات الإيرانية. فعلى إيران أن تدرك أنها إما سوف تخسر أكثر مما سوف تربح، إذا واصلت تحركها باتجاه الحصول على أسلحة نووية، أو أنها قادرة على أن تربح أكثر، إذا تخلّت عن هذا التوجّه.
وماذا لو أننا نستطيع التهديد بفرض عقوبات جماعية قد يراها الإيرانيون شديدة؟ وماذا لو أن هذه التهديدات تواكبت مع فوائد ممكنة، على صعيد الطاقة النووية، والفوائد الاقتصادية، والتفاهمات الأمنية، في حال تخلّى الإيرانيون عن البرنامج النووي؟
فلماذا إذاً، لا يذهب الرئيس الأمريكي إلى نظرائه البريطاني، والفرنسي، والألماني، ويقول لهم: سوف ننضم إليكم، حول الطاولة، مع الإيرانيين، ولكن دعونا نتوافق أولاً، على مجموعة واسعة وفعّالة من العقوبات السياسية والاقتصادية، نقوم بفرضها على إيران، إذا فشلت المفاوضات.
من المعروف أن الأوروبيين كانوا يطالبون أمريكا دائماً بالانضمام إلى طاولة الحوار معهم، إلى جانب الإيرانيين. ولعل الموافقة المسبقة على العقوبات،قد تكون ثمن انضمامنا إلى الحوار.
ليس هناك أية ضمانة بأن مقاربة من هذا النوع سوف تنجح مع إيران. فقد تكون الحكومة الإيرانية، مصممة، بكل بساطة، على أن تمتلك أسلحة نووية. وإذا كان الأمر هكذا، وإذا كان الرئيس بوش مصرا على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، كما أعلن، مرات عدّة، فإننا سنكون قادرين على القول إننا، على الأقل، حاولنا التفاوض مباشرة معهم قبل اضطرارنا إلى اللجوء إلى الخيار الصعب والمؤلم، باستخدام القوة.
* مبعوث الرئيس الأمريكي السابق للشرق الأوسط
ترجمة: جوزيف حرب
ومع موقف الروس والصينيين الذي يبدو رافضاً لفرض عقوبات، فإن جهودنا داخل المنظمة الدولية سوف تتعثّر، في الوقت الذي تسارع إيران خطاها باتجاه تنفيذ مخططاتها. وإذا بقينا نسير على هذا المنوال، سوف نجد أنفسنا أمام خيارين اثنين هما إما القبول بالواقع المتمثل بقدرة إيران النووية، وإما القيام بعمل عسكري لوقف طموحاتها.
وكلا الخيارين قد تكون نتائجه كارثية. فإذا نجحت إيران في مساعيها، فإننا سنواجه شرق أوسط نووياً. والدول العربية المجاورة، سوف تعمل بالتأكيد، لاكتساب قدرات نووية.
أما الذين يعتقدون بأن قواعد الردع النووي التي حكمت العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في زمن الحرب الباردة، سوف تنطبق أيضاً على الشرق الأوسط النووي، فيجب أن يعلموا أن هذا الاعتقاد خاطئ، لأسباب عديدة.
لكنّ الحل الآخر أي اللجوء إلى استخدام القوة لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لايبدو أفضل بكثير أيضاً. فليس هناك خيار عسكري بسيط ونظيف. والضربات الجوية وحدها قد تعني الحاجة لضرب مئات الأهداف، والكثير منها داخل مناطق مكتظة بالسكان، وتحيط بها دفاعات جوية معقدة. وكلما تسببنا بمزيد من الضحايا، زاد حنق وغضب العالم الإسلامي ضدّنا.
وإذا لم يكن أحد هذين الخيارين، في سياستنا الراهنة، قادراً على خلق نتائج مقبولة، فهل يعني ذلك، أننا لسنا بحاجة للبحث عن مخرج آخر؟ الجواب هو كلا، بالتأكيد، لكن التحدي يبقى أن نقدر على تغيير الحسابات الإيرانية. فعلى إيران أن تدرك أنها إما سوف تخسر أكثر مما سوف تربح، إذا واصلت تحركها باتجاه الحصول على أسلحة نووية، أو أنها قادرة على أن تربح أكثر، إذا تخلّت عن هذا التوجّه.
وماذا لو أننا نستطيع التهديد بفرض عقوبات جماعية قد يراها الإيرانيون شديدة؟ وماذا لو أن هذه التهديدات تواكبت مع فوائد ممكنة، على صعيد الطاقة النووية، والفوائد الاقتصادية، والتفاهمات الأمنية، في حال تخلّى الإيرانيون عن البرنامج النووي؟
فلماذا إذاً، لا يذهب الرئيس الأمريكي إلى نظرائه البريطاني، والفرنسي، والألماني، ويقول لهم: سوف ننضم إليكم، حول الطاولة، مع الإيرانيين، ولكن دعونا نتوافق أولاً، على مجموعة واسعة وفعّالة من العقوبات السياسية والاقتصادية، نقوم بفرضها على إيران، إذا فشلت المفاوضات.
من المعروف أن الأوروبيين كانوا يطالبون أمريكا دائماً بالانضمام إلى طاولة الحوار معهم، إلى جانب الإيرانيين. ولعل الموافقة المسبقة على العقوبات،قد تكون ثمن انضمامنا إلى الحوار.
ليس هناك أية ضمانة بأن مقاربة من هذا النوع سوف تنجح مع إيران. فقد تكون الحكومة الإيرانية، مصممة، بكل بساطة، على أن تمتلك أسلحة نووية. وإذا كان الأمر هكذا، وإذا كان الرئيس بوش مصرا على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، كما أعلن، مرات عدّة، فإننا سنكون قادرين على القول إننا، على الأقل، حاولنا التفاوض مباشرة معهم قبل اضطرارنا إلى اللجوء إلى الخيار الصعب والمؤلم، باستخدام القوة.
* مبعوث الرئيس الأمريكي السابق للشرق الأوسط
ترجمة: جوزيف حرب