-A +A
فاطمة بنت محمد العبودي
أبرزت صحيفة «عكاظ» مشكورة في عدد يوم السبت الماضي خبر قيام أحد المواطنين بعمل رائع يستحق عليه التكريم والتقدير، عندما حاصر الخوف والهلع مجموعة من المدعوات لحفل زفاف في قاعة أفراح في مدينة الطائف، إثر حريق شب فيها، وحاولت المدعوات، دون جدوى، الهروب من باب الطوارئ الذي كان موصداً واختفى مفتاحه مع حارس صالة الأفراح الذي لم يكن موجوداً أثناء الحادث.
ووسط الحيرة والفزع، كان الجميع في الخارج يبحثون عن حل سريع قبل وصول سيارات الدفاع المدني والإسعاف، وأسرع المواطن أنس الثقفي إلى ركوب سيارته الخاصة وصدم بها الباب بعدما حذر من يقفون خلفه، وفور فتح الباب انطلق المحاصرون بالداخل من النساء والأطفال خارج منطقة الخطر، وكان لهذا التصرف السريع والفكرة الرائدة أثر في تقليل عدد الإصابات والخسائر البشرية.

وإذا كانت شجاعة هذا المواطن وسرعة تصرفه قد نجحت في إنقاذ الموقف، فإن حوادث كثيرة تقع، يفقد فيها الناس قدرتهم على التصرف، نتيجة ارتباكهم، لعدم توفر الحد الأدنى من ثقافة مواجهة هذه الأنواع من الحوادث لديهم..
ففي ذات اليوم الذي وقع فيه حادث حريق قصر الأفراح في الطائف وقع حريق في صالة أفراح في الدوادمي وعلى الرغم من أن الحريق شب في إحدى غرف القصر وليس في الصالة نفسها، إلا أن تدافع الناس نتيجة الهلع تسبب في وفاة ثلاثة أطفال وإصابة تسع وأربعين من النساء والأطفال دهساً أو اختناقاً.
إن هذا الحادث يذكرني بمقال سبق وأن أشرت فيه إلى أهمية التوعية بكيفية التصرف عند وقوع الحريق في المدارس وفي المنازل، واليوم أعود مع كثرة وجود قصور الأفراح في مدن وقرى المملكة، للقول بضرورة أن يشدد الدفاع المدني على تطبيق قواعد السلامة، حتى وإن أدى تشددهم إلى عدم رضا المستثمرين في هذه القصور، لأن حياة الناس وسلامتهم لا تقدر بثمن وطالما أن إهمال وسائل السلامة مازال موجوداً، فمنازلنا التي ننفق عليها الكثير من المال والجهد يخلو معظمها من طفاية حريق واحدة، لو قست نسبة قيمتها إلى ما ينفق على المنازل المتوسطة لما تجاوزت ريالاً واحداً لكل عشرة آلاف ريال، ووجودها قد يقلل الكثير من الخسائر بتوفيق الله، وأجهزة الكشف عن تسرب الغاز الزهيدة الثمن لا يعرفها إلا بعض العاملين في الدفاع المدني، لكن عدم مبالاة أغلبنا، تغيبها عن منازلنا.
إن ثقافة السلامة لا ينظر إليها بما تستحقه من أهمية فهي لم تسوق بشكل يؤثر على سلوكنا، وإذا كان القطار قد فاتنا، فيجب ألا يفوت أبناءنا وبناتنا، فمن المؤسف أن حوادث كثيرة كان بالإمكان تلافيها أو تقليل مخاطرها بقليل من الاحتياطات الضرورية، فحسب ما قرأنا في الصحف أن حادث قصر الأفراح في الطائف نتج عن اشتعال كشاف فوق كوشة العروسين، ومن حسن حظهما أنهما لم يجلسا عليها بعد. وأختم بتكرار شكري لصحيفة عكاظ لإبرازها العمل البطولي لهذا المواطن في صفحتها الأولى وتحية تقدير لهذا المواطن النبيل.
fma34@yahoo.com