* تسألني إحدى القارئات: لماذا لا تتعرض في الخارج عند قضائها العطلة الصيفية مع أسرتها للمضايقات كما تتعرض لها من الشباب في الداخل؟ الشباب السعودي في رأيها -والبعض تحديداً- يعانون من أزمة أخلاقية، وفهم خاطئ. أليس لهذا الشاب أخت أو قريبة. ما هذا الذي يحدث؟ ولماذا لا تكتبون.. دعوكم عن هذه القضايا الهامشية التي تطرحونها.. تحدثوا عن مشاكلنا نحن البنات! قلت لها: معك حق يا آنستي، فالعيب فينا وليس في الشباب. الشباب نتاج ثقافة ذكورية تنظر إلى المرأة كجسد لا كعقل، وكرامة، وإنسان له دور في الحياة. اختزلنا وظيفة المرأة في الإنجاب، و«تفريخ» الأطفال.. لا كمخلوق له وظيفة مهمة في نهضة المجتمع.
علمنا الشباب شعر الغزل، ولم نعلمهم شعر الحكمة والرجولة.
علمناهم أن المرأة قرين «الفراش» لا قرين الثقافة والعمل والعلم. علمنا شبابنا أن «قيساً» مات في حب «ليلى العامرية»، وأن «كثير عزة» و«جميل بثينة» ضحايا لجبروت المرأة؛ ونسينا أن نعلمهم «سيرة الخنساء» و«أسماء بنت أبي بكر» حين قال لها ابنها (عبدالله بن الزبير -والحجاج يضرب الكعبة بالمنجنيق- إنهم سيمثلون بي.. قالت بكل إباء: الشاة لا يضرها السلخ بعد الذبح!
مورثنا القديم مليء بشعر الغزل حتى إن شيخاً اشتعل رأسه شيباً كـ(ابن المعتز) لم يردعه عن ملاحقة النساء والتشبب بهن:
(فظللت أطلب وصلها بتذلل/ والشيب يغمزها بألا تفعلي)!
حتى أن «ابنتي» وهي تقرأ له قالت بلهجتها الجنوبية: «هذا والله الشايب العايب!!» وقول شاعر شعبي من هذا النوع:
(مبسم «هيا» له بالظلام اشتعالا/ بين البروق وبين مبسم «هيا» فرق!)
إذن «فالشغلة» ليست جديدة. لكن السؤال: ألم يكن عند هؤلاء القوم (شغل) غير التشبب بالنساء؟
من هنا، فنحن كما ترين يا آنستي من تسبب في ترسيخ هذا المفهوم الفج عن المرأة كجسد ليس إلا، ناهيك عن أن كل أدبياتنا وموروثنا القديم تدين المرأة، وتنتصر للرجل. وكرست عملها في التزين، والتدلل، والتمخطر (اتمخطري يا حلوة!) لتحظى برضا الرجل، وتثير نزواته.. ولم نسعَ إلى تغيير النظرة هذه.. على أن المرأة نصف المجتمع، وهي شريك فاعل في بناء الوطن عن طريق العمل والانخراط في مجالات التنمية وفي شتى الوظائف. وأذكر أنني كتبت قبل سنوات في هذا الموضوع، وجاءتني رسائل «مقززة» من رجال يدّعون أنهم حراس للفضيلة والقيم حتى إن أحدهم قال: «أنتم معشر الكتاب علمانيون، وليبراليون، وفساق.. تريدون أن تخرجوا نساءنا إلى الشوارع لتفسدوهن!».
وفات هؤلاء وغيرهم أن كثيراً من النساء تفوقن على الرجال في مجالات عدة في الطب والتربية والثقافة والإبداع، وأن هنا نساء أعرفهن يقمن بإعالة أسرهن وفيهم شباب ذوو أشناب، وعضلات مفتولة.. وأن مجرد تحديد وظيفة المرأة في «الفراش» فيه امتهان لكرامتها، وإنسانيتها، ولدورها في الحياة.
وأرجو ألا يفوتني أن أشير إلى الدور المشين الذي تلعبه الفضائيات وبعض المجلات الرخيصة في تبرير وإشاعة هذه المفاهيم المغلوطة نتيجة ما تعرضه من برامج وكليبات لفتيات «عاريات» يثرن الغرائز ويدعون إلى الانحلال.
الشباب إذن.. هم ضحايا لمفاهيم مجتمعية وثقافية وإعلامية قميئة ومتخلفة، ونتاج ثقافة ذكورية ممعنة في التسطيح والإغواء.. فالعلاقات «الجنسية» الشرعية لها وقت معين، ومكان معين، ومع رجل معين هو «الزوج».. وحينما تتعداه فإنها تتحول إلى حالة تحرمها كل الأديان والأعراف، وتصبح غريزة بهيمية، ومرضية، وغير سوية.
ولست أدري.. إذا كان من حقي -كرجل تربوي- أن أطالب بتدريس (التربية العاطفية) في مدارسنا، لكي نقضي على هذه المفاهيم الخاطئة ومن منظور تربوي ومعرفي وديني عله يقينا هذا «الانفلات الغرائزي»، وهذه النظرة القاصرة للطرف الآخر.. وعلى الله قصد السبيل!!
تلفاكس 076221413
علمنا الشباب شعر الغزل، ولم نعلمهم شعر الحكمة والرجولة.
علمناهم أن المرأة قرين «الفراش» لا قرين الثقافة والعمل والعلم. علمنا شبابنا أن «قيساً» مات في حب «ليلى العامرية»، وأن «كثير عزة» و«جميل بثينة» ضحايا لجبروت المرأة؛ ونسينا أن نعلمهم «سيرة الخنساء» و«أسماء بنت أبي بكر» حين قال لها ابنها (عبدالله بن الزبير -والحجاج يضرب الكعبة بالمنجنيق- إنهم سيمثلون بي.. قالت بكل إباء: الشاة لا يضرها السلخ بعد الذبح!
مورثنا القديم مليء بشعر الغزل حتى إن شيخاً اشتعل رأسه شيباً كـ(ابن المعتز) لم يردعه عن ملاحقة النساء والتشبب بهن:
(فظللت أطلب وصلها بتذلل/ والشيب يغمزها بألا تفعلي)!
حتى أن «ابنتي» وهي تقرأ له قالت بلهجتها الجنوبية: «هذا والله الشايب العايب!!» وقول شاعر شعبي من هذا النوع:
(مبسم «هيا» له بالظلام اشتعالا/ بين البروق وبين مبسم «هيا» فرق!)
إذن «فالشغلة» ليست جديدة. لكن السؤال: ألم يكن عند هؤلاء القوم (شغل) غير التشبب بالنساء؟
من هنا، فنحن كما ترين يا آنستي من تسبب في ترسيخ هذا المفهوم الفج عن المرأة كجسد ليس إلا، ناهيك عن أن كل أدبياتنا وموروثنا القديم تدين المرأة، وتنتصر للرجل. وكرست عملها في التزين، والتدلل، والتمخطر (اتمخطري يا حلوة!) لتحظى برضا الرجل، وتثير نزواته.. ولم نسعَ إلى تغيير النظرة هذه.. على أن المرأة نصف المجتمع، وهي شريك فاعل في بناء الوطن عن طريق العمل والانخراط في مجالات التنمية وفي شتى الوظائف. وأذكر أنني كتبت قبل سنوات في هذا الموضوع، وجاءتني رسائل «مقززة» من رجال يدّعون أنهم حراس للفضيلة والقيم حتى إن أحدهم قال: «أنتم معشر الكتاب علمانيون، وليبراليون، وفساق.. تريدون أن تخرجوا نساءنا إلى الشوارع لتفسدوهن!».
وفات هؤلاء وغيرهم أن كثيراً من النساء تفوقن على الرجال في مجالات عدة في الطب والتربية والثقافة والإبداع، وأن هنا نساء أعرفهن يقمن بإعالة أسرهن وفيهم شباب ذوو أشناب، وعضلات مفتولة.. وأن مجرد تحديد وظيفة المرأة في «الفراش» فيه امتهان لكرامتها، وإنسانيتها، ولدورها في الحياة.
وأرجو ألا يفوتني أن أشير إلى الدور المشين الذي تلعبه الفضائيات وبعض المجلات الرخيصة في تبرير وإشاعة هذه المفاهيم المغلوطة نتيجة ما تعرضه من برامج وكليبات لفتيات «عاريات» يثرن الغرائز ويدعون إلى الانحلال.
الشباب إذن.. هم ضحايا لمفاهيم مجتمعية وثقافية وإعلامية قميئة ومتخلفة، ونتاج ثقافة ذكورية ممعنة في التسطيح والإغواء.. فالعلاقات «الجنسية» الشرعية لها وقت معين، ومكان معين، ومع رجل معين هو «الزوج».. وحينما تتعداه فإنها تتحول إلى حالة تحرمها كل الأديان والأعراف، وتصبح غريزة بهيمية، ومرضية، وغير سوية.
ولست أدري.. إذا كان من حقي -كرجل تربوي- أن أطالب بتدريس (التربية العاطفية) في مدارسنا، لكي نقضي على هذه المفاهيم الخاطئة ومن منظور تربوي ومعرفي وديني عله يقينا هذا «الانفلات الغرائزي»، وهذه النظرة القاصرة للطرف الآخر.. وعلى الله قصد السبيل!!
تلفاكس 076221413