-A +A
رصد وتحليل: د.محمد الحربي
وجدان.. ورزان.. واطفال آخرون وشباب وفتيات وكبار سن ذهبوا ضحية خطأ طبي فادح لطبيب غير كفء. دفعوا حياتهم ثمنا لاهمال غيرهم دونما ذنب اقترفوه ولا تعويض يمكن له ان يعيدهم الى احبابهم المكلومين بفقدهم.. هذا, اذا كان هناك من يطالب لهم بالتعويض او يعوضهم. ماذا فعل المعنيون لمعاقبة المتسببين في حدوث الاخطاء الطبية؟ وهل تتحمل وزارة الصحة في حدوث هذه الاخطاء؟ وهل تشدد الوزارة العقوبات على الاطباء المهملين المتسببين في حدوث هذه الاخطاء؟ وهل تطبق معايير الكفاءة المهنية والجودة النوعية في اختيار الاطباء؟ جميع هذه الاسئلة وغيرها طرحناها عبر استبيان “عكاظ” وكانت النتائج كالآتي:
أجمع المشاركون والمشاركات في التصويت, والبالغ عددهم 1142 مشاركا على ضرورة منع أي طبيب يؤدي اهماله الى ارتكاب خطأ طبي مميت, من ممارسة مهنة الطب مدى الحياة, اضافة الى فرض العقوبات النظامية المشددة عليه, ليدفع هو ثمن خطأ ارتكبه باهماله, وضرورة محاسبته قضائيا وفرض الدية او التعويض المناسب لردع أطباء آخرين عند الوقوع في نفس الاهمال والخطأ, للحيلولة دون تكرار الاخطاء الطبية التي يدفع ابرياء حياتهم ثمنا لها.

كما اجمعوا على حق المريض المتضرر او ذوي المتوفى في المطالبة القانونية والقضائية للطبيب الذي يرتكب أي خطأ طبي او اهمال يودي بحياة مريض او يعرضه لأي أذى ناجم عن هذا الخطأ.
ورأى 98.5% منهم ان وزارة الصحة تتحمل المسؤولية عند وقوع أي خطأ طبي يرتكبه طبيب يعمل على ملاكها او تشرف عليه, او على المنشأة التي يعمل فيها. الى جانب المسؤولية الواقعة على الطبيب نفسه.
ورأى 80.2% ان المستشفى الذي يعمل فيه الطبيب يجب ان تشاركه في تحمل المسؤولية القانونية عند حدوث الخطأ الطبي.
ورأى 71.8% انه لايجب تحميل الطبيب وحده مسؤولية وتبعات ارتكابه لأي خطأ طبي بمعزل عن محاسبة المنشأة التي يعمل فيها او الوزارة بشكل عام.
ورأى 75.2% من المشاركين في التصويت ان وزارة الصحة لم تشدد العقوبات على الاطباء الذين سبق وان تسببوا في ارتكاب اخطاء طبية ذهب ضحيتها مرضى ابرياء.
واعرب مشاركون بنفس النسبة السابقة عن اعتقادهم بأن الوزارة لم تكثف برامج التأهيل الموجهة للأطباء التابعين لها لتلافي حدوث الاخطاء الطبية ما يؤدي الى تكرار حدوثها.
ورأى 59.5% ان وزارة الصحة لا تشدد الاجراءات اللازمة للتأكد من كفاءة الاطباء المعينين او المتعاقد معهم قبل الترخيص لهم بمزاولة المهنة. وربما كان في ذلك اشارة لاكتشاف عدد من حالات الاطباء الذين يمارسون المهنة في المملكة بشهادات مزورة وتكرار حدوث الاخطاء الطبية في مستشفيات مختلفة بمختلف مدن المملكة.
إحصائيات وأرقام
تشير الإحصائيات إلى أن الأخطاء الطبية تحصل في جميع دول العالم ففي الولايات المتحدة الأمريكية وهي أكثر دول العالم تقدماً في مجال الطب بلغ عدد الوفيات نتيجة للأخطاء الطبية حوالى مائه ألف حالة في السنة الواحدة بينما في بريطانيا وصل عدد الوفيات إلى 30000 ألف حالة سنويا.
وفي المملكة بلغ عدد الحالات في ست سنوات بين 2001 – 2006 حوالى 25920 حالة كان النصيب الأكبر منها للنساء والولادة 27% ثم الجراحة 21%.
إجراءات الشكوى
أما الإجراء المتبع في حال تعرض شخص أو من يعنيه أمره لخطأ طبي سواءً في مرفق طبي عام أو خاص هو أن يتقدم الى مدير هذا المرفق بشكوى على نموذج مخصص لذلك يطلبه من المدير شخصياً لكي يتم التحفظ على الملف الطبي وما يتعلق به، كالعينات والتحاليل والأشعة وغيرها ، ثم ترسل كامل الأوراق ومشفوعاتها إلى اللجنة الطبية الشرعية، حيث يتم التأكد من حظر سفر ذوي العلاقة، أو وجود كفالة شخصية حضورية أو غرامة مالية كافية، واستيفاء كامل أوراق القضية، وتعد أمانة اللجنة الطبية الشرعية ملفاً مستقلاً لكل قضية، ثم يتم إبلاغ المدعي بالحق الخاص بموعد ومكان الجلسة، وكذلك إبلاغ المدعى عليهم من الأطباء، ومن في حكمهم بالموعد، ويطلب منهم المثول أمام اللجنة الطبية الشرعية في الزمان والمكان المحددين، وتسمع اللجنة وتدون أقوال ذوي العلاقة باللغة العربية، وإذا كان أحدهم لا يتكلم اللغة العربية، فعليه اصطحاب مترجم يثق به، أو أن يوافق على قيام أحد أعضاء اللجنة بالترجمة.
وفي حالة عدم حضور المدعي (وهو المشتكي) أو وكيل شرعي عنه في المكان و الموعد المحدد للجلسة على الرغم من تبليغه رسمياً بذلك، تقوم اللجنة بتحديد موعد آخر بعد 30 يوماً، وفي حالة عدم حضور المدعي أو وكيله في الموعد الثاني، فإن اللجنة تستكمل النظر فيها فيما يتعلق بالحق العام، بصرف النظر عن مطالبة المدعي بالحق الخاص وتعاد الأوراق إلى الجهة التي وردت منها الشكوى، ويرفع حظر سفر المدعى عليه (عليهم) بسبب هذه القضية، بعد استيفاء ما تقرر ضدهم، وفي حالة عدم حضور المدعى عليه رغم إبلاغه رسمياً بموعد ومكان الجلسة، فيتم تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة ثانية، يعلم بها المدعى عليه، فإذا لم يحضر فصلت اللجنة في الدعوى ويعتبر الحكم في جميع الأحوال حضورياً، وبعد صدور قرار حكم اللجنة يتم إبلاغ كل من المدعي والمدعى عليه خطياً بملخص قرار اللجنة ونتيجته، ويحق لأي من طرفي الدعوى التظلم ضد قرار اللجنة خلال فترة ستين يوماً من تاريخ إبلاغه بقرار حكم اللجنة وذلك أمام الدائرة الإدارية بديوان المظالم (بتقديم صورة من الحكم وخطاب الاعتراض على الحكم مع بيان أسباب التظلم وبياناته..)
وفي حالة عدم وجود “مدعي” بالحق الخاص، يمثل الادعاء العام أمام اللجنة الطبية الشرعية مسؤول من وزارة الصحة من ذوي الخبرة والكفاءة، يصدر بتحديده قرار من وزير الصحة.
الأحكام والعقوبات
أما الأحكام التي يمكن أن تحكم بها اللجنة الطبية الشرعية، على المدعى عليهم في حالة ثبوت الخطأ الطبي تكون على أحد ثلاثة أشكال:
1- عقوبة مدنية، تتمثل في إلزام من ارتكب الخطأ بالدية أو بالتعويض المادي، و تحدد اللجنة مقدار التعويض المستحق.
2- عقوبة جزائية، تتمثل في عقوبة السجن، مدة لا تتجاوز ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد عن خمسين ألف ريال أو بكلتي العقوبتين.
3- عقوبة تأديبية، كالإنذار أو غرامة مالية لا تتجاوز عشرة آلاف ريال أو إلغاء الترخيص بمزاولة المهنة، وشطب اسم من ارتكب الخطأ من سجل المرخص لهم.
اللجنة الطبية الشرعية، هي إحدى خمس لجان طبية شرعية تم تشكيلها، بكل من منطقة الرياض ومنطقة مكة المكرمة ومنطقة عسير ومنطقة القصيم، والمنطقة الشرقية، وقد تشكلت اللجنة الطبية الشرعية بناء على موافقة المقام السامي رقم 7 /106/م وتاريخ 5 /1 /1408هـ وباشرت أعمالها بتاريخ 9/1/1409هـ (الموافق 21/8/1988م).
اختصاصات اللجنة
ومن اختصاصات اللجنة :
نصت المادة الخامسة والثلاثون، من نظام مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان الصادر بالمرسوم الملكي الكريم، رقم م/3 وتاريخ 21 /9 /1409هـ على أن تختص اللجنة الطبية الشرعية بالآتي:
1- النظر في الأخطاء الطبية المهنية ،التي ترفع بها مطالبة بالحق الخاص(دية- تعويض مادي).
2- النظر في الأخطاء الطبية المهنية، التي ينتج عنها وفاة أو تلف عضو من أعضاء الجسم، أو فقد منفعته أو بعضها، حتى ولو لم تكن هناك دعوى بالحق الخاص.
تشكيل اللجنة
تتشكل اللجنة الطبية الشرعية من خمسة أعضاء وذلك على النحو الآتي:
قاض لا تقل درجته عن قاضي (أ) يعينه وزير العدل - رئيساً.
1- مستشار نظامي يعينه وزير الصحة عضواً.
2- عضو هيئة تدريس من إحدى كليات الطب بالجامعات السعودية يعينه وزير التعليم العالي عضواً.
3- طبيبان استشاريان من وزارة الصحة من ذوي الخبرة والكفاءة يعينهما وزير الصحة.
ويعين الوزير المختص عضواً احتياطياً، يحل محل العضو عند غيابه، ويكون مقر هذه اللجنة في مبنى المديرية العامة للشؤون الصحية في كل منطقة من مناطق المملكة وتكون مدة عضوية اللجنة الطبية الشرعية ثلاث سنوات، قابلة للتجديد مرات أخرى. وإلى جانب أعضاء اللجنة الأصليين والاحتياطيين، هناك طبيب عام يعمل سكرتيراً للجنة، يقوم بتنسيق أعمال اللجنة وإعداد قراراتها.