-A +A
أدار الندوة: حسن باسويد- حامد العطاس
اكد خبراء اقتصاد سعوديون ان جولة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز الاوروبية تكتسب أهمية كبرى بحكم العلاقات التجارية والاقتصادية بين المملكة والدول الأوروبية. وقالوا في ندوة عقدتها “عكاظ” في مقرها الرئيسي بجدة ان هذه العلاقات شهدت نموا مضطرداً في السنوات الأخيرة بعد توقيع اتفاقيات للإعفاء الضريبي ساهمت بشكل كبير في تنمية الاستثمارات للمملكة وإنشاء العديد من الشركات برأسمال مشترك لاستغلال الفرص الاستثمارية المتوفرة.كما اكدوا ان الملك عبد الله يعمل من اجل توسيع الشراكة وتنويع مصادر الدخل ودفع عجلة التنمية. وفيما يلي وقائع الندوة:

بداية كيف تنظرون الى اهمية الجولة الراهنة للملك عبد الله بن عبد العزيز؟
- خليفة: الأمر المثير للإعجاب هو هذا الاهتمام من خادم الحرمين الشريفين بدعم الاقتصاد السعودي وفتح كل الطرق أمام تطوره ونموه، واجراء العديد من الإصلاحات الاقتصادية التي توفر مناخاً استثمارياً جيداً وتستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية الى المملكة، كما تم تنفيذ عدد من المشاريع الانمائية من مدن صناعية وغيرها بهدف تنويع مصادر الدخل، وهو من اجل دفع عجلة نمو الاقتصاد السعودي يتحمل عناء هذه الجولات في الشرق والغرب لتعزيز علاقات المملكة مع سائر دول العالم في كل المجالات وفي مقدمتها المجال الاقتصادي، فالاتفاقيات الاقتصادية التي سيتم التوقيع عليها مع الدول الأوروبية ستحدث نقلة نوعية وكمية للاقتصاد السعودي، وستعمل على زيادة معدلات التبادل التجاري بشكل كبير، حيث ان الدول الأوروبية هي شريك اقتصادي مهم للمملكة التي تستورد حوالى 70% من السلع والأدوية والمواد الغذائية والاستهلاكية من الدول الأوروبية، كما ستعمل الاتفاقيات على استغلال الفرص الاستثمارية المتوفرة في المملكة وخاصة في مجال صناعة البتروكيماويات وستعمل هذه الدول على نقل التقنية المتقدمة إلى المملكة، وأتوقع أن تتمحور الاتفاقيات الاقتصادية بين المملكة وهذه الدول حول أربعة محاور هي جذب الاستثمار وتنمية المناطق الاقتصادية، وتطوير الخدمات المالية والتأمين، وتحديات نقل التقنية، والتعاون المشترك لتنمية الموارد البشرية والاستثمار المشترك في التعليم والتدريب والتأهيل.
- يماني: لاشك ان مثل هذه الزيارات ستدعم الناتج المحلي وذلك بفتح المجالات والافاق امام عمل وتدريب الشباب السعودي ورفع كفاءته، وزيارة خادم الحرمين الشريفين الى عدد من الدول الاوروبية هي رسالة واضحة للعالم اجمع بان عصر الانفتاح والاصلاح الاقتصادي السعودي يرحب بالشركات الاستراتيجية التى تقدم المصالح المشتركة للمملكة مع كل شركائها في العالم.
- ادريس: إن نتائج هذه الزيارات التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين للعالم الخارجى سوف تظهر في صورة ابرام عقود كبيرة واستراتيجية والاتفاق على خطط متوسطة وبعيدة المدى وفي اعتقادي ان مثل تلك العقود سوف تشجع على القيام بزيارات اخرى مماثلة لدول اخرى في العالم.
أهداف اقتصادية بعيدة المدى
باعتقادكم ما هي الأهداف الاقتصادية المتوقعة من هذه الجولة؟
- خليفة: تهدف الجولة إلى عدة أمور منها:
- تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع هذه الدول والتي ستساهم بفعالية في فتح آفاق جديدة وتعزيز الشراكة والارتقاء بها إلى مستوى التعاون الاستراتيجي الذي يقدر الدور المؤثر الذي تقوم به المملكة في المجالين السياسي والاقتصادي. وتتميز علاقة المملكة مع هذه الدول بثباتها وإدراك أهمية كل طرف للآخر والعمل بمصداقية في تحقيق الأهداف المشتركة .
- الإعداد لمواجهة المتغيرات الاقتصادية الجديدة وانعكاسات هذه المتغيرات على فرص التبادل الاقتصادي والتجاري مع شركاء اقتصاديين هامين للمملكة، فهذه الدول بصفتها الشريك الاقتصادي الأكبر للمملكة فان دعم العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري معها سيكون مهما لمواجهة المتغيرات الاقتصادية القادمة، وتنظر هذه الدول إلى المملكة على أنها مصدر آمن للإمدادات البترولية ويمكن الاعتماد عليه على المستوى الدولي بشكل عام.
- تطويع الشعار السياسي لخدمة أهداف اقتصادية تسعي المملكة من خلالها الى تحقيق أفضل الممكن من المصالح المشتركة مع الدول الصديقة وتسعى أيضا الى توسيع اوجه التعاون والشراكة لتشمل كل الجوانب الاقتصادية وغيرها من الجوانب الأخرى كما إنها تسعى الى الاستفادة من كل الفرص الممكنة لإبراز كل ما من شأنه أن يعود بالمنفعة المتبادلة وتطوير الشراكة والتبادل التجاري مع البلدان الصديقة لما في ذلك من مردود إيجابي على اقتصاد الوطن.
- إبراز المميزات الاستثمارية في المملكة وإعطاؤها أولوية قصوى وتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية المتوفرة والتسهيلات الممنوحة والمحمية بتشريعات وأنظمة متطورة.
- ادريس: في تصوري أن الدول الاوروبية لا تستورد منا المواد البتروكيمائية بالشكل المطلوب أو بالحجم المأمول ولذلك فإن عامل الموازنة بيننا وبينها ضعيف جداً.ومن ثم فإن الدور المطلوب من القطاع الخاص هو تفعيل الاتفاقيات التي تتم في مثل هذه الزيارات والعمل على محاولة جذب الاستثمارات الاجنبية الى موارد غير البتروكيميائية مثل التدريب والتعليم والنقل وغيرها. وأعتقد ان كثيرا من رجال الاعمال في هذه الزيارات لديهم دراسات استراتيجية على المدى القريب والمتوسط والبعيد لاستغلال مثل هذه الجولة بما يعود بالفائدة على الاقتصاد السعودي.وهنا نطالب الادارات التنفيذية في القطاع الحكومي بتسهيل المهام والاجراءات امام الشركات العالمية للاستثمار في المملكة وتذليل كل العقبات أمامها كما تفعل الدول المجاورة لاستقطاب الاستثمارات والافكار الجديدة مما يساعد في الاستفادة منها.
توسيع قاعدة الشركاء
وكيف يمكن توطيد التعاون الاقتصادي بين المملكة وهذه الدول؟
- يماني: ان هذه الزيارة تعني الكثير لعدة قطاعات سواء من الناحية السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية وستفتح المجال امام الحركة التجارية السعودية الاوروبية مما يعزز الثقة في العلاقات الاقتصادية مع هذه الدول و يؤدي الى توسيع قاعدة الشركاء الاستراتيجيين للمملكة بشكل يدعم الناتج المحلي بزيادة الاستثمارات ونقل التقنيات التي تتمتع بها الدول الاوروبية.. لاسيما وان المملكة مقبلة على نهضة كبيرة وشاملة وهذا يتطلب المزيد من الخبرات الاجنبية التي ستساعد في تدريب العمالة الوطنية. كما ان هذه الزيارة ستعمل على تشجيع الاستثمارات المتبادلة واقامة المشروعات المشتركة فى ضوء انضمام المملكة الى منظمة التجارة العالمية.
- خليفة: من المتوقع أن تشهد الجولة الأوروبية توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والشراكة والتي ستساهم في تطوير العلاقات التجارية وزيادة معدلات التبادل التجاري وجذب الاستثمارات. ولا شك ان تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين المملكة وهذه الدول يعتمد بالدرجة الأولى على رجال الأعمال لأنهم الفاعلون الرئيسيون في النشاطات الاقتصادية والتجارية ، والقطاع الخاص في هذه الدول يملك هذه القوة الفاعلة في تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية وزيادة الاستثمارات المشتركة. ومن المتوقع أن تلعب مجالس الأعمال دورا كبيرا في تفعيل العلاقات التجارية بين المملكة والدول الأوروبية من خلال التعريف بالفرص الاستثمارية المتوفرة وتذليل العوائق التي تواجه رجال الأعمال وأصحاب الشركات والمؤسسات.
كما انه يتعين تطوير البيئة الاقتصادية السعودية بحيث تكون أكثر انفتاحاً مع متطلبات منظمة التجارة العالمية وإعادة هيكلة للقطاعات الاقتصادية بهدف تحريرها وتعزيز دور القطاع الخاص، وقد أعطى الملك عبد الله الشأن الاقتصادي الأولوية ضمن برنامجه الإصلاحي. حيث تمت إعادة هيكلة الاقتصاد بما ينسجم ومعطيات العولمة وبشكل شامل وعلمي كما تم التأكيد على تعزيز الشراكة والصداقة بين المملكة وأصدقائها في كل القارات.
الاستفادة المزدوجة
و ما هو السبيل لتنـويع القاعدة الاقتصادية وجذب الاستثمارات؟
- خليفة: أرى ان المطلوب للوصول الى ذلك مجموعة من الاجراءات مثل:
- الإسراع في دعم وتنمية وتطوير القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة التي ستساهم في تنويع مصادر الدخل القومي وتخفيض الاعتماد على النفط الخام والغاز الطبيعي خصوصا في القطاعات العملاقة مثل قطاع الصناعات التحويلية غير النفطية وقطاع السياحة والتعليم والتدريب وقطاع الطيران والسكة الحديد والطاقة الكهربائية وتحلية المياه .
- إزالة كل المعوقات والتحديات التي تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتحسين قدرتها التنافسية لكي تساهم بصورة فعالة في تنويع القاعدة الاقتصادية ومن أهمها وضع التشريعات القانونية الواضحة التي تحمي مؤسسات التمويل والبنوك التجارية من عمليات التمويل لتلك المنشآت .
- الإسراع في استكمال برنامج الخصخصة تعزيزا لدور القطاع الخاص .
- الاستمرار في تبني المزيد من السياسات التي تستهدف تهيئة المناخ المنافس والملائم للتدفقات الاستثمارية من الخارج وإعادة توطين رؤوس الأموال الوطنية المهاجرة .
- يماني: الاستثمارات نمت بشكل ملحوظ وهذا يؤكد توجه المملكة نحو الانفتاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات، كما ان ذلك يشجع رؤوس الأموال الاجنبية على الاستثمار في المملكة . وهذا يهدف الى زيادة معدلات التنمية للجانبين المالي والتقني، وهما يمثلان عصب النهضة الاقتصادية الحديثة التي تسعى حكومة خادم الحرمين الشريفين الى تعميقها وتوثيق روابطها بالأسواق الاوربية من جهة، ونقل التكنولوجيا والخبرات من جهة اخرى بحيث تحقق الاستفادة المزدوجة من التنمية والاستثمار.
- ادريس: ان المجهودات الجبارة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين في سبيل الاصلاح الاقتصادي في الزيارات والجولات التي يقوم بها الى عدد من دول العالم وانتشار المدن الاقتصادية تساهم في جذب الاستثمارات الاجنبية وتنويع مصادر الدخل القومي للمملكة.
علاقات متميزة
وما هي رؤيتكم للعلاقات السعودية الاوروبية بوجه عام؟
- خليفة: سأتحدث عن العلاقات السعودية الايطالية، لا شك ان هذه العلاقات قوية فهناك نمو كبير في حجم التعامل الاقتصادي بين البلدين وتعد إيطاليا الشريك السادس للمملكة على مستوى العالم، وقد شهد النمو التجاري في البلدين في السنوات الماضية زيادة 25% سنويا ، حيث بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين 8.9 بلايين دولار أمريكي منها 5.6 مليارات واردات إيطالية من المملكة والباقي 3.3 بلايين صادرات إيطالية للمملكة لعام 2006م، حيث يميل الميزان التجاري لصالح المملكة.
ويعمل في المملكة حوالي ثمانين شركة إيطالية في مختلف المجالات ، وقد تم قبل مدة قصيرة توقيع اتفاقية منع الازدواج الضريبي بين البلدين والتي تشكل تحولا محوريا في العلاقات التجارية بين البلدين الأمر الذي يؤدي لجذب العديد من الشركات الايطالية للاستثمار في المملكة خصوصا في ظل وجود عدد من الفرص الاستثمارية الناجحة، وسيكون هناك عدد من المشاريع الاقتصادية المشتركة بين البلدين ورجال الأعمال السعوديين والايطاليين.
ويقوم مجلس الأعمال السعودي الايطالي بالتعريف بالفرص الاستثمارية في المملكة والتسهيلات التي تقدمها المملكة للشركات المستثمرة ولو اعتمدت الشركات الايطالية على المواد الخام السعودية وبالذات في مجال البتروكيماويات لأدى ذلك لزيادة معدلات وحجم التبادل التجاري. ومن المتوقع أن تركز المحادثات بين الجانبين على القطاعات المالية والخدمات البنكية والصناعات البتروكيماوية.
- ادريس: دعوني أتحدث عن العلاقات السعودية الالمانية، فهي تشهد تطورا كبيرا والمملكة هي أهم شريك تجاري لألمانيا في المنطقة إذ بلغ حجم التبادل التجاري الألماني السعودي العام 2004م 16 مليار ريال، ارتفع إلى 20 مليار ريال عام 2006، وتشكل الصادرات السعودية إلى ألمانيا ما يعادل 25% منه ، وبالرغم من ذلك الارتفاع في حجم التبادل التجاري، إلا انه ما زال متواضعا مقارنة بما لدى البلدين من طاقات وإمكانيات هائلة. ولهذا تسعى المملكة وألمانيا إلى تعزيز شراكتهما وفق منظور استراتيجي عن طريق إقامة علاقات متوازنة والمتمثلة في تفعيل الاتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي والتجاري والتدريب المهني والفني والاستثماري واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي وتشجيع وحماية الاستثمار التي وقعت بين البلدين أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين لألمانيا عندما كان ولياً للعهد والتي من خلالها شكلت أربع لجان للتعاون في مجالات التجارة والطاقة والتعدين والاستثمار .
وتبلغ حجم الاستثمارات الألمانية في المملكة ما يعادل مليار يورو فقط ، ومن المتوقع ان تبحث ألمانيا مع المملكة تفعيل حجم الاستثمار وإقامة مشروعات مشتركة تتعلق بالسكة الحديد والبنية التحتية كما أن هناك مشروعات لتحلية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية الى جانب مشروعات تتعلق بحقول الغاز ومشاركة ألمانيا في نقل التقنية إلى المملكة .
- يماني: أريد ان أتحدث عن العلاقات مع تركيا، فالمملكة ترتبط مع هذه الدولة بعلاقات صداقة وطيدة وبتعاون وتنسيق مشترك في مختلف المجالات، كما ان الدولتين عضوان في كثير من المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومعظم منظماتها والبنك الإسلامي للتنمية والغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة. وعلى الصعيد الاقتصادي فإن السوقين يرتبطان بعلاقات تجارية قديمة وفي نمو وتنوع مستمر خصوصا في قطاعات التبادل التجاري من السلع الغذائية والاستهلاكية والوسيطة.
وعلى الصعيد الاقتصادي ارتفع حجم التجارة في الاتجاهين من 6.2 مليارات دولار في العام 2005، إلى 8.6 مليارات في العام 2006 بما في ذلك ما قيمته مليار دولار من النفط الخام والبتروكيماويات الذي استوردته تركيا من المملكة، ومن المتوقع أن يرتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 10 بلايين دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، علماً بأن الميزان التجاري يميل لصالح تركيا، وتتركز التجارة بين البلدين في قطاعات السلع الغذائية والاستهلاكية والوسيطة. ومن أهم الصفقات الاستثمارية التي تمت بين المملكة وتركيا هي صفقة شراء شركة الاتصالات السعودية لشركة تيليكوم التركية التي كانت تحتكر السوق في السابق بمبلغ 6.55 مليارات دولار، ويتطلع السعوديون إلى زيادة استثماراتهم في تركيا بعدما أزاحت الحكومة التركية الكثير من العوائق من أمام المستثمرين السعوديين الذين يبحثون عن فرص استثمارية في تركيا. وعلى صعيد الشعبين أيضاً، فهناك نحو 10 آلاف من الأتراك يعملون في المملكة. كما أن المملكة تستقبل 200 ألف من الحجاج والمعتمرين الأتراك كل عام. ومن جهة أخرى، فقد زار تركيا ما يزيد على 37 ألف سعودي في العام المنصرم، وتُعَد تركيا منطقة سياحية يرتادها السياح السعوديون، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد بعدما أعلنت أنقرة عن تسهيلات في إصدار التأشيرات لمواطني المملكة ومنحهم تأشيرات دخول طويلة الأجل لدى وصولهم إلى نقاط الدخول التركية.


المشاركون في الندوة
عصام خليفة - عضو جمعية الاقتصاد السعودي ومدير مشروع الأبحاث الاقتصادية.
د. أميرة يماني - باحثة اقتصادية وعضو جمعية الاقتصاد السعودي.
سامي إدريس - رجل أعمال