-A +A
هناء البنهاوي (القاهرة )
أجمع عدد من الخبراء على نجاح جولة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الثانية في عدد من الدول الاوروبية . لاسيما وانه حفظه الله ذهب لأوروبا وهو رئيس للقمة العربية. وأكدوا ان استراتيجية الشراكة التى تنتهجها المملكة نجحت في خلق اصدقاء جدد ودعم القضايا العربية. وأكد المشاركون في ندوة «عكاظ» بالقاهرة أن تحركات الملك عبدالله تتسم بالحكمة والذكاء السياسي الامر الذي أدى الى تحقيق نتائج ايجابية خلال هذه الجولة. ودعا الخبراء الى ضرورة دعم وتفعيل الاتصالات العربية الاوروبية ومع مختلف دول العالم من اجل خلق رأي عام عالمى مؤيد لقضايانا الامر الذي من شأنه ان يساهم في تصحيح الكثير من الافكار الخاطئة عن منطقتنا..وفيما يلي تفاصيل الندوة :
دعم السلام والتعاون الدولي
**عكاظ : كيف تقيمون نتائج الجولة على صعيد القضايا العربية خاصة في فلسطين والعراق ولبنان ودارفور ؟
* الأشعل : لقد جاءت جولة الملك عبدالله في مرحلة تاريخية مهمة وسوف تظهر نتائجها خلال المرحلة المقبلة لاسيما فيما يتعلق بالقضايا الساخنة أولها القضية الفلسطينية ، والمؤتمر الدولي المزمع عقده خلال أسابيع ، ففي هذه النقطة بالذات أعتقد أن الملك عبدالله عرض وجهة النظر السعودية والعربية المتمثلة في ضرورة العمل على ان يكون هذا المؤتمر جادا ، وقد أكد لقادة الدول التي زارها أن العالم العربي جاد في التوصل الى سلام حقيقي مع إسرائيل ، وأنه اذا كانت إسرائيل هي التي تزعم بأنها تتحدث عن السلام ، فان العالم العربي الآن هو الذي يطالب إسرائيل بأن تبحث جديا عن السلام وفي هذه النقطة اوضح الملك عبدالله لمضيفيه جميعا إصرار العالم العربي على ان يكون للمؤتمر الدولي أجندة واضحة ليس تهربا من استحقاقات السلام وان العالم العربي سبق وأن حدد موقفه من قضية السلام في المبادرة العربية واثبت حسن نيته عندما أرسل ممثلين عن العالم العربي وهما وزيرا خارجية مصر والأردن للبحث في الوسائل العملية لتنفيذ هذه المبادرة لكن إسرائيل هي التي تهربت .
* عبدالرحمن : نحن في امس الحاجة الى تفعيل ودعم الاتصالات العربية مع الغرب خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها العلاقات العربية الإسلامية مع الغرب ، ومثل هذه الجولات للقادة والزعماء العرب غاية في الأهمية لعرض الصورة الحقيقية للوطن العربي والإسلامي ، ومخاطبة الرأي العام والمسؤولين في الغرب مباشرة عن المفاهيم الحقيقية للإسلام .
* منصور : لاشك ان المملكة تلعب دورا محوريا في المنطقة العربية ، والملك عبدالله كانت له مواقف معروفة في معالجة القضايا الكبرى في الشرق الأوسط وعلى رأسها ملف الصراع العربي الإسرائيلي ، فلا أحد ينسى طرحه لمبادرة السلام عندما كان وليا للعهد العام 2003 والتي أصبحت أحد أسس التفاوض حول إيجاد حل نهائي لهذه القضية المعقدة ، حيث تنطلق هذه المبادرة من مبدأ الأرض مقابل السلام عبر الانسحاب الإسرائيلي من كافة الأراضي العربية المحتلة مقابل الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات طبيعية معها .
ولذلك نحن نتوقع من هذه الجولة الناجحة ان تعمل على تفعيل و تنشيط الدور الأوربي في قضية الشرق الأوسط ، خاصة وان هناك مبادرة أمريكية لعقد اجتماع الخريف لإيجاد تسوية للقضية الفلسطينية .
* عثمان : لاشك ان النتائج المهمة لهذه الجولة سوف تحقق انفراجة بالنسبة لبعض القضايا الشائكة في المنطقة العربية والتي تحتاج إلى جهد عربي مكثف لاحتواء الأخطار التي تهدد أمنها واستقرارها.
وفي تصوري ان هناك وجهة نظر واضحة ومحددة تتسم بالحكمة والذكاء السياسي في التوجهات التي يقوم بها الملك عبدالله ، بحيث نستطيع ان نرى بوضوح ان الملك عبدالله يسعى بهذه الاستراتيجية إلى خلق دعم من دول العالم للقضايا العربية وملفاتها الساخنة وكسب أصدقاء جدد ومواقف تنتصر للمصالح السياسية العربية فضلا عن دعم العلاقات الثنائية ، وهذا يدل على الذكاء السياسي الذي يتمتع به الملك عبدالله .
قاطرة التنمية العربية
**عـكاظ : والى أي حد يمكن لهذه الجولة ان تسهم في دفع الحوار الخليجي الأوربي قدما الى الامام؟
* عبدالرحمن : في تقديري أن دول الخليج وعلى رأسها المملكة تكتسب أهمية متزايدة باعتبارها تشكل قاطرة التنمية الاقتصادية في العالم العربي ، ولا شك أن دول الخليج لها من الامكانات الاقتصادية المهمة ما يمكنها من دعم الحوار العربي الأوربي على أساس من التكافؤ ، ان التاريخ شهد فترة من عدم التكافؤ خصوصا بين العالمين العربي والأوربي خلال فترة المد الاستعماري ، ونحن الآن بصدد تعديل التوازن من أجل تحقيق مصلحة الطرفين على أساس الاحترام والمصالح المتبادلة
* منصور : بالتأكيد أن هذه الدول التي زارها الملك عبدالله ترتبط بعلاقات اقتصادية وسياسية وثقافية وثيقة مع دول مجلس التعاون الخليجي ، بل هناك نشاط تجاري كبير بين أوروبا ودول المجلس حيث تشكل تجارتها مع دول المجلس نسبة كبيرة من إجمالي حركة صادراتها ووارداتها . وبالتالي فإن لهذه الدول دورا في تفعيل الاقتصاديات في الخليج ، بجانب دورها في إيجاد حلول عادلة للقضايا العربية المختلفة.
* عثمان : لا شك ان الملك عبدالله استهدف خلال جولته تعميق العلاقات الخليجية الأوربية من خلال توثيق المصالح السياسية والاقتصادية والعلمية المتبادلة بين الجانبين عبر العديد من الآليات التي تعزز كافة أشكال التعاون المشترك .
ملفات وقضايا ساخنة
** عـكاظ : وكيف ترون أهمية الدور الأوربي في دعم ومساندة القضايا العربية؟
* الأشعل : أن ابرز نتائج الجولة هي العمل على إقناع الرأي العام والمسؤولين الأوربيين بأن العالم العربي لديه رؤية تجاه مشاكله ، وأنها رؤية عادلة وانه يحتاج إلى مساندة الأصدقاء في تنفيذ هذه الرؤية حرصا على سلام المنطقة ، وأن مساندة السلام في المنطقة تحتاج إلى التنسيق بين جميع الأطراف الدولية .
أما فيما يتعلق بالعراق ، فإنني أعتقد ان الملك عبدالله اوضح للدول الاروبية الموقف السعودي والعربي تجاه هذا الملف وهو الحرص على وحدة العراق ورفض التقسيم والحاجة إلى تسوية سياسية عراقية عاجلة تمنع الفتنة الطائفية كما تمنع التدخلات الخارجية سواء من الشرق أو الغرب .
* عبدالرحمن : حتى الآن الدور الأوربي لم يحقق الآمال المعقودة عليه . وأوروبا بما لها من علاقات مع كافة الأطراف المعنية ، وبما لها من تأثير على القرار الدولي خاصة لدى الدول الدائمة العضوية إضافة إلى روابطها القوية مع الولايات المتحدة الأمريكية ، فان ذلك يوجب على أوروبا أن تقوم بدور أكثر فاعلية لصالح تحقيق العدالة في القضايا العربية ، خصوصا وأن لها مصالح كثيرة ومشتركة وعلاقات تاريخية وجغرافية مع العالم العربي مما يوجب عليها ان تكون في مستوى الطموحات التي ينتظرها المواطن العربي على أساس المصالح المتبادلة بين الطرفين .
* منصور : المعروف أن أوربا تمثل إحدى القوى الأساسية في موازين القوى الدولية التي ترتبط بعلاقات قوية مع العالم العربي ، وتمثل أفقا إقليميا مهما ينبغي التعاون معه من أجل مساهمة أوربية أكبر في حل الصراعات ومناطق الاحتقان السياسي في العالم العربي ، وإيجاد نوع من التعاون البناء في المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية . وأعتقد ان جولة الملك عبدالله ستحقق نتائج مهمة على صعيد تشجيع أوربا على لقيام بدور اكبر يمكن ان يحقق توازنا مهما مع الدور الأمريكي في الإسراع نحو إيجاد تسوية عادلة للقضية الفلسطينية وللقضايا العربية الاخرى تحقق السلام المنشود في المنطقة والعالم .
* عثمان : قد تكون المصارحة والمواجهة مع دول الاتحاد الأوربي لإيجاد دور حقيقي وفعال لحل مشكلات المنطقة أمرا في غاية الأهمية خاصة انه حتى الآن رغم العلاقات المتميزة مع العرب لم تستطع اوروبا ان تقدم بدائل للتوجهات الأمريكية في المنطقة تجاه حل مشكلاتها المتفاقمة فهي تتقدم خطوة وتتراجع خطوات حتى لا تصطدم بالتوجهات والمصالح الأمريكية ، وعلى ذلك فان نتائج الجولة ستسهم بشكل فاعل في حث الدول الأوربية على القيام بدور أكثر ايجابية وتأثيرا لإقرار السلام والاستقرار في المنطقة العربية .
نتائج ايجابية لصالح القضايا العربية
**عـكاظ : وما هي رؤيتكم لأهمية الدول التي شملتها الجولة على صعيد العلاقات الثنائية ، وعلي مستوى القضايا الإقليمية المطروحة على الساحة ؟
* الأشعل : الملك عبدالله يقوم بجولات عديدة لأوروبا ويغطي معظم الدول الرئيسية في القارة الأوربية ، فهذه الجولة هي من السمات الرئيسية للدبلوماسية في عهد خادم الحرمين الشريفين والتي تنطلق من الإيمان بأهمية الاتصال المباشر بين الزعماء وتبادل الرأي في القضايا الساخنة التي تهم الجانبين العربي والأوربي .
* عبدالرحمن : تكتسب الدول التي شملتها الجولة أهمية متزايدة ، خصوصا ان تعميق العلاقات معها على الصعيد الثنائي أو العربي يشكل خطوات مهمة لنجاح الدبلوماسية العربية ، فتركيا تمثل قوة إقليمية وترتبط مع المملكة بروابط تاريخية ودينية وجغرافية وتعميق العلاقات معها تمتين لعلاقات المملكة بدول الإقليم ، أما بريطانيا فهي إحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن كما انها ترتبط بعلاقات تعاون اقتصادي وعلمي مع المملكة ، وتوثيق العلاقات معها عربيا يدعم المواقف العربية حيال قضاياه المشتعلة في المنطقة . وعندما نضيف اليها ايطاليا فان حلقات التعاون تتسع دائرتها وتتوطد بشكل أكبر خاصة في ضوء تمتع ايطاليا بعلاقات جوار جغرافي مع دول حوض البحر المتوسط فضلا عن حرص ايطاليا نفسها على تطوير علاقاتها الاقتصادية مع الدول العربية وفي ضوء ذلك يتوقع ان تلعب دورا ايجابيا في القضايا العربية ، فضلا عن ألمانيا التي يمثل تطوير العلاقات سياسيا واقتصاديا وعلميا معها خطوات ضرورية نظرا لتأثيرها الكبير داخل الاتحاد الأوربي .
* منصور : هناك ثلاث دول رئيسية في الاتحاد الأوربي شملتها الجولة تتمتع بصوت مسموع وثقل دولي كبير وهي بريطانيا وألمانيا وايطاليا ومن بينها دولتان مؤسستان للاتحاد الأوربي ، وهذه الدول يمكنها ان تلعب دورا مؤثرا داخل الاتحاد والمنظمات التابعة له إلى جانب دورها الفاعل في المحافل الدولية ولاشك ان زيارة الملك عبدالله لها عززت العلاقات الثنائية على كافة مسارات التعاون السياسي والثقافي والعلمي والاقتصادي الأمر الذي ينسحب أيضا على تبني هذه الدول للمواقف السياسية للمملكة تجاه مختلف القضايا . وفي تصوري أيضا أن خادم الحرمين الشريفين عمل على الحصول على نوع من التأييد والتضامن الأكبر من هذه الدول تجاه الموقف العربي في القضايا الملتهبة على الساحة العربية وفي مقدمتها الملف العراقي والانسحاب الأمريكي والملف الفلسطيني وغيرها.
* عثمان : لقد عكست الجولة ما تتمتع به القيادة السياسية للمملكة في اختيار الدول التي تزورها ، فهو اختيار موفق على مستوى إدارة السياسة العربية ، خاصة وان هذه الجولة جاءت قبل مؤتمر الخريف المزمع عقده بالولايات المتحدة ، وهذا ما اعطى لمباحثات الملك عبدالله مع قادة هذه الدول أهمية كبرى للاقتراب من حل المشكلات العربية سواء كانت القضية الفلسطينية أو اللبنانية التي نعلم مدى تأثير الدور الأوربي فيها والدور الذي يمكن ان تعلبه من أجل احتواء الأزمة السياسية اللبنانية ، فضلا عن إنهاء التداعيات الناتجة عن الاحتلال الأمريكي للعراق . وفي هذا السياق فإنني أتوقع نتائج ايجابية لصالح القضايا العربية ، خاصة وان دولة مثل بريطانيا بثقلها الدولي تأتي في مقدمة الدول المهتمة بقضايا المنطقة العربية فضلا عن أن للنظام البريطاني علاقات وثيقة بمشكلات المنطقة.

المشاركون في الندوة :


1ـ الدكتور عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق وأستاذ القانون الدولي
2ـ الدكتور مصطفى عبدالرحمن نائب رئيس جامعة المنوفية وأستاذ القانون الدولي
3ـ الدكتور محمد إبراهيم منصور رئيس مركز دراسات المستقبل
4ـ الدكتور عثمان محمد عثمان رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة 6 أكتوبر