كتبت قبل أسبوعين مقالاً بعنوان «كل شيء تزداد قيمته إلا الإنسان»، واستشهدت فيه بأمثلة واقعية لتقريب المعنى ولإثبات ما ذهبت إليه في مقالي، ومما ذكرت في المقال «بل وتأمين رئيس تنفيذي ورئيس مجلس إدارة أكبر شركات في بلادنا في كثير من الأحيان أقل من ثلاثة آلاف ريال سعودي فقط في السنة.. في حين أن تأمين أرخص سيارة يتعدى ثلاثة آلاف ريال سعودي في السنة. ولكي أقرّب المعنى أكثر.. فقد يكون التأمين الصحي السنوي لرئيس تنفيذي لشركة من شركات السيارات مع أفضل شركات التأمين الصحي في بلادنا أقل تكلفة من تأمين أرخص سيارة يبيعها في شركته».
وقد تلقيت المئات من الردود التي تدعم ما أقول، ومما تلقيت خطاب من زميلي الدكتور صالح العبدالواحد «استشاري أمراض الأنف والأذن والحنجرة»، والذي كتب فيه (سعادة الدكتور وليد لقد أصاب مقالك عين الصواب، وأود أن أشرح بعض النقاط التي تؤكد ما جاء في مقالك..
* تأمين السيارات لا يشمل الفحص الدوري والمشاكل الكهربائية للسيارة و«التنتيع»، ولو حدث أن توقف «قلب سيارة شخص مؤمن عليه بأغلى الأثمان فلن يحرك هذا ساكناً لدى شركة التأمين، ولن تجد من يقدم له اشتراكاً كهربائياً، ولا يشمل تأمين السيارة أي زيارة للميكانيكي مهما كانت بينما يشمل تأمين الإنسان الرخيص كل الزيارات والتطعيم والأدوية والعمليات و«التنتيع».
* وأهم من هذا كله، فإن تأمين الإنسان يشمل حتى سوء الاستخدام، وهذا شيء لا تقدمه حتى الشركات العالمية لتأمين السيارات، فهل سمعت أن أحد المرضى قد تم رفض علاجه لأنه أساء إلى البدن- الذي أعطاه إياه رب العالمين- بالتدخين والمعاصي؟ أبداً.. بل وعلى العكس، يستهلك هؤلاء المرضى كل الموارد المتاحة لبقية المرضى، ويمكن أن ترفض كل الشركات صيانة أي سيارة مازالت تحت الضمان بحجة أن مالكها أساء استخدامها!!..
* ينعكس هذا سلباً على أداء الشركات المؤمنة، ويؤثر على «معادلة الرعاية الصحية» بشكل عام فهذه شركات ربحية يهمها التقرير السنوي، وتبحث بالتالي عن مستشفيات أو مستوصفات أو أي مكان يتلقى فيه المرضى العلاج بسعر يضمن لهم هامش ربح، وتطلب شركات التأمين من هذه المستشفيات خصماً هائلاً على قائمة الأسعار للتعاون معهم، ومن ثم فإن المستشفيات تبحث بالتالي عن أرخص الكوادر الطبية وأرخص الأدوية ويتم استعمال نصف الشاش ونصف الجبس للكسور حتى تستطيع أن تصل للسعر المطلوب من شركات التأمين، وهل يتخيل أحد أن شركة التأمين تدفع 35 ريالاً لعلاج المريض!!.. ليس هذا فحسب، بل تقوم شركات التأمين برفض تسديد ما لا يقل عن 15% من الفواتير المقدمة بحجة عدم المطابقة للشروط. ويتم دفع الفواتير الموافق عليها بعد سنة من استحقاقها وعلى أقساط!!.. وبعد أن يتم طلب خصم إضافي على إجمالي الاستحقاق السنوي الذي يرضخ له كل مديري المستشفيات لأن اللجوء للقضاء للحصول على حق من حقوقهم يدخلهم في متاهات لا يمكن الخروج منها، والشيء بالشيء يذكر، إن أي شكوى من مريض ضد أي مستشفى تعطل طاقات وكوادر في هذا المستشفى كان من الممكن أن تخدم المرضى، تعطلهم في أسئلة وأجوبة ومصاريف لا يوجد لها مثيل في تأمين السيارات. من العجيب أن كل أجهزة الدولة تدعم هذه الشكاوى ولا تحتاج للجوء إلى القضاء حيث يتم تشكيل لجان متخصصة فوراً للنظر فيها وتطبيق العقوبات، وهذا وإن كان شيئاً جميلاً إلا أن تطبيقه لصالح جهة واحدة ليس شيئاً جميلاً.
* وهل سمعت عن معاناة شركات تأمين السيارات للحصول على تأشيرات أو عمالة أو تأمين مياه شرب للموظفين أو إسكانهم... أو... أو مراجعة أي دائرة حكومية!! الجواب «لا». حيث لا تحتاج شركات تأمين السيارات إلا لعدد محدود من الموظفين من السوق المحلي لا يهم إذا كان البعض منهم فظاً غليظ القلب، بل على العكس، حيث يمكن نقله إلى دائرة التعويض Claim Reimbursement بينما تخصص المستشفيات لجاناً خاصة لمراجعة أوراق المتقدمين واختيار الصالح منهم وتقديمه للعمل، ويكلف الحصول على طبيب عالي المستوى وإركابه مع أسرته وإسكانه راتباً شهرياً لعشرة موظفي استقبال في أكبر شركة تأمين. ثم هل سمعت عن جولات تفتيشية على شركات تأمين السيارات وتطبيق غرامات مالية عليهم بمئات الألوف لأن بعض الموظفين لديهم يعتبرون من أصحاب الخبرة التي يندر وجودها في البلد ويعملون بأوقات إضافية وجزئية.
عزيزي الدكتور وليد، أخشى أن لا نجد من يسمع لنا سوى من اكتشف من مقالك وتعليقي هامش ربحية شركة تأمين السيارات العالي، فقرر أن يشتري في أسهم هذه الشركات.
جعل الله عملنا في موازينه العادلة، ونحتسب عملنا في هذه الدنيا إن شاء الله خالصاً لوجهه الكريم.. صالح العبدالواحد).. انتهى الخطاب. أعيد سؤالي فأقول أو نتساءل بعد كل هذا لِمَ تتدهور الخدمات الصحية في بلادنا، وهل لنا الحق في أن نعتقد بأن كل شيء تزداد قيمته إلا الإنسان..؟.
إنها صرخة نداء أطلقتها وأجابني المئات بردودهم الداعمة، وجاء دور من بيدهم صُنع القرار.
* طبيب استشاري ورئيس مجلس إدارة المركز الطبي الدولي
فاكس 6509659
okazreaders@imc,med.sa
وقد تلقيت المئات من الردود التي تدعم ما أقول، ومما تلقيت خطاب من زميلي الدكتور صالح العبدالواحد «استشاري أمراض الأنف والأذن والحنجرة»، والذي كتب فيه (سعادة الدكتور وليد لقد أصاب مقالك عين الصواب، وأود أن أشرح بعض النقاط التي تؤكد ما جاء في مقالك..
* تأمين السيارات لا يشمل الفحص الدوري والمشاكل الكهربائية للسيارة و«التنتيع»، ولو حدث أن توقف «قلب سيارة شخص مؤمن عليه بأغلى الأثمان فلن يحرك هذا ساكناً لدى شركة التأمين، ولن تجد من يقدم له اشتراكاً كهربائياً، ولا يشمل تأمين السيارة أي زيارة للميكانيكي مهما كانت بينما يشمل تأمين الإنسان الرخيص كل الزيارات والتطعيم والأدوية والعمليات و«التنتيع».
* وأهم من هذا كله، فإن تأمين الإنسان يشمل حتى سوء الاستخدام، وهذا شيء لا تقدمه حتى الشركات العالمية لتأمين السيارات، فهل سمعت أن أحد المرضى قد تم رفض علاجه لأنه أساء إلى البدن- الذي أعطاه إياه رب العالمين- بالتدخين والمعاصي؟ أبداً.. بل وعلى العكس، يستهلك هؤلاء المرضى كل الموارد المتاحة لبقية المرضى، ويمكن أن ترفض كل الشركات صيانة أي سيارة مازالت تحت الضمان بحجة أن مالكها أساء استخدامها!!..
* ينعكس هذا سلباً على أداء الشركات المؤمنة، ويؤثر على «معادلة الرعاية الصحية» بشكل عام فهذه شركات ربحية يهمها التقرير السنوي، وتبحث بالتالي عن مستشفيات أو مستوصفات أو أي مكان يتلقى فيه المرضى العلاج بسعر يضمن لهم هامش ربح، وتطلب شركات التأمين من هذه المستشفيات خصماً هائلاً على قائمة الأسعار للتعاون معهم، ومن ثم فإن المستشفيات تبحث بالتالي عن أرخص الكوادر الطبية وأرخص الأدوية ويتم استعمال نصف الشاش ونصف الجبس للكسور حتى تستطيع أن تصل للسعر المطلوب من شركات التأمين، وهل يتخيل أحد أن شركة التأمين تدفع 35 ريالاً لعلاج المريض!!.. ليس هذا فحسب، بل تقوم شركات التأمين برفض تسديد ما لا يقل عن 15% من الفواتير المقدمة بحجة عدم المطابقة للشروط. ويتم دفع الفواتير الموافق عليها بعد سنة من استحقاقها وعلى أقساط!!.. وبعد أن يتم طلب خصم إضافي على إجمالي الاستحقاق السنوي الذي يرضخ له كل مديري المستشفيات لأن اللجوء للقضاء للحصول على حق من حقوقهم يدخلهم في متاهات لا يمكن الخروج منها، والشيء بالشيء يذكر، إن أي شكوى من مريض ضد أي مستشفى تعطل طاقات وكوادر في هذا المستشفى كان من الممكن أن تخدم المرضى، تعطلهم في أسئلة وأجوبة ومصاريف لا يوجد لها مثيل في تأمين السيارات. من العجيب أن كل أجهزة الدولة تدعم هذه الشكاوى ولا تحتاج للجوء إلى القضاء حيث يتم تشكيل لجان متخصصة فوراً للنظر فيها وتطبيق العقوبات، وهذا وإن كان شيئاً جميلاً إلا أن تطبيقه لصالح جهة واحدة ليس شيئاً جميلاً.
* وهل سمعت عن معاناة شركات تأمين السيارات للحصول على تأشيرات أو عمالة أو تأمين مياه شرب للموظفين أو إسكانهم... أو... أو مراجعة أي دائرة حكومية!! الجواب «لا». حيث لا تحتاج شركات تأمين السيارات إلا لعدد محدود من الموظفين من السوق المحلي لا يهم إذا كان البعض منهم فظاً غليظ القلب، بل على العكس، حيث يمكن نقله إلى دائرة التعويض Claim Reimbursement بينما تخصص المستشفيات لجاناً خاصة لمراجعة أوراق المتقدمين واختيار الصالح منهم وتقديمه للعمل، ويكلف الحصول على طبيب عالي المستوى وإركابه مع أسرته وإسكانه راتباً شهرياً لعشرة موظفي استقبال في أكبر شركة تأمين. ثم هل سمعت عن جولات تفتيشية على شركات تأمين السيارات وتطبيق غرامات مالية عليهم بمئات الألوف لأن بعض الموظفين لديهم يعتبرون من أصحاب الخبرة التي يندر وجودها في البلد ويعملون بأوقات إضافية وجزئية.
عزيزي الدكتور وليد، أخشى أن لا نجد من يسمع لنا سوى من اكتشف من مقالك وتعليقي هامش ربحية شركة تأمين السيارات العالي، فقرر أن يشتري في أسهم هذه الشركات.
جعل الله عملنا في موازينه العادلة، ونحتسب عملنا في هذه الدنيا إن شاء الله خالصاً لوجهه الكريم.. صالح العبدالواحد).. انتهى الخطاب. أعيد سؤالي فأقول أو نتساءل بعد كل هذا لِمَ تتدهور الخدمات الصحية في بلادنا، وهل لنا الحق في أن نعتقد بأن كل شيء تزداد قيمته إلا الإنسان..؟.
إنها صرخة نداء أطلقتها وأجابني المئات بردودهم الداعمة، وجاء دور من بيدهم صُنع القرار.
* طبيب استشاري ورئيس مجلس إدارة المركز الطبي الدولي
فاكس 6509659
okazreaders@imc,med.sa