يبدو أن سباقاً بعكس عقارب الساعة قد انطلق في لبنان، وهو سباق انتخاب خليفة للرئيس الحالي، إميل لحود، من قبل أعضاء البرلمان، وإذا كانت ولاية لحود تنتهي الساعة 24 من ليل 23 نوفمبر الجاري، فإن مواعيد الانتخاب قد توالت، وتأجلت منذ 25 سبتمبر الماضي، دون أن تتمكن الأكثرية والمعارضة من تجاوز خلافاتهما، وفي غياب أي توافق، يُخشى من أن تؤدي الفوضى الدستورية، إلى زيادة في تعقيدات الأزمة التي بدأت قبل سنة، عندما استقال الوزراء الشيعة من الحكومة التي يرأسها فؤاد السنيورة.
ومنذ ذلك الحين، بدأ استهداف الجبهة المناوئة لسوريا، أي الأكثرية، بعمليات القتل والاغتيال، الأمر الذي أسفر عن مصرع أربعة أعضاء من نوابها، أما المعارضة، فقد كثفت مناوراتها ضد الحكومة، التي بذلت جهوداً مضنية للحفاظ على استمرارية الدولة والحكم. وفي الواقع، نجحت الحكومة في تحاشي حصول الأسوأ حتى الآن، أي الانزلاق في حرب أهلية جديدة، غير أن اللبنانيين، العاجزين عن تجاوز انقساماتهم، أصبحوا يدركون، أكثر فأكثر، أن مصيرهم لم يعد بين أيديهم.
إن المبادرة الفرنسية الأخيرة، التي تُرجمت عبر مهمات في دمشق وبيروت، في 4 و9 نوفمبر الجاري، بواسطة الذراع الأيمن للرئيس نيكولا ساركوزي، وأمين عام قصر الإليزيه، «كلود جيان» قد وضّحت هذه الحقيقة، وهي أن اللاعبين الأساسيين في هذه الانتخابات الرئاسية، لم يعودوا من اللبنانيين أنفسهم.
وفرنسا تنطلق من المبدأ القائل بضرورة فعل أي شيء بغية تحاشي الوقوع في الفوضى العارمة. وباسم هذه المقاربة، أعيد الاتصال مع دمشق، التي تقول الأكثرية اللبنانية عنها، أنها تعمل من أجل زعزعة الاستقرار في لبنان، وتتطلب هذه المقاربة الفرنسية تغييراً في الخط الذي فرضه الرئيس السابق «جاك شيراك» عقب جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري. وهكذا، فإن فرنسا، سلكت طريق دمشق على أمل الحصول على تعاونها من أجل تمرير عملية الانتخابات الرئاسية في بيروت، وذلك بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على عملها في الأمم المتحدة، ومع الولايات المتحدة. ومن هنا ندرك أن فرنسا تسعى جاهدة للحفاظ على دور لها في لبنان، حيث تتمتع بنفوذ فعلي على الأرض، وهي تتدخل بناء على الطلب الملح من اللبنانيين أنفسهم. ولكن السؤال هو: ألا تقف فرنسا في مواجهة معضلة تفوق قدرتها؟ ففي كل مرة كان يضعف فيها لبنان، كان يتحول إلى مسرح لأزمات المنطقة، بواسطة أطراف لبنانيين. وهناك اليوم لعبة تجاذب صعبة ومعقدة، بشأن البرنامج النووي الإيراني، بين الولايات المتحدة وإيران حليفة سوريا، والمدعومة بقوة من قبل حزب الله، ولذلك يبدو التخوف من أن الانقسامات اللبنانية لا يمكن تسويتها أو تجاوزها، طالما لم تجد هذه اللعبة سبيلها للحل.
* كاتب في «لوموند» الفرنسية
ترجمة: جوزيف حرب
ومنذ ذلك الحين، بدأ استهداف الجبهة المناوئة لسوريا، أي الأكثرية، بعمليات القتل والاغتيال، الأمر الذي أسفر عن مصرع أربعة أعضاء من نوابها، أما المعارضة، فقد كثفت مناوراتها ضد الحكومة، التي بذلت جهوداً مضنية للحفاظ على استمرارية الدولة والحكم. وفي الواقع، نجحت الحكومة في تحاشي حصول الأسوأ حتى الآن، أي الانزلاق في حرب أهلية جديدة، غير أن اللبنانيين، العاجزين عن تجاوز انقساماتهم، أصبحوا يدركون، أكثر فأكثر، أن مصيرهم لم يعد بين أيديهم.
إن المبادرة الفرنسية الأخيرة، التي تُرجمت عبر مهمات في دمشق وبيروت، في 4 و9 نوفمبر الجاري، بواسطة الذراع الأيمن للرئيس نيكولا ساركوزي، وأمين عام قصر الإليزيه، «كلود جيان» قد وضّحت هذه الحقيقة، وهي أن اللاعبين الأساسيين في هذه الانتخابات الرئاسية، لم يعودوا من اللبنانيين أنفسهم.
وفرنسا تنطلق من المبدأ القائل بضرورة فعل أي شيء بغية تحاشي الوقوع في الفوضى العارمة. وباسم هذه المقاربة، أعيد الاتصال مع دمشق، التي تقول الأكثرية اللبنانية عنها، أنها تعمل من أجل زعزعة الاستقرار في لبنان، وتتطلب هذه المقاربة الفرنسية تغييراً في الخط الذي فرضه الرئيس السابق «جاك شيراك» عقب جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري. وهكذا، فإن فرنسا، سلكت طريق دمشق على أمل الحصول على تعاونها من أجل تمرير عملية الانتخابات الرئاسية في بيروت، وذلك بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على عملها في الأمم المتحدة، ومع الولايات المتحدة. ومن هنا ندرك أن فرنسا تسعى جاهدة للحفاظ على دور لها في لبنان، حيث تتمتع بنفوذ فعلي على الأرض، وهي تتدخل بناء على الطلب الملح من اللبنانيين أنفسهم. ولكن السؤال هو: ألا تقف فرنسا في مواجهة معضلة تفوق قدرتها؟ ففي كل مرة كان يضعف فيها لبنان، كان يتحول إلى مسرح لأزمات المنطقة، بواسطة أطراف لبنانيين. وهناك اليوم لعبة تجاذب صعبة ومعقدة، بشأن البرنامج النووي الإيراني، بين الولايات المتحدة وإيران حليفة سوريا، والمدعومة بقوة من قبل حزب الله، ولذلك يبدو التخوف من أن الانقسامات اللبنانية لا يمكن تسويتها أو تجاوزها، طالما لم تجد هذه اللعبة سبيلها للحل.
* كاتب في «لوموند» الفرنسية
ترجمة: جوزيف حرب