-A +A
تشارلي ريز
كان من واجب السياسيين الأمريكيين، منذ زمن طويل، أن يتوقفوا عن نقل «المياه» إلى دولة إسرائيل، وإلى اللوبي الأمريكي القوي الداعم لها. فالإذعان أو الانصياع الأعمى من جانب الكونغرس الأمريكي، لهذا اللوبي، هو عيب وعار علينا.
إن المصالح الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط تقع مع الدول العربية. أما إسرائيل فهي عبء استراتيجي واقتصادي. والدعم »الإذعاني» للحكومة الأمريكية لإسرائيل، يجعل العالم يصفنا بالخبث والرياء، كما أنه السبب وراء العداء العالمي للولايات المتحدة.

لقد تعرّض الأمريكيون لعملية غسل دماغ، جعلتهم يعتقدون بأن العرب، والفلسطينيين خاصة هم الذين لا يريدون السلام. وتلك كذبة كبيرة، فالفلسطينيون قدموا تنازلاً ضخماً عندما وافقوا على إقامة دولتهم فوق 18% من مساحة فلسطين، كما أن المملكة العربية السعودية، قدمت منذ سنوات عدة، خطة للسلام، تقضي باعتراف جميع الدول العربية بإسرائيل، مقابل انسحابها من الأراضي المحتلة. لكن الإسرائيليين رفضوها فوراً، تماماً كما يرفضون الجهود العربية المبذولة لجعل الشرق الأوسط، منطقة خالية من الأسلحة النووية.
إن هدف إسرائيل كان ولم يزل، السيطرة على كامل فلسطين، والتخلص من الفلسطينيين، وقد استخدم الإسرائيليون أساليب التطهير العرقي في عام 1948، ثم في عام 1967، وتسببوا في مأساة مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، وعلى مدى 40 سنة، بقي الإسرائيليون يرفضون إعادة الأراضي الفلسطينية والسورية التي احتلوها في الحرب، وبالقوة، كما قاموا، علناً، بخرق القانون الدولي، من خلال بناء مستوطنات فوق أراض محتلة، ومن خلال انتهاك حرمة الأجواء لدول أخرى مستقلة وذات سيادة.
إن الفلسطينيين هم الضحايا، وليسوا الجلادين، والإسرائيليون يسعون لجعل حياتهم بائسة، على أمل دفعهم إلى الاستسلام والرحيل. وفي الوقت عينه، يواصل الإسرائيليون، بالتنسيق مع الحكومة الأمريكية، في سلسلة وهمية من مفاوضات السلام، التي لا يمكن أن تكون مثمرة أبداً، لأنها ليست في المسار الصحيح. والحكومة الإسرائيلية ليست في صدد السماح للفلسطينيين بإقامة دولة قابلة للحياة. فإذا أعطوا الفلسطينيين شيئاً، فسيكون مجرّد مجموعة من الجيوب المقطعة الأوصال، والمحاطة بإسرائيل، والإسرائيليون، بعد أن تسبّبوا في وجود 700 ألف لاجئ فلسطيني، يرفضون، منذ البداية، السماح لهم بالعودة إلى ديارهم ومزارعهم ومؤسساتهم، التي صادرتها إسرائيل كلها، بزعم أنها «ممتلكات مهجورة ومتروكة».
بدون مساعدة أمريكية، التي بلغت، حتى اليوم أكثر من 108 مليارات دولار، ولولا الفيتو الأمريكي، في كل مرة كانت تحاول فيها منظمة الأمم المتحدة التصرف، لما كان يمكن أن يحصل أي شيء مما سبق ذكره.
ليس العالم الإسلامي وحده الذي يكره سياستنا الخارجية المؤيدة لإسرائيل، بعيداً عن العدالة. فالأوروبيون، وغيرهم في أنحاء العالم، هم أيضاً مستاؤون من الانحياز الواضح من جانب أمريكياً، إلى قوة أجنبية صغيرة، وقد وصل الأمر إلى درجة النظر سلبياً إلى كل من هو حليف للولايات المتحدة.
إن الشعوب العربية والإسلامية، ما عدا القاعدة، لا يكرهون أمريكا أو الأمريكيين، إنهم يكرهون فقط سياستنا الخارجية المؤيدة لإسرائيل، واجتياحنا لأراضي دولتين مسلمتين، ومن المؤكد أن مجمل الدعاية ضد العرب والمسلمين في بلادنا، تنبع من مصدرين هما اللوبي الإسرائيلي هنا، وإسرائيل نفسها.
وبفضل الكرم، غير الدستوري، من جانب الكونغرس المذعن، تحولت إسرائيل إلى دولة غنية، وإلى قوة عسكرية بارزة في العالم، إنها ليست بحاجة لمساعدة أمريكية، ولقد حان الوقت للتوقف عن الرقص على أنغام لوبي مزدوج الولاء، وللعمل بما تفرضه وتمليه المصالح الأمريكية. إن الأمريكيين يتعرضون لعملية خداع واسعة من جانب سياسييهم، ولقد حان الوقت لمعاملة هؤلاء السياسيين المخادعين، بالطريقة التي يستحقونها.
* كاتب أمريكي
ترجمة : جوزيف حرب