-A +A
فتحي عطوة (القاهرة)
بات من الأهداف الثابتة للدبلوماسية السعودية تنويع العلاقات شرقا وغربا، والاستفادة من كل القوى الدولية في خدمة المصالح والقضايا العربية. وبالإضافة الى ذلك فقد كان توقيت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الى روسيا بالغ الأهمية، ويكمل حلقات الدبلوماسية السعودية كرئيسة للقمة العربية في الدورة الحالية، ففي الوقت الذي كانت المملكة تعمل على صعيد لجنة المبادرة العربية لإيجاد موقف عربي يحظى بالإجماع على الخطوات السلمية المنتظرة من خلال مؤتمر أنابوليس سعت دبلوماسيتها لدى طرف دولي آخر هو روسيا التي تحظى بعضوية اللجنة الرباعية الدولية والعضو دائم العضوية في مجلس الأمن لحشد قوى السلام في العالم من أجل خدمة القضايا العربية. والمتأمل في البيان الختامي الذي صدر في ختام زيارة سمو ولي العهد لروسيا ومباحثاته مع المسؤولين هناك يجد أن القضايا العربية نالت مساحة واسعة من الاهتمام من هذه المباحثات . فقد أكد البيان السعودي الروسي فيما يتعلق بالقضية الفسطينية على نقطتين في غاية الأهمية وهما:
-تأكيد الجانبين تأييدهما ودعمهما لاقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة وعلى أهمية مبادرة السلام العربية كما أقرتها القمة العربية في بيروت العام 2002م وتم التأكيد عليها في القمة العربية في الرياض في مارس 2007م. وقد أعربت المملكة عن تقديرها العميق لجهود روسيا في دعم عملية السلام في الشرق الأوسط.

تقريب الموقف الروسي من وجهة النظر العربية فيما يتعلق بمقترح مؤتمر السلام المزمع عقده في أنابوليس حيث أعرب الطرفان عن أملهما في أن يتعاطى هذا المؤتمر مع القضايا الاساسية للنزاع العربي الاسرائيلي.كما دعم وحدة العراق والحفاظ على استقلاله وسيادته والامتناع عن التدخل في شؤونه الداخلية. واكدا على أهمية الحفاظ على وحدة لبنان وأمنه واستقراره وسيادته على كامل أراضيه ودعيا كافة الفئات والقوى اللبنانية الى تعزيز الحوار. أما بالنسبة للعلاقات الثنائية فقد أسفرت الزيارة عن تقوية للعلاقات الثنائية ، بالتأكيد على أهمية انعقاد اللجنة المشتركة بين البلدين ومجلس الاعمال السعودي الروسي المشترك وزيادة تشجيع التعاون الثنائي في مجال الطاقة كما أكدا عزمهما على زيادة التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية والتقنية والنقل.
ومن الواضح أن روسيا استجابت بشكل كبير للرؤية السعودية فيما يتعلق بقضايا المنطقة، والتي عبر عنها سمو ولي العهد في حواره مع وكالة أنباء إيتار تاس الروسية يوم 21/11/2007 في بداية الزيارة ، حيث قال إن مبادرة السلام العربية تشكل فرصة تاريخية لشموليتها من جانب، وتركيزها على أساس النزاع من جانب آخر، معبرا عن الأمل في أن يعالج مؤتمر أنابوليس القضايا المحورية وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمتصلة الأطراف، ومعالجة مشكلة اللاجئين والقدس وتحسين أوضاع الفلسطينيين ، وأن يتسم بالشمولية في الحل على كافة المسارات. وقد جاء البيان الختامي معبرا عن التفاهم في قضية النفط، حيث بحث الطرفان مسألة استقرار سوق النفط على خلفية الوضع الحالي للاقتصاد العالمي. وأشاد الجانب الروسي بالسياسة المتزنة للمملكة بصفتها مُصدّرا أمينا ومضمونا للنفط إلى السوق العالمية. وأكدت المملكة وروسيا سعيهما إلى تنشيط التعاون الثنائي في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، وميادين الطاقة والنقل والعلوم والتكنولوجيا والثقافة. ومن هنا يمكن القول ان الزيارة التي قام بها سمو ولي العهد حققت أهدافها في كافة الميادين وأسفرت عن توافق كامل في الرؤى سواء على صعيد العلاقات الثنائية أو على صعيد القضايا الإقليمية والدولية سواء فيما يتعلق بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل والنووية أو قضية الإرهاب الدولي لما للمملكة من باع كبير في مكافحة الإرهاب داخليا وخارجيا، وهكذا نجحت الزيارة في تعزيز سبل الشراكة مع دولة مهمة اقليميا ودوليا تنامت علاقاتهما بشكل مضطرد منذ عودة العلاقات بينهما عام 1990.