أثارت قضية استبدال طفلي «نجران» التي حدثت مؤخراً موجة عارمة من تعاطف المواطنين واهتمام المسؤولين، ومن تغطية إعلامية غير مسبوقة بحيث بات ضحاياها وجوهاً مألوفة في الصحف والفضائيات، وكأنما القضية جديدة، ولم يسبق للصحافة التطرق إليها، أو الحديث عنها؛ بيد أن الأمر ليس كذلك. فقبل ما يقارب العشرين عاماً كانت «عكاظ» سباقة في نشر مأساة أسرة في «بيشة» تم استبدال طفلتيها في وضح النهار، وكان لي شرف الكتابة عن تلك القضية من خلال تحقيق صحفي مطول نشرته «عكاظ» وقتها على صفحتين منها الصفحة الأولى وتحديداً بتاريخ 7/7/1409هـ، وكنت وقتها أحد العاملين بهذه الصحيفة.. وقد اشتمل التحقيق ذاك على تغطية كاملة، ولقاءات مع والدي الطفلتين، وتصوير حجم المأساة التي تعرضت لها الأسرتان من جراء استبدال طفلتيها، وبطريقة محيرة إذ إن إحدى الطفلتين كانت (سمراء)، والأخرى (بيضاء)، وقد تسللتُ إلى قسم المواليد بالمستشفى للالتقاء بالممرضات والأطباء لتقصي الحقيقة. وأذكر أن إحدى الممرضات اللواتي التقيت بهن، كانت شقيقة الممثل الذي رحل أخيراً عن دنيانا (يونس شلبي)، وبدلاً من أن أسألها عن القضية رحت أسألها عن (ابن الناظر) -الذي هو شقيقها- في مسرحية (مدرسة المشاغبين)!
وقد أحسنت «عكاظ» حين أعادت يوم الأحد قبل الماضي نشر صورة التحقيق ذاك. فالقضية ليست جديدة أو لم يسبق حدوثها كما قد يبدو للبعض، الذي يحيرني ولم أستطع فهمه إلى الآن هو كيف فات على الممرضات في قسم الولادة حينها عدم التفريق بين المولودتين المختلفتي اللون ففي حالات أخرى يكون لون المواليد أو أسماء الأمهات متشابهاً. أما في حالتي طفلتي «بيشة» واللتين أصبحتا الآن شابتين جميلتين فالأمر مختلف!
ومادمنا تطرقنا عرضاً إلى اسم الفنان الراحل (يونس شلبي) والحديث كما تقول العرب (ذو شجون) أي يجر بعضه بعضاً.. فقد عمل في «بيشة» بعض أبناء أو أقارب المشاهير من الفنانين المصريين.. منهم ابن الفنان والمنولوجست المصري الشهير (محمود شكوكو) الذي كان يعمل مدرساً في معهد بيشة العلمي، وحين علم بسفري وبعض الأصدقاء إلى مصر حمّلني رسالة برفقتها عدد من الصور الفوتوغرافية التي تصور لأسرته حياته في هذه المدينة الصغيرة قبل ربع قرن، ويوصي والده بتكريمنا، وهو ما حدث فعلاً، ورغم أن الرسالة لم تتضمن عنواناً لوالده إلا أننا لم نجد صعوبة في إيصالها، فقد كانت مصر بأكملها تعرف «شكوكو»..! وفي إحدى زياراته للمملكة عرج إلى (بيشة) واستضفناه في «نادي النخيل» إبان رئاسة الأستاذ/ محمد الرواف.. مدير مطار بيشة حالياً، وقدم لنا بعض منولوجاته الفكاهية على مسرح النادي!
أعود إلى حادثة الاستبدال تلك.. خاصة أن والدي الطفلتين اللتين أصبحتا عروستين الآن يطالبان بالتعويض كما أشارت عكاظ، ومع تفهمي لحجم المأساة، ومعايشتي لحالة الألم، والشك القاتل الذي تسلل إلى قلبي الرجلين فقد قال لي أحدهما: إنه كان يكتب ورقة طلاق زوجته في الليل ويمزقها في الصباح.. رغم كل ذلك إلا أنني أرى في حالة قديمة كحالتيهما أن يتم طي الملف تماماً.. إذ إن إثارتها من جديد سيعيد نكأ جراح أحسبها قد اندملت، وسيثير لغطاً لا مبرر له إطلاقاً وليحتسبا عند رب سيعوضهما خيراً من ذلك. عشرون عاماً مضت على هذا التحقيق الصحفي الذي كتبته.. مرت وكأنها شهور قليلة لا سنوات طوال.. يا إلهي.. كيف (تطوي) السنون أعمارنا دون أن ندريها.. رحماك يا رب!!
تلفاكس 076221413
وقد أحسنت «عكاظ» حين أعادت يوم الأحد قبل الماضي نشر صورة التحقيق ذاك. فالقضية ليست جديدة أو لم يسبق حدوثها كما قد يبدو للبعض، الذي يحيرني ولم أستطع فهمه إلى الآن هو كيف فات على الممرضات في قسم الولادة حينها عدم التفريق بين المولودتين المختلفتي اللون ففي حالات أخرى يكون لون المواليد أو أسماء الأمهات متشابهاً. أما في حالتي طفلتي «بيشة» واللتين أصبحتا الآن شابتين جميلتين فالأمر مختلف!
ومادمنا تطرقنا عرضاً إلى اسم الفنان الراحل (يونس شلبي) والحديث كما تقول العرب (ذو شجون) أي يجر بعضه بعضاً.. فقد عمل في «بيشة» بعض أبناء أو أقارب المشاهير من الفنانين المصريين.. منهم ابن الفنان والمنولوجست المصري الشهير (محمود شكوكو) الذي كان يعمل مدرساً في معهد بيشة العلمي، وحين علم بسفري وبعض الأصدقاء إلى مصر حمّلني رسالة برفقتها عدد من الصور الفوتوغرافية التي تصور لأسرته حياته في هذه المدينة الصغيرة قبل ربع قرن، ويوصي والده بتكريمنا، وهو ما حدث فعلاً، ورغم أن الرسالة لم تتضمن عنواناً لوالده إلا أننا لم نجد صعوبة في إيصالها، فقد كانت مصر بأكملها تعرف «شكوكو»..! وفي إحدى زياراته للمملكة عرج إلى (بيشة) واستضفناه في «نادي النخيل» إبان رئاسة الأستاذ/ محمد الرواف.. مدير مطار بيشة حالياً، وقدم لنا بعض منولوجاته الفكاهية على مسرح النادي!
أعود إلى حادثة الاستبدال تلك.. خاصة أن والدي الطفلتين اللتين أصبحتا عروستين الآن يطالبان بالتعويض كما أشارت عكاظ، ومع تفهمي لحجم المأساة، ومعايشتي لحالة الألم، والشك القاتل الذي تسلل إلى قلبي الرجلين فقد قال لي أحدهما: إنه كان يكتب ورقة طلاق زوجته في الليل ويمزقها في الصباح.. رغم كل ذلك إلا أنني أرى في حالة قديمة كحالتيهما أن يتم طي الملف تماماً.. إذ إن إثارتها من جديد سيعيد نكأ جراح أحسبها قد اندملت، وسيثير لغطاً لا مبرر له إطلاقاً وليحتسبا عند رب سيعوضهما خيراً من ذلك. عشرون عاماً مضت على هذا التحقيق الصحفي الذي كتبته.. مرت وكأنها شهور قليلة لا سنوات طوال.. يا إلهي.. كيف (تطوي) السنون أعمارنا دون أن ندريها.. رحماك يا رب!!
تلفاكس 076221413