-A +A
جبير بن محمد بن جبير
أهداني الصديق والزميل النشط حمد العمر فيلماً مدته 25دقيقة لمشروع تطوير جسر الجمرات والساحات المحيطة به، وعند مشاهدتي له أول مرة عرفت أين تقع مكة المكرمة بالنسبة لي وأين أقع بالنسبة لها، فقبل الفيلم كنت أحسب نفسي من أبناء مكة واحد القريبين منها، فقد فاجأني المشروع من حيث الضخامة وتعدد الأغراض الوظيفية، ووضوح النظرة المستقبلية لمشعر منى، مع مراعاة الغرض الجمالي للجسر. من المؤكد أن المشروع اخذ حقه الزمني بالدراسة واستهلك الكثير من الخبرات الفنية والبشرية، ولم يبخل عليه من الناحية المادية كعادة مشاريع مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، فتفاصيل المشروع كثيرة وكبيرة، وفيه كم هائل من المعلومات الفنية المهنية، أما الأرقام التي تحدث عنها الفيلم اجزم بأنها قياسية.. ولعل أبرزها قياسا مدة إنجاز المشروع القصير، وهذه العناصر مجتمعه تحتاج إلى حديث آخر ومستقل.

ما أود الحديث عنه هنا هو ذات الفيلم .. فيجب (وأشدد على كلمة يجب) أن يشاهده الكل، ويجب (مرة أخرى) أن يشاهده كل مسلم راغبا بالحج هذا العام على وجه التحديد، وليس هناك وقت أنسب من مشاهدته هذه الأيام، ومن منبر جريدة عكاظ أدعو جميع القنوات للمسارعة بالحصول على نسخة من هذا الفيلم وبثه، لأنني على يقين بأن من حج قبل سنتين «على الأقل» سيذهل من ضخامة المشروع وكيفية استخدامه.

بصدق لقد تجاوز الفيلم القيمة الفنية والهندسية للمشروع، وذهب إلى ابعد مما تصوره منتجوه، فقد تضمن الفيلم أربعة جوانب أخرى على قدر واحد من الأهمية، أولها الجانب التوثيقي لما فيه من حفظ لتاريخ مكة المكرمة وتطور مشعر منى عبر الأزمنة، ثانيها الجانب التوعوي بمفهومه الشامل وهو ما يستلزم المبادرة في بثه هذه الأيام كما ذكرت، ثالثها الجانب الإعلامي فمن المهم إبراز دور المملكة وجهودها في خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، أما الجانب الفريد في هذا الفيلم فهو الجانب التعليمي حيث سيتعلم المختص فناً جديداً من فنون إدارة الزحام والتحكم بالحشود البشرية، يقوم على نظرية «تفتيت الكتلة» والاستفادة العلمية والعملية من التجربة السعودية عالمياً.