بريطانيا تعمل على تخفيض حجم قواتها الحالي في العراق إلى ما يزيد عن النصف، بحلول الربيع القادم، بحيث لا يتجاوز ما سيبقى منها في العراق 2500 جندي، بعد أن شاركت بريطانيا في غزو العراق 2003 بأكثر من 18 ألف جندي. بالطبع هناك اعتبارات داخلية وراء قرار سحب القوات البريطانية من جنوب العراق. بالإضافة إلى البعد الأخلاقي لقرار المشاركة في غزو العراق، فقد البريطانيون 162 قتيلا، قارن هذا بما يزيد عن 3850 جنديا فقدهم الأمريكيون في العراق. الورطة السياسية والعسكرية في العراق تسببت في استقالة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الذي لم تشفع له الإصلاحات الاقتصادية لحكومته، ولم يعد الشعب البريطاني يذكر له غير “خطيئة” قرار المشاركة في غزو العراق.
بالرغم من خبرة بريطانيا الاستعمارية التي ساعدت الجيش البريطاني في إدارة تواجده في جنوب العراق، بأقل تكاليف ممكنة، مقارنة بالتكاليف الباهظة التي تكبدها ولا يزال يتكبدها الأمريكيون في مناطق شمال العراق ووسطه وغربه، إلا أن السيطرة على أغنى منطقة نفطية في جنوب العراق بعلاقاتها التاريخية والمذهبية الممتدة مع إيران في الشرق وقرب منطقة البصرة، من دول الخليج العربية في الجهة الغربية للخليج العربي، لم تكن بالأمر اليسير، إطلاقاً.
كانت القوات البريطانية في جبهة البصرة، لا تقوم بمهام حفظ الأمن الداخلي في منطقة جنوب العراق، فحسب... بل كانت تشكل قوة ردع استراتيجي لبريطانيا العظمى، التي هي ــ في نفس الوقت ـــ عضو دائم في مجلس الأمن وتمتلك ترسانة استراتيجية نووية وإمكانات كبيرة في الانتشار والتواجد في أي بقعة من العالم، حيث نجح الأسطول الملكي البريطاني في استعادة جزر “الفوكلاند” للتاج البريطاني بداية الثمانينات . بعبارة أخرى: القوات البريطانية في جنوب العراق، غير تلك القوات الأخرى العاملة في العراق التي يطلق عليها القوات المشتركة غير القوات الأمريكية، كانت تقوم بمهام إقليمية لحفظ توازن منطقة الخليج العربي، لملء جزء من الفراغ الاستراتيجي، الذي خلفه غزو العراق.
من هذه الناحية الاستراتيجية يترك انسحاب الجيش البريطاني من محافظة البصرة، فراغاً استراتيجياً، لا يمكن أن يُتعامل معه إلا بزيادة أعباء الوجود العسكري الأمريكي، الذي يواجه بدوره معارضة شديدة في داخل الولايات المتحدة قرب موعد سنة الانتخابات الرئاسية والتشريعية، في نوفمبر من العام القادم. بدايةً: لا يمكن الركون إلى قوات الأمن العراقية لملء الفراغ الاستراتيجي الناتج عن انسحاب القوات البريطانية من الجنوب، كما أنه لا يمكن الوثوق فيها وفي قدرتها ورغبتها للقيام بالمهام الاستراتيجية الإقليمية التي كانت تقوم بها القوات البريطانية. هناك احتمال كبير أن تتمكن إيران من اختراق قوات الأمن العراقية من داخلها... بل وحتى احتمال تقديم قوات الأمن العراقية في البصرة، تسهيلات لوجستية واستراتيجية للتطلعات التوسعية الإيرانية في منطقة جنوب العراق.
حتى في ما يخص حفظ الأمن الداخلي في محافظة البصرة، تَقْصُر إمكانات أجهزة الأمن والجيش العراقيين في القيام بالمهمة. هناك احتمال كبير لتجدد أعمال العنف الطائفية في منطقة جنوب العراق ضد العرب السنة في محافظة البصرة، مما يساهم في صب المزيد من الزيت على نار طائفية هي أصلاً مشتعلة في العراق. بالإضافة إلى أنه ليس هناك من ضمانة أن أية قوات عراقية يوكل لها حفظ الأمن في جنوب العراق بعد انسحاب القوات البريطانية من محافظة البصرة، أن تكون محايدة طائفياً، تمثل، حتى من الناحية النظرية، الحكومة المركزية، مع افتراض أن حكومة المنطقة الخضراء في بغداد، بعيدة عن التحيز الطائفي، التي هي إلى حدٍ كبير متهمة به.
انسحاب القوات البريطانية من جبهة المواجهة العسكرية المباشرة في العراق، واقتصار ما يتبقى منها للقيام بأعمال غير قتالية، في محيط منطقة بغداد شمالاً، من شأنه أن يساهم في جعل حالة الأمن المتردية أصلاً في العراق، أكثر سوءاً وأعصى على احتوائها من قِبَل القوات الأمريكية، التي يفكر القادة السياسيون والعسكريون في واشنطن، بدورهم، بتخفيض أعدادها دون ما ربط ذلك (حقيقةً)، بتحسن الأوضاع الأمنية في العراق واستقرار الوضع السياسي فيه. هذا، بالإضافة إلى الفراغ الاستراتيجي الإقليمي، الذي يُخَلِفَه انسحاب القوات العراقية من جنوب العراق، في ما يخص الأمن الإقليمي لمنطقتي الخليج العربي والشرق الأوسط.
بالرغم من خبرة بريطانيا الاستعمارية التي ساعدت الجيش البريطاني في إدارة تواجده في جنوب العراق، بأقل تكاليف ممكنة، مقارنة بالتكاليف الباهظة التي تكبدها ولا يزال يتكبدها الأمريكيون في مناطق شمال العراق ووسطه وغربه، إلا أن السيطرة على أغنى منطقة نفطية في جنوب العراق بعلاقاتها التاريخية والمذهبية الممتدة مع إيران في الشرق وقرب منطقة البصرة، من دول الخليج العربية في الجهة الغربية للخليج العربي، لم تكن بالأمر اليسير، إطلاقاً.
كانت القوات البريطانية في جبهة البصرة، لا تقوم بمهام حفظ الأمن الداخلي في منطقة جنوب العراق، فحسب... بل كانت تشكل قوة ردع استراتيجي لبريطانيا العظمى، التي هي ــ في نفس الوقت ـــ عضو دائم في مجلس الأمن وتمتلك ترسانة استراتيجية نووية وإمكانات كبيرة في الانتشار والتواجد في أي بقعة من العالم، حيث نجح الأسطول الملكي البريطاني في استعادة جزر “الفوكلاند” للتاج البريطاني بداية الثمانينات . بعبارة أخرى: القوات البريطانية في جنوب العراق، غير تلك القوات الأخرى العاملة في العراق التي يطلق عليها القوات المشتركة غير القوات الأمريكية، كانت تقوم بمهام إقليمية لحفظ توازن منطقة الخليج العربي، لملء جزء من الفراغ الاستراتيجي، الذي خلفه غزو العراق.
من هذه الناحية الاستراتيجية يترك انسحاب الجيش البريطاني من محافظة البصرة، فراغاً استراتيجياً، لا يمكن أن يُتعامل معه إلا بزيادة أعباء الوجود العسكري الأمريكي، الذي يواجه بدوره معارضة شديدة في داخل الولايات المتحدة قرب موعد سنة الانتخابات الرئاسية والتشريعية، في نوفمبر من العام القادم. بدايةً: لا يمكن الركون إلى قوات الأمن العراقية لملء الفراغ الاستراتيجي الناتج عن انسحاب القوات البريطانية من الجنوب، كما أنه لا يمكن الوثوق فيها وفي قدرتها ورغبتها للقيام بالمهام الاستراتيجية الإقليمية التي كانت تقوم بها القوات البريطانية. هناك احتمال كبير أن تتمكن إيران من اختراق قوات الأمن العراقية من داخلها... بل وحتى احتمال تقديم قوات الأمن العراقية في البصرة، تسهيلات لوجستية واستراتيجية للتطلعات التوسعية الإيرانية في منطقة جنوب العراق.
حتى في ما يخص حفظ الأمن الداخلي في محافظة البصرة، تَقْصُر إمكانات أجهزة الأمن والجيش العراقيين في القيام بالمهمة. هناك احتمال كبير لتجدد أعمال العنف الطائفية في منطقة جنوب العراق ضد العرب السنة في محافظة البصرة، مما يساهم في صب المزيد من الزيت على نار طائفية هي أصلاً مشتعلة في العراق. بالإضافة إلى أنه ليس هناك من ضمانة أن أية قوات عراقية يوكل لها حفظ الأمن في جنوب العراق بعد انسحاب القوات البريطانية من محافظة البصرة، أن تكون محايدة طائفياً، تمثل، حتى من الناحية النظرية، الحكومة المركزية، مع افتراض أن حكومة المنطقة الخضراء في بغداد، بعيدة عن التحيز الطائفي، التي هي إلى حدٍ كبير متهمة به.
انسحاب القوات البريطانية من جبهة المواجهة العسكرية المباشرة في العراق، واقتصار ما يتبقى منها للقيام بأعمال غير قتالية، في محيط منطقة بغداد شمالاً، من شأنه أن يساهم في جعل حالة الأمن المتردية أصلاً في العراق، أكثر سوءاً وأعصى على احتوائها من قِبَل القوات الأمريكية، التي يفكر القادة السياسيون والعسكريون في واشنطن، بدورهم، بتخفيض أعدادها دون ما ربط ذلك (حقيقةً)، بتحسن الأوضاع الأمنية في العراق واستقرار الوضع السياسي فيه. هذا، بالإضافة إلى الفراغ الاستراتيجي الإقليمي، الذي يُخَلِفَه انسحاب القوات العراقية من جنوب العراق، في ما يخص الأمن الإقليمي لمنطقتي الخليج العربي والشرق الأوسط.