-A +A
فاطمة بنت محمد العبودي
مع توافد حجاج بيت الله الحرام إلى الأماكن المقدسة والشعور الفياض بالفرح الذي يملأ نفوسهم وينعكس بشراً على وجوههم بعد أن منّ الله عليهم ومكنهم من الوصول إلى هذه الأماكن الطاهرة التي طالما حلموا بالوصول إليها، كم نحن بحاجة إلى أن نستشعر حالة الفرح الشديد التي تغشى هؤلاء الإخوة والأخوات الذين يصلون إلى مكة لأول مرة في حياتهم، فنشاركهم الفرحة بالابتسام لهم.
إن من أبسط الأشياء التي علمنا إياها ديننا الحنيف بشاشة الوجه وحسن الخلق التي تمثل ركيزة عامة من أخلاقيات المسلم، كم نحن بحاجة للعودة إلى نبع ديننا الصافي والاهتداء بقيمه الخالدة التي جاءت لتجعل من هذه الأمة أمة واحدة.. ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حينما أكد أن تبسم المسلم في وجه أخيه المسلم صدقة وحثه على السلام على من عرف ومن لم يعرف إنما أراد أن تكون علاقاتنا بإخواننا المسلمين موشحة باللطف وحسن التعامل، وقد لخص ابن عمر رضي الله عنه ذلك بقوله: البر شيء هين وجه طليق وكلام لين.

ويؤكد البروفيسور ريتشارد ليارد من جامعة لندن للاقتصاد في كتابه (السعادة: دروس من علم جديد) على أن الترويج للصداقة والود يشكل وسيلة سهلة وقليلة التكلفة لجعل الناس أكثر سعادة ويدعو في كتابه إلى أخذ هذا التوجه في الاعتبار عند صياغة السياسات العامة.
وهذا بالفعل ما قامت به حكومة مدينة بورت فيليب المحلية في استراليا، حيث استخدمت المتطوعين لاستكشاف مدى استعداد الناس للتبسم للمارة في الشارع، ثم علقت لافتات تشبه اللافتات التي تحدد السرعة، إلا أنها تحمل عبارات تخير المارة المترجلين أنهم على سبيل المثال، في منطقة العشر ابتسامات في الساعة، وتذكر عمدة المدينة أن هذه اللافتات دعوة لتشجيع الناس على التبسم أو إلقاء التحية على الجيران والغرباء أثناء مرورهم بالشارع، وأضاف العمدة أن التبسم يشجع الناس على الشعور بالأمان وبقدر كبير من الارتباط بينهم.
وهذه اللوحات في مدينة بورت فيليب هي جزء من برنامج ضخم يسعى إلى قياس التغييرات في نوعية الحياة في المدينة، بهدف تحويلها إلى مجتمع يحمل مقومات البقاء والاستمرار، ليس فقط على الصعيد البيئي بل أيضاً من حيث العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي والحيوية الثقافية.
وتؤمن الحكومة المحلية بأن التجارب والخبرات الإيجابية بالغة الصغر قادرة على تحسين مشاعر الناس تجاه أنفسهم بل وتشجعهم على مساعدة الآخرين، وأحد مقاييس نجاح تلك المساعي هو ارتفاع معدل من قد يبتسمون لك في شوارع بورت فيليب من 8% إلى 10% على مدار العام ونصف العام الماضي.
جرب عزيزي القارئ التبسم لمن يلقاك في العمل أو الشارع لترى انعكاس ذلك بشراً على وجوههم، وسعادة في نفسك لسرورهم، ودعوة خاصة لسكان المدينتين الطاهرتين لاستقبال حجاج بيت الله الحرام بالابتسام والسلام لإشعارهم بالأمان والطمأنينة وبمدى سعادتنا بقدومهم.
fma34@yahoo.com