-A +A
احمد السيد (القاهرة)
يمرّ الحوار بين الإسلام والمسيحية بمرحلة انعطاف كبيرة، اثر تلقي الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي دعوة من بابا الفاتيكان للحوار مع رجال الدين المسيحيين مؤخراً، وقد وجه 138 من كبار علماء المسلمين في العالم يوم 11أكتوبر 2007 خطابا مفتوحا إلى 127 رجل دين مسيحيا قياديا حول العالم “للتفاهم والسلام” من أجل رأب الصدع المتزايد بين المسلمين والنصارى في أرجاء المعمورة. وتزامن هذا الخطاب مع مرور نحو عام على محاضرة بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر المسيئة للإسلام والرسول التي أثارت موجة غضب واسعة بين المسلمين في العالم. ويدعو الخطاب الصادر باللغة الإنجليزية المسيحيين إلى التوصل لـ”كلمة سواء” مع المسلمين، ويذهب الخطاب إلى القول: “إن حب إله واحد وحب الجار” من أسس التفاهم المشترك بين النصرانية والإسلام، ويقول الموقعون على الخطاب: إن الإسلام يأمرهم بدعوة أهل الكتاب للتفاهم وكلمة سواء فقالوا في خطابهم: “ولذلك وطاعة للقرآن العظيم فإننا المسلمون ندعو النصارى ليأتوا معنا على أسس ما هو مشترك بيننا”.
لكن رد الفاتيكان في البداية جاء مخيبا للآمال فبعد أسبوع تقريبا وبالتحديد في 19/10/2007، قال مسؤول في الفاتيكان إنه من الصعب إجراء حوار ديني حقيقي مع المسلمين؛ “لأنهم يعتبرون أن القرآن الكلام النصي لله ولا يقبلون مناقشته بعمق”، وذلك في تعقيب على الدعوة للحوار، مشيدًا في نفس الوقت بالدعوة معتبرا إياها دلالة على حسن النوايا، الا أن دعوة البابا الأخيرة التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية أعادت روح التفاؤل من جديد.

صدمة من الرد
وفي تعقيبه على ذلك كان الدكتور محمد سليم العوا، الخبير القانوني والمفكر الإسلامي، وعضو الفريق العربي للحوار الإسلامي- المسيحي، وأحد الموقعين على وثيقة دعم الحوار بين المسلمين والمسيحيين، أعلن أنه لم يتلق دعوة من البابا، وعبّر عن صدمته، واصفا رد الفاتيكان بأنه ينسف كل الجهود لإحداث تقارب ديني حيث كان يأمل فريق الحوار الإسلامي -المسيحي الوصول إلى صيغ توافقية بين الطرفين تنهي فكر الصراع الديني لتتحول إلى حوار ديني عقلاني.
واشترط ضرورة اعتذار الفاتيكان صراحة عن إساءته الشهيرة للإسلام، ورفض الدكتور محمد سليم العوا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بدء أي حوار مع الفاتيكان قبل تقديم البابا بنديكت السادس عشر اعتذارا عن محاضرته المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، مؤكدا على ضرورة أن يحترم الآخر المسلمين مثلما يحترمهم الإسلام، وشدد الدكتور على أن احترام العقائد هو أساس الحوار واذا انعدم الاحترام والاعتراف فقد انعدم الحوار من الأساس والاستمرار على ذلك النحو قد يمهد الى تفجر أزمة دينية عالمية ترجعنا إلى عصور الحروب الدينية.


الإسلام دين سلام
من جهته أكد د. محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر على أهمية الحوار مع الآخر والغرب لتصحيح صورة الإسلام والرد على الشبهات المثارة حوله.
وقال طنطاوي في تصريحات خاصة لـ(الدين والحياة) ان الإسلام يمد يده بالسلام لكل من يمدها إليه ويدعو دائما إلى التعاون بين الحضارات لتحقيق النفع لكل البشرية والحوار وحده هو الكفيل بتحقيق ذلك. وأوضح طنطاوي ان هناك اتفاقية بين اللجنة الدائمة للحوار بين الأديان بالأزهر. وأضاف طنطاوي : إننا نؤمن بتعاون وتكاتف الحضارات كما يقول العقلاء ولا نعرف مطلقا تصادم وصراع الحضارات كما يقول الأغبياء لأن الإسلام لا يغلق مطلقا أبواب الحوار وإنما يفتحها على مصراعيها.

ضرورة الاعتذار
بينما اشترطت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر ضرورة تقديم بابا الفاتيكان اعتذاراً رسميا صريحا لكل العالم الإسلامي عن إساءته للدين الإسلامي قبل التفكير في استئناف الحوار مع الفاتيكان. وقالت ان بابا الفاتيكان رمز ديني للمسيحيين ويجب ان يعرف معنى وقيم كل كلمة يتفوه بها ومدى تأثيرها في العلاقات مع الآخرين على مستوى العالم. وأكدت أن الإسلام يؤمن بالحوار مع الآخر إلا انه في الوقت نفسه يجب أن يقوم هذا الحوار على الاحترام المتبادل والندية لأن الأمة الإسلامية اعزها الله تعالى بالإسلام وليست في حاجة لأحد.