-A +A
عكاظ ( عمّان)
أعاد فوز ترمب خلط الأوراق في المنطقة، ولم تكن تصريحاته خلال حملته الانتخابية العامل الوحيد في عملية الخلط، لكن اختياره لأركان إدارته من الصقور المعروفين بمواقفهم الحازمة من إيران عكس موقفا يبدو أنه سيكون حازما تجاه هذا الملف باعتبار أن إيران متورطة في الأزمة السورية.

في هذه الأثناء، فتح الكرملين قنوات اتصال مكثفة مع ترمب الذي طمأن موسكو بأنه لن يسقط الأسد، لكنه سيقضي على «داعش»، ويواجه إيران.


التوجهات الأمريكية بقيادة ترمب ستقود في النهاية إلى تفاهمات بين واشنطن وموسكو على توزيع «الكعكة» السياسية والجغرافية والعسكرية، إذ يسعى الرئيس المنتخب لتفاهمات مع روسيا يمنح بموجبها دورا إستراتيجيا في المنطقة، وتحديدا في الجغرافيا السورية مقابل تفكيك تحالفها مع إيران، وهو ما لا تمانعه موسكو التي تجنبت الحديث عن تمسكها بتحالفها مع نظام الملالي.

الغزل بين ترمب وبوتين فتح الطريق لتفاهمات من نوع جديد، فالرئيس الروسي اعتبره المرشح الأفضل بلا منازع لرئاسة الولايات المتحدة، لأنه «لامع وموهوب» - حسب قوله- وما كان من ترمب إلا أن رد التحية بمثلها، إذ قال إن «تلقي مجاملات من رجل يحظى باحترام في وطنه، وفي الخارج أيضا هو شرف كبير»، مضيفا «لدي شعور دائم بأنه يجب على الولايات المتحدة وروسيا التعاون في مكافحة الإرهاب».

بوتين لديه عقدة حيال المسلمين، وهي توجه سياساته على نحو ربما يتفوق على المصالح الإستراتيجية بمفهومها التقليدي، ومن يرى كيف تتناقض هذه السياسة مع مصالح روسيا الداخلية، وفي حديقتها الخلفية، وليس صحيحا أن قاعدة عسكرية في سورية، بل حتى سيطرة على كل البلد تساوي العلاقة مع غالبية المسلمين.

وتبقى إشكالية العلاقة الثلاثية بين سورية وإيران وروسيا، فنظام الأسد لا يستطيع الابتعاد عن علاقته بإيران، باعتبارها المحرك الرئيس لمجمل العملية السورية، كما لا يستطيع فك تحالفه مع موسكو التي أنقذت نظامه من السقوط في الوقت الذي أعد فيه ترمب أجندة متكاملة لمجابهة إيران والإرهاب الذي ترعاه وتصدره إلى المنطقة، وهو الأمر الذي لا يتسق وسياسة دمشق. بينما يبدو الكرملين أكثر استعدادا لفك تحالفه مع نظام الملالي إن رأى أن تحالفه مع واشنطن سيكون له فيه النصيب الأكبر الذي يخدم مصالحة في المنطقة وتحديدا في سورية.

تصريحات ترمب الأخيرة التي كشف فيها بعض ملامح سياسته الخارجية قد لا تختلف كثيرا عما كان يردده خلال حملته الانتخابية إذ قال «علينا التركيز على محاربة «داعش» في سورية بدلا من التركيز على إطاحة الأسد»، معتبراأن الولايات المتحدة تدعم المتمردين، وأضاف أن روسيا الآن تقف بالكامل إلى جانب سورية، كما أن إيران أضحت قوية بسببنا، وهي حليف لسورية وإذا ما قمنا بمهاجمة الأسد، فإننا في نهاية المطاف سنبدو وكأننا نحارب روسيا».

يبقى مهما أن معادلة خلط الأوراق في المنطقة ما زالت معقدة، وستبقى كذلك ما لم تفكك موسكو تحالفها مع نظام الملالي، ويبقى السؤال الكبير ما الذي يمكن لترمب أن يفعله بتحالف نظام بشار الأسد التاريخي بطهران؟.