-A +A
أروى المهنا (الرياض)
أسس «أدبي الرياض» جماعة تُعنى بالفلسفة، وكانت محطّ جدلٍ لسنوات عدّة، ما إن يسمع بعض المجتمع السعودي عن جماعة فلسفية إلا ويصاب بالهلع والرعب. وتعالت أصوات تسأل عن هل يوجد لدينا فيلسوف؟، وهل هناك مفكّر؟، وما الفرق بينهما في نظر المنتمين إلى هذه الجماعة؟.

من جهته، يرى الباحث خالد الغنامي: أن البيئة التي نعيش فيها غير منتجة للفكر وغير مستقلة، يقول «إذا لم توجد الأرض الخصبة فكيف نتوقع أن يكون هناك إنتاج؟ الفكر له مبادئ وأركان، وأول أركانه الاستقلالية، ونحن بكل شرائحنا نرفض الاستقلالية وننجرف في استقطاب حاد». وساعياً لإيجاد الحدود التي تميز بين المفكر والفيلسوف «إن مصطلح الفيلسوف أقدم مشيراً إلى أن كلمة الفيلسوف يقصد بها من استخدم منهجاً رسم به حدود مذهب يدور حول آراء عن الوجود ونظرية المعرفة والأخلاق والسياسة».


فيما يرى الباحث منصور عطي أن «المفكر هو الفيلسوف والفيلسوف ليس من يؤرخ للفلسفة بل الذي له آراء فلسفية فيما يتعلق بمسائل الفلسفة الدائمة». يقول «ارتبطت الفلسفة بعقول من لم يشتغل بها أنها كلام فارغ، ومشكلة العرب أن كل مفكر يتبنى مدرسة فلسفية غربية ولم ينشئ مدرسة من اجتهاده الفلسفي الخاص، والفلسفة ترفض التبعية وتقوم على الأصالة والطلاقة الفلسفية والنظر إلى الغريب كأنه مألوف والمألوف كأنه غريب»، ويعزو بدوره غياب حركة فلسفية حقيقية في المشهد الثقافي السعودي إلى أنه نابع من فكرة العقل الجمعي، إذ يرى أنه مشحون بما يشوه الفلسفة ويجعلها مضادة للإسلام، رغم أن التفلسف المنطلق من قطعيات المنطق والحقائق وثوابث الاسلام يصل إلى نتائج غير متناقضة على حسب وصفه.

ويشدد المهندس حمد الراشد «إذا أردنا أن نكون فكرة عن مكانة الفكر والفلسفة في المشهد الثقافي السعودي فإن ذلك يستدعي التعرف على كافة القنوات الثقافية من صحف ومجلات وإعلام مرئي وفضاء إلكتروني وميديا وإلى الاصدارات كذلك». وبنظرة عامة يرى الراشد أنه في مجتمعنا السعودي لدينا مفكرون، لكنهم ليسوا بالكثرة المؤثرة، أما الفلاسفة فهناك باحثون في الفلسفة أكثر من اعتبارهم فلاسفة بالمعنى الحرفي، عازيا أسباب ندرة المفكرين لدينا وأيضا عدم تجاوز الباحثين في الموضوعات الفلسفية إلى اتخاذ مكانة لهم في الدائرة الفلسفية العربية والعالمية إلى عوامل عدة أهمها: تصور خاطئ وسائد عن مفهوم الثقافة وحصر منظومة الثقافة في مجالات معرفية محددة، تعامل القنوات الإعلامية مع الفكر والفلسفة بتحفظ وحذر بل أحيانا بريبة، ضعف الفرص المتاحة للنشر بكافة أنواعه، عدم تمييز لموضوعات الفلسفة عن غيرها قد نجده عند كثيرين لهم مكانتهم الثقافية، ربط خاطئ بين الفلسفة مع نواح عقدية وأيديولوجية. وفي مسألة الخلط بين المفكر والفيسلوف يقول «الخلط بين المفكر والفيلسوف مسألة شائعة في العالم ولدى أكثر المجتمعات، إلا أن مثل هذا الخلط أوضح في المشهد الثقافي العربي عموما والسعودي خصوصا».

بدوره يؤكد الكاتب والباحث حمد الرشيدي على أن «المجتمع السعودي يوجد به «مفكرون»، وليس لدينا»«فلاسفة»، ولذلك شاع في منطقتنا مصطلح «الفكر» واختفى مصطلح «الفلسفة»أو علم الكلام، مع أن الفكر والفلسفة هما وجهان لعملة واحدة تقريبا مع وجود بعض الفوارق البسيطة، أي مجرد انتقال تغيرت خلاله المسميات رغم تشابه صورها إلى حد الكبير، وعن ندرة الحركات الفلسفية الجادة يقول «نجد أن كثيرا من مثقفينا يتحاشون الاقتراب من علوم الكلام والخوض فيها أو محاولة امتهانها بناء على تجارب سابقة في المجتمع العربي المسلم القديم التي رفضت هذا العلم، إذ يعتقدون أنه يخضع الدين للعقل والتجربة».