امرأة تقف بجانب منزلها الذي دمرته قوات الأسد. (أ. ف. ب)
امرأة تقف بجانب منزلها الذي دمرته قوات الأسد. (أ. ف. ب)
أعمدة الدخان تتصاعد من منازل حلب التي قصفتها قوات النظام.  (أ. ف .ب)
أعمدة الدخان تتصاعد من منازل حلب التي قصفتها قوات النظام. (أ. ف .ب)
مقاتل في المعارضة السورية يقف على خطوط القتال شرق حلب.  (أ. ف. ب)
مقاتل في المعارضة السورية يقف على خطوط القتال شرق حلب. (أ. ف. ب)
-A +A
عبدالله الغضوي (جدة)
خرج قرار الدولة السورية من يد بشار الأسد من اللحظة التي دخلت فيها إيران وحزب الله إلى حلبة الصراع في السنوات الأولى من الثورة، وبقي الاعتماد على الميليشيات الطائفية الخيار الوحيد لإنقاذ النظام.. وخرج مفهوم الربح والخسارة من الميزان السوري باعتبار أن الصراع لم يعد (سورياً- سورياً) بقدر ما هو صراع محاور أو صراع إرادات دول.

بعد التدخل الروسي في أكتوبر العام الماضي أجهزت روسيا على ما تبقى من عمر هذا النظام «السيادي» ليتحول الأسد والميليشيات الإيرانية وكل من يقاتل من أجل النظام إلى مرتزقة تحت مظلة الدب الروسي تتحرك وفق الإستراتيجيات الروسية في إدارة الصراع الدولي في سورية.


وقد رفعت روسيا بعد سقوط النظام الليبي مستوى الاهتمام بالأزمة السورية، في إطار المواجهة مع الغرب في الساحة الأوكرانية، فضلا عن اكتشاف روسيا لدور جديد في الشرق الأوسط يمكن أن تُغيض به العدو اللدود الولايات المتحدة الأمريكية.

أما إيران وظفت الدم الطائفي ولا تزال من أجل البرنامج النووي المشؤوم، وبقيت «تلعب» بمؤشر لا صراع في سورية بينما تتفاوض مع الدول الغربية لإنهاء الصفقة النووية. فيما قبلت واشنطن بالدور الإيراني والروسي وهربت من كل الاستحقاقات التاريخية في المنطقة. واكتفت باستمالة الأكراد ورسم حدود جغرافية مخيفة بالنسبة لتركيا بالتفاهم مع الروس، الأمر الذي جعل الرقعة السورية أرض نفوذ للقوى الدولية، وبين هذه الدول ضاع الشعب السوري في البحر ودول اللجوء الأوروبية. الأمر الذي ولد حالة إصرار سورية حادة للخروج من هيمنة هذه القوى، واتجهت الكثير من القوى في الداخل إلى التحالف مع جبهة النصر لكسر ميزان القوى لصالحها.

تزامن الانفراد الروسي بتراجع الدور الإقليمي في سورية بسبب حالة التشابك بين قوى المعارضة التي اختلطت بين القوى المتطرفة والمعتدلة. وفرضت روسيا واقعا جديدا على الأرض، مؤداه إما سيطرة الأسد أو تمدد قوى المعارضة، وكانت حلب الرقعة الأكثر تمثيلا لحالة الصراع السوري؛ لسببين أنها المدينة الثانية في سورية والعاصمة الاقتصادية، والسبب الثاني تكدس فصائل المعارضة فيها وامتدادها مع محافظة إدلب القريبتين من الحدود التركية، وهذان السببان يمنحان الشمال السوري حالة السيادة المناهضة لدمشق، وبالتالي كان مؤشر الربح والخسارة من حلب بالدرجة الأولى.

الصدمة الكبرى في حالة حلب، تكمن في السلوك الأمريكي الإمبراطوري الذي لم يكن مكافئا لأمريكا التي نعرفها، وقد كانت صدمة الفصائل المعارضة كبيرة من طلب المندوب الأمريكي انسحابها من الأحياء الشرقية، لتكتشف المعارضة أنها وحيدة في صراع كسر العظم في حلب ولم يعد أمامها إلا خياران؛ الهزيمة والذل، أوالقتال حتى النهاية.