لي صديقة خفيفة الدم وهي غير متزوجة وفي نهايات الثلاثينات، أي يعتبرها بعض التقليديين «على الرف» أو «فاتها القطار»!
قعدت لتحكي لي طرائف من حياتها كامرأة غير متزوجة في مجتمع يؤمن بأن الزواج هو الإنجاز الأعظم لأي فتاة، فقالت لي: منذ أن بدأت قريباتي ممن هن في عمري حينما كنا بمراحل الثانوية والجامعة في الخطوبة والزواج وهن يشعرنني بأنني أحسدهن! والآن من تكرار «الباترن» النمطي لتصرفاتهن أصبحت أعرف حينما تخطب واحدة منهن دون أن تخبرني. فأجدها فجأة تختفي! لا ترد على اتصالاتي ولا تحضر المناسبات التي سأكون فيها ولا تتواصل معي نهائيا بعدما كانت تهلكني مسجات وتويترات وسنابشاتات! وحتى حينما أراها صدفة تتلعثم وتتلبك وتهرول بأي حجة لكي لا تطيل النقاش ثم تلوذ بالفرار! ثم بعدها طبعا أسمع من الناس بأنها خطبت -فأجد نفسي في موقف بمشاعر متناقضة. فأنا أريد أن أعمل الواجب وأبارك لها ولكن إن فعلت تظل تكرر على مسامعي عبارات مثل قولي ما شاء الله أو تبدأ في الكذب والشكوى لدرء الحسد وكأنها تزوجت جورج كلوني أو بيل جيتس. وتبرز العيوب وتستعرض الشكاوى في الزواج والرجال وخاصة خطيبها لئلا أحسد لها الرجل اللقطة -الدرة المصونة وأعجوبة الزمان وأمثولة المكان. تتكلم بطريقة تحرق الدم وتنرفز وكأنني يجب وضروري وحتما أن أحسدها لأنني لم أتزوج. وبعدها حين تتزوج تقول لي «اصحك تتزوجين. خليك مرتاحة. تنامي وقت تشتهين وتصحي بمزاجك ولا طبيخ ولا تنظيف ولا تلييف حيطان، ويا ساتر على الكوي وخاصة الثياب الرجالية. الله يقطع الكوي واختراعاته. ويا سلام على حياة العزوبية. يا سلام لو أرجع يوم واحد لما مضى. والله احنا المتزوجات مكروفين. وتعبانين. وقرفانين. وعايشين بالدف».
والطامة الكبرى تأتي حينما ترزق «المحروسة» بأطفال. فقريباتي اللواتي يلدن لا يقلن لي. وأصلا لا يبشرنني بحملهن من الأساس. فجأة ما بين ليلة وضحاها أرى فلانة ببطن منتفخ. لدرجة أنني ذات مرة انفجرت ضحكا على منظر إحداهن فقد اختبأت مني شهورا وحينما رأيتها لم أعرفها وقد تضخم كل ما فيها، وحرام كانت منتفخة بطريقة كوميدية. وتجدها بعدها تلد ويكبر طفلها ويمشي وأنا لا أعرف. فلا أحد يقول لي خوفا من عيني. فأنا عانس وأكيد سوف أحسدهن. وذات مرة زرت امرأة ولدت وحينما دخلت الحجرة بالمستشفى بكى الرضيع -كما يبكي كل الأطفال- وهل يفعل الأطفال شيئا إلا البكاء؟ إلا أن الأم اختطفت الطفل من مهده وخبأته مني في صدرها وحصنته بآية الكرسي والمعوذات -قراءة ونفخا ومسحا- ثم أعطته لواحدة من قريباتها التي هرولت به خارجة لحجرة الممرضات! وهكذا. يكبر الأطفال فيدخلون المدرسة والكل يخفي عني إن كانوا متفوقين أو مميزين. يقيمون حفلات فلا يدعونني ويخرجون سويا ولا يشملونني ويتواصلون في جروبات ولا يشركونني.
ضحكت صديقتي وأكملت: كنت أحزن جدا وآخذ على خاطري. أما الآن فلا يفرق معي، بل أصبحت أوضح لهن بكل ثقة وواقعية كم أنني سعيدة بحياة العزوبية أو العنوسة كما يسمونها. أعمل وأصرف راتبي كله على نفسي وأسافر وأخرج بمزاجي وأدلل نفسي على الآخر. كل ويك إند عند صديقة. لي شبكة صديقات رائعة. وأقفز من مكان لمكان، من أبحر لنزهات بر، لسكوبا دايفنج، لدروس رسم ويوجا ولغات. ألبس أفخر الثياب واتبع آخر الموضات. وأشتري مجوهرات ماركات، وساعات ليميتد اديشن، بينما هن ينفقن رواتبهن على البطاطس والبصل والتايد والفيري وراتب السواق وفاتورة الجوال ومساعدة الأزواج الذين هم إما من مجموعة البخلاء أو زمرة التنابل أو فرقة المفلسين، ويندر أن أرى منهن من تسر الخاطر.
واحزري ما الذي يحدث الآن: أصبحت أنا من أتهرب منهن وحينما أراهن أقرأ وأنفخ وأمسح وأقول بليز لا تحسدوني وقولوا ما شاء الله.
قعدت لتحكي لي طرائف من حياتها كامرأة غير متزوجة في مجتمع يؤمن بأن الزواج هو الإنجاز الأعظم لأي فتاة، فقالت لي: منذ أن بدأت قريباتي ممن هن في عمري حينما كنا بمراحل الثانوية والجامعة في الخطوبة والزواج وهن يشعرنني بأنني أحسدهن! والآن من تكرار «الباترن» النمطي لتصرفاتهن أصبحت أعرف حينما تخطب واحدة منهن دون أن تخبرني. فأجدها فجأة تختفي! لا ترد على اتصالاتي ولا تحضر المناسبات التي سأكون فيها ولا تتواصل معي نهائيا بعدما كانت تهلكني مسجات وتويترات وسنابشاتات! وحتى حينما أراها صدفة تتلعثم وتتلبك وتهرول بأي حجة لكي لا تطيل النقاش ثم تلوذ بالفرار! ثم بعدها طبعا أسمع من الناس بأنها خطبت -فأجد نفسي في موقف بمشاعر متناقضة. فأنا أريد أن أعمل الواجب وأبارك لها ولكن إن فعلت تظل تكرر على مسامعي عبارات مثل قولي ما شاء الله أو تبدأ في الكذب والشكوى لدرء الحسد وكأنها تزوجت جورج كلوني أو بيل جيتس. وتبرز العيوب وتستعرض الشكاوى في الزواج والرجال وخاصة خطيبها لئلا أحسد لها الرجل اللقطة -الدرة المصونة وأعجوبة الزمان وأمثولة المكان. تتكلم بطريقة تحرق الدم وتنرفز وكأنني يجب وضروري وحتما أن أحسدها لأنني لم أتزوج. وبعدها حين تتزوج تقول لي «اصحك تتزوجين. خليك مرتاحة. تنامي وقت تشتهين وتصحي بمزاجك ولا طبيخ ولا تنظيف ولا تلييف حيطان، ويا ساتر على الكوي وخاصة الثياب الرجالية. الله يقطع الكوي واختراعاته. ويا سلام على حياة العزوبية. يا سلام لو أرجع يوم واحد لما مضى. والله احنا المتزوجات مكروفين. وتعبانين. وقرفانين. وعايشين بالدف».
والطامة الكبرى تأتي حينما ترزق «المحروسة» بأطفال. فقريباتي اللواتي يلدن لا يقلن لي. وأصلا لا يبشرنني بحملهن من الأساس. فجأة ما بين ليلة وضحاها أرى فلانة ببطن منتفخ. لدرجة أنني ذات مرة انفجرت ضحكا على منظر إحداهن فقد اختبأت مني شهورا وحينما رأيتها لم أعرفها وقد تضخم كل ما فيها، وحرام كانت منتفخة بطريقة كوميدية. وتجدها بعدها تلد ويكبر طفلها ويمشي وأنا لا أعرف. فلا أحد يقول لي خوفا من عيني. فأنا عانس وأكيد سوف أحسدهن. وذات مرة زرت امرأة ولدت وحينما دخلت الحجرة بالمستشفى بكى الرضيع -كما يبكي كل الأطفال- وهل يفعل الأطفال شيئا إلا البكاء؟ إلا أن الأم اختطفت الطفل من مهده وخبأته مني في صدرها وحصنته بآية الكرسي والمعوذات -قراءة ونفخا ومسحا- ثم أعطته لواحدة من قريباتها التي هرولت به خارجة لحجرة الممرضات! وهكذا. يكبر الأطفال فيدخلون المدرسة والكل يخفي عني إن كانوا متفوقين أو مميزين. يقيمون حفلات فلا يدعونني ويخرجون سويا ولا يشملونني ويتواصلون في جروبات ولا يشركونني.
ضحكت صديقتي وأكملت: كنت أحزن جدا وآخذ على خاطري. أما الآن فلا يفرق معي، بل أصبحت أوضح لهن بكل ثقة وواقعية كم أنني سعيدة بحياة العزوبية أو العنوسة كما يسمونها. أعمل وأصرف راتبي كله على نفسي وأسافر وأخرج بمزاجي وأدلل نفسي على الآخر. كل ويك إند عند صديقة. لي شبكة صديقات رائعة. وأقفز من مكان لمكان، من أبحر لنزهات بر، لسكوبا دايفنج، لدروس رسم ويوجا ولغات. ألبس أفخر الثياب واتبع آخر الموضات. وأشتري مجوهرات ماركات، وساعات ليميتد اديشن، بينما هن ينفقن رواتبهن على البطاطس والبصل والتايد والفيري وراتب السواق وفاتورة الجوال ومساعدة الأزواج الذين هم إما من مجموعة البخلاء أو زمرة التنابل أو فرقة المفلسين، ويندر أن أرى منهن من تسر الخاطر.
واحزري ما الذي يحدث الآن: أصبحت أنا من أتهرب منهن وحينما أراهن أقرأ وأنفخ وأمسح وأقول بليز لا تحسدوني وقولوا ما شاء الله.