-A +A
محمد أحمد الحساني
تمنع الأنظمة تملّك الأجانب للعقارات في مدن ومحافظات المملكة، وهو إجراء سيادي لا غبار عليه، ولكن يوجد في هذه البلاد الكريمة مقيمون إقامة لمدة طويلة وربما دائمة أو شبه دائمة، حتى أن بعضهم يقيم منذ عدة عقود، ووُلد له على أراضي المملكة أبناء وأحفاد وإقامتهم نظامية، وقد أصبحوا جزءاً من النسيج الاجتماعي لمدننا ومحافظاتنا، وكان بينهم وبين بعض المواطنين علاقات نسب ومصاهرة، وقد اضطر بعضهم إلى البحث عن وسائل لتملّك سكن خاص فلم يجد من وسيلة سوى تسجيل صك الأرض الذي يدفع ثمنها وثمن ما يُبنى عليها كاملاً باسم مواطن قد يكون قريباً له أو جاراً أو صديقاً أو زميل عمل، وفي ذلك مخالفة للنظام، ولكنه أمر موجود منذ عشرات السنين وقد يظهر على السطح عندما تتم إزالة مناطق عشوائية في بعض المدن، خصوصاً في مكة المكرمة أو يُباع عقار فينشب خلاف بين بعض أولئك المقيمين وبين من سُجِلت الأرض باسمه أو يكون هو قد رحل إلى الدار الباقية فلا يقبل ورثته ادّعاء الأسرة المقيمة بأن العقار المسجل باسم والدهم هو ملك لتلك الأسرة، وقد يصل الأمر إلى القضاء فيجتهد نظار القضايا في الفصل فيها شرعاً وإن كان فيها مخالفة للنظام.

هذا الواقع الموجود دعا بعض الأخيار إلى التفكير في وضع حلول عملية له تجمع بقدر الإمكان بين الهدف الرسمي من عدم السماح بتملّك الأجانب للعقارات في مدن ومحافظات المملكة، لا سيما في الحرمين الشريفين، وبين إعطاء تسهيلات تضمن عدم لجوء المقيم لتسجيل عقاره من أرض وبناء باسم مواطن ثم قد لا يظفر منها بشيء ومن تلك الحلول:


أولاً: أن يسمح للمقيمين لسنوات طويلة بشراء الأراضي والبناء عليها داخل المدن والمحافظات على أن تُسجل الأرض (حكراً) للدولة، فإذا بيع العقار أو نُزعت ملكيته كان للدولة مقابل عملية التحكير نصف قيمة الأرض وللمقيم النصف الثاني وقيمة الأنقاض، أو يكون التملّك للمقيمين عن طريق التأجير الطويل المدى كأن تُعتبر الأرض مؤجرة لهم لمدة ثلاثين أو خمسين عاماً ثم يُعاد تأجيرها لهم بشروط جديدة أو تعود ملكيتها للدولة أرضاً ويُعوّض عن البناء حسب حالته آنذاك.

ثانياً: أن يُسمح للمقيمين بالتملّك الحر في ضواحي المدن خارج النطاق العمراني لكل مدينة أو محافظة فقط، وفي ذلك إحياء اقتصادي وعمراني لتلك الضواحي، حيث ستعود الفائدة الكبرى على المواطنين الذين سوف يُسارعون إلى الشراء والبيع في ضواحي المدن فتتحسّن أحوال ساكنيها من أبنائها وتصبح الضواحي مدناً صغيرة تعج بالحياة والنماء وفي ذلك خير.

ثالثاً: أو يُسمح لهم بالتملّك في شقق التمليك باعتباره تملّكاً لسكن على أرض مُشاعة وليس تملّكاً حراً لأرض وما عليها، وفي ذلك إنعاش لسوق بيع الشقق والتمليك وازدهار لهذه الصناعة العقارية التي بدأت في النمو بعد أن أصبح تملّك أرض وطلب قرض للبناء عليها أمراً شاقاً على معظم المواطنين، فكان اللجوء إلى تملّك الشقق السكنية كبديل مناسب عن شراء أرض وبناء دار أو عمارة لتكون سكناً خاصاً.

وإنني إذ أعرض هذه الأفكار على مقام مجلس الشورى وعلى وزارات الداخلية والمالية والعدل والإسكان والتجارة، فإن المأمول تكوين لجنة من هذه الجهات لدراسة ما طُرح من أفكار وإضافة ما تحتاجه من آليات لعلّ الله ينفع بها البلاد والعباد إنه نعم المولى ونعم النصير.