-A +A
عبده خال
عندما أثرتُ قضية مطالبة إدارة نادي جدة الأدبي لجمعية الثقافة والفنون بإخلاء المكان بدأت مقالتي بالتحسر على صرح ثقافي تهاوت أنشطته الأدبية ولم يجد أعضاء مجلس الإدارة الحالية سوى فتح المزاد في الأنشطة الاستثمارية حتى غدت قاعة حسن شربتلي قاعة مناسبات للتأجير.. يا لسخف الراهن..

ومنذ 30 عاما -وكنت متابعا لأنشطة النادي- لم تترد الحالة الأدبية في النادي إلى ما وصل إليه في الوقت الراهن أبدا.. كان الأستاذ الكبير عبدالفتاح أبو مدين يردد دائما: خدمة الأدب مغرم وليست مغنما.


وفعلا غرم الأستاذ أبو مدين الجهد والوقت في تأسيس النادي كمنارة ثقافية تسامقت سمعته في جميع الدول العربية من خلال إصداراته وضيوفه الذين أحيوا مناسباته.. لهذا عذرت تداخل أستاذنا الجليل أبو مدين مع قضية استعادة المبنى القديم وإخلاء جمعية الثقافة والفنون، فالرجل يناضل من أجل تاريخه وبقاء المكان (المبنى القديم) جزء من كيانه الذي رواه بجل أيامه وسنواته..

أما من مال إلى مساندة استعادة إدارة نادي جدة الحالية للمبنى القديم فقد أسفت لدخول الدكتور سعيد السريحي والدكتورة لمياء باعشن فهما قامتان ثقافيتان لكل منهما باع طويل في تأسيس الثقافة الجادة التي كان أصحابها ينادون بجمع شتات جميع الفنون على مستوى المكان والجهد، وقد شاركا في أنشطة مختلفة كدعم لهذا التقارب وتقاطع الفنون بحيث تؤدي إلى الامتزاج والتعاضد في دفع الحركة الثقافية للأمام..

أسفي ليس لموقفهما التعليق بعودة المبنى القديم بل عدم ذكرهما للحلم القديم بأن تكون الثقافة أوردة تغذي بعضها البعض، فقد انساق كل من تداخل باستعادة الحجارة ولم ترتفع الأصوات لاستعادة وهج وحرارة أنشطة نادي جدة الأدبي..

هل يرضيكما (الدكتور سعيد والدكتورة لمياء) تردي أنشطة نادي جدة الأدبي، وأنتما من شارك في تأسيس الثقافة صرحا وليس ثقافة الحجارة؟

ولأني كنت أحد أعضاء مجلس إدارة نادي جدة الأدبي السابق كنا مجموعة ممن يؤمن بأهمية تجاور الأمكنة وجودة منتج المؤسسات الثقافية وتعاونها في إخراج جودة ذلك المنتج، فقد ارتأينا مجاورة جمعية الثقافة والفنون ومنحها المبنى القديم بعد أن أقيم صرح ضخم وفخم (قاعة حسن شربتلي) وهي النقطة التي علق عليها البعض بأنها خطوة غير قانونية لعدم موافقة الجمعية العمومية وهذه النقطة ساقطة لأن الجمعية العمومية لم تتكون حينها وإنما بعد تنازلنا عن المبنى، ولكون المبنى لا تمتلكه الدولة وإنما هو تبرع من تجار جدة الذين وهبوه للأدباء، وكان النادي يمثل هؤلاء الأدباء (افتراضا)، وكان الهدف جمع لحمة الأدباء والفنانين بالمساندة والتكاتف فكان قرار التنازل للجمعية.

وإذا كان المانحون ليس لهم الحق في إعادة المنحة أو توجيهها مرة أخرى، فإن المبنى القديم نص إلى أنه لكل أدباء جدة، وأظن أنني أحد أدباء هذه المدينة فيصبح من حق كل أديب في جدة أن يدلى بدلوه، فنحن أصحاب المبنى القديم ولنا حق تقرير مصيره... هذا إذا شئتم ألا نخسر المبنى القديم وألا نضيف لإدارة نادي جدة مبنى إضافيا لاستثماره وتأجيره كما يحدث لقاعات الأفراح... علينا المطالبة بالتصويت قبل اتخاذ أي قرار.

وأعتقد على وزارة الثقافة والإعلام ألا تتجاوز في قرارها حق جميع أدباء جدة... ضعوا التصويت حكما لمصير هذا المبنى.