موظفون يضعون اللمسات الأخيرة على تمثال ترمب في متحف جريفن في باريس قبيل تنصيبه رئيسا. (أ ف ب)
موظفون يضعون اللمسات الأخيرة على تمثال ترمب في متحف جريفن في باريس قبيل تنصيبه رئيسا. (أ ف ب)
-A +A
«عكاظ» (عمان)
بوصلة العالم باتت باتجاه واحد اليوم (الجمعة)، فقد ضبطت العواصم جميعها هذه البوصلة نحو واشنطن، حيث تنصيب دونالد ترمب رئيسا لأمريكا، وسط قلق وتخوف من المجتمع الدولي، لكيفية تعامل الرئيس الجديد مع قضايا العالم من شرقه إلى غربه.

ترمب يتسلم مهامه وسط زلزال سياسي عالمي، اتسعت هزاته مع جلوسه على كرسي البيت الأبيض، وهو نفسه يواجه عدة تحديات خارجية وداخلية، خصوصا تركة الرئيس المنتهية ولايته أوباما الثقيلة في الداخل الأمريكي والشرق الأوسط والعالم.


القلق الذي يعيشه العالم مع بدء ولاية ترمب له ما يبرره، لأنه قدم رؤية واضحة لما سيفعله، وما سيتخذه من قرارات خصوصا أن ولاية أوباما التي أحدثت اختلالا في موازين وهيكل التحالفات وتراجع الثقة في واشنطن كحليف يمكن الاعتماد عليه، وصعود دور القوى الإقليمية في التصدي للتهديدات، إذ تمددت الصين وروسيا عالميًا نتيجة التراجع الأمريكي، ورفض الولايات المتحدة التدخل التقليدي عسكريا، نتيجة سياسة أوباما الذي اتبع مبادئ المشاركة في التكلفة والقيادة من الخلف، والإحجام عن التدخل العسكري.

ترمب الذي ورث من أوباما أزمات تراكمية ليس في الشرق الأوسط فحسب وإنما في مناطق النفوذ الأمريكي ذاته عازم على التدخل بطريقة مختلفة تماما عن تعاملات أوباما. وقد اتضح هذا من خلال الفريق الذي اختاره الرئيس الجديد للعمل معه للتدخل المباشر في أزمات الشرق الأوسط.، وهو تدخل يصعب التكهن به، لكنه لن يكون بحال من الأحوال في صالح قضايا المنطقة سواء لجهة سورية وإسرائيل.

ويبدو واضحا أن الفريق العسكري الذي اختاره ترمب للعمل معه ممن خدموا في مناصب رفيعة في العراق بعد غزوه، يؤكد عزمه التركيز على قضايا الشرق الأوسط، فاختيار خبراء في الشأن العراقي يقود إلى توجه مركزي نحو معالجة مصادر الخلل الذي تسبب به خروج القوات الأمريكية من العراق، وظهور «داعش»، يعكس رغبته فى إثبات دور الولايات المتحدة، بينما يرجح محللون أن تعمل روسيا والولايات المتحدة معا فى مواجهة «داعش»، لتقارب وجهتي ترمب وبوتين، بينما يرى آخرون أن شعار ترمب: «أمريكا أولا» قد يزيد من عزلة أمريكا، ويضعف دورها عالميا، لكن التحدي الأكبر الذي يواجه ترمب هو ملف السلام الشائك في الشرق الأوسط، الذي يزيد من تحقيق تقدم فيه، انحيازه غير المسبوق لإسرائيل، ورفضه قرار مجلس الأمن الذى يدين الاستيطان.

العالم الذي ضبط بوصلته بتوقيت واشنطن لمراقبة ترمب ومعرفة إلى أي مدى سيكون جنوحه السياسي والعسكري يدرك أن الولايات المتحدة ستدخل في شبكة معقدة من القرارات تشبه بيت العنكبوت، ولكن الواضح أن الشرق الأوسط هو في النهاية من سيسدد فاتورة القرارات الأمريكية وهي فاتورة ستدفع بارتفاع عدد الضحايا وكل الموازين ستصب في صالح واشنطن وتل أبيب.