omniakhudari@
مشاركة القطاع الخاص بفاعلية في المشاريع الاستثمارية، تضعه على قائمة أولويات اهتمام العمود الفقري لتنمية الاقتصاد الوطني، لما له من دور كبير في تنمية القطاعات التجارية كافة، في ظل تداعيات تراجع أسعار النفط، وضرورة التحول من عصر النفط إلى عصر الإنتاج، والاعتماد على القطاع الخاص كبديل جاهز لزيادة الموارد الداخلية، مع تحفيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة ودعمها من جانب الشركات الكبيرة بعيدا عن المنافسة.
وأجمع عدد من متخصصي الاقتصاد في حديثهم لـ«عكاظ» على أن ثلاث سنوات كافية لتعزيز ناتج القطاع الخاص من خلال إنشاء الصناديق السيادية في الدولة، لتطوير البنية التحتية للعمل بدعم المؤسسات والشركات الوطنية، مع الوضع في الاعتبار تسهيل التمويل البنكي للقطاع الخاص، وتغيير سياسة عمل الوزارات من التنفيذ إلى الإشراف على تنفيذ المشاريع من جانب المؤسسات والشركات المحلية، لتقليص إنفاق الدولة على المشاريع.
بداية، أكد نائب رئيس لجنة المكاتب الهندسية بغرفة تجارة وصناعة جدة المهندس طلال سمرقندي أن القطاع الخاص من الممكن أن يكون بديلا جيدا للموارد الداخلية عوضا عن النفط، وليتصدى إلى مهماته بالشكل المأمول، من الضروري العمل على عدد من الإجراءات الرسمية منها: تسهيل عملية التمويل البنكي للقطاع الخاص وتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة عن طريق تفعيل البرامج التي وضعتها الدولة في هذا المجال، إضافة إلى تفتيت المشاريع إلى مستويات أقل حتى يشارك فيها أكبر قدر ممكن من القطاع الخاص، علاوة على تنمية مهارات وإمكانات الشركات في المجالات التخصصية، مع ضرورة إنشاء الصناديق السيادية في الدولة، لتطوير البنية التحتية للعمل بدعم المؤسسات والشركات الوطنية.
وارتأى أن إعادة بناء القطاع الخاص تحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاث سنوات، وهي كافية لبناء البنية التحتية التي تساعده على تحمل المسؤولية، لافتا إلى أن الاعتماد على القطاع الخاص بشكل كامل يستلزم خطة طويلة المدى تستغرق من 15 إلى 20 عاما. مع أهمية إعادة النظر في الأنظمة والتعليمات الخاصة بالتجارة، خصوصا أنها منظمة بشكل غير احترافي، في وقت يحتاج فيه الكثير من الأعمال إلى خبراء ومتخصصين في المجال، مثل المقاولات والعقار، ولا مانع من استقطاب تخصصات أخرى، بيد أنه من المهم أن يكون المسؤول أو صاحب الشركة متخصصا.
شاطره الرأي أستاذ قسم الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حبيب الله تركستاني، معتبرا القطاع الخاص العمود الفقري لأي اقتصاد، لما له من دور كبير في تنمية الاقتصاد الوطني والمحلي من خلال مشاركته في المشاريع الاستثمارية المتاحة، كما أن أهميته تضاعفت مع تداعيات تراجع أسعار النفط، في ظل تحول المملكة إلى الاعتماد على اقتصاد غير نفطي، لا يعتمد مدخلات النفط كمصدر رئيسي للدخل الوطني، إذ أن القطاع الخاص يعتمد على مشاريعه الخاصة، ما يستوجب الاهتمام بهذا القطاع في الوقت الحالي، نظرا لاعتماد المرحلة الحالية على المشاريع التنموية المعتمدة على الاقتصاد المتنوع من السلع والخدمات.
وأشار إلى ضرورة وجود رؤية جديدة للمشاريع التي يعتمد عليها الاقتصاد والقطاع الخاص، في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية غير المعتمدة على النفط، ما يستوجب دعم القطاع الحكومي للقطاع الخاص، لتسهيل هذا التوجه، وتغيير فكرة الحكومي عن الخاص، ما يتيح فرص تسهيل وتشجيع القطاع الخاص للتحرك والنمو بشكل أكبر، حتى لا يقع في مشكلة عدم القدرة على التوسع، ويصبح في الوقت ذاته قادرا على تغطية الفجوة التي أحدثها التراجع في إيرادات القطاع النفطي.
ويتأتى ذلك -والحديث مازال لتركستاني- بإيجاد خطوات موازية للقطاع الخاص، حتى يكون قادرا على تحقيق هذه الرؤية، وذلك يستدعي توفير بيئة استثمارية جاذبة ومحفزة على العطاء لتصبح قادرة على تنمية الاقتصاد في الداخل، مع الوضع في الاعتبار أن القطاع الخاص ينشد الربحية، وردود فعل الأسواق حتى يستطيع تنمية أعماله. ولا يغيب هنا ضرورة تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وإتاحة الفرصة لها، باعتبارها أساس الشركات الكبرى، مع ربطها بالشركات الكبيرة، لتتمكن من دعمها بتبادل الخبرات، وتقديم الدعم اللوجستي والاقتصادي حتى تنمو وتكبر، لافتا إلى حتمية عدم منافسة الشركات الكبيرة للمشاريع الصغيرة، حتى لا تقتلها، وتكون مكملة لها لإتاحة الفرصة لها باستدامة النمو.
استغلال المواردويعرج عضو جمعية الاقتصاد السعودية الدكتور عصام خليفة على إشارات الإحصاءات، قائلا: رغم أن الدولة تراهن على أن القطاع الخاص سيلعب دورا محوريا كمحرك للاقتصاد في خطط التنمية المستقبلية، ويساهم في تخفيف الأعباء على الحكومة، ما يرفع جودة الخدمات ويحسن استغلال الموارد المتاحة، إلا أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن نسبة مساهمة قطاع النفط في التنمية تبلغ نحو 85%، بينما لم تشكل الصادرات السلعية الأخرى سوى 15% فقط من إجمالي الصادرات، وهذه النسبة مستقرة تقريبا منذ أكثر من 20 عاما، وذلك رغم تباين أسعار النفط في الأسواق العالمية طوال تلك الفترة.
وزاد: من هذا المنطلق يتضح أن الاقتصاد مازال يعتمد على النفط الخام، ما يعني أن أموال النفط هي المحرك الأساسي للقطاعات الاقتصادية، بدليل الحساسية المرهفة التي تتصف بها القطاعات الاقتصادية المختلفة كافة، لأي تغير يطرأ على أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، واعتماد الميزانية العامة للدولة بشكل مباشر على النفط الخام. في وقت يحظى فيه الاقتصاد السعودي بإصلاحات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، من خلال الخطوات والسياسات التي اتخذها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية والهادفة إلى تحقيق رؤية 2030، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ليتسلم القطاع الخاص زمام المبادرة في مشروعات التنمية، ويضع خطواته على أعتاب مرحلة جديدة من النمو والتطور.
ومضى يقول: ولا شك أن تقلبات أسعار النفط تتطلب التفكير جديا بتنويع القاعدة الاقتصادية، ورصد كل التحديات والمعوقات لمعالجتها ووضع السياسات الاقتصادية، بهدف إعادة توجيه الاقتصاد وتحسين كفاءة وفعالية القطاعات الاقتصادية المختلفة، وإتاحة فرص أقوى للقطاع الخاص ليلعب دورا محوريا كمحرك للاقتصاد، وذلك بتخصيص القطاعات الحكومية الاقتصادية التي ستساهم في تخفيف الضغط على الميزانية وتحسين أداء وجودة الخدمات والتوجه للاستثمار في الصناعات التحويلية المختلفة، وإنشاء المزيد من المدن الصناعية التي تساهم في خلق صناعات جديدة مثل المركبات وقطع الغيار والطاقة الشمسية وغيرها من الصناعات المختلفة، إضافة إلى تنمية وتطوير السياحة الداخلية والدينية والمناطق الحرة والصناعات والخدمات المصاحبة لها، التي تساهم جميعها في تنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة الصادرات غير النفطية وخلق وظائف جديدة للشباب.
وتابع: لاتزال المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المملكة، تواجه العديد من التحديات والمعوقات التي تؤدي إلى تعثرها وفشلها وعدم قدرتها على المنافسة، وتأثيرها السلبي الكبير على الاقتصاد الوطني. ومن أهم هذه التحديات هو غياب الخطط الإستراتيجية التي تساهم في تحقيق أهداف الدولة في توليد مشاريع خاصة تدار بأيدٍ وطنية، وتساهم في خلق فرص وظيفية وتحد من البطالة، إضافة إلى عدم وجود التشريعات القانونية الواضحة التي تحمي مؤسسات التمويل والبنوك التجارية من عمليات التمويل لتلك المنشآت، وبالتالي ارتفاع درجة المخاطر المصرفية المرتبطة بالتمويل المالي لهذه المنشآت، كما أن العمالة الوافدة تسيطر على أكثر من 85% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة المسجلة في المملكة، التي تقدر بنحو 700 ألف منشأة تمثل تقريبا 80% من إجمالي المنشآت العاملة في المملكة بسبب استخدام أسماء السعوديين كتستر تجاري لهم مقابل مبالغ رمزية بسيطة لا تتجاوز 10 الآف ريال بينما تحصل العمالة الوافدة على أرباح عالية جدا من تشغيل هذه المنشآت.
تحفيز الاستثمارات الأجنبية
يخلق بيئة جاذبة للاستثمار
يرى الباحث والخبير الاقتصادي فهمي صبحة أن القطاع الخاص يلعب دورا مهما ومحوريا في تحقيق برامج التنمية المستدامة، وفقا لبرنامج التحول الوطني 2020 ورؤية 2030، خصوصا أن طبيعة العلاقة بين القطاعين العام والخاص علاقة ضرر وخطر ومصير، كعلاقة طردية، فأي توسع في الإنفاق الحكومي يعود بالإيجابية على القطاع الخاص، والعكس صحيح، لذلك كانت جميع خطط التنمية في المملكة في الماضي والحاضر أساسها دعم القطاع الخاص وتطويره، إلا أن برنامج التحول الوطني جاء بلغة إستراتيجية أكثر شفافية ووضوحا لإعادة الهيكلة الشاملة للاقتصاد الوطني بشقيه العام والخاص.وأردف قائلا: أنفقت المملكة في الماضي آلاف المليارات في خططها التنموية، وجل اهتمامها كان ينصب على القطاع الخاص وتنميته، حتى وصل إلى مرحلة يمكن الاعتماد على نفسه، والمشاركة في برامج التحول الوطني، إذ يلعب القطاع دورا إستراتيجيا ومحوريا في دعم ومساندة الاقتصاد الوطني لتحقيق برامج التنمية الشاملة، كما يساهم بشكل مباشر وغير مباشر في تحقيق القيمة المضافة المنشودة في الاقتصاد الوطني. واستدرك: بيد أن التحديات الإستراتيجية والتنافسية الشرسة، والمسار الحرج في تمويل المدخلات التشغيلية، وعدم الإلمام الواعي والكافي بمدخلات ومخرجات برنامج التحول الوطني لدى الكثيرين في هذا القطاع، سيجعل من الصعوبة تخطي الكثير من الفجوات السلبية في الواقع الحالي، للحفاظ على ما حققه في الماضي، بدعم مباشر -بالأساس- من الإنفاق الحكومي السخي، وأمامه تحديات التمويل وارتفاع تكاليف المدخلات التشغيلية المختلفة، نتيجة النظم والإجراءات والسياسات الحكومية الجديدة ذات العلاقة ببرنامج التحول الوطني.
وتوقع أن يسهم القطاع الخاص بنحو 40% من تمويل هذه المشروعات وبما يقرب من 48 مليار دولار، وذلك من باب إتاحة الفرص للقطاع الخاص لإعادة بناء نفسه، وفقا لمعطيات المرحلة المستقبلية، بشمولية مهنية ذات أبعاد إستراتيجية لا تحتمل التأويل ولا التفسير أساسها القيمة المضافة للاقتصاد في كل ما يقوم به من أعمال.
المستشار الاقتصادي فهمي صبحة أوضح أن المفهوم العام للقطاع الخاص، يشمل الاستثمارات المحلية للقطاع الخاص المحلي والاستثمارات الأجنبية داخل المملكة، إذ تستهدف خطة التحول الوطني النهوض بالاستثمارات الأجنبية بتقديم الحوافز الاستثمارية المختلفة لخلق بيئة استثمارية جاذبة للاستثمار، وليست طاردة، خصوصا أن حجم الاستثمارات الأجنبية في العام الماضي بلغ نحو 8 مليارات دولار، فيما تستهدف برامج التحول والرؤية رفعه إلى 19 مليار دولار حتى 2020.
وتابع: لاشك أن القطاع الخاص مازال حتى اللحظة يعمل من خلال نشاطات كلاسيكية مادية بعيدا عن الابتكار والإبداع الحقيقي، كاقتصاد معرفي، فهو كغيره من الاقتصادات الخاصة في الدول النامية، إذ أن حجم التجارة العالمية بشقيها الخدمي وتجارة السلع والخدمات يغلب عليها ما نسبه 85% إلى 90% تجارة الخدمات كاقتصاد معرفي، في حين تجارة السلع الصناعية والتجارية تشكل ما نسبته 10-15%، وهو واقع عكسي في اقتصاداتنا العربية، ومنها بالطبع الاقتصاد السعودي، في حين تشير التقارير أن نشاطات القطاع الخاص تفتقر إلى الشركات الخدمية المتخصصة التي تحاكي التصنيفات الدولية. إذ تعتمد تصنيفات جديدة في قطاع السوق المالي السعودي أكثر تخصصية لاستيعاب مزيد من الشركات الجديدة، وهو في النهاية سيكون تصنيفا أكثر تخصصية للقطاع الخاص.
دعم الاقتصاد بتحريك أدوات محفزة للمشاريع
أكد عضو الجميعة السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث ضرورة تشجيع وتحفيز الاقتصاد الخاص، وذلك عن طريق تحريك عدد من الأدوات والمحفزات المشجعة، ليأخذ دوره الطبيعي والمنتظر في المنظومة الاقتصادية للدولة، ومساعدته في كشف وتذليل المعوقات التي تحد أو ربما تعيق نموه واستمرار تطوره لتحقيق المنتظر منه من أهداف.وأضاف: يحتل القطاع الخاص موقعا مهما في تحقيق الرؤية وبرنامج التحول، وهو بالفعل لديه المؤهلات والإمكانات للقيام بهذا الدور بكل كفاءة، إذ أثبت عبر سنوات طويلة استعداده وقدرته الواسعه لمشاركة الدولة في تحقيق التمنية الاقتصادية ولديه أدوات واسعه تمكنه من الاطلاع بهذه المسؤولية الملقاه على عاتقة بكفاءة، فالمرحلة القادمة تمثل فرصا كبيرة للقطاع الخاص لاقتحام مجالات إنتاج جديدة، وتقنيات أكثر حداثة تنسجم مع مرحلة الرؤية والتحول
مشاركة القطاع الخاص بفاعلية في المشاريع الاستثمارية، تضعه على قائمة أولويات اهتمام العمود الفقري لتنمية الاقتصاد الوطني، لما له من دور كبير في تنمية القطاعات التجارية كافة، في ظل تداعيات تراجع أسعار النفط، وضرورة التحول من عصر النفط إلى عصر الإنتاج، والاعتماد على القطاع الخاص كبديل جاهز لزيادة الموارد الداخلية، مع تحفيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة ودعمها من جانب الشركات الكبيرة بعيدا عن المنافسة.
وأجمع عدد من متخصصي الاقتصاد في حديثهم لـ«عكاظ» على أن ثلاث سنوات كافية لتعزيز ناتج القطاع الخاص من خلال إنشاء الصناديق السيادية في الدولة، لتطوير البنية التحتية للعمل بدعم المؤسسات والشركات الوطنية، مع الوضع في الاعتبار تسهيل التمويل البنكي للقطاع الخاص، وتغيير سياسة عمل الوزارات من التنفيذ إلى الإشراف على تنفيذ المشاريع من جانب المؤسسات والشركات المحلية، لتقليص إنفاق الدولة على المشاريع.
بداية، أكد نائب رئيس لجنة المكاتب الهندسية بغرفة تجارة وصناعة جدة المهندس طلال سمرقندي أن القطاع الخاص من الممكن أن يكون بديلا جيدا للموارد الداخلية عوضا عن النفط، وليتصدى إلى مهماته بالشكل المأمول، من الضروري العمل على عدد من الإجراءات الرسمية منها: تسهيل عملية التمويل البنكي للقطاع الخاص وتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة عن طريق تفعيل البرامج التي وضعتها الدولة في هذا المجال، إضافة إلى تفتيت المشاريع إلى مستويات أقل حتى يشارك فيها أكبر قدر ممكن من القطاع الخاص، علاوة على تنمية مهارات وإمكانات الشركات في المجالات التخصصية، مع ضرورة إنشاء الصناديق السيادية في الدولة، لتطوير البنية التحتية للعمل بدعم المؤسسات والشركات الوطنية.
وارتأى أن إعادة بناء القطاع الخاص تحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاث سنوات، وهي كافية لبناء البنية التحتية التي تساعده على تحمل المسؤولية، لافتا إلى أن الاعتماد على القطاع الخاص بشكل كامل يستلزم خطة طويلة المدى تستغرق من 15 إلى 20 عاما. مع أهمية إعادة النظر في الأنظمة والتعليمات الخاصة بالتجارة، خصوصا أنها منظمة بشكل غير احترافي، في وقت يحتاج فيه الكثير من الأعمال إلى خبراء ومتخصصين في المجال، مثل المقاولات والعقار، ولا مانع من استقطاب تخصصات أخرى، بيد أنه من المهم أن يكون المسؤول أو صاحب الشركة متخصصا.
شاطره الرأي أستاذ قسم الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حبيب الله تركستاني، معتبرا القطاع الخاص العمود الفقري لأي اقتصاد، لما له من دور كبير في تنمية الاقتصاد الوطني والمحلي من خلال مشاركته في المشاريع الاستثمارية المتاحة، كما أن أهميته تضاعفت مع تداعيات تراجع أسعار النفط، في ظل تحول المملكة إلى الاعتماد على اقتصاد غير نفطي، لا يعتمد مدخلات النفط كمصدر رئيسي للدخل الوطني، إذ أن القطاع الخاص يعتمد على مشاريعه الخاصة، ما يستوجب الاهتمام بهذا القطاع في الوقت الحالي، نظرا لاعتماد المرحلة الحالية على المشاريع التنموية المعتمدة على الاقتصاد المتنوع من السلع والخدمات.
وأشار إلى ضرورة وجود رؤية جديدة للمشاريع التي يعتمد عليها الاقتصاد والقطاع الخاص، في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية غير المعتمدة على النفط، ما يستوجب دعم القطاع الحكومي للقطاع الخاص، لتسهيل هذا التوجه، وتغيير فكرة الحكومي عن الخاص، ما يتيح فرص تسهيل وتشجيع القطاع الخاص للتحرك والنمو بشكل أكبر، حتى لا يقع في مشكلة عدم القدرة على التوسع، ويصبح في الوقت ذاته قادرا على تغطية الفجوة التي أحدثها التراجع في إيرادات القطاع النفطي.
ويتأتى ذلك -والحديث مازال لتركستاني- بإيجاد خطوات موازية للقطاع الخاص، حتى يكون قادرا على تحقيق هذه الرؤية، وذلك يستدعي توفير بيئة استثمارية جاذبة ومحفزة على العطاء لتصبح قادرة على تنمية الاقتصاد في الداخل، مع الوضع في الاعتبار أن القطاع الخاص ينشد الربحية، وردود فعل الأسواق حتى يستطيع تنمية أعماله. ولا يغيب هنا ضرورة تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وإتاحة الفرصة لها، باعتبارها أساس الشركات الكبرى، مع ربطها بالشركات الكبيرة، لتتمكن من دعمها بتبادل الخبرات، وتقديم الدعم اللوجستي والاقتصادي حتى تنمو وتكبر، لافتا إلى حتمية عدم منافسة الشركات الكبيرة للمشاريع الصغيرة، حتى لا تقتلها، وتكون مكملة لها لإتاحة الفرصة لها باستدامة النمو.
استغلال المواردويعرج عضو جمعية الاقتصاد السعودية الدكتور عصام خليفة على إشارات الإحصاءات، قائلا: رغم أن الدولة تراهن على أن القطاع الخاص سيلعب دورا محوريا كمحرك للاقتصاد في خطط التنمية المستقبلية، ويساهم في تخفيف الأعباء على الحكومة، ما يرفع جودة الخدمات ويحسن استغلال الموارد المتاحة، إلا أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن نسبة مساهمة قطاع النفط في التنمية تبلغ نحو 85%، بينما لم تشكل الصادرات السلعية الأخرى سوى 15% فقط من إجمالي الصادرات، وهذه النسبة مستقرة تقريبا منذ أكثر من 20 عاما، وذلك رغم تباين أسعار النفط في الأسواق العالمية طوال تلك الفترة.
وزاد: من هذا المنطلق يتضح أن الاقتصاد مازال يعتمد على النفط الخام، ما يعني أن أموال النفط هي المحرك الأساسي للقطاعات الاقتصادية، بدليل الحساسية المرهفة التي تتصف بها القطاعات الاقتصادية المختلفة كافة، لأي تغير يطرأ على أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، واعتماد الميزانية العامة للدولة بشكل مباشر على النفط الخام. في وقت يحظى فيه الاقتصاد السعودي بإصلاحات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، من خلال الخطوات والسياسات التي اتخذها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية والهادفة إلى تحقيق رؤية 2030، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ليتسلم القطاع الخاص زمام المبادرة في مشروعات التنمية، ويضع خطواته على أعتاب مرحلة جديدة من النمو والتطور.
ومضى يقول: ولا شك أن تقلبات أسعار النفط تتطلب التفكير جديا بتنويع القاعدة الاقتصادية، ورصد كل التحديات والمعوقات لمعالجتها ووضع السياسات الاقتصادية، بهدف إعادة توجيه الاقتصاد وتحسين كفاءة وفعالية القطاعات الاقتصادية المختلفة، وإتاحة فرص أقوى للقطاع الخاص ليلعب دورا محوريا كمحرك للاقتصاد، وذلك بتخصيص القطاعات الحكومية الاقتصادية التي ستساهم في تخفيف الضغط على الميزانية وتحسين أداء وجودة الخدمات والتوجه للاستثمار في الصناعات التحويلية المختلفة، وإنشاء المزيد من المدن الصناعية التي تساهم في خلق صناعات جديدة مثل المركبات وقطع الغيار والطاقة الشمسية وغيرها من الصناعات المختلفة، إضافة إلى تنمية وتطوير السياحة الداخلية والدينية والمناطق الحرة والصناعات والخدمات المصاحبة لها، التي تساهم جميعها في تنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة الصادرات غير النفطية وخلق وظائف جديدة للشباب.
وتابع: لاتزال المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المملكة، تواجه العديد من التحديات والمعوقات التي تؤدي إلى تعثرها وفشلها وعدم قدرتها على المنافسة، وتأثيرها السلبي الكبير على الاقتصاد الوطني. ومن أهم هذه التحديات هو غياب الخطط الإستراتيجية التي تساهم في تحقيق أهداف الدولة في توليد مشاريع خاصة تدار بأيدٍ وطنية، وتساهم في خلق فرص وظيفية وتحد من البطالة، إضافة إلى عدم وجود التشريعات القانونية الواضحة التي تحمي مؤسسات التمويل والبنوك التجارية من عمليات التمويل لتلك المنشآت، وبالتالي ارتفاع درجة المخاطر المصرفية المرتبطة بالتمويل المالي لهذه المنشآت، كما أن العمالة الوافدة تسيطر على أكثر من 85% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة المسجلة في المملكة، التي تقدر بنحو 700 ألف منشأة تمثل تقريبا 80% من إجمالي المنشآت العاملة في المملكة بسبب استخدام أسماء السعوديين كتستر تجاري لهم مقابل مبالغ رمزية بسيطة لا تتجاوز 10 الآف ريال بينما تحصل العمالة الوافدة على أرباح عالية جدا من تشغيل هذه المنشآت.
تحفيز الاستثمارات الأجنبية
يخلق بيئة جاذبة للاستثمار
يرى الباحث والخبير الاقتصادي فهمي صبحة أن القطاع الخاص يلعب دورا مهما ومحوريا في تحقيق برامج التنمية المستدامة، وفقا لبرنامج التحول الوطني 2020 ورؤية 2030، خصوصا أن طبيعة العلاقة بين القطاعين العام والخاص علاقة ضرر وخطر ومصير، كعلاقة طردية، فأي توسع في الإنفاق الحكومي يعود بالإيجابية على القطاع الخاص، والعكس صحيح، لذلك كانت جميع خطط التنمية في المملكة في الماضي والحاضر أساسها دعم القطاع الخاص وتطويره، إلا أن برنامج التحول الوطني جاء بلغة إستراتيجية أكثر شفافية ووضوحا لإعادة الهيكلة الشاملة للاقتصاد الوطني بشقيه العام والخاص.وأردف قائلا: أنفقت المملكة في الماضي آلاف المليارات في خططها التنموية، وجل اهتمامها كان ينصب على القطاع الخاص وتنميته، حتى وصل إلى مرحلة يمكن الاعتماد على نفسه، والمشاركة في برامج التحول الوطني، إذ يلعب القطاع دورا إستراتيجيا ومحوريا في دعم ومساندة الاقتصاد الوطني لتحقيق برامج التنمية الشاملة، كما يساهم بشكل مباشر وغير مباشر في تحقيق القيمة المضافة المنشودة في الاقتصاد الوطني. واستدرك: بيد أن التحديات الإستراتيجية والتنافسية الشرسة، والمسار الحرج في تمويل المدخلات التشغيلية، وعدم الإلمام الواعي والكافي بمدخلات ومخرجات برنامج التحول الوطني لدى الكثيرين في هذا القطاع، سيجعل من الصعوبة تخطي الكثير من الفجوات السلبية في الواقع الحالي، للحفاظ على ما حققه في الماضي، بدعم مباشر -بالأساس- من الإنفاق الحكومي السخي، وأمامه تحديات التمويل وارتفاع تكاليف المدخلات التشغيلية المختلفة، نتيجة النظم والإجراءات والسياسات الحكومية الجديدة ذات العلاقة ببرنامج التحول الوطني.
وتوقع أن يسهم القطاع الخاص بنحو 40% من تمويل هذه المشروعات وبما يقرب من 48 مليار دولار، وذلك من باب إتاحة الفرص للقطاع الخاص لإعادة بناء نفسه، وفقا لمعطيات المرحلة المستقبلية، بشمولية مهنية ذات أبعاد إستراتيجية لا تحتمل التأويل ولا التفسير أساسها القيمة المضافة للاقتصاد في كل ما يقوم به من أعمال.
المستشار الاقتصادي فهمي صبحة أوضح أن المفهوم العام للقطاع الخاص، يشمل الاستثمارات المحلية للقطاع الخاص المحلي والاستثمارات الأجنبية داخل المملكة، إذ تستهدف خطة التحول الوطني النهوض بالاستثمارات الأجنبية بتقديم الحوافز الاستثمارية المختلفة لخلق بيئة استثمارية جاذبة للاستثمار، وليست طاردة، خصوصا أن حجم الاستثمارات الأجنبية في العام الماضي بلغ نحو 8 مليارات دولار، فيما تستهدف برامج التحول والرؤية رفعه إلى 19 مليار دولار حتى 2020.
وتابع: لاشك أن القطاع الخاص مازال حتى اللحظة يعمل من خلال نشاطات كلاسيكية مادية بعيدا عن الابتكار والإبداع الحقيقي، كاقتصاد معرفي، فهو كغيره من الاقتصادات الخاصة في الدول النامية، إذ أن حجم التجارة العالمية بشقيها الخدمي وتجارة السلع والخدمات يغلب عليها ما نسبه 85% إلى 90% تجارة الخدمات كاقتصاد معرفي، في حين تجارة السلع الصناعية والتجارية تشكل ما نسبته 10-15%، وهو واقع عكسي في اقتصاداتنا العربية، ومنها بالطبع الاقتصاد السعودي، في حين تشير التقارير أن نشاطات القطاع الخاص تفتقر إلى الشركات الخدمية المتخصصة التي تحاكي التصنيفات الدولية. إذ تعتمد تصنيفات جديدة في قطاع السوق المالي السعودي أكثر تخصصية لاستيعاب مزيد من الشركات الجديدة، وهو في النهاية سيكون تصنيفا أكثر تخصصية للقطاع الخاص.
دعم الاقتصاد بتحريك أدوات محفزة للمشاريع
أكد عضو الجميعة السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث ضرورة تشجيع وتحفيز الاقتصاد الخاص، وذلك عن طريق تحريك عدد من الأدوات والمحفزات المشجعة، ليأخذ دوره الطبيعي والمنتظر في المنظومة الاقتصادية للدولة، ومساعدته في كشف وتذليل المعوقات التي تحد أو ربما تعيق نموه واستمرار تطوره لتحقيق المنتظر منه من أهداف.وأضاف: يحتل القطاع الخاص موقعا مهما في تحقيق الرؤية وبرنامج التحول، وهو بالفعل لديه المؤهلات والإمكانات للقيام بهذا الدور بكل كفاءة، إذ أثبت عبر سنوات طويلة استعداده وقدرته الواسعه لمشاركة الدولة في تحقيق التمنية الاقتصادية ولديه أدوات واسعه تمكنه من الاطلاع بهذه المسؤولية الملقاه على عاتقة بكفاءة، فالمرحلة القادمة تمثل فرصا كبيرة للقطاع الخاص لاقتحام مجالات إنتاج جديدة، وتقنيات أكثر حداثة تنسجم مع مرحلة الرؤية والتحول