-A +A
جهير بنت عبدالله المساعد
(القاعدة) هي أول من اتجهت إليها أصابع الاتهام في وزر مذبحة (بناظير بوتو) وإذا كان العمل الإجرامي الدنيء ليس غريباً عن فكر القاعدة وممارساتها إلا أن الخطورة في أمرين:
1- أن مثل هذه الجنايات الوحشية تتعدد فيها الأطراف ذات المصلحة في التخلص من الضحية، مثل المغدور بها السيدة (بناظير بوتو) فليس هناك من لا يعرف أن لها خصوماً، وليس هناك من لا يعرف أنها مهددة بالقتل. وقد يستعين خصومها بالقاعدة للتخلص منها وتلبس القاعدة القميص! فالقاعدة في الأصل تؤدي دور (المافيا) ولديها كامل الاستعداد أن تقوم بالذبح، والتفجير، والقتل، والترويع، والتشريد، والتهديد، والاختطاف، والحرق، والتدمير، كل بشاعات الأرض لا تتردد في ارتكابها فوجودها معلق بأن تحرض وأن تقتل... وغير ذلك ماذا تفعل بالله عليكم؟ لاشيء!! فماذا لو تم استخدامها لتنفيذ العمليات التي تتقنها بهدف التخلص من الخصوم؟! ثم يعود الجناة الحقيقيون إلى الواجهات أبرياء أمام الجميع فالفاعل القاعدة وليسوا هم!! فلا منافس في الأرض للقاعدة في الإجرام والخطر أن يؤخذ وجودها ستاراً ثم تقبض هي من تنفيذ هذه العمليات الوحشية وهذا بالنسبة لها أفضل، فالحصول على المال مع تنفيذ القتل ينفعها أكثر من القتل دون مقابل!! وبهذا المال تفلت من الحصار وتحصل على التمويل!

2- أما الأمر الثاني فالخطر يكمن في تثبيت وتدعيم وتعزيز فكرة قوة (القاعدة) وقدراتها.. قدرتها على اختراق الأمن والقفز فوق الحواجز والوصول إلى الضحية ولو بعملية انتحارية فمثل هذه الفكرة تُعظم شأن القاعدة، وتزرع الخوف منها في النفوس التي حتى لو كانت ضدها ولا تؤمن بأفكارها ولا ترضى أفعالها.. إلا أنها تخافها!!! انظروا إلى خطاب العديد من أصحاب المنابر حين يتحدثون عن القاعدة ويخففون من لهجتهم ضدها ويترفقون في دعوة أفرادها وينعتونهم بأرق الألفاظ، وما مرد هذا التلطف والترفق إلا الخوف من يدها الطويلة!! لقد كانت (بناظير بوتو) فوق المنصة وليس وراء الكواليس، وكانت تفتح ذراعيها لاحتضان المستقبل وترفع كفها إشارة النصر، وتضع نصب عينيها مقاومة الإرهاب، وفي تلك اللحظة سقطت جثة هامدة!! امرأة شجاعة وهذه ميزتها امرأة وشجاعة شمرت عن ذراعيها ليس بحثاً عن كاميرا تلتقط لها صورة فاتنة لغلاف فاتن، أو صورة لإغواء العيون أو استعراض محاولة إغراء أنثوي ساذج! ولا كانت تحت الأضواء كملكة جمال مثلاً أو نجمة عرض أزياء! كانت مناضلة عائدة من المنفى تحمل هماً سياسياً، وتواجه بالصدر لا بالظهر خصومها وهم كثيرون! في حين أن كان بإمكانها ترك هذا كله، وتلقي بالساري المنقوش على كتفيها وترتدي أغلى الأحذية الإيطالية وتعيش في سلام.. بناظير بوتو الأنثى وحولها وابل من الثراء المحصن بالشبهات ربما لكنه يمنح الحياة الرغدة لصاحبته، لكنها أبت ولم ترتد الجينز ولم تذهب للكوافير أو تدعوه إليها، ولم تتحول إلى مرفهة بحكم الظروف، ولحظة موتها لم تكن حقيبتها بين يديها لاستخراج قلم الروج منها أو حتى المرآة! كانت مشغولة عن ذلك كله بقضيتها كانت صاحبة قضية ألقت بكل زاد الأنثى وراءها ومشت طريق الزعامة والصدارة والكفاح.. امرأة مختلفة أخذت لقب أول زعيمة تموت على منصة الانتخابات! وأول ثمرة نسائية تسقط مضرجة بالدماء! ولأنها قالت لا للإرهاب لم يقتلها إلا الإرهاب!! لقد حاولوا مرة واثنتين ونجحوا في الأخيرة إنها السيدة الوحيدة التي ماتت أكثر من مرة قبل أن تموت آخر مرة!! وفي كل مرة تبقى واقفة بشجاعة نادرة وفي المرة الأخيرة تمددت على النعش وظلت شجاعتها واقفة!! ترى لو كانت من نوع النساء الرخيصات.. هل يقتلونها..؟!!