alma3e@
فيما نالت رواية «موت صغير» الفائزة بجائزة البوكر العربية للروائي السعودي محمد حسن علون التقدير والاحتفاء من نقاد سعوديين وعرب؛ إذ أشاد الدكتور تركي الحمد عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل «تويتر» قائلاً «بكل بساطة.. مذهلة.. تعلمت منها الكثير.. لو لم تحصد الجائزة لقلت إن هناك خللا في الموضوع»، اتهم الدكتور محمد القاضي الرواية بأن النص قريب جداً من كتاب «ابن عربي» المترجم إلى العربية (2014) للباحثة كلود عداس، مؤكداً لـ«عكاظ» أن «مفاصل الرواية تكاد تكون ملاصقة لمفاصل كتاب عداس».
ويرى القاضي أن الإشكال في أن عداس تحدثت عن ابن عربي من خلال النصوص وبضمير الغائب في حين أنّ علوان تحدث عن ابن عربي من خلال نصها وبضمير المتكلم، مستشهداً بالفكرة التي تدور حول ظاهرة متواترة في كتابات «علوان»، وهي أنه في رواياته الخمس يكتب بضمير المتكلم ويسند الحديث إلى إحدى الشخصيات التخييلية والأمر غريب من جانب الانتظام، لكنه هذه المرة استخدم ضمير المتكلم في رواية «موت صغير» عن شخص مُفَارق وهو «ابن عربي» الذي عاش في مكان آخر وفي زمان آخر في القرنين السادس والسابع الهجريين. وتساءل القاضي هل «ابن عربي» قناع اتخذه علوان ليعبّر عن نفسه أو عن إشكالات عصره أم أنه انتقال إلى عصر آخر حتى ينظر في مشكلات العصور الماضية وكيف أنها انعكست على نحوٍ ما في المسار التاريخي؟
وخلص القاضي إلى أنه وجد أن الأمر غريب لأن ضمير المتكلم المستخدم في الرواية يأتي في كل الأسفار ضميراً متكلماً على لسان ابن عربي باستثناء السفر الأخير الذي يأتي ضميراً متكلماً غير ابن عربي لا ينتمي إلى عصره ولا ينتمي إلى مكانه. وحاولت «عكاظ» التواصل مع الروائي محمد حسن علوان للرد على الاتهامات الموجهة إلى الرواية، إلا أنه فضل عدم الرد على الموضوع، إذ إنه ديدنه في التعامل مع الانتقادات كونها تعبر عن الرأي الآخر، ويحق لهم أن يعبروا عن آرائهم بكل حرية. فيما يرى الناقد محمد العباس أن محمد حسن علوان استفاد كثيراً من كتاب كلود عدّاس (ابن عربي - سيرته وفكره) الصادر بالفرنسية. الذي نقله إلى العربية الدكتور أحمد الصادقي. إذ نُشر في دار المدار الإسلامي عام 2014. إذ يمكن القول إن الجدول الزمني لحياة ابن عربي، أو الخط البياني لترحالاته هو ذاته في الكتاب والرواية. مع اختلافات في ترتيب الأحداث وتواليها. من حيث التقديم والتأخير والتضخيم والتصغير. كما أن كتاب كلود عدّاس أكثر تفصيلاً في عرض تمرحلات حياة ابن عربي، وأكثر ضبطاً للوقائع والأسماء والتواريخ والمواقع. ومرد ذلك إلى كون الكتاب معنياً بالبحث والتدقيق والرصد. مقارنة بالرواية التي تنبني على الخيال وإعادة تشييد المشاهد والحوادث من منظور فني. وكذلك يمكن التقاط وقائع مشتركة بين الكتاب والرواية تؤكد الاسترفاد. كواقعة (الشُّونيز) مثلاً. إذ يبدو التطابق على درجة من الوضوح. لولا إن محمد حسن علوان مارس شيئاً من التسريد على الواقعة لضرورات الرواية. وكذلك اللقاء الأول ما بين ابن عربي وابن رشد. إذ تبدو الحكاية وكأنها مغترفة من مصدر واحد. إضافة إلى متوالية أخرى من المشاهد والمقاطع اللغوية التي تتقابل وتتناظر بانزياحات بسيطة ما بين المرويتين. كقصة كتاب (ترجمان الأشواق) والتقاء ابن عربي بالخياط والحريري والحبشي والحصّار وغيرهم. وكل ذلك يأتي في سياق سيرة ابن عربي المدونة في الكتب. إلا أن مفصلة الرواية تشي بمحاكاة مفصلة الكتاب. لولا أن محمد حسن علوان استدعى الحياة العاطفية لابن عربي، بالتعريج على علاقته بالمرأة. في الوقت الذي تجاهلت فيه كلود عدّاس هذا البعد. إذ تشاغلت بالسيرة الفكرية لابن عربي ورصد منتجه الفكري على إيقاع علاقاته في الفضاء الثقافي. وهو منحى لم ينشغل به محمد حسن علوان، بقدر ما كان معنياً بسرد سيرته في الفضاء الاجتماعي. ولذلك لا يمكن المطابقة ولو في حدّها الأدنى ما بين الكتلة اللغوية والمفهومية في الستمائة صفحة لرواية «موت صغير» مع البحث المعرفي للخمسمئة صفحة التي يتكون منها كتاب (ابن عربي - سيرته وفكره). حتى وفاة ابن عربي كما وردت في الكتاب مختلفة تماماً عن المآل الذي رسمته الرواية. وأعتقد أن شخصية ابن عربي من القوة بحيث تفرض سطوتها على قارئها. ولذلك أميل إلى ما قاله الدكتور محمد القاضي إن محمد حسن علوان استخدمه كقناع ولكن ليس بتلك الكثافة التي تطمر الذات. إذ يمكن التقاط الهواجس الذاتية الهاجعة في قاع النص الذي يبدو من الظاهر حيادياً أو فارطاً في الموضوعية. وبتصوري أن محمد حسن علوان قد نجح في تذويب قراءاته داخل النص واجتراح لغته الخاصة لصياغة عالم ابن عربي على الرغم من كم الاغترافات.
فيما نالت رواية «موت صغير» الفائزة بجائزة البوكر العربية للروائي السعودي محمد حسن علون التقدير والاحتفاء من نقاد سعوديين وعرب؛ إذ أشاد الدكتور تركي الحمد عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل «تويتر» قائلاً «بكل بساطة.. مذهلة.. تعلمت منها الكثير.. لو لم تحصد الجائزة لقلت إن هناك خللا في الموضوع»، اتهم الدكتور محمد القاضي الرواية بأن النص قريب جداً من كتاب «ابن عربي» المترجم إلى العربية (2014) للباحثة كلود عداس، مؤكداً لـ«عكاظ» أن «مفاصل الرواية تكاد تكون ملاصقة لمفاصل كتاب عداس».
ويرى القاضي أن الإشكال في أن عداس تحدثت عن ابن عربي من خلال النصوص وبضمير الغائب في حين أنّ علوان تحدث عن ابن عربي من خلال نصها وبضمير المتكلم، مستشهداً بالفكرة التي تدور حول ظاهرة متواترة في كتابات «علوان»، وهي أنه في رواياته الخمس يكتب بضمير المتكلم ويسند الحديث إلى إحدى الشخصيات التخييلية والأمر غريب من جانب الانتظام، لكنه هذه المرة استخدم ضمير المتكلم في رواية «موت صغير» عن شخص مُفَارق وهو «ابن عربي» الذي عاش في مكان آخر وفي زمان آخر في القرنين السادس والسابع الهجريين. وتساءل القاضي هل «ابن عربي» قناع اتخذه علوان ليعبّر عن نفسه أو عن إشكالات عصره أم أنه انتقال إلى عصر آخر حتى ينظر في مشكلات العصور الماضية وكيف أنها انعكست على نحوٍ ما في المسار التاريخي؟
وخلص القاضي إلى أنه وجد أن الأمر غريب لأن ضمير المتكلم المستخدم في الرواية يأتي في كل الأسفار ضميراً متكلماً على لسان ابن عربي باستثناء السفر الأخير الذي يأتي ضميراً متكلماً غير ابن عربي لا ينتمي إلى عصره ولا ينتمي إلى مكانه. وحاولت «عكاظ» التواصل مع الروائي محمد حسن علوان للرد على الاتهامات الموجهة إلى الرواية، إلا أنه فضل عدم الرد على الموضوع، إذ إنه ديدنه في التعامل مع الانتقادات كونها تعبر عن الرأي الآخر، ويحق لهم أن يعبروا عن آرائهم بكل حرية. فيما يرى الناقد محمد العباس أن محمد حسن علوان استفاد كثيراً من كتاب كلود عدّاس (ابن عربي - سيرته وفكره) الصادر بالفرنسية. الذي نقله إلى العربية الدكتور أحمد الصادقي. إذ نُشر في دار المدار الإسلامي عام 2014. إذ يمكن القول إن الجدول الزمني لحياة ابن عربي، أو الخط البياني لترحالاته هو ذاته في الكتاب والرواية. مع اختلافات في ترتيب الأحداث وتواليها. من حيث التقديم والتأخير والتضخيم والتصغير. كما أن كتاب كلود عدّاس أكثر تفصيلاً في عرض تمرحلات حياة ابن عربي، وأكثر ضبطاً للوقائع والأسماء والتواريخ والمواقع. ومرد ذلك إلى كون الكتاب معنياً بالبحث والتدقيق والرصد. مقارنة بالرواية التي تنبني على الخيال وإعادة تشييد المشاهد والحوادث من منظور فني. وكذلك يمكن التقاط وقائع مشتركة بين الكتاب والرواية تؤكد الاسترفاد. كواقعة (الشُّونيز) مثلاً. إذ يبدو التطابق على درجة من الوضوح. لولا إن محمد حسن علوان مارس شيئاً من التسريد على الواقعة لضرورات الرواية. وكذلك اللقاء الأول ما بين ابن عربي وابن رشد. إذ تبدو الحكاية وكأنها مغترفة من مصدر واحد. إضافة إلى متوالية أخرى من المشاهد والمقاطع اللغوية التي تتقابل وتتناظر بانزياحات بسيطة ما بين المرويتين. كقصة كتاب (ترجمان الأشواق) والتقاء ابن عربي بالخياط والحريري والحبشي والحصّار وغيرهم. وكل ذلك يأتي في سياق سيرة ابن عربي المدونة في الكتب. إلا أن مفصلة الرواية تشي بمحاكاة مفصلة الكتاب. لولا أن محمد حسن علوان استدعى الحياة العاطفية لابن عربي، بالتعريج على علاقته بالمرأة. في الوقت الذي تجاهلت فيه كلود عدّاس هذا البعد. إذ تشاغلت بالسيرة الفكرية لابن عربي ورصد منتجه الفكري على إيقاع علاقاته في الفضاء الثقافي. وهو منحى لم ينشغل به محمد حسن علوان، بقدر ما كان معنياً بسرد سيرته في الفضاء الاجتماعي. ولذلك لا يمكن المطابقة ولو في حدّها الأدنى ما بين الكتلة اللغوية والمفهومية في الستمائة صفحة لرواية «موت صغير» مع البحث المعرفي للخمسمئة صفحة التي يتكون منها كتاب (ابن عربي - سيرته وفكره). حتى وفاة ابن عربي كما وردت في الكتاب مختلفة تماماً عن المآل الذي رسمته الرواية. وأعتقد أن شخصية ابن عربي من القوة بحيث تفرض سطوتها على قارئها. ولذلك أميل إلى ما قاله الدكتور محمد القاضي إن محمد حسن علوان استخدمه كقناع ولكن ليس بتلك الكثافة التي تطمر الذات. إذ يمكن التقاط الهواجس الذاتية الهاجعة في قاع النص الذي يبدو من الظاهر حيادياً أو فارطاً في الموضوعية. وبتصوري أن محمد حسن علوان قد نجح في تذويب قراءاته داخل النص واجتراح لغته الخاصة لصياغة عالم ابن عربي على الرغم من كم الاغترافات.