@ajib2013
أعترف بأنني مقل كثيراً في تتبع العرضة الجنوبية، وكل ما احتفظ به في ذاكرتي عائد لتلك العرضات القديمة التي كنت أحضرها في حياة الوالد (رحمه الله)، حين كان ينظم القصيدة التي يدخل بها أهالي القرية لساحة العرضة، ثم يشارك في إحياء الحفلة مع كبار الشعراء في زمانه، بعدها أخذتني مشاغل الحياة بعيداً عن هذا الموروث الشعبي، قبل أن أعود اليه أخيراً بفضل مقطع فيديو قصير يحوي محاورة نارية جداً، برز فيها شاعر قوي للغاية أول مرة أشوفه!
الحماس الكبير الذي كان يلف تلك المواجهة الشعرية، لم أشهد له مثيلاً إلا في حلبات الملاكمة الحرة والمصارعة القتالية لدى بعض القبائل اللاتينية والهندية، كان النزال محتدماً وهتافات الجماهير تتعالى، ما جعلني أعود وعلى مدار الأيام الماضية لموقع (اليوتيوب) واكتب اسم هذا الشاعر الجهبذ، لأجد كماً هائلاً من المحافل، صال وجال خلالها وكان نداً قوياً لكافة الشعراء البارزين، مثل ابن مصلح والغويد وعيضة وبن عزيز، إلى جانب البيضاني وعبدالواحد ورياض وبن حوقان، كان غالباً ما يواجههم بمفرده ومع ذلك يتغلب عليهم بفضل نفسه الطويل وملكته الشعرية الفريدة.
قد تقول في نفسك عزيز القارئ بعد استعراض هذه الأسماء الشهيرة في مجال العرضة، لم يبقَ شاعر مشهور لم تذكره، فمن يكون هذا الشاعر؟!، والحقيقة أن اللوم هنا يقع على الإعلام الجديد الذي أبرز أنصاف الشعراء على حساب الشعراء الحقيقيين، كما يقع اللوم بالدرجة الثانية على تلك التكتلات التي كانت تحارب موهبة هذا الشاعر تحديداً، عندما كانوا يشترطون لحضورهم المناسبة عدم توجيه الدعوة إليه بحجة سلاطة لسانه والفاضة النابية!
الغريب أنك حين تشاهد تلك المقاطع، لا بد أن يمر عليك شطر أو بيت شهير كنت تردده ولا تعرف قائله، ومن بينها (ما تسبقين الشبح يا كامري) و(خاب ظن الذي ودّه يغير مقادير اسمنا) و(في جهازك عطل وإلا من التقليد وأبو مية)، إنها جميعاً وغيرها الكثير من الروائع تعود لفارس ميدان العرضة، الشاعر الكبير عطية السوطاني ذي الشعبية الجماهيرية، والذي يأسرك بحضوره، لدرجة أنك تتخيله وهو يقف صامداً على المنصة ليلقي قصيدته، وكأنه حاوٍ يعزف بحنجرته الذهبية على الناي ليخرج الأفاعي تتراقص أمامه قبل أن يروضها ويعيدها إلى سلته!
الأكيد أن الشقر يعتبر من أصعب فنون الشعر العربي، لأن البدع والرد يأتيان بنفس اللحظة مع تشابه الكلمات الأخيرة من كل شطر في اللفظ واختلافها في المعنى، ومع بدء العطلة الصيفية وضيق ذات اليد يتوقع ندرة العراض في الزواجات، لهذا أقترح على هيئة الترفيه تنظيم مثل هذه الفعاليات، ويكفيها أن تضع بإعلانها صورة عطية (شاعر العرضة الأول) لتضمن امتلاء المدرجات بالكامل، فهو الشاعر الحماسي الذي لو لم يجد من يهجوه لهجا نفسه كما فعل ذلك الحطيئة، وهو من قال بكل شجاعة (أنا اتحدى كل شاعر خطير، ما ودنا نقرأ عليك البيان، قلبك ذليل ودمعتك طارفه).
ajib2013@yahoo.com
أعترف بأنني مقل كثيراً في تتبع العرضة الجنوبية، وكل ما احتفظ به في ذاكرتي عائد لتلك العرضات القديمة التي كنت أحضرها في حياة الوالد (رحمه الله)، حين كان ينظم القصيدة التي يدخل بها أهالي القرية لساحة العرضة، ثم يشارك في إحياء الحفلة مع كبار الشعراء في زمانه، بعدها أخذتني مشاغل الحياة بعيداً عن هذا الموروث الشعبي، قبل أن أعود اليه أخيراً بفضل مقطع فيديو قصير يحوي محاورة نارية جداً، برز فيها شاعر قوي للغاية أول مرة أشوفه!
الحماس الكبير الذي كان يلف تلك المواجهة الشعرية، لم أشهد له مثيلاً إلا في حلبات الملاكمة الحرة والمصارعة القتالية لدى بعض القبائل اللاتينية والهندية، كان النزال محتدماً وهتافات الجماهير تتعالى، ما جعلني أعود وعلى مدار الأيام الماضية لموقع (اليوتيوب) واكتب اسم هذا الشاعر الجهبذ، لأجد كماً هائلاً من المحافل، صال وجال خلالها وكان نداً قوياً لكافة الشعراء البارزين، مثل ابن مصلح والغويد وعيضة وبن عزيز، إلى جانب البيضاني وعبدالواحد ورياض وبن حوقان، كان غالباً ما يواجههم بمفرده ومع ذلك يتغلب عليهم بفضل نفسه الطويل وملكته الشعرية الفريدة.
قد تقول في نفسك عزيز القارئ بعد استعراض هذه الأسماء الشهيرة في مجال العرضة، لم يبقَ شاعر مشهور لم تذكره، فمن يكون هذا الشاعر؟!، والحقيقة أن اللوم هنا يقع على الإعلام الجديد الذي أبرز أنصاف الشعراء على حساب الشعراء الحقيقيين، كما يقع اللوم بالدرجة الثانية على تلك التكتلات التي كانت تحارب موهبة هذا الشاعر تحديداً، عندما كانوا يشترطون لحضورهم المناسبة عدم توجيه الدعوة إليه بحجة سلاطة لسانه والفاضة النابية!
الغريب أنك حين تشاهد تلك المقاطع، لا بد أن يمر عليك شطر أو بيت شهير كنت تردده ولا تعرف قائله، ومن بينها (ما تسبقين الشبح يا كامري) و(خاب ظن الذي ودّه يغير مقادير اسمنا) و(في جهازك عطل وإلا من التقليد وأبو مية)، إنها جميعاً وغيرها الكثير من الروائع تعود لفارس ميدان العرضة، الشاعر الكبير عطية السوطاني ذي الشعبية الجماهيرية، والذي يأسرك بحضوره، لدرجة أنك تتخيله وهو يقف صامداً على المنصة ليلقي قصيدته، وكأنه حاوٍ يعزف بحنجرته الذهبية على الناي ليخرج الأفاعي تتراقص أمامه قبل أن يروضها ويعيدها إلى سلته!
الأكيد أن الشقر يعتبر من أصعب فنون الشعر العربي، لأن البدع والرد يأتيان بنفس اللحظة مع تشابه الكلمات الأخيرة من كل شطر في اللفظ واختلافها في المعنى، ومع بدء العطلة الصيفية وضيق ذات اليد يتوقع ندرة العراض في الزواجات، لهذا أقترح على هيئة الترفيه تنظيم مثل هذه الفعاليات، ويكفيها أن تضع بإعلانها صورة عطية (شاعر العرضة الأول) لتضمن امتلاء المدرجات بالكامل، فهو الشاعر الحماسي الذي لو لم يجد من يهجوه لهجا نفسه كما فعل ذلك الحطيئة، وهو من قال بكل شجاعة (أنا اتحدى كل شاعر خطير، ما ودنا نقرأ عليك البيان، قلبك ذليل ودمعتك طارفه).
ajib2013@yahoo.com