السباق نحو البيت الأبيض انطلق فعلياً، وبشكل مفاجئ وسريع، ولكي يستأثر التشويق باهتمام أمريكا والعالم، كان من الضروري أن تكون الصدمة الأولى، بمثابة عملية إعادة توزيع للأوراق، وليس عملية مواجهة بين المرشحين الذين لهم حظوظ في الفوز. وعلى هذا الصعيد، يبدو أن الانتخابات التمهيدية في ولاية «أيوا»، حيث بداية الحملة الرئاسية، قد أوفت بكافة هذه الوعود والتوقعات. ففي داخل صفوف الحزب الديمقراطي، أصبح على السناتورة «هيلاري كلينتون» التي كانت تحلق أمام منافسيها، قبل أسابيع قليلة، أن تشعر ببعض القلق، لأن منافسها السناتور «باراك أوباما» سيكون تحدياً خطيراً لها.
هذا المرشح الأسود، يسير قدماً، وقد يصبح أكثر من متحد شديد للسيدة الأولى السابقة، وانتصاره في ولاية أيوا، وحلول هيلاري في المركز الثالث، أمران من شأنهما توجيه إشارة قوية إلى أمريكا كلها، وهي أن أوباما، إذا كان قادراً على تحقيق الفوز في ولاية لا وجود يذكر فيها للناخبين السود، ألا يستطيع الفوز في أمكنة أخرى؟
وإذا ثبتت الفكرة بأن «أوباما»، يمتلك المؤهلات والوسائل لكي يتم انتخابه رئيساً في نوفمبر القادم، فإن السود، الذين يناصرون في غالبيتهم، هيلاري كلينتون، يمكن أن يديروا لها ظهر المجن، وأن يقلبوا معادلة التقدم الذي تتمتع به السيدة الأولى السابقة، في الولايات الكبرى ذات الثقل الانتخابي المرجح، مثل نيويورك وكاليفورنيا.
غير أن الأمور لم تصل بعد إلى هذه النقطة، لأن ولاية أيوا الصغيرة، ليس لها التمثيل الكبير والوزن بالمقارنة مع باقي الولايات الأمريكية، وهي نادراً ما كانت صاحبة القرار في تسمية الفائز النهائي.
والشيء الوحيد المؤكد هو أن هيلاري كلينتون لم تنجح كما يجب، في إطلاق حملتها الرئاسية، وبالرغم من مصاحبة زوجها، الرئيس السابق بيل كلينتون لها في جميع جولاتها الانتخابية، فإنها فقدت في أيوا صفتها بأنها «لا تُقهر»، وسيكون عليها، بعد الآن، أن تعدل أسلوبها، وأن تهاجم منافسها، وأن تشكك في قدراته ومؤهلاته، دون أن تنحدر إلى مستوى الإسفاف.
أما المعركة التالية، الثلاثاء القادم، في ولاية «نيوهامبشاير» فهي توفر لها الفرصة للاستلحاق، ولمنع أوباما من تجاوزها، قبل المرحلة الثالثة، التي ستجرى في ولاية «ساوث كارولينا» حيث للناخبين السود، القدرة على التأثير إلى حد كبير.
أما في المعسكر الجمهوري، فإن السمة العامة هي الارتباك والغموض، فالمرشحون الذين لهم حظوظ في الفوز بتسمية الحزب، لم يدخلوا إلى حلبة السباق بشكل فعال، ولذلك، فإن المعركة الأولى لم تكن عملية غربلة للمرشحين بل كانت مناسبة لتدعيم مصداقية من ليس لهم مصداقية ظاهرة، في واقع الأمر.
وهكذا، فإن انتصار القس المتقاعد «مايك هاكابي» في أيوا، لا يشكل مفاجأة، إنه نتيجة منطقية ومتوقعة للثقل الانتخابي الكبير للجالية الإنجيلية هناك، أما هزيمة «المورموني» «ميث رومني» فكانت خدمة في مصلحة المرشح «جون ماكين» الذي يبدو صاحب الحظ بالفوز في «نيوهامبشاير».
وعلى عكس النزال «الهوميروسي» القائم ضمن معسكر الديمقراطيين، فإن السباق بين المرشحين الطامحين للفوز بتسمية الجمهوريين، لا يزال غامضاً، وفي هذه المرحلة من السباق، لا يستطيع أحد أن يتكهن حول كيف يمكن للحزب الجمهوري أن ينجح في تكوين هوية جديدة له لمرحلة ما بعد بوش.
* رئيس تحرير صحيفة «لوفيغارو»
ترجمة: جوزيف حرب
هذا المرشح الأسود، يسير قدماً، وقد يصبح أكثر من متحد شديد للسيدة الأولى السابقة، وانتصاره في ولاية أيوا، وحلول هيلاري في المركز الثالث، أمران من شأنهما توجيه إشارة قوية إلى أمريكا كلها، وهي أن أوباما، إذا كان قادراً على تحقيق الفوز في ولاية لا وجود يذكر فيها للناخبين السود، ألا يستطيع الفوز في أمكنة أخرى؟
وإذا ثبتت الفكرة بأن «أوباما»، يمتلك المؤهلات والوسائل لكي يتم انتخابه رئيساً في نوفمبر القادم، فإن السود، الذين يناصرون في غالبيتهم، هيلاري كلينتون، يمكن أن يديروا لها ظهر المجن، وأن يقلبوا معادلة التقدم الذي تتمتع به السيدة الأولى السابقة، في الولايات الكبرى ذات الثقل الانتخابي المرجح، مثل نيويورك وكاليفورنيا.
غير أن الأمور لم تصل بعد إلى هذه النقطة، لأن ولاية أيوا الصغيرة، ليس لها التمثيل الكبير والوزن بالمقارنة مع باقي الولايات الأمريكية، وهي نادراً ما كانت صاحبة القرار في تسمية الفائز النهائي.
والشيء الوحيد المؤكد هو أن هيلاري كلينتون لم تنجح كما يجب، في إطلاق حملتها الرئاسية، وبالرغم من مصاحبة زوجها، الرئيس السابق بيل كلينتون لها في جميع جولاتها الانتخابية، فإنها فقدت في أيوا صفتها بأنها «لا تُقهر»، وسيكون عليها، بعد الآن، أن تعدل أسلوبها، وأن تهاجم منافسها، وأن تشكك في قدراته ومؤهلاته، دون أن تنحدر إلى مستوى الإسفاف.
أما المعركة التالية، الثلاثاء القادم، في ولاية «نيوهامبشاير» فهي توفر لها الفرصة للاستلحاق، ولمنع أوباما من تجاوزها، قبل المرحلة الثالثة، التي ستجرى في ولاية «ساوث كارولينا» حيث للناخبين السود، القدرة على التأثير إلى حد كبير.
أما في المعسكر الجمهوري، فإن السمة العامة هي الارتباك والغموض، فالمرشحون الذين لهم حظوظ في الفوز بتسمية الحزب، لم يدخلوا إلى حلبة السباق بشكل فعال، ولذلك، فإن المعركة الأولى لم تكن عملية غربلة للمرشحين بل كانت مناسبة لتدعيم مصداقية من ليس لهم مصداقية ظاهرة، في واقع الأمر.
وهكذا، فإن انتصار القس المتقاعد «مايك هاكابي» في أيوا، لا يشكل مفاجأة، إنه نتيجة منطقية ومتوقعة للثقل الانتخابي الكبير للجالية الإنجيلية هناك، أما هزيمة «المورموني» «ميث رومني» فكانت خدمة في مصلحة المرشح «جون ماكين» الذي يبدو صاحب الحظ بالفوز في «نيوهامبشاير».
وعلى عكس النزال «الهوميروسي» القائم ضمن معسكر الديمقراطيين، فإن السباق بين المرشحين الطامحين للفوز بتسمية الجمهوريين، لا يزال غامضاً، وفي هذه المرحلة من السباق، لا يستطيع أحد أن يتكهن حول كيف يمكن للحزب الجمهوري أن ينجح في تكوين هوية جديدة له لمرحلة ما بعد بوش.
* رئيس تحرير صحيفة «لوفيغارو»
ترجمة: جوزيف حرب