-A +A
عبدالله الذبياني (المشاعر المقدسة) amkk60@
خشوع ورجاء ودموع وأمل، هي حالة ضيوف الرحمن على صعيد عرفات الطاهر، وبالقرب من جبل الرحمة، والطرقات المؤدية إليه لا تسمع إلا صدْح أكثر من مليوني حاج بأصوات التلبية والدعاء، والتضرع إلى الله رجاء رحمته ومخافة عذابه. بأبصار متذللة، وأعناق متطلعة إلى السماء، في أعظم أيام السنة، حيث تتنزل الرحمات، ويباهي الله ملائكته بضيوفه الذين يفدون شعثا غبرا من كل فج عميق.

هنا على صعيد عرفات تمتزج الدموع بالعبرات في وجوه الحجيج، تلهج ألسنتهم بالدعاء والتضرع، يحمل كل حاج هدفا ومرمى، فمنهم من يدعو لنفسه وأهله، ومنهم من يحمل هموم شعب ووطن منكوب ليفرغ ما في قلبه من ألم في خير يوم طلعت عليه الشمس، ليعود إلى وطنه مغسولا بماء الثلج مغفورا مقبولا.


يقول الحاج إسلام محمد، والدموع تغالبه، منهمرة من عينيه: دعوت الله أن يرزقني وأهلي وجميع المسلمين أداء فريضة الحج، وأن يجمع شملهم ويوحد كلمتهم، أما الحاج عمر أحمد فقد دعا الله أن يلم شتات المسلمين والأمة العربية أجمعين، فيما فضل آخرون أن يخلوا بأنفسهم مستغرقين مستغلين كل دقيقة على صعيد عرفات في مشهد إيماني لا يتكرر سوى في العمر مرة.

في عرفات، لا لغة ترتفع فوق لغة الدعاء، من وجوه يشعّ منها نور الإيمان، وأياد ترتعش من فرط الخضوع والرجاء، وأعين تفيض بالدموع في يوم الدعاء، اجتمع الحجاج مهلّلين ومكبّرين، يلبّون ويدعون، يبكون ويستغفرون، فمنهم من يمسك بقرآنه، أو يرفع يديه للسماء، أو ذاكر ربه ومستغفر لذنبه. وسط خدمات وفرتها الجهات المعنية في مشعر عرفات، ربما تفوق حاجة الحجاج ما جعلهم يقفون على الصعيد الطاهر في أجواء مفعمة بالأمن والإيمان والطمأنينة. كما انتشر رجال المرور في المشعر بشكل مكثّف يساندهم أفراد الأمن على الطرق المؤدية والساحات المحيطة به والشوارع داخل مشعر عرفات لتنظيم وتسهيل حركة سير المركبات والمشاة تدعمهم دوريات أمنية تجوب أرجاء المشعر. من جهته، أكد قائد قوات أمن الحج الفريق خالد قرار الحربي وصول الحجاج بكل يسر وسهولة وأدوا نسكهم في أجواء إيمانية ولم يكن هناك ما يعكر صفو الحجيج ولله الحمد. داعيا الله أن يستكمل الحجاج ما تبقى من نسكهم بكل يسر وسط الخدمات التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لضيوف الرحمن.