بينما تتزين الشوارع الرئيسيّة في الرياض باللون الأخضر وتتوشح المباني والأعمدة بصور وشعار اليوم الوطني ثمة شوارع أخرى تعيش ذات الحدث وبذات الإيقاع؛ الصور تجعلك لا تكاد تفرق بين الرياض وجدة وبين أبو ظبي ودبي. عاش سلمان، يا بيرق التوحيد أغنيات وطنية سعودية تتردد أصداؤها في جنبات المطارات والمراكز التجارية الإماراتية كما هو الحال في المراكز والمواقع السعودية العامة.
هذه المظاهر الاحتفائية باليوم الوطني السعودي إماراتياً ليست سوى انعكاس لحالة الارتباط الفعلي الوثيق والمتنامي ولهذا النموذج الفريد في علاقة بين بلدين تجاوزت التوافق السياسي والأطر التقليدية للعلاقات بين البلدان لتصل إلى حالة من الشراكة الحقيقية في كل شيء.
في العام 1932 كانت المنطقة على موعد مع حدث ضخم وتاريخي سيغير تاريخ المنطقة بالكامل؛ إعلان قيام المملكة العربية السعودية لتمثل أبرز نموذج لدولة حديثة في وسط جغرافي واجتماعي هيمنت عليه الانقسامات والصراعات، وشملت تلك الوحدة أبرز وأهم حيّز جغرافي في الجزيرة العربية والشرق الأوسط، وحافظت منذ التأسيس على الكيان آمناً متوحداً، وبدأت العمل الجاد والشاق باتجاه بناء وإحلال قيم الدولة الوطنية الحديثة، لتلغي قيم الانشقاق والخلاف والولاءات الصغيرة باتجاه ولاء كبير وجامع. أسسه وأشاده الراحل العظيم المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن.
بعد ذلك التاريخ بقرابة 30 عاما كانت المنطقة أيضا على موعد مع حدث تاريخي ومحوري جديد، العام 1971 يشهد إعلان قيام اتحاد سبع إمارات تحت كيان وحدوي جديد هو: الإمارات العربية المتحدة، لتودع المنطقة زمن الكانتونات الصغرى ولتستثمر كل المشتركات الجغرافية والاجتماعية والثقافية بينها باتجاه بناء مشترك أكبر ومظلة أوسع باتت معها الإمارات آخر وأصدق تجارب الوحدة التي عرفتها المنطقة بحصافة المؤسس الراحل العظيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (شهدت المنطقة دعوات وتجارب وحدوية لكنها باءت بالفشل جميعا فلم تكن حقيقية ولم تمتلك أرضية واحدة وكانت بين النخب السياسية العسكرية الانقلابية ولم ترتبط بالشارع ولا بقيمه).
لدينا في السعودية والإمارات تجربتان تتشابهان إلى حد كبير، وبخاصة من حيث الأثر والنتيجة، لقد صنعت التجربتان الوحدويتان أثرا عظيما في المنطقة وقدمتا أبرز التجارب التنموية والأمنية، وقدمتا كذلك أبرز نموذج للدولة الوطنية الحديثة التي تخلصت من الأطماع الأيديولوجية والتوسعية واستطاعت بناء محيط آمن ومزدهر انعكست آثاره على المنطقة من حوله.
بينما تعتبر الرياض وأبوظبي عواصم حديثة نسبيا مقارنة بالعواصم العربية التقليدية؛ بغداد ودمشق مثلا، يكشف الواقع اليوم وبمجرد نظرة مقارنة للعواصم التي تتكئ على إرث تاريخي عريق من جهة وبين الرياض وأبوظبي من جهة أخرى يتضح حجم الفرق الهائل أمنيا وتنمويا وثقافيا واجتماعيا وعلى كل الأصعدة، لقد تراجع المفهوم الوطني في تلك العواصم وطغت الحزبية والطائفية التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم، بينما تصاعدت قيم الوطنية والتنمية والعمل المشترك في النموذج السعودي والإماراتي وباتت أمثلة عالمية في الأمن والتنمية والبناء.
كانت التحولات الخطيرة التي مرت بالمنطقة لحظات مواجهة حقيقية للمملكة والإمارات؛ تحديات أمنية وسياسية، ولأن التجارب متشابهة والقيم مشتركة وراسخة بين البلدين جاء التوافق التلقائي على حماية هذين النموذجين، حيث اتضح أن اتحادهما في التجربة وفِي القيم جعلهما هدفا واحدا لكل مخططات الفوضى والاضطرابات، ووجد البلدان أنهما في لحظات مواجهة فعلية وهما فقط من يحملان عناصر قوة متشابهة في التجربة وفِي الداخل وفِي الإقليم وفِي العالم أيضا.
خضنا معا تحديات الفوضى التي اجتاحت العواصم العربية منذ العام 2011، وعملنا بشكل مشترك على حماية أمننا الذي بات واحدا، ومستقبلنا الذي بات واحدا، واستعدنا العواصم العربية العريقة من دوائر التآمر السياسي، وجعلنا من قوتنا الداخلية مصدرا لقوتنا في المنطقة من أجل المنطقة واستقرارها.
لا الاضطرابات ولا الإرهاب ولا جماعات الإسلام السياسي ولا نظريات الفوضى الخلاقة ولا إيران استطاعت أن تخترق هذين النموذجين اللذين عملا معا بكل صدق ووضوح وإيمان، حتى باتت الرياض وأبوظبي مصدرا لنشر الأمن في المنطقة وعاصمتين للاستقرار والشراكة وحماية أمن المنطقة.
جاء إطلاق عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن ليرسخ فصلا جديدا في تلك الشراكة؛ نحن لا نتشارك في أجهزتنا السياسية والاقتصادية والأمنية فقط، بل بدمائنا وأرواحنا أيضا. بالمقابل وبينما تترسخ كل يوم تلك القيم المشتركة اجتماعيا وإنسانيا وتنمويا بات السعوديون في الإمارات والإماراتيون في السعودية يشعرون بكل ذلك الاتحاد في واقعهم وفي مستقبلهم.
لقد مثلت الوحدة قيمة مشتركة في بناء كل من الكيان السعودي والإماراتي، ومثل الحفاظ على تلك التجارب الوحدوية وتنميتها أبرز تحدٍّ للبلدين، فانطلق أهل الوحدة معا ليصنعوا للمنطقة وللتاريخ هذه النماذج العظيمة.
اليوم وبينما يتوشح الإماراتيون باللون الأخضر وبينما تتردد الأغاني الوطنية السعودية في كل الإمارات تتردد صرخات الفوز والفداء في الجبهات وعلى الحدود في حناجر سعودية وإماراتية، هم هناك وفي ذات الوقت سعودي وإماراتي هنا يزرعون فرحهم المشترك ويتطلعون لمستقبلهم المشترك أيضا.
yameer33@hotmail.com
هذه المظاهر الاحتفائية باليوم الوطني السعودي إماراتياً ليست سوى انعكاس لحالة الارتباط الفعلي الوثيق والمتنامي ولهذا النموذج الفريد في علاقة بين بلدين تجاوزت التوافق السياسي والأطر التقليدية للعلاقات بين البلدان لتصل إلى حالة من الشراكة الحقيقية في كل شيء.
في العام 1932 كانت المنطقة على موعد مع حدث ضخم وتاريخي سيغير تاريخ المنطقة بالكامل؛ إعلان قيام المملكة العربية السعودية لتمثل أبرز نموذج لدولة حديثة في وسط جغرافي واجتماعي هيمنت عليه الانقسامات والصراعات، وشملت تلك الوحدة أبرز وأهم حيّز جغرافي في الجزيرة العربية والشرق الأوسط، وحافظت منذ التأسيس على الكيان آمناً متوحداً، وبدأت العمل الجاد والشاق باتجاه بناء وإحلال قيم الدولة الوطنية الحديثة، لتلغي قيم الانشقاق والخلاف والولاءات الصغيرة باتجاه ولاء كبير وجامع. أسسه وأشاده الراحل العظيم المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن.
بعد ذلك التاريخ بقرابة 30 عاما كانت المنطقة أيضا على موعد مع حدث تاريخي ومحوري جديد، العام 1971 يشهد إعلان قيام اتحاد سبع إمارات تحت كيان وحدوي جديد هو: الإمارات العربية المتحدة، لتودع المنطقة زمن الكانتونات الصغرى ولتستثمر كل المشتركات الجغرافية والاجتماعية والثقافية بينها باتجاه بناء مشترك أكبر ومظلة أوسع باتت معها الإمارات آخر وأصدق تجارب الوحدة التي عرفتها المنطقة بحصافة المؤسس الراحل العظيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (شهدت المنطقة دعوات وتجارب وحدوية لكنها باءت بالفشل جميعا فلم تكن حقيقية ولم تمتلك أرضية واحدة وكانت بين النخب السياسية العسكرية الانقلابية ولم ترتبط بالشارع ولا بقيمه).
لدينا في السعودية والإمارات تجربتان تتشابهان إلى حد كبير، وبخاصة من حيث الأثر والنتيجة، لقد صنعت التجربتان الوحدويتان أثرا عظيما في المنطقة وقدمتا أبرز التجارب التنموية والأمنية، وقدمتا كذلك أبرز نموذج للدولة الوطنية الحديثة التي تخلصت من الأطماع الأيديولوجية والتوسعية واستطاعت بناء محيط آمن ومزدهر انعكست آثاره على المنطقة من حوله.
بينما تعتبر الرياض وأبوظبي عواصم حديثة نسبيا مقارنة بالعواصم العربية التقليدية؛ بغداد ودمشق مثلا، يكشف الواقع اليوم وبمجرد نظرة مقارنة للعواصم التي تتكئ على إرث تاريخي عريق من جهة وبين الرياض وأبوظبي من جهة أخرى يتضح حجم الفرق الهائل أمنيا وتنمويا وثقافيا واجتماعيا وعلى كل الأصعدة، لقد تراجع المفهوم الوطني في تلك العواصم وطغت الحزبية والطائفية التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم، بينما تصاعدت قيم الوطنية والتنمية والعمل المشترك في النموذج السعودي والإماراتي وباتت أمثلة عالمية في الأمن والتنمية والبناء.
كانت التحولات الخطيرة التي مرت بالمنطقة لحظات مواجهة حقيقية للمملكة والإمارات؛ تحديات أمنية وسياسية، ولأن التجارب متشابهة والقيم مشتركة وراسخة بين البلدين جاء التوافق التلقائي على حماية هذين النموذجين، حيث اتضح أن اتحادهما في التجربة وفِي القيم جعلهما هدفا واحدا لكل مخططات الفوضى والاضطرابات، ووجد البلدان أنهما في لحظات مواجهة فعلية وهما فقط من يحملان عناصر قوة متشابهة في التجربة وفِي الداخل وفِي الإقليم وفِي العالم أيضا.
خضنا معا تحديات الفوضى التي اجتاحت العواصم العربية منذ العام 2011، وعملنا بشكل مشترك على حماية أمننا الذي بات واحدا، ومستقبلنا الذي بات واحدا، واستعدنا العواصم العربية العريقة من دوائر التآمر السياسي، وجعلنا من قوتنا الداخلية مصدرا لقوتنا في المنطقة من أجل المنطقة واستقرارها.
لا الاضطرابات ولا الإرهاب ولا جماعات الإسلام السياسي ولا نظريات الفوضى الخلاقة ولا إيران استطاعت أن تخترق هذين النموذجين اللذين عملا معا بكل صدق ووضوح وإيمان، حتى باتت الرياض وأبوظبي مصدرا لنشر الأمن في المنطقة وعاصمتين للاستقرار والشراكة وحماية أمن المنطقة.
جاء إطلاق عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن ليرسخ فصلا جديدا في تلك الشراكة؛ نحن لا نتشارك في أجهزتنا السياسية والاقتصادية والأمنية فقط، بل بدمائنا وأرواحنا أيضا. بالمقابل وبينما تترسخ كل يوم تلك القيم المشتركة اجتماعيا وإنسانيا وتنمويا بات السعوديون في الإمارات والإماراتيون في السعودية يشعرون بكل ذلك الاتحاد في واقعهم وفي مستقبلهم.
لقد مثلت الوحدة قيمة مشتركة في بناء كل من الكيان السعودي والإماراتي، ومثل الحفاظ على تلك التجارب الوحدوية وتنميتها أبرز تحدٍّ للبلدين، فانطلق أهل الوحدة معا ليصنعوا للمنطقة وللتاريخ هذه النماذج العظيمة.
اليوم وبينما يتوشح الإماراتيون باللون الأخضر وبينما تتردد الأغاني الوطنية السعودية في كل الإمارات تتردد صرخات الفوز والفداء في الجبهات وعلى الحدود في حناجر سعودية وإماراتية، هم هناك وفي ذات الوقت سعودي وإماراتي هنا يزرعون فرحهم المشترك ويتطلعون لمستقبلهم المشترك أيضا.
yameer33@hotmail.com