كلما جد حادث إرهابي، تجدد معه القول إن الثقافة الدينية التي سقيت وتسقى للشباب هي السبب المحرض على وقوع هذه الجرائم، من ذلك أنه ما إن وقعت جريمة مسجد الروضة الشنعاء في سيناء، حتى بادر بعض المعلقين إلى تحميل وزر الجريمة على كتب التراث الديني ومؤلفيها من الرموز الدينية المشهورة، أمثال ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب وغيرهم من التابعين.
الإصرار في كل مرة على إلحاق التهمة بكتب الفكر الديني ورموزه، فيه خداع للنفس يصرفها عن التفكير في احتمال وجود سبب آخر غيره.
إن كتب الأصول الدينية موجودة منذ قرون، بينما جرائم الإرهاب لم تنتشر سوى في هذا الزمن، ألا يجعلنا هذا نتشكك في صحة التعليل الذي يردده كثيرون منا؟
ألا تبدو لنا قضية الإرهاب أكبر وأكثر تعقيدا من مجرد مجموعة من الشباب المغرر بهم والمخدوعين بوعود دينية زائفة؟
ألسنا نسطح القضية كثيرا حين نتصور أن القضاء على الإرهاب مرتبط فقط بتقليص تدريس العلوم الدينية وتفريغ كتب الدين من أي محتوى يمكن أن يتخذ ذريعة لتكفير الآخرين ومعاداتهم، وأنه بمجرد ما نعمل على تنقيح كتبنا الدينية ونقلص ما نلقنه لطلابنا من علوم الدين، سينشأ شبابنا مسالمين خالين من قيم الكراهة والعدائية للآخرين؟
إن ما يظهر على بعض الشباب من تطرف ديني يقودهم إلى ارتكاب أبشع الجرائم، هي حالة ألبست لهم، ومن ألبسهم إياها ليس كتب الدين في حد ذاتها، وإنما أولئك الذين أرادوا أن يتخذوا من تلك الكتب وسيلة يتحكمون من خلالها في أفكار الشباب وتوجيهها نحو ما يخدم خططهم ويحقق مطامحهم.
وما يعقد المسألة هو أن من استطاع التحكم في فكر الشباب متوسلا بالدين، يستطيع أيضا أن يتحكم في فكرهم بوسائل أخرى غيره. فنقطة الضعف التي تحدث الشر، والتي يجب ان تكافح ليست محتوى كتب الدين في حد ذاته، قدر ما إنها جهل الشباب وفراغ أدمغتهم واستعدادها لتقبل ما يخزن في داخلها.
فانحراف الشباب وتطرفهم الديني، يمثل محصلة ما أملاه عليهم أصحاب المصالح من الأفكار متوسلين إلى ذلك بالدين، وما يحتاج إليه الشباب، ليس الحماية من التعرض لكتب الدين وإنما الحماية من الجهل والسذاجة وقلة الوعي، التي تجعلهم إمعات يقادون حيثما أريد لهم.
العقل الواعي القادر على التبصر ومعرفة الخير من الشر، بإمكانه إدراك مواضع الضلال في بعض كتب الدين متى وجدت، كما أن بإمكانه الاستعصاء على محاولات الاستدراج والاستقطاب التي تلقي شباكها لاصطياده. أما العقل الغائب عن الوعي فأبعد ما يكون عن ذلك.
ما أريد قوله، هو أن الشباب ما لم يجدوا الحماية اللازمة لهم، سيظلون عرضة للاستغلال من أصحاب المصالح، إن لم يكن بالدين فبغيره.
azman3075@gmail.com
الإصرار في كل مرة على إلحاق التهمة بكتب الفكر الديني ورموزه، فيه خداع للنفس يصرفها عن التفكير في احتمال وجود سبب آخر غيره.
إن كتب الأصول الدينية موجودة منذ قرون، بينما جرائم الإرهاب لم تنتشر سوى في هذا الزمن، ألا يجعلنا هذا نتشكك في صحة التعليل الذي يردده كثيرون منا؟
ألا تبدو لنا قضية الإرهاب أكبر وأكثر تعقيدا من مجرد مجموعة من الشباب المغرر بهم والمخدوعين بوعود دينية زائفة؟
ألسنا نسطح القضية كثيرا حين نتصور أن القضاء على الإرهاب مرتبط فقط بتقليص تدريس العلوم الدينية وتفريغ كتب الدين من أي محتوى يمكن أن يتخذ ذريعة لتكفير الآخرين ومعاداتهم، وأنه بمجرد ما نعمل على تنقيح كتبنا الدينية ونقلص ما نلقنه لطلابنا من علوم الدين، سينشأ شبابنا مسالمين خالين من قيم الكراهة والعدائية للآخرين؟
إن ما يظهر على بعض الشباب من تطرف ديني يقودهم إلى ارتكاب أبشع الجرائم، هي حالة ألبست لهم، ومن ألبسهم إياها ليس كتب الدين في حد ذاتها، وإنما أولئك الذين أرادوا أن يتخذوا من تلك الكتب وسيلة يتحكمون من خلالها في أفكار الشباب وتوجيهها نحو ما يخدم خططهم ويحقق مطامحهم.
وما يعقد المسألة هو أن من استطاع التحكم في فكر الشباب متوسلا بالدين، يستطيع أيضا أن يتحكم في فكرهم بوسائل أخرى غيره. فنقطة الضعف التي تحدث الشر، والتي يجب ان تكافح ليست محتوى كتب الدين في حد ذاته، قدر ما إنها جهل الشباب وفراغ أدمغتهم واستعدادها لتقبل ما يخزن في داخلها.
فانحراف الشباب وتطرفهم الديني، يمثل محصلة ما أملاه عليهم أصحاب المصالح من الأفكار متوسلين إلى ذلك بالدين، وما يحتاج إليه الشباب، ليس الحماية من التعرض لكتب الدين وإنما الحماية من الجهل والسذاجة وقلة الوعي، التي تجعلهم إمعات يقادون حيثما أريد لهم.
العقل الواعي القادر على التبصر ومعرفة الخير من الشر، بإمكانه إدراك مواضع الضلال في بعض كتب الدين متى وجدت، كما أن بإمكانه الاستعصاء على محاولات الاستدراج والاستقطاب التي تلقي شباكها لاصطياده. أما العقل الغائب عن الوعي فأبعد ما يكون عن ذلك.
ما أريد قوله، هو أن الشباب ما لم يجدوا الحماية اللازمة لهم، سيظلون عرضة للاستغلال من أصحاب المصالح، إن لم يكن بالدين فبغيره.
azman3075@gmail.com