-A +A
طارق فدعق
مقال اليوم هو عن أحدث طراز لطائرة البوينج 777.. ولكن قبل البدء في التفاصيل، فضلا تخيل مبلغ مليار ريال.. ألف مليون.. لو كانت كومة من فئة الريال الواحد، فسيكون وزنها نحو مليون كيلو جرام.. وهو ما يعادل تقريبا وزن 666 سيارة كامري.. وأما إذا وضعت الريالات الواحدة ملاصقة للأخرى فيمكنها أن تمتد من جدة إلى نيويورك.. إلى طوكيو.. إلى بومباي.. وعودة إلى جدة.. ثم نيويورك مرة ثانية وعودة إلى جدة.. ثم مرة ثالثة.. شيء يدوخ. الشاهد أن السبب في ذكر هذا هو أن سعر طائرة البوينج 777 ممكن أن يفوق المليار ريال.. يعني ممكن أن تدفع كل هذه الرزم وتنقص عليك التفاريق.. طبعا تفاريق البليون شديدة في تأثيراتها.. يعني ممكن أن تكون الطائرة غير مكتملة.. بدون دورات المياه مثلا.. تخيل طائرة جديدة بدون «بيت الماء».. الشاهد أن الشركة كان «شغلها صح» عندما صممت وصنعت هذا الطراز لأنها نجحت نجاحا منقطع النظير منذ انطلاقها الرسمي في نوفمبر 1993. وكانت فلسفتها جديدة وجريئة، وتتلخص في تقديم طائرة عملاقة تستطيع أن تتولى مهمات البوينج 747 الشهيرة بالجامبو، ولكن بمحركين فقط بدلا من 4 محركات، علما بأن التوفير في تكاليف التشغيل كبير جدا. وقد باعت شركة بوينج 1959 طائرة من هذا الطراز وسلمت 1526 طائرة إلى أكثر من 69 مشغّلا حول العالم.

وهناك طرازات جديدة من هذه الطائرة وأبرزها 8-777 و 9-777 وسأطلق عليهما لقب «أُم 8» و«أُم 9» بضم الهمزة.. ولنبدأ بأم 9 والتي صممت لتكون أكبر طائرة تجارية في تاريخ الطيران بمحركين. وهي أطول من الآيرباص 380 العملاقة بما يعادل طول سيارة هونداي «الينترا» تقريبا. وستكون بإرادة الله أول طائرة بمحركين لتستوعب أكثر من 400 راكب. والمخطط أنها ستكون أوسع في الداخل من الطرازات السابقة من البوينج 777 بما يعادل طول سيجارة واحدة.. ولكن هذه الإضافة التي قد تبدو بسيطة قد تؤثر تأثيرات ملحوظة في راحة الركاب لو استغلت بحكمة في التصميم. وهناك أيضا تحسينات كثيرة ومنها النوافذ الأكبر حجما للركاب، والمفروض أن يوفر ذلك مستوى أعلى من الراحة. ومقصورة القيادة المحدثة ونظام الإضاءة الجديد. وأما التغيرات الجذرية جدا فهي في المحركات الجديدة التي تتميز بتوفير الوقود، وانخفاض بصمتهما البيئية أكثر من ذي قبل. والطريف أنه بالرغم أن الطائرة أكبر حجما، وذات استيعاب أعلى للركاب والبضائع، فقوة دفع المحركين أقل من الطراز الحالي بنحو 15% وذلك لأن كفاءة التشغيل أفضل كما تقول الشركة. والمحرك الجديد من شركة «جنرال إلكتريك» هو الأكبر حجما في العالم، فيمكنه احتواء جسم طائرة من طراز بوينج 737. ومن العلامات المميزة الفريدة للطائرة الجديدة هي أن جناحيها سينطويان في طرفيهما.. وتحديدا فآخر 3 أمتار وثلث المتر ستكون مطوية بمقدار 90 درجة نسبة إلى باقي الجناح عند وقوف الطائرة وحركتها على أرض المطار، وأما خلال الإقلاع والطيران والهبوط فسيتم إنزال الطرفين.. وهذه من أغرب التصاميم في عالم الطيران التجاري.


والطائرة الثانية الجديدة من هذا الطراز هي «أم 8»، وهي أقصر طولا وأقل استيعابا للركاب ولكن «نفسها» أطول، فهي مصممة لاستيعاب 365 راكبا والطيران بمشيئة الله لمسافة 16 ألف كيلو متر.. يعني تخيل 365 راكبا من الدمام إلى لوس أنجلوس مثلا بدون توقف. وأخيرا فمن الطرائف أن الوزن الأقصى للطائرة الجديدة من طراز 777 هو 777 ألف رطل.. ملعوبة من مهندسي بوينج.

أمنيـــــة

اطلعت على قائمة الطلبات على طائرة البوينج 777 الجديدة بطرازيها «أم 8 وأم 9» فوجدت أن حصة الأسد بين كل شركات العالم ذهبت لطيران الإمارات كالعادة. وتحديدا فقد طلبت الإماراتية 115 من طراز«أُم 9» و35 من طراز «أُم 8»، ولا توجد طلبية واحدة من السعودية، علما بأن تاريخ تسليم الطائرة سيبدأ بعد نحو سنتين. أتمنى أن تعود خطوطنا إلى وضعها التنافسي أيام زمان لتكون في طليعة مشغلي التقنيات الحديثة. والله يوفق الجميع، وهو من وراء القصد.