أولت الحكومة السعودية، منذ تأسيسها قبل أكثر من 100 عام، اهتماماً بالغاً بعمارة الحرم النبوي الشريف، وذلك بإقامة عدد من مشاريع التطوير والتوسعة والعمارة، كما سجلت المدينة المنورة في وقتها الحالي أكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي منذ إنشائه، إذ تشهد المدينة المنورة مشاريع توسعة ضخمة لزيادة الطاقة الاستيعابية للمصلين، وتوفير العديد من الخدمات، كما حافظت الحكومة السعودية في مشاريعها للتوسعة في المدينة المنورة على البناء القديم للمسجد النبوي، وذلك بالإبقاء على مظهره الجمالي، وتجديد المحراب النبوي الشريف، وتدعيم جميع أعمدة الروضة الشريفة وتكسيتها بالرخام الأبيض الجديد، إضافة إلى تدعيم جميع أعمدة البناء القديمة واستكمال قواعدها النحاسية، وعمل أطواق نحاسية، وتوفير التكييف المركزي، إضافة إلى إعادة النقوش والخطوط التي في القباب وعلى الجدران لكي تحافظ على جمالها ورونقها. وتتواصل توسعة المسجد النبوي الشريف التي ينتظر في حاله اكتمالها أن تصل قدرة المسجد الاستيعابية إلى مليون و800 ألف مصل. وأوضح مدير العلاقات العامة في وكالة شؤون المسجد النبوي الشريف عبدالواحد الحطاب أن أعمال التوسعة المباركة تسير على خير ما يرام، وعلى قدم وساق، إذ تتسارع الخطى لإنجاز كافة المراحل في وقتها المحدد، في ظل حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على تقديم أفضل الخدمات لزوار المدينة المنورة، وسكانها.
يذكر أن التوسعة الأولى كانت في 13 ربيع الأول من عام 1372هـ الموافق 1952. بدأ العمل بتوسعة المسجد بأمر من الملك عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله-، وبعد شراء الأراضي وهدمها لتهيئتها للبناء الجديد، بلغت مساحة المسجد الكلية 16326 متراً مربعاً تتسع لـ28.000 مصلّ، وقد أقيم مصنع للحجر قرب المدينة لغايات الإعمار، وأما بقية المواد فكانت البواخر تحملها إلى ميناء ينبع ومن ثم إلى المدينة المنورة بواسطة سيارات كبيرة، وقد بلغت حمولة المواد المفرغة في الميناء للإعمار أكثر من 30.000 طن، وقد تم الانتهاء من التوسعة في أوائل سنة 1375هـ الموافق 1955، وبلغت تكلفة هذا المشروع 50 مليون ريال، وقام الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله- بافتتاحه في 5 ربيع الأول عام 1375هـ، الموافق أكتوبر 1955.
وهذه التوسعة عبارة عن مبنى مستطيل طوله 128 متراً بعرض 91 متراً، وقد فُتح في الجهة الشرقية باب الملك عبدالعزيز، وفي الجهة الغربية باب الملك سعود، وكل منهما يتكون من 3 أبواب متجاورة، أما في الجهة الشمالية، فقد فُتحت 3 أبواب، باب عمر، وباب عثمان، وباب عبدالمجيد، وبلغ عدد الأعمدة 232 عموداً على رأسها عقود مدببة، أما السقف فقد قُسّم إلى مربعات بارتفاع 12.55 متر، ويغلب على هذه العمارة اللون الأبيض المطعم بقليل من الأحمر والأسود، أما المآذن، قد كانت للمسجد 5 مآذن هُدمت منها 3 مآذن هي التي كانت عند باب الرحمة والمئذنة السليمانية والمجيدية في الجهة الشمالية، وبُنيت مئذنتان في الركنين الشرقي والغربي من الجهة الشمالية، وارتفاع كل منها 72 متراً، فأصبح للمسجد 4 مآذن في أركانه الـ4.
وبسبب تكاثر أعداد الحجاج، أصدر الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله- أمره بتهيئة أماكن للصلاة غربي المسجد، فهُدمت المباني الموجودة في تلك الجهة وتمت إقامة مصلى مظلل، بلغت مساحته نحو 35.000 متر مربع، بواقع 80 مظلة. وكان العمل به عام 1873، وبقيت إلى أن أزيلت في التوسعة السعودية الثانية.
بينما بدأت التوسعة السعودية الثانية في شهر محرم من عام 1406هـ الموافق 1985. بدأ العمل بأكبر توسعة للمسجد النبوي بأمر من الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله-، وقد تم الانتهاء منها عام 1414هـ الموافق 1994، إذ شملت التوسعة الجهات الشرقية والغربية والشمالية للمسجد، وذلك بإضافة مساحة 82.000 متر مربع تستوعب نحو 150.000 مصلّ، وبذلك أصبحت المساحة الكلية للمسجد 98.326 متراً مربعاً تستوعب 178.000 مصلّ، وتضاف مساحة السّطح 67.000 متر مربع، منها 58.250 متراً مربعاً مهيأة للصلاة فيها وتستوعب 90.000 مصلّ، فأصبح مجموع المساحة لمهيأة للصلاة 156.576 مترا مربعاً تستوعب 268.000 مصلّ. وتضاف مساحة الساحات المحيطة بالمسجد 135.000 متر مربع، منها 135.000 متر مربع مهيأة للصلاة تستوعب 430.000 مصلّ، وهكذا يرتفع مجموع المصلين إلى أكثر من 698.000 مصلّ.
وقد صُممت الأعمدة والأروقة على نسق التوسعة السعودية الأولى، وغُطّيت الجدران الخارجية بالجرانيت، وتمّت إضافة 6 مآذن جديدة تتناسق مع المئذنتين في التوسعة السعودية الأولى، وقد زُوّد مبنى التوسعة بعدة أنظمة متطورة، منها أنظمة كاميرات، وأنظمة طاقة كهربائية دائمة واحتياطية، وأنظمة إطفاء حريق، وأنظمة للصرف الصحي. وشملت هذه الأنظمة والمرافق الجديدة عدة اتجاهات: الدور الأرضي، ويُعتبر هذا الدّور هو الدور الرئيسي في مبنى التوسعة، وأرضيته مغطاة بالرخام، وارتفاعه 12.55 متر، وبلغ عدد الأعمدة الكلّي 2104 أعمدة بارتفاعٍ حتى بداية القوس 5.6 متر، وقد كُسيت بالرخام الأبيض المستورد من إيطاليا وإسبانيا.
مصلّى النساء: تم تخصيص أماكن للنساء في الجهة الشرقية الشمالية بمساحة 16.000 متر مربع، وآخر في الجهة الغربية الشمالية بمساحة 8.000 متر مربع.
أبواب المسجد: كان للمسجد قبل هذه التوسعة 11 باباً، أصبحت 5 منها داخل مبنى التوسعة الجديدة، وهي باب الملك سعود وباب عمر وباب عثمان وباب عبدالمجيد وباب الملك عبدالعزيز، وصار عدد المداخل الإجمالي 41 مدخلاً، بعضها يتكون من باب واحد، وبعضها من بابين ملتصقين و3 أبواب و5 أبواب متلاصقة، فيصير العدد الإجمالي 85 باباً، وقد بُنيت هذه المداخل من الخرسانة وكُسيت بالرخام ومن الخارج بالجرانيت، وزُوّدت بأبواب خشبية ضخمة بعرض 3 أمتار وارتفاع 6 أمتار، واستُخدم في تجهيز الأبواب الخشب العزيزي المستورد من السويد والمكسوّ بالبرونز، وكُتب في وسط كل باب «محمد»، ويعلو كل باب لوحة من الحجر مكتوبٌ عليها آية «ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ».
القِباب المتحركة: تمّ تأمين عدةَ أفنيةٍ مكشوفةٍ للمسجد بهدف التهوية والإنارة الطبيعية، وعددها 27 فناءً بمساحة 324 متراً مربعاً لكل منها، وغُطيت بقباب متحركة بارتفاع 3.55 متر من منسوب سطح التوسعة، وعلى ارتفاع 16.65 متر من منسوب الدور الأرضي، وبنصف قطر داخلي بلغ 7.35 متر، وبلغ وزن الواحدة منها 80
طناً، ويتكون الوجه الداخلي من طبقات الخشب بسمك 20 مليمتر مرصعاً بالأحجار القيّمة داخل إطارات مذهّبة، إذ استُخدم 67.5 كيلوغرام من الذهب ويتم التحكم بالقباب بواسطة جهاز كمبيوتر مركزي يعمل بالطاقة الكهربائية، ويستغرق فتح أو إغلاق القبة نحو دقيقة واحدة.
سطح التوسعة: تبلغ مساحة سطح التوسعة نحو 67.000 متر مربع، منها 58.250 متراً مربعاً مهيأة للصلاة فيها، وتستوعب 90.000 مصلّ.
المآذن: أُقيمت في مبنى التوسعة 6 مآذن، 4 منها موجودة بالأركان الـ4 للتوسعة، ومئذنتان في منتصف الجانب الشمالي، بارتفاع 103.89 متر مع الهلال. وتتكون كل مئذنة من 5 أجزاء:
- الشكل المربع، وضلعه 5.5 متر، بارتفاع 27 متراً، مغطى بحجر الجرانيت.
- الشكل المثمن، وقطره 5.5 متر، وبارتاع 21 متراً، مغطى بالحجر الصّناعي الملوّن.
-الشكل الأسطواني، وقطره 5 أمتار، وبارتفاع 18 متراً.
- الشكل الأسطواني، وقطره 4.5 متر، وبارتفاع 15 متراً.
- الشكل المخروطي، تعلوه قبة وينتهي بهلال برونزي طوله 6.7 متر بوزن 4.5 طن مطلي بالذهب عيار 14 قيراطاً.
الحوائط: وتتكون من حائطين بينهما فراغ مرتبطة بأعمدة مسلّحة، وتبلغ سماكة الحائط الداخلي 30، والخارجي 30 سنتيمترا، وجميع الحوائط والعقود والأسقف مبنية من الخرسانة المسلحة وقد كُسيت من الداخل ببلاطات من الحجر الصناعي.
الزخارف: تمّ تصميم أعمال الزخرفة بحيث تناسب نظيرتها في التوسعة السعودية الأولى، وتشمل أعمال الزخارف، والكرانيش لتجميل الحوائط، والمآذن وأعمال الحديد المشغول، والأبواب الخشبية المطعمة بالنحاس، وأعمال التكسية بالرخام المزخرف.
ساحات المسجد: تمّت إحاطة المسجد من الناحية الجنوبية والغربية والشمالية بمساحات بلغت 235.000 متر مربع، وقد غُطي جزء منها بالرخام الأبيض العاكس للحرارة، والباقي غُطي بالجرانيت، والحجر الصناعي، وتمت إضاءتها بوحدات إضاءة مثبتة على 151 عموداً مكسواً بالجرانيت، وأحيطت هذه السّاحات بسور طوله 2270 متراً، وبه بوابات. وتستوعب هذه الساحات نحو 430.000 مصلّ، وتضم هذه الساحات مداخل لدورات المياه، والمواضئ، وأماكن الاستراحة للزوّار، وتتصل بمواقف السيارات التي توجد في طابقين تحت الأرض.
الدور السفلي: تضمنت أعمال التّوسعة إنشاء دور سفلي بمساحة 82.000 متر مربع، وبارتفاع 4.1 متر، وكُسيت كامل الأرضية بالسيراميك. وصُممت خصيصاً لتستوعب التجهيزات المختلفة من أعمال التكييف، والتهوية، وشبكات المياه والصرف الصحي، وشبكة الإنذار، وإطفاء الحريق، وشبكة مياه الشرب، وأجهزة النحكم بالقباب، وأنظمة الصوت والكاميرات، إلى غير ذلك من الأعمال، ولهذا الدور 8 مداخل.
مواقف السيارات: وتقع تحت الساحات المحيطة بالمسجد من الجهة الجنوبية والشمالية والغربية، وتتكون من طابقين تحت سطح الأرض، وتتصل بالطرق الرئيسية بواسطة 6 مداخل ومخارج للسيارات، وتستوعب نحو 4.444 سيارة.
مباني الخدمات العامة: تحتوي المواقف على مبان للخدمات وعددها 15 وحدة، كل منها تتكون من 4 أدوار وتربط المواقف بالسّاحات الخارجية بواسطة سلالم كهربائية، وتشمل هذه الوحدات 690 نافورة لشرب المياه، و1890 دورة مياه، و5600 وحدة للوضوء.
متحف نوادر الحجرة الشريفة: كان السّلاطين والأمراء يهدون الحجرة النبوية نوادرَ ثمينةً تُوضع داخلَها، وفي عام 1981 تم حفظها في الغرفة التي بُنيَت خصيصاً فوق مكتبة المسجد النبوي، ولها مدخل تحت المئذنة السعودية القديمة على يمين الداخل من باب عمر.
المظلات في صحن المسجد: يوجد في المسجد صحن مستطيل الشكل شمالي البناء المجيدي، فتم نصب 12 مظلة لتقي الناس حرارة الشمس وشدّة البرد والمطر، وهذه المظلات عبارة عن شمسيات من القماش الأبيض السميك، تحملها أعمدة حديدية مكسوة بالرخام الأبيض، قابلة للفتح والإغلاق بشكل آلي، وتُظهِر بحال فتحها شكل النوافير المائية، وفي حال إغلاقها تظهر كأنها منارات صغيرة ذات رؤوس مخروطية.
المقصورة الجنوبية: بُنيت مقصورة في جهة القبلة، وطولها 87.5 متر، بمساحة 437.5 متر مربع، ولها 4 أبواب.
بينما بدأت التوسعة الثالثة بأمر من الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله-، وفي شهر أغسطس 2010 تم الانتهاء من مشروع مظلات ساحات المسجد النبوي، وهو عبارة عن مظلات كهربائية على أعمدة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي من الجهات الـ4، وتبلغ مساحتها 143 ألف متر مربع، بهدف وقاية المصلين من المطر وحرارة الشمس أثناء الصلاة. وشمل المشروع تصنيع وتركيب 182 مظلة على أعمدة ساحات المسجد النبوي، إضافة إلى 68 مظلة في الساحات الشرقية، ليصبح مجموع المظلات 250 مظلة، وبلغت تكلفته 4.7 مليار ريال سعودي، وصممت المظلات الجديدة خصيصاً للمسجد النبوي، بحيث تظلل كل مظلة نحو 800 مصل، وهي بارتفاعين مختلفين، بحيث تعلو الواحدة الأخرى، على شكل مجموعات، لتكون متداخلة في ما بينها، ويبلغ ارتفاع الواحدة 14.40 متر، والأخرى 15.30 متر، فيما يتساوى ارتفاع جميع المظلات في حالة الإغلاق بارتفاع 21.70 متر. وفي يونيو من عام 2012 أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- بالبدء بتنفيذ أكبر توسعة للمسجد النبوي في المدينة المنورة تحت اسم «مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة الحرم النبوي الشريف»، وعلى 3 مراحل، تتسع المرحلة الأولى منها لما يتجاوز 800 ألف مصل، كما ستتم في المرحلتين الثانية والثالثة توسعة الساحتين الشرقية والغربية للحرم، بحيث تستوعب 800 ألف مصل إضافي، وتم البدء بهذا المشروع بعد موسم الحج عام 2012، ويبلغ عدد العقارات المتوقع إزالتها لصالح المشروع 100 عقار تتوزع على الجهتين الشرقية والغربية، ويبلغ إجمالي التعويض عن مساحة تقدر بنحو 12.5 هكتار نحو 25 مليار ريال، ووفق خطط المشروع ستجرى تحسينات للساحات العامة والساحة الاجتماعية حول المسجد.
يذكر أن التوسعة الأولى كانت في 13 ربيع الأول من عام 1372هـ الموافق 1952. بدأ العمل بتوسعة المسجد بأمر من الملك عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله-، وبعد شراء الأراضي وهدمها لتهيئتها للبناء الجديد، بلغت مساحة المسجد الكلية 16326 متراً مربعاً تتسع لـ28.000 مصلّ، وقد أقيم مصنع للحجر قرب المدينة لغايات الإعمار، وأما بقية المواد فكانت البواخر تحملها إلى ميناء ينبع ومن ثم إلى المدينة المنورة بواسطة سيارات كبيرة، وقد بلغت حمولة المواد المفرغة في الميناء للإعمار أكثر من 30.000 طن، وقد تم الانتهاء من التوسعة في أوائل سنة 1375هـ الموافق 1955، وبلغت تكلفة هذا المشروع 50 مليون ريال، وقام الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله- بافتتاحه في 5 ربيع الأول عام 1375هـ، الموافق أكتوبر 1955.
وهذه التوسعة عبارة عن مبنى مستطيل طوله 128 متراً بعرض 91 متراً، وقد فُتح في الجهة الشرقية باب الملك عبدالعزيز، وفي الجهة الغربية باب الملك سعود، وكل منهما يتكون من 3 أبواب متجاورة، أما في الجهة الشمالية، فقد فُتحت 3 أبواب، باب عمر، وباب عثمان، وباب عبدالمجيد، وبلغ عدد الأعمدة 232 عموداً على رأسها عقود مدببة، أما السقف فقد قُسّم إلى مربعات بارتفاع 12.55 متر، ويغلب على هذه العمارة اللون الأبيض المطعم بقليل من الأحمر والأسود، أما المآذن، قد كانت للمسجد 5 مآذن هُدمت منها 3 مآذن هي التي كانت عند باب الرحمة والمئذنة السليمانية والمجيدية في الجهة الشمالية، وبُنيت مئذنتان في الركنين الشرقي والغربي من الجهة الشمالية، وارتفاع كل منها 72 متراً، فأصبح للمسجد 4 مآذن في أركانه الـ4.
وبسبب تكاثر أعداد الحجاج، أصدر الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله- أمره بتهيئة أماكن للصلاة غربي المسجد، فهُدمت المباني الموجودة في تلك الجهة وتمت إقامة مصلى مظلل، بلغت مساحته نحو 35.000 متر مربع، بواقع 80 مظلة. وكان العمل به عام 1873، وبقيت إلى أن أزيلت في التوسعة السعودية الثانية.
بينما بدأت التوسعة السعودية الثانية في شهر محرم من عام 1406هـ الموافق 1985. بدأ العمل بأكبر توسعة للمسجد النبوي بأمر من الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله-، وقد تم الانتهاء منها عام 1414هـ الموافق 1994، إذ شملت التوسعة الجهات الشرقية والغربية والشمالية للمسجد، وذلك بإضافة مساحة 82.000 متر مربع تستوعب نحو 150.000 مصلّ، وبذلك أصبحت المساحة الكلية للمسجد 98.326 متراً مربعاً تستوعب 178.000 مصلّ، وتضاف مساحة السّطح 67.000 متر مربع، منها 58.250 متراً مربعاً مهيأة للصلاة فيها وتستوعب 90.000 مصلّ، فأصبح مجموع المساحة لمهيأة للصلاة 156.576 مترا مربعاً تستوعب 268.000 مصلّ. وتضاف مساحة الساحات المحيطة بالمسجد 135.000 متر مربع، منها 135.000 متر مربع مهيأة للصلاة تستوعب 430.000 مصلّ، وهكذا يرتفع مجموع المصلين إلى أكثر من 698.000 مصلّ.
وقد صُممت الأعمدة والأروقة على نسق التوسعة السعودية الأولى، وغُطّيت الجدران الخارجية بالجرانيت، وتمّت إضافة 6 مآذن جديدة تتناسق مع المئذنتين في التوسعة السعودية الأولى، وقد زُوّد مبنى التوسعة بعدة أنظمة متطورة، منها أنظمة كاميرات، وأنظمة طاقة كهربائية دائمة واحتياطية، وأنظمة إطفاء حريق، وأنظمة للصرف الصحي. وشملت هذه الأنظمة والمرافق الجديدة عدة اتجاهات: الدور الأرضي، ويُعتبر هذا الدّور هو الدور الرئيسي في مبنى التوسعة، وأرضيته مغطاة بالرخام، وارتفاعه 12.55 متر، وبلغ عدد الأعمدة الكلّي 2104 أعمدة بارتفاعٍ حتى بداية القوس 5.6 متر، وقد كُسيت بالرخام الأبيض المستورد من إيطاليا وإسبانيا.
مصلّى النساء: تم تخصيص أماكن للنساء في الجهة الشرقية الشمالية بمساحة 16.000 متر مربع، وآخر في الجهة الغربية الشمالية بمساحة 8.000 متر مربع.
أبواب المسجد: كان للمسجد قبل هذه التوسعة 11 باباً، أصبحت 5 منها داخل مبنى التوسعة الجديدة، وهي باب الملك سعود وباب عمر وباب عثمان وباب عبدالمجيد وباب الملك عبدالعزيز، وصار عدد المداخل الإجمالي 41 مدخلاً، بعضها يتكون من باب واحد، وبعضها من بابين ملتصقين و3 أبواب و5 أبواب متلاصقة، فيصير العدد الإجمالي 85 باباً، وقد بُنيت هذه المداخل من الخرسانة وكُسيت بالرخام ومن الخارج بالجرانيت، وزُوّدت بأبواب خشبية ضخمة بعرض 3 أمتار وارتفاع 6 أمتار، واستُخدم في تجهيز الأبواب الخشب العزيزي المستورد من السويد والمكسوّ بالبرونز، وكُتب في وسط كل باب «محمد»، ويعلو كل باب لوحة من الحجر مكتوبٌ عليها آية «ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ».
القِباب المتحركة: تمّ تأمين عدةَ أفنيةٍ مكشوفةٍ للمسجد بهدف التهوية والإنارة الطبيعية، وعددها 27 فناءً بمساحة 324 متراً مربعاً لكل منها، وغُطيت بقباب متحركة بارتفاع 3.55 متر من منسوب سطح التوسعة، وعلى ارتفاع 16.65 متر من منسوب الدور الأرضي، وبنصف قطر داخلي بلغ 7.35 متر، وبلغ وزن الواحدة منها 80
طناً، ويتكون الوجه الداخلي من طبقات الخشب بسمك 20 مليمتر مرصعاً بالأحجار القيّمة داخل إطارات مذهّبة، إذ استُخدم 67.5 كيلوغرام من الذهب ويتم التحكم بالقباب بواسطة جهاز كمبيوتر مركزي يعمل بالطاقة الكهربائية، ويستغرق فتح أو إغلاق القبة نحو دقيقة واحدة.
سطح التوسعة: تبلغ مساحة سطح التوسعة نحو 67.000 متر مربع، منها 58.250 متراً مربعاً مهيأة للصلاة فيها، وتستوعب 90.000 مصلّ.
المآذن: أُقيمت في مبنى التوسعة 6 مآذن، 4 منها موجودة بالأركان الـ4 للتوسعة، ومئذنتان في منتصف الجانب الشمالي، بارتفاع 103.89 متر مع الهلال. وتتكون كل مئذنة من 5 أجزاء:
- الشكل المربع، وضلعه 5.5 متر، بارتفاع 27 متراً، مغطى بحجر الجرانيت.
- الشكل المثمن، وقطره 5.5 متر، وبارتاع 21 متراً، مغطى بالحجر الصّناعي الملوّن.
-الشكل الأسطواني، وقطره 5 أمتار، وبارتفاع 18 متراً.
- الشكل الأسطواني، وقطره 4.5 متر، وبارتفاع 15 متراً.
- الشكل المخروطي، تعلوه قبة وينتهي بهلال برونزي طوله 6.7 متر بوزن 4.5 طن مطلي بالذهب عيار 14 قيراطاً.
الحوائط: وتتكون من حائطين بينهما فراغ مرتبطة بأعمدة مسلّحة، وتبلغ سماكة الحائط الداخلي 30، والخارجي 30 سنتيمترا، وجميع الحوائط والعقود والأسقف مبنية من الخرسانة المسلحة وقد كُسيت من الداخل ببلاطات من الحجر الصناعي.
الزخارف: تمّ تصميم أعمال الزخرفة بحيث تناسب نظيرتها في التوسعة السعودية الأولى، وتشمل أعمال الزخارف، والكرانيش لتجميل الحوائط، والمآذن وأعمال الحديد المشغول، والأبواب الخشبية المطعمة بالنحاس، وأعمال التكسية بالرخام المزخرف.
ساحات المسجد: تمّت إحاطة المسجد من الناحية الجنوبية والغربية والشمالية بمساحات بلغت 235.000 متر مربع، وقد غُطي جزء منها بالرخام الأبيض العاكس للحرارة، والباقي غُطي بالجرانيت، والحجر الصناعي، وتمت إضاءتها بوحدات إضاءة مثبتة على 151 عموداً مكسواً بالجرانيت، وأحيطت هذه السّاحات بسور طوله 2270 متراً، وبه بوابات. وتستوعب هذه الساحات نحو 430.000 مصلّ، وتضم هذه الساحات مداخل لدورات المياه، والمواضئ، وأماكن الاستراحة للزوّار، وتتصل بمواقف السيارات التي توجد في طابقين تحت الأرض.
الدور السفلي: تضمنت أعمال التّوسعة إنشاء دور سفلي بمساحة 82.000 متر مربع، وبارتفاع 4.1 متر، وكُسيت كامل الأرضية بالسيراميك. وصُممت خصيصاً لتستوعب التجهيزات المختلفة من أعمال التكييف، والتهوية، وشبكات المياه والصرف الصحي، وشبكة الإنذار، وإطفاء الحريق، وشبكة مياه الشرب، وأجهزة النحكم بالقباب، وأنظمة الصوت والكاميرات، إلى غير ذلك من الأعمال، ولهذا الدور 8 مداخل.
مواقف السيارات: وتقع تحت الساحات المحيطة بالمسجد من الجهة الجنوبية والشمالية والغربية، وتتكون من طابقين تحت سطح الأرض، وتتصل بالطرق الرئيسية بواسطة 6 مداخل ومخارج للسيارات، وتستوعب نحو 4.444 سيارة.
مباني الخدمات العامة: تحتوي المواقف على مبان للخدمات وعددها 15 وحدة، كل منها تتكون من 4 أدوار وتربط المواقف بالسّاحات الخارجية بواسطة سلالم كهربائية، وتشمل هذه الوحدات 690 نافورة لشرب المياه، و1890 دورة مياه، و5600 وحدة للوضوء.
متحف نوادر الحجرة الشريفة: كان السّلاطين والأمراء يهدون الحجرة النبوية نوادرَ ثمينةً تُوضع داخلَها، وفي عام 1981 تم حفظها في الغرفة التي بُنيَت خصيصاً فوق مكتبة المسجد النبوي، ولها مدخل تحت المئذنة السعودية القديمة على يمين الداخل من باب عمر.
المظلات في صحن المسجد: يوجد في المسجد صحن مستطيل الشكل شمالي البناء المجيدي، فتم نصب 12 مظلة لتقي الناس حرارة الشمس وشدّة البرد والمطر، وهذه المظلات عبارة عن شمسيات من القماش الأبيض السميك، تحملها أعمدة حديدية مكسوة بالرخام الأبيض، قابلة للفتح والإغلاق بشكل آلي، وتُظهِر بحال فتحها شكل النوافير المائية، وفي حال إغلاقها تظهر كأنها منارات صغيرة ذات رؤوس مخروطية.
المقصورة الجنوبية: بُنيت مقصورة في جهة القبلة، وطولها 87.5 متر، بمساحة 437.5 متر مربع، ولها 4 أبواب.
بينما بدأت التوسعة الثالثة بأمر من الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله-، وفي شهر أغسطس 2010 تم الانتهاء من مشروع مظلات ساحات المسجد النبوي، وهو عبارة عن مظلات كهربائية على أعمدة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي من الجهات الـ4، وتبلغ مساحتها 143 ألف متر مربع، بهدف وقاية المصلين من المطر وحرارة الشمس أثناء الصلاة. وشمل المشروع تصنيع وتركيب 182 مظلة على أعمدة ساحات المسجد النبوي، إضافة إلى 68 مظلة في الساحات الشرقية، ليصبح مجموع المظلات 250 مظلة، وبلغت تكلفته 4.7 مليار ريال سعودي، وصممت المظلات الجديدة خصيصاً للمسجد النبوي، بحيث تظلل كل مظلة نحو 800 مصل، وهي بارتفاعين مختلفين، بحيث تعلو الواحدة الأخرى، على شكل مجموعات، لتكون متداخلة في ما بينها، ويبلغ ارتفاع الواحدة 14.40 متر، والأخرى 15.30 متر، فيما يتساوى ارتفاع جميع المظلات في حالة الإغلاق بارتفاع 21.70 متر. وفي يونيو من عام 2012 أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- بالبدء بتنفيذ أكبر توسعة للمسجد النبوي في المدينة المنورة تحت اسم «مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة الحرم النبوي الشريف»، وعلى 3 مراحل، تتسع المرحلة الأولى منها لما يتجاوز 800 ألف مصل، كما ستتم في المرحلتين الثانية والثالثة توسعة الساحتين الشرقية والغربية للحرم، بحيث تستوعب 800 ألف مصل إضافي، وتم البدء بهذا المشروع بعد موسم الحج عام 2012، ويبلغ عدد العقارات المتوقع إزالتها لصالح المشروع 100 عقار تتوزع على الجهتين الشرقية والغربية، ويبلغ إجمالي التعويض عن مساحة تقدر بنحو 12.5 هكتار نحو 25 مليار ريال، ووفق خطط المشروع ستجرى تحسينات للساحات العامة والساحة الاجتماعية حول المسجد.