بعد طول انتظار استبشر المثقفون والأدباء السعوديون بالخطوة العملية من قبل «تطوير الخدمات التعليمية» بتضمين إبداعات الأدباء والمثقفين السعوديين في المناهج الدراسية.
وترجمت شركة تطوير الخدمات التعليمية خطوتها بالتعريف بالأدباء والمثقفين السعوديين من خلال توقيعها اتفاقية تعاون مع كرسي الأدب السعودي في جامعة الملك سعود، لتضمين الكتب المدرسية الإنتاج الأدبي السعودي، تعزيزاً لجهود الأدباء البارزين، وتعريف الطلاب والطالبات بشخصياتهم وإنتاجهم.
ولم تتوقف خطواتهم عند هذا الحد بل عقدوا ورشة عمل شارك فيها نخبة من المتخصصين من مختلف مناطق السعودية لوضع المعايير اللازمة لاختيار الأدباء السعوديين وإنتاجهم الفكري المناسب لتضمينها في الكتب الدراسية.
بيد أن المثفقين والأدباء السعوديين اختلفوا حول كيفية تقديمهم في المناهج، ففئة ترى ضرورة التعريف بهم عبر سيرهم الذاتية ونتاجهم الأدبي، فيما تتجه فئة أخرى لوجهة نظر مختلفة تتمثل في التعريف بهم عبر نتاجهم الأدبي سواء من نصوص شعرية أو نثرية أو قصصية، معللين ذلك بصعوبة التعريف بقائمة كبيرة من المبدعين السعوديين في مختلف مجالات الأدب والثقافة.
فيما ينظرون إلى أن النتاج الأدبي يمكن أن يقدم بحسب الموضوع المتطرق له في كتب النصوص والأدب بمختلف المراحل التعليمية، ما يعطي فرصة أكبر للتعريف بعدد أكثر من الأدباء والمثقفين ذوي الإنتاج الإبداعي الرصين.
«عكاظ» استفصت آراء عدد من الأدباء والمثقفين والإعلاميين حيال الأسماء التي يرشحونها لتكون لها الأولوية لتضمينها ضمن مناهج التعليم.
وعلى الرغم من اعتذار البعض عن تحديد أسماء بعينها مفضلين الحديث العام، فإن شريحة هربت من الوقوع في الحرج بالاعتذار عن الإجابة، فيما لم تجد شريحة ثالثة أي حرج في تحديد بعض الأسماء التي يرونها من وجهة نظرهم الشخصية الأحق في دراسة نتاجها الإبداعي للطالب والطالبة في مختلف المراحل الدراسية.
ويرى المفكر والكاتب الدكتور تركي الحمد أن هناك العديد من الأسماء السعودية التي برزت في مجال الثقافة والأدب والإعلام تستحق أن تخلد وتدرس تجربتها للنشء.
لكنه خص 7 من الأسماء وفق وجهة نظره الشخصية رأى استحقاقهم بالدخول في مناهج التعليم وعلى رأسهم الدكتور عبدالله الغذامي وإبراهيم البليهي وقينان الغامدي ووحيد الغامدي والقاص عبدالله ثابت، فيما اختار من السعوديات عضو مجلس الشورى لطيفة الشعلان وهيلة المشوح.
وشدد الحمد على أن هناك أسماء أخرى تستحق أن تدرس للنشء، لكنه رشح من خطر بباله ورأى أنهم يستحقون تكريمهم من بوابة تدريس سيرتهم وتجاربهم ونتاجهم في المدارس.
ويرشح عضو مجلس الشورى السابق أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالرحمن عناد 4 أسماء لتكون في قائمة الأولويات للأدباء السعوديين الذي يجب تضمينهم في مناهج التعليم وهم الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله-، والدكتور أسامة عبدالرحمن -رحمه الله -، والدكتور منصور الحازمي، والدكتور تركي الحمد.
المعايير والآليات
ويتساءل الكاتب والباحث الدكتور زيد الفضيل عن المعايير والآلية التي سيتم من خلالها اختيار أسماء الأدباء والمثقفين والمبدعين الذين سيتم تضمينهم في المناهج.
رافضا في الوقت نفسه، أن يتم اختزال الإبداع في جنس معين من الأدب، من خلال الاكتفاء بتسليط الضوء على الشعراء والروائيين والمختصين في الأدب دون غيرهم، معللا ذلك بأن الثقافة تتسع للجميع، وهناك مثقفون سعوديون برزوا في مجالات أخرى كالراصدين للحركة الأدبية والثقافية في المملكة، والمؤرخين، والباحثين في مجال التراث العربي.
واستشهد الفضيل بالراصد محمد علي مغربي الذي قدم قراءة مستفيضة عن الحالة الثقافية للحجاز من خلال كتابة بأجزائه الأربعة.
وشدد على وجود أسماء لا يمكن تجاهلها سواء من الرعيل الأول أو من المعاصرين، كحمزة شحاتة ومحمد حسن عواد وحسن القرشي رغم وجودهم حاليا في منهج الأدب لطلاب الثانوية، إضافة لعبدالله بن خميس ومحمد حسين زيدان وحمد الجاسر.
وتحفظ على ذكر أسماء من المعاصرين، مبديا خشيته من الوقوع في إشكالية اختزال الشخصية المثقفة في أساتذة الأدب والمختصين فيه.
وأكد وجود أسماء ليست مختصة في الجانب الأدبي، لكنها تستحق أن تكون ضمن المشهد الثقافي لإنتاجهم الإبداعي وخدماتهم التي أثرت الحركة الثقافية في المملكة كعبدالرحمن الأنصاري الذي كان له دور في تأسيس علم الآثار لدينا وإثراء الحركة المعرفية، إضافة لسعد الراشد والدكتور أحمد عمر الزيلعي وإبراهيم العسكر.
وخلص الفضيل إلى أن الأهم في هذه المرحلة هو وضع المعايير والقيمة الرئيسية التي من خلالها تحدد الأسماء المختارة، مع أهمية التحرر من تكريس الثقافة في جنس معرفي واحد.
الأسماء التنويرية
ويشير الشاعر خالد قماش إلى أن هناك نصوصا للشاعرين عبدالله الصيخان وعبدالله الثبيتي في بعض مناهج التعليم الثانوي والجامعي، مشددا على أن هذا التوجه جاء بعد انتهاء الحقبة المظلمة.
بيد أن قماش يطالب بدخول جميع الأسماء التنويرية التي كتبت القصيدة الحديثة وإدخال نتاجهم الإبداعي في بعض المناهج لطلاب المتوسطة والثانوية والجامعات.
وانتقد توجه القائمين على المناهج في فترة معينة من خلال تكرار أسماء معينة غير فاعلة وانتهى زمنها، رغم أن الإبداع ليس له زمن لكن التكرار وحصر الإبداع في شريحة محددة بسبب المعايير والمحاذير غير منصفة للطرح الإبداع.
وواصل قماش انتقاده لتغليب تدريس الأدباء والمثقفين العرب والمبالغة بذلك على حساب المبدعين السعوديين الذين وصل صدى أسمائهم ونتاجهم الأدبي والإبداعي مشارق الأرض ومغاربها، ومع ذلك لم نر لهم وجودا لا في منهج ولا مؤسسة ثقافية، رغم أنها كانت في فترات سابقة.
وأيد تضمين المناهج للأدباء السعوديين، مشترطا الابتعاد عن الشللية والمحسوبيات، على أن يكون المعيار إبداعيا سواء أكانت سيرا ذاتية أو نصا سرديا أو شعريا.
نماذج منوعة
ويفضل الصحفي المتخصص في الشؤون الثقافية نايف كريري تقسيم المبدعين السعوديين الذين يجب أن تضمّن سيرهم وإبداعهم في المناهج لثلاثة أقسام: مثقون عامون، وشعراء، وروائيون.
واقترح في كل فئة مجموعة من الأسماء، بحيث تُضمّن في قائمة الشعراء كلا من محمد السنوسي، حسن السبع، صالح الزهراني، محمد الثبيتي، عبدالله الصيخان، محمد يعقوب، حسين سرحان.
فيما تضم قائمة الروائيين جارالله الحميد، جبير المليحان، عبدالرحمن منيف، عبدالعزيز مشري، عبده خال، محمد علوان، يوسف المحيميد، حسن حجاب الحازمي، أميمة الخميس.
ووضع في قائمة المثقفين المقترح تضمينهم في المناهج كلا من غازي القصيبي، عبدالله الغذامي، إبراهيم البليهي، عبدالرحمن أبوعقيل
سعد البازعي، زياد الدريس، فهد العرابي الحارثي، سعيد السريحي، عبدالفتاح أبو مدين، علي النملة.
تطوير التعليم: 4 جهات مشاركة في صياغة المحتوى
حددت شركة تطوير الخدمات التعليمية المسؤولة عن خطوة تضمين الأدباء والمثففين السعوديين في مناهج التعليم معايير الاختيار، إذ بينت أنها تعتمد إلى حد كبير على الإسهام الوطني بالدرجة الأولى وقوة السيرة الذاتية وما تحمله من جوانب مختلفة لمحطات تاريخية متنوعة في حياة كل أديب، وكذلك التنوع في المضمون والحقبة الزمنية التي عاصرها، والانتشار الإقليمي والعالمي للإنتاج الأدبي، ووفقاً لمعايير دقيقة بحيث يكون لكل عام دراسي خصوصية وفقاً للمستويات العمرية.
وأفادت أنها قطعت خطوات كبيرة في التواصل مع عدد من الجهات في تطوير المنهج، شملت دارة الملك عبدالعزيز، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وهيئة حقوق الإنسان، وأخيرا كرسي الأدب السعودي، بهدف إعداد محتوى تعليمي ثري وموثوق يسهم في بناء الشخصية المتكاملة ويعزز الانتماء الوطني والافتخار بإنجازات الوطن
وعدت خطوة حضور الأدباء السعوديين في المناهج الدراسية عبر مراحل التعليم العام خطوة تربوية مهمة باعتبارهم مرآة صادقة لحياة الشعوب وشاهدا على ثقافتها وتطورها، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه سيتم تقديم صورة كاملة للأدب والأدباء في جميع المراحل الدراسية وفقاً للواقع المعاصر وبما يخدم العملية التعليمية والتربوية.
النقاد يرفضون تحديد الأسماء ويختلفون: التدريس للنصوص أم للسير الذاتية؟
لا يحبذ عدد من النقاد والمثقفين تحديد أسماء بعينها لتضمينها في المناهج، مفضلين أن تكون هناك آلية معينة وأولويات في تحديد الأسماء التي يجب أن تدرس، وتباينت آراؤهم حيال أن تكون الأولوية لتدريس نصوصهم أم الاكتفاء بسيرتهم الذاتية.
فيرى رئيس نادي جدة الأدبي السابق الناقد الدكتور عبدالمحسن القحطاني أن يكون التعريف بقوائم المبدعين السعوديين من الأدباء والمثقفين من خلال نصوصهم سواء أكانت نثرا أو شعرا أو قصة أو خلافه، على أن يؤخذ بالاعتبار وضع تراجم لهؤلاء الأدباء تعرف بهم كحاشية لهذه النصوص التي تتواءم مع الموضوعات التي يتم التطرق لها في المناهج.
وعلل القحطاني اتجاهه للتعريف بواسطة النص دون الإسهاب في سرد السير الشخصية فقط، لكثرة الأسماء وصعوبة الأخذ بها جميعا، لذلك من الأفضل تقدميها من خلال نتاجها الأدبي، ومن ثم التعريف بها سيكون أشمل وأكثر فائدة للدارس وأكثر رسوخا في الذهن، شريطة أن يكون هناك تنوع مع الأخذ في الاعتبار مناسبة النصوص مع المواضيع المتطرقة لها في المناهج.
فيما يرفض أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة الملك سعود الدكتور صالح زياد ترشيح أسماء بعينها قائلا: «لا أحبذ، من جهتي، أن أبادر إلى تعيين أسماء الأدباء الذين تصلح نصوصهم للتضمين في مناهج التعليم، وذلك لأن ذكر هذه الأسماء ينطوي على أحكام تفضيل وترتيب لن تبرأ من المجازفة والانطباعية والعشوائية، خصوصا في مقام عاجل لا يسمح بالإطالة».
ويؤكد وجود عدد من الأسماء من الذكور والإناث ومن الشباب والشيوخ ومن مدارس أدبية مختلفة وفي أجناس أدبية متنوعة يمكن أن تضمن في المناهج.
ويشير إلى أن موضوع الاختيار لمقررات تعليمية في مدارس التعليم العام، يُحكم بمستوى الطلاب والأغراض التربوية والتعليمية المقصودة وليس الأدبية فحسب.
ويشدد على أن المعايير النظرية للاختيار، على الرغم من أهميتها، لن تغني عن أهمية الذائقة وامتياز الإحساس بالنصوص الأدبية.
وأضاف: «هذه يمكن تجسيدها في اختيار أعضاء اللجنة الذين يوكل إليهم الاختيار والتأليف، وذلك بمعرفة صلتهم بالأدب السعودي وقدرتهم على التذوق والفهم والتمييز، ومرونة إحساسهم، وعدم انغلاقهم في وجهة من التيارات والمدارس والأجناس».
ولا يذهب أستاذ النقد والنظرية بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود الدكتور معجب العدواني بعيدا عن رأيي سابقيه، مؤكدا أن هناك أسماء كثيرة يحتاج التوقف عندها.
واستدرك: «لكن المشكلة ليس في إظهار الأسماء وإبرازها، لأن معظم الأسماء معروفة وليست بحاجة للتعريف».
واستدرك: «لكن من المعيب أن تكون معروفة عربيا وعالميا وغائبة عن النشء وعدم وجودهم داخل المنظومة».
وطالب اللجان أن توضع معايير دقيقة لاختيار الأسماء، وهناك من الأسماء جديرة بأن تكون موجودة داخل هذه المنظومة وقد لا تتسع المساحة لهذه القائمة، ولكن وجود نسبة بمعدل جيد، مشددا على وجود نماذج مغيبة في المشهد الثقافي رغم استحقاق أن تكون في المقدمة.
وأبدى العدواني تخوفه من أن تكون المعايير سببا في تغييب بعض الأسماء، في ظل وجود قائمة تليق بالأدب السعودي.
وقال: «لن أملي أسماء، وليست من صلاحياتي، لكني أشعر أنه من المهم أن يكون هناك تمثيل جيد لقائمة الأدباء».
وعاد ليبدي ثقته باختيار لجنة علمية تعمل بشكل منهجي وعلى قدر من المسؤولية، وأن لا تقع في أخطاء لجان سابقة.
وترجمت شركة تطوير الخدمات التعليمية خطوتها بالتعريف بالأدباء والمثقفين السعوديين من خلال توقيعها اتفاقية تعاون مع كرسي الأدب السعودي في جامعة الملك سعود، لتضمين الكتب المدرسية الإنتاج الأدبي السعودي، تعزيزاً لجهود الأدباء البارزين، وتعريف الطلاب والطالبات بشخصياتهم وإنتاجهم.
ولم تتوقف خطواتهم عند هذا الحد بل عقدوا ورشة عمل شارك فيها نخبة من المتخصصين من مختلف مناطق السعودية لوضع المعايير اللازمة لاختيار الأدباء السعوديين وإنتاجهم الفكري المناسب لتضمينها في الكتب الدراسية.
بيد أن المثفقين والأدباء السعوديين اختلفوا حول كيفية تقديمهم في المناهج، ففئة ترى ضرورة التعريف بهم عبر سيرهم الذاتية ونتاجهم الأدبي، فيما تتجه فئة أخرى لوجهة نظر مختلفة تتمثل في التعريف بهم عبر نتاجهم الأدبي سواء من نصوص شعرية أو نثرية أو قصصية، معللين ذلك بصعوبة التعريف بقائمة كبيرة من المبدعين السعوديين في مختلف مجالات الأدب والثقافة.
فيما ينظرون إلى أن النتاج الأدبي يمكن أن يقدم بحسب الموضوع المتطرق له في كتب النصوص والأدب بمختلف المراحل التعليمية، ما يعطي فرصة أكبر للتعريف بعدد أكثر من الأدباء والمثقفين ذوي الإنتاج الإبداعي الرصين.
«عكاظ» استفصت آراء عدد من الأدباء والمثقفين والإعلاميين حيال الأسماء التي يرشحونها لتكون لها الأولوية لتضمينها ضمن مناهج التعليم.
وعلى الرغم من اعتذار البعض عن تحديد أسماء بعينها مفضلين الحديث العام، فإن شريحة هربت من الوقوع في الحرج بالاعتذار عن الإجابة، فيما لم تجد شريحة ثالثة أي حرج في تحديد بعض الأسماء التي يرونها من وجهة نظرهم الشخصية الأحق في دراسة نتاجها الإبداعي للطالب والطالبة في مختلف المراحل الدراسية.
ويرى المفكر والكاتب الدكتور تركي الحمد أن هناك العديد من الأسماء السعودية التي برزت في مجال الثقافة والأدب والإعلام تستحق أن تخلد وتدرس تجربتها للنشء.
لكنه خص 7 من الأسماء وفق وجهة نظره الشخصية رأى استحقاقهم بالدخول في مناهج التعليم وعلى رأسهم الدكتور عبدالله الغذامي وإبراهيم البليهي وقينان الغامدي ووحيد الغامدي والقاص عبدالله ثابت، فيما اختار من السعوديات عضو مجلس الشورى لطيفة الشعلان وهيلة المشوح.
وشدد الحمد على أن هناك أسماء أخرى تستحق أن تدرس للنشء، لكنه رشح من خطر بباله ورأى أنهم يستحقون تكريمهم من بوابة تدريس سيرتهم وتجاربهم ونتاجهم في المدارس.
ويرشح عضو مجلس الشورى السابق أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالرحمن عناد 4 أسماء لتكون في قائمة الأولويات للأدباء السعوديين الذي يجب تضمينهم في مناهج التعليم وهم الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله-، والدكتور أسامة عبدالرحمن -رحمه الله -، والدكتور منصور الحازمي، والدكتور تركي الحمد.
المعايير والآليات
ويتساءل الكاتب والباحث الدكتور زيد الفضيل عن المعايير والآلية التي سيتم من خلالها اختيار أسماء الأدباء والمثقفين والمبدعين الذين سيتم تضمينهم في المناهج.
رافضا في الوقت نفسه، أن يتم اختزال الإبداع في جنس معين من الأدب، من خلال الاكتفاء بتسليط الضوء على الشعراء والروائيين والمختصين في الأدب دون غيرهم، معللا ذلك بأن الثقافة تتسع للجميع، وهناك مثقفون سعوديون برزوا في مجالات أخرى كالراصدين للحركة الأدبية والثقافية في المملكة، والمؤرخين، والباحثين في مجال التراث العربي.
واستشهد الفضيل بالراصد محمد علي مغربي الذي قدم قراءة مستفيضة عن الحالة الثقافية للحجاز من خلال كتابة بأجزائه الأربعة.
وشدد على وجود أسماء لا يمكن تجاهلها سواء من الرعيل الأول أو من المعاصرين، كحمزة شحاتة ومحمد حسن عواد وحسن القرشي رغم وجودهم حاليا في منهج الأدب لطلاب الثانوية، إضافة لعبدالله بن خميس ومحمد حسين زيدان وحمد الجاسر.
وتحفظ على ذكر أسماء من المعاصرين، مبديا خشيته من الوقوع في إشكالية اختزال الشخصية المثقفة في أساتذة الأدب والمختصين فيه.
وأكد وجود أسماء ليست مختصة في الجانب الأدبي، لكنها تستحق أن تكون ضمن المشهد الثقافي لإنتاجهم الإبداعي وخدماتهم التي أثرت الحركة الثقافية في المملكة كعبدالرحمن الأنصاري الذي كان له دور في تأسيس علم الآثار لدينا وإثراء الحركة المعرفية، إضافة لسعد الراشد والدكتور أحمد عمر الزيلعي وإبراهيم العسكر.
وخلص الفضيل إلى أن الأهم في هذه المرحلة هو وضع المعايير والقيمة الرئيسية التي من خلالها تحدد الأسماء المختارة، مع أهمية التحرر من تكريس الثقافة في جنس معرفي واحد.
الأسماء التنويرية
ويشير الشاعر خالد قماش إلى أن هناك نصوصا للشاعرين عبدالله الصيخان وعبدالله الثبيتي في بعض مناهج التعليم الثانوي والجامعي، مشددا على أن هذا التوجه جاء بعد انتهاء الحقبة المظلمة.
بيد أن قماش يطالب بدخول جميع الأسماء التنويرية التي كتبت القصيدة الحديثة وإدخال نتاجهم الإبداعي في بعض المناهج لطلاب المتوسطة والثانوية والجامعات.
وانتقد توجه القائمين على المناهج في فترة معينة من خلال تكرار أسماء معينة غير فاعلة وانتهى زمنها، رغم أن الإبداع ليس له زمن لكن التكرار وحصر الإبداع في شريحة محددة بسبب المعايير والمحاذير غير منصفة للطرح الإبداع.
وواصل قماش انتقاده لتغليب تدريس الأدباء والمثقفين العرب والمبالغة بذلك على حساب المبدعين السعوديين الذين وصل صدى أسمائهم ونتاجهم الأدبي والإبداعي مشارق الأرض ومغاربها، ومع ذلك لم نر لهم وجودا لا في منهج ولا مؤسسة ثقافية، رغم أنها كانت في فترات سابقة.
وأيد تضمين المناهج للأدباء السعوديين، مشترطا الابتعاد عن الشللية والمحسوبيات، على أن يكون المعيار إبداعيا سواء أكانت سيرا ذاتية أو نصا سرديا أو شعريا.
نماذج منوعة
ويفضل الصحفي المتخصص في الشؤون الثقافية نايف كريري تقسيم المبدعين السعوديين الذين يجب أن تضمّن سيرهم وإبداعهم في المناهج لثلاثة أقسام: مثقون عامون، وشعراء، وروائيون.
واقترح في كل فئة مجموعة من الأسماء، بحيث تُضمّن في قائمة الشعراء كلا من محمد السنوسي، حسن السبع، صالح الزهراني، محمد الثبيتي، عبدالله الصيخان، محمد يعقوب، حسين سرحان.
فيما تضم قائمة الروائيين جارالله الحميد، جبير المليحان، عبدالرحمن منيف، عبدالعزيز مشري، عبده خال، محمد علوان، يوسف المحيميد، حسن حجاب الحازمي، أميمة الخميس.
ووضع في قائمة المثقفين المقترح تضمينهم في المناهج كلا من غازي القصيبي، عبدالله الغذامي، إبراهيم البليهي، عبدالرحمن أبوعقيل
سعد البازعي، زياد الدريس، فهد العرابي الحارثي، سعيد السريحي، عبدالفتاح أبو مدين، علي النملة.
تطوير التعليم: 4 جهات مشاركة في صياغة المحتوى
حددت شركة تطوير الخدمات التعليمية المسؤولة عن خطوة تضمين الأدباء والمثففين السعوديين في مناهج التعليم معايير الاختيار، إذ بينت أنها تعتمد إلى حد كبير على الإسهام الوطني بالدرجة الأولى وقوة السيرة الذاتية وما تحمله من جوانب مختلفة لمحطات تاريخية متنوعة في حياة كل أديب، وكذلك التنوع في المضمون والحقبة الزمنية التي عاصرها، والانتشار الإقليمي والعالمي للإنتاج الأدبي، ووفقاً لمعايير دقيقة بحيث يكون لكل عام دراسي خصوصية وفقاً للمستويات العمرية.
وأفادت أنها قطعت خطوات كبيرة في التواصل مع عدد من الجهات في تطوير المنهج، شملت دارة الملك عبدالعزيز، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وهيئة حقوق الإنسان، وأخيرا كرسي الأدب السعودي، بهدف إعداد محتوى تعليمي ثري وموثوق يسهم في بناء الشخصية المتكاملة ويعزز الانتماء الوطني والافتخار بإنجازات الوطن
وعدت خطوة حضور الأدباء السعوديين في المناهج الدراسية عبر مراحل التعليم العام خطوة تربوية مهمة باعتبارهم مرآة صادقة لحياة الشعوب وشاهدا على ثقافتها وتطورها، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه سيتم تقديم صورة كاملة للأدب والأدباء في جميع المراحل الدراسية وفقاً للواقع المعاصر وبما يخدم العملية التعليمية والتربوية.
النقاد يرفضون تحديد الأسماء ويختلفون: التدريس للنصوص أم للسير الذاتية؟
لا يحبذ عدد من النقاد والمثقفين تحديد أسماء بعينها لتضمينها في المناهج، مفضلين أن تكون هناك آلية معينة وأولويات في تحديد الأسماء التي يجب أن تدرس، وتباينت آراؤهم حيال أن تكون الأولوية لتدريس نصوصهم أم الاكتفاء بسيرتهم الذاتية.
فيرى رئيس نادي جدة الأدبي السابق الناقد الدكتور عبدالمحسن القحطاني أن يكون التعريف بقوائم المبدعين السعوديين من الأدباء والمثقفين من خلال نصوصهم سواء أكانت نثرا أو شعرا أو قصة أو خلافه، على أن يؤخذ بالاعتبار وضع تراجم لهؤلاء الأدباء تعرف بهم كحاشية لهذه النصوص التي تتواءم مع الموضوعات التي يتم التطرق لها في المناهج.
وعلل القحطاني اتجاهه للتعريف بواسطة النص دون الإسهاب في سرد السير الشخصية فقط، لكثرة الأسماء وصعوبة الأخذ بها جميعا، لذلك من الأفضل تقدميها من خلال نتاجها الأدبي، ومن ثم التعريف بها سيكون أشمل وأكثر فائدة للدارس وأكثر رسوخا في الذهن، شريطة أن يكون هناك تنوع مع الأخذ في الاعتبار مناسبة النصوص مع المواضيع المتطرقة لها في المناهج.
فيما يرفض أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة الملك سعود الدكتور صالح زياد ترشيح أسماء بعينها قائلا: «لا أحبذ، من جهتي، أن أبادر إلى تعيين أسماء الأدباء الذين تصلح نصوصهم للتضمين في مناهج التعليم، وذلك لأن ذكر هذه الأسماء ينطوي على أحكام تفضيل وترتيب لن تبرأ من المجازفة والانطباعية والعشوائية، خصوصا في مقام عاجل لا يسمح بالإطالة».
ويؤكد وجود عدد من الأسماء من الذكور والإناث ومن الشباب والشيوخ ومن مدارس أدبية مختلفة وفي أجناس أدبية متنوعة يمكن أن تضمن في المناهج.
ويشير إلى أن موضوع الاختيار لمقررات تعليمية في مدارس التعليم العام، يُحكم بمستوى الطلاب والأغراض التربوية والتعليمية المقصودة وليس الأدبية فحسب.
ويشدد على أن المعايير النظرية للاختيار، على الرغم من أهميتها، لن تغني عن أهمية الذائقة وامتياز الإحساس بالنصوص الأدبية.
وأضاف: «هذه يمكن تجسيدها في اختيار أعضاء اللجنة الذين يوكل إليهم الاختيار والتأليف، وذلك بمعرفة صلتهم بالأدب السعودي وقدرتهم على التذوق والفهم والتمييز، ومرونة إحساسهم، وعدم انغلاقهم في وجهة من التيارات والمدارس والأجناس».
ولا يذهب أستاذ النقد والنظرية بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود الدكتور معجب العدواني بعيدا عن رأيي سابقيه، مؤكدا أن هناك أسماء كثيرة يحتاج التوقف عندها.
واستدرك: «لكن المشكلة ليس في إظهار الأسماء وإبرازها، لأن معظم الأسماء معروفة وليست بحاجة للتعريف».
واستدرك: «لكن من المعيب أن تكون معروفة عربيا وعالميا وغائبة عن النشء وعدم وجودهم داخل المنظومة».
وطالب اللجان أن توضع معايير دقيقة لاختيار الأسماء، وهناك من الأسماء جديرة بأن تكون موجودة داخل هذه المنظومة وقد لا تتسع المساحة لهذه القائمة، ولكن وجود نسبة بمعدل جيد، مشددا على وجود نماذج مغيبة في المشهد الثقافي رغم استحقاق أن تكون في المقدمة.
وأبدى العدواني تخوفه من أن تكون المعايير سببا في تغييب بعض الأسماء، في ظل وجود قائمة تليق بالأدب السعودي.
وقال: «لن أملي أسماء، وليست من صلاحياتي، لكني أشعر أنه من المهم أن يكون هناك تمثيل جيد لقائمة الأدباء».
وعاد ليبدي ثقته باختيار لجنة علمية تعمل بشكل منهجي وعلى قدر من المسؤولية، وأن لا تقع في أخطاء لجان سابقة.