-A +A
د.عبدالعزيز معتوق حسنين *
من اشهر كلمات رئيس وزراء المملكة المتحدة الراحل السير ونستن تشيرشل ذكرها في خطبته للعالم عند اعلان انتهاء الحرب العالمية الثانية قال: لم يحدث في تاريخ البشرية انه عمل الكثير من القلة للكثير وكان يقصد ان الجيش البريطاني الملكي "وهو القلة" قد عمل الكثير في انتصاره على الجيش الالماني وانقذ العالم "وهو الكثير" وانهى الحرب العالمية الثانية، ولكن هنا اكرر كلمات رئيس الوزراء لاقصد بها مجموعة صغيرة من اطباء فرنسيين "وهم القلة" الذين عملوا الكثير للكثير "وهم شعوب العالم" وقدموا لمن يحتاج منهم كل ما استطاعوا من العناية الطبية، اشتهر هؤلاء القلة بمسمى "اطباء بلا حدود" اسسها برنار كوشنير في عام 1971 وقد اصبحت منظمة طبية وانسانية دولية مهمتها الاساسية تقديم المساعدات الطبية للذين يعانون من ازمات مختلفة حول العالم، وتعتمد المنظمة في عملها على المتطوعين من اطباء كونها مستقلة عن جميع الدول والمؤسسات الحكومية وعن جميع التأثيرات والقوى السياسية والاقتصادية والدينية والحزبية.
وتم تأسيس منظمة اطباء بلا حدود عام 1971 من قبل مجموعة صغيرة من اطباء فرنسيين امنوا بالعزم والعمل "لا بالقول والاعلام" بأن جميع البشر لهم الحق في الحصول على العناية الطبية والانسانية وتعتبر حاليا واحدة من اكبر المنظمات الانسانية التي تقدم المساعدات الطبية الطارئة في شتى الميادين الطبية منها والاجتماعية والانسانية كما يقوم متطوعو المنظمة بالادلاء بشهادات ميدانية وحية بالصوت والصورة على ما تسببه الكوارث الطبيعية وتلك التي هي من صنع يد الانسان كالصراعات والحروب وهو ما يحدث اليوم بكل "اسف" عبر الدول الاسلامية والعربية منها اندونيسيا ولبنان والعراق وافغانستان وفلسطين وقارة افريقيا، ومنذ تأسيس المنظمة تعهد ملايين المتبرعين في كافة انحاء العالم بدعم عملياتها ومساندتها. هذه المشاركة قد تأخذ شكل تبرعات من حين الى اخر او شكل تبرعات مباشرة ومنتظمة في الزمن مما يضمن دوام الموارد المالية والاستقلالية التامة اثناء تنفيذ البرامج الطبية والانسانية في الميدان. تتكون منظمة اطباء بلا حدود من خمسة مراكز تنفيذية "مكتب فرنسا، بلجيكا، سويسرا، اسبانيا وهولندا" يعملون على جمع التبرعات المالية الضرورية لتسيير البرامج والقيام بعمليات توعية حول عدة قضايا ومشاكل طبية او انسانية اضافة الى تبادل الافكار والتجارب مع المنظمات الانسانية الاخرى والمؤسسات الدولية السؤال الذي يطرح نفسه واطرحه انا بصفتي طبيبا: اين دور المسلمين والعرب في هذه المنظمة التي يأمرنا بعملها نحن المسلمين ربنا رب العزة والجلال، فانني بكل تواضع واحترام اقترح على وزير الصحة ان يبادر في رفع دراسة كاملة ويعرضها على مجلس الشورى ومن ثم الى مجلس الوزراء لتأسيس مركز رئيسي تنفيذي وفعال يكون شريكا لهذه المنظمة العظيمة ويؤسس هذا المركز في العاصمة المقدسة بيت الله الحرام مكة المكرمة التي دعا لها ابو الانبياء عليه السلام في دعائه: رب اجعل هذا بلدا آمنا.

* استشاري الباطنية والسكري
فاكس: 6721108