-A +A
د. طلال صالح بنان
رغم خوض الانتخابات الأولوية لـ24 ولاية أمريكية في ما يُطلق عليه الثلاثاء الكبير أمس الأول لاختيار مرشحي الحزبين الكبيرين (الجمهوري والديموقراطي) لانتخابات الرئاسة في نوفمبر المقبل، لم تسفر تلك الانتخابات عن حسم معركة الترشيح لخوض الانتخابات الرئاسية لـ2008، عن تمكين أي مرشح من المرشحين الخمسة الباقين في السباق، في كلا الحزبين بترشيح حزبه لخوض الانتخابات الرئاسية. المرشح الديموقراطي يحتاج إلى 2025 مندوبا في مؤتمر الحزب القادم ليفوز بترشيح حزبه.. بينما يحتاج المرشح الجمهوري 1191 مندوبا للفوز بترشيح حزبه لخوض انتخابات الرئاسة القادمة. وإذا عرفنا أنه عدا المرشح الجمهوري جون ماكين، في الجانب الديموقراطي لم يحصل بنهاية انتخابات الثلاثاء الكبير على نصف ما يحتاجه من المندوبين، للفوز بترشيح الحزب، يظهر لنا مدى صعوبة وشراسة الانتخابات التمهيدية، لكلا الحزبين.. وصعوبة الاستشراف، من الآن، أي من المرشحين المتقدمين الثلاثة في كلا الحزبين بأن يفوز بثقة حزبه لخوض الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادمة.
آخر ما وصل من نتائج انتخابات الثلاثاء الكبير عند كتابة هذه المادة، بلغ ما حصلت عليه السيناتور هيلاري كلنتون 724 مندوبا، بينما حصل السيناتور أوباما على 646 مندوباً.. في الوقت الذي حصل فيه النائب ماكين الذي يُعد متقدماً عن المرشحين الجمهوريين الآخرين رومني وهيكابي على 575 مندوباً، بالكاد يتجاوز نصف ما يحتاجه من مندوبين للفوز بترشيح الحزب الجمهوري.

هذه إحصاءات غير نهائية، لأن هناك تعقيداً في حساب أنصبة كل مرشح من مندوبي الولايات الأربع والعشرين التي جرت فيها الانتخابات التمهيدية يوم الثلاثاء الكبير. فحساب هذه الأنصبة، يختلف من حزب لآخر ومن ولاية لأخرى. بينما نجد في الحزب الجمهوري من يحصل على غالبية الأصوات الشعبية في ولاية يحصد جميع مندوبيها، نجد أنظمة الحزب الديموقراطي وبعض الولايات تُقسم المندوبين تناسبياً وفقاً للأصوات الشعبية... لدرجة أنه في بعض الأحيان ليس بشرط أن تعكس الأصوات الشعبية نصيب المرشحين من المندوبين، تبعاً لتقسيم المقاطعات من ولاية لأخرى، طبقاً لوزنها الانتخابي. على أي حال، بنهاية رصد جميع الأصوات خلال يومين، يمكن توقع اختلاف الأرقام التي وردت في السابق، خاصة بالنسبة للحزب الديموقراطي.
القضية المهمة هنا، ليس وصول إي من المرشحين للفوز بترشيح الحزب، بقدر اكتشاف الإمكانات الانتخابيه لكلٍ من مرشحي الحزبين للفوز على مرشح الحزب الآخر في الانتخابات الرئاسية القادمة. وهذا ما يكشف عنه سلوك الناخب العادي في الانتخابات التمهيدية ليسترشد به خيار الناخب "السوبر" في الحزب، من أجل تفضيل مرشح على مرشح.
في انتخابات الثلاثاء الكبير أظهر أوباما ليس فقط قدرته الحصول على معظم أصوات الناخبين السود في ولايات يتمتع بها السود بأغلبية سكانية كبيرة مثل جورجيا والاباما... بل أيضاً التقدم في ولايات يسكنها أغلبية من المواطنين البيض، مثل ولايات في الساحل الشرقي الشمالي للولايات المتحدة مثل: ديلور وكنتكت وولايات في أقصى الشمال مثل منيسوتا ونورث داكوتا وألاسكا والغرب الأوسط مثل كولورادو وأيدهو ويوتا وميسوري، بالإضافة إلى ولايته الأصلية إلينوي. هذا التنوع في شعبية أوباما الذي لا يعتمد أساساً على معايير عرقية ويستمد قوته أساساً من استقطاب الشباب والليبراليين، وفق شعاره للتغيير، هو ما يقلق السيدة كلنتون وطاقمها الانتخابي. وإن كان السيناتور أوباما قد فقد كثيراً بفوز السيدة كلنتون عليه في ولاية ماساشيوستس، بالرغم من تأييد حاكمها المرشح الديموقراطي السابق في انتخابات 2004 جون كيري.. ودعم عائلة آل كندي له.
بانتخابات الثلاثاء الكبير تكون أكثر من نصف الولايات الأمريكية قد حددت خياراتها تجاه المرشحين الخمسة من الحزبين، إلا أنه يظل بعيداً استشراف أي من هؤلاء الخمسة كونه يمثل حزبه في انتخابات الرئاسة القادمة. النتيجة قد تبقى معلقة إلى الربيع المقبل.