-A +A
عابد هاشم
نخطئ كثيرا في حصر المعاناة على شريحة او فئة بعينها من بين شرائح وفئات المجتمع بمبرر ربط المعاناة بمستوى الحياة المعيشية ومدى ما يعتريها من تباين بين هذه الشرائح في هذا الجانب، فهناك من يرفل في اقصى درجات الرفاهية ورغد العيش الا انه على الرغم من هذا كله يعاني. ومع هذا قد نجد هناك من ينكر على هذا النموذج من المرفهين والمنعمين أي شيء يمت للمعاناة بصلة!، وهنا مكمن الخطأ ومحدودية الرؤى ان لم يكن الفكر. من خلال هذا التأطير المجحف للمعاناة والمعنيين بها. فالحياة تفيض بما لا حصر له من الحالات التي تصب في محيط الغارقين في غدق العيش ورغد الحياة ومع هذا تجدهم في معاناة بالغة جراء ما فرضته عليهم الاقدار التي لا يملك امامها العبد الا الايمان والتسليم والحمد والشكر لمسير الاقدار سبحانه وتعالى من مرتكز "الايمان بالقدر خير وشره"، فالصحة نعمة وتاج على رؤوس الاصحاء لا تعرف قيمتها واولويتها في الاهمية في حياة أي انسان، بل انه بدونها او تأثرها تتلاشى اهمية وقيمة ما سواها من المكاسب والمكتسبات المادية وخاصة عندما تبلغ درجة الاعتلال في الصحة حداً لا تغني عنه ولا تجدي معه كل كنوز الدنيا ناهيك عن ما سواها من "فواره"، ليس هذا فحسب بل ان ما قد تفرضه بعض العلل والاسقام من حرمان وحمية قاسية تجعل من قدر عليه مقدر الاقدار يتمنى مقابل تجاوزه هذا الابتلاء ان يتنازل عن كل ما يملكه من مال وجاه و.. و.. الخ، في سبيل ان يحيا سليما معافا وينعم بما ينعم به من منّ الله عليه بالصحة والعافية في ظل ما سيأتي بعدها ومن خلالها بعد توفيق الله من ابسط سبل العيش الشريف والستر، وهو حين يأمل ويتمنى مقايضة حياته المادية بكل ارقامها وانواعها بحياة الانسان السليم في بدنه واعضائه البسيط في معيشته فذلك لانه يعيش معاناة عجز عن تجاوزها بكل ثرائة واملاكه لكنه مع هذا لا ينبغي ان يعجز عن حمد الله وشكره، وما هذا الا صنف من صنوف المعاناة وللحديث بقية. والله من وراء القصد
تأمل :

اعاني الساعة واعاني مسافات
واعاني رياح الليالي العتية
ص.ب 70188 جدة 21567