-A +A
د. طلال صالح بنان
السباق إلى البيت الأبيض بين الديموقراطيين والجمهوريين وصل إلى مراحل متقدمة من الحرج، خاصة في المعسكر الديموقراطي. بانتخابات يومي السبت والأحد، يكون الناخبون الديموقراطيون قد صوتوا في ثلاثين ولاية، ولم يبق سوى 20 ولاية، قبل عقد مؤتمر الحزب القادم في الصيف بمدينة دينفر بولاية كولورادو حين يختار الحزب مرشحه في المرحلة الثانية والأخيرة في الخريف المقبل.
في الجانب الجمهوري تُعتبر المعركة أقرب إلى الحسم، بتفوق النائب جون ما كين على حاكم ولاية أركنساس مايك هاكبي، بفارق أكثر من 1 إلى 3 من أعداد المندوبين. إلا أن الحاكم هاكبي، وهو معمداني ملتزم، يؤمن كما صرح: بالمعجزات وليس بالرياضيات، في إشارة إلى استمراره في السباق لعل وعسى تحدث معجزة، ويفوز بثقة الحزب الجمهوري..!؟

لكن ما يأمله الحاكم هاكابي ليس حدوث معجزة، بقدر تأخير حسم المعركة للصيف القادم، حتى يضمن على الأقل المساومة على منصب نائب الرئيس، خاصةً وهو الذي يحظى بدعم اليمينيين الجدد، حيث يأمل منهم الضغط لمضايقة النائب ماكين في مؤتمر الحزب لتبني أفكارهم وسياستهم، بتقديم نفسه على أنه الوريث الشرعي لعهد الرئيس بوش، حيث يتهم المحافظون الجدد النائب ما كين بأنه: ليبرالي الهوى والعقيدة.إلا أن الفصل الأكثر إثارة للاهتمام في الحملة الانتخابية الحالية يكمن في تنافس المرشحين الديمقراطيَين السيناتور هيلاري كلينتون والسيناتور باراك أوباما بنهاية الانتخابات التمهيدية في ولاية ماين، يكون السيناتور أوباما قد قلص الفارق بينه وبين السيدة كلينتون إلى الصفر، حيث بلغ أعداد المندوبين لكليهما 1121 مندوباً، ليبقى لكلٍ منهما أقل من 1000 مندوب، حتى مؤتمر الحزب في أغسطس القادم..
من السبت إلى الاثنين الماضيين، فاز السيناتور أوباما بأربع ولايات مهمة: ولاية واشنطن في أقصى الشمال الغربي.. ولاية نبراسكا في الوسط.. وولاية لويزيانا في الجنوب.. وولاية ماين في الشمال الشرقي. ولايات تكمن أهميتها ليس في موقعها الجغرافي التضاريسي، ولكن في موقعها السكاني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي. ولايات واشنطون ونبراسكا ومين، تتمركز فيها أغلبية بيضاء، وليست من بين الولايات التي يغلب على سكانها أصول أفريقية سوداء، مثل لويزيانا. هذا يعكس مدى الشعبية التي يتمتع بها السيناتور أوباما بين البيض والسود، وإن كان لا يحظى بنفس المكانة السياسية عند سكان أمريكا المنحدرين من أصول لاتينية أو إسبانية ( الهسبانك").
هنا يكمن مصدر الإزعاج الأساسي الذي تشعر به هيلاري حيث لم يعد في الهيئة الناخبة من يؤيدها سوى النساء وكبار السن و"الهسبانك"، مما يشكك في شعارها بالخبرة والمضاء، مقابل شعار أوباما في التغيير والتبشير بعهدٍ جديد يقلب الأوضاع السياسية في واشنطن رأساً على عَقِب... وهو ما يميل إليه الشباب، من كل الأجناس والألوان.
لم تبد كلينتون روحاً سياسية ( رياضية )، عندما تجاهلت فوز أوباما في الأربع ولايات الأخيرة، واختارت أن تُقدم نفسها للناخبين بأنها الأقدر على منافسة الجمهوري ماكين، المشكلة لو تأكد انقسام الناخبين الديموقراطيين، حتى مؤتمر الحزب في أغسطس في مدينة دينفر، وتُرِك الأمر ليُحسم ضمن سياسة الشد والجذب داخل الحزب للفوز بالأصوات الترجيحية للمندوبين ( السوبر ). عندها سيفقد الحزب كثيراً في قاعدته الانتخابية العريضة.. وربما يخسر الانتخابات لصالح الجمهوريين. التاريخ يقول: إنه منذ الستينات إذا لم تحسم الهيئة الناخبة عند القاعدة النتيجة لأحد المتنافسين، فإن الحزب الديموقراطي غالباً ما كان يخسر السباق للبيت الأبيض.