-A +A
احمد العرياني - حامد العطاس (جدة)تصوير : محمد باكراع
أكد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة انه في ظل التحولات والسياسات الاصلاحية الاقتصادية بالمملكة كان لابد ان تأخذ السياحة حقها على الخارطة الاقتصادية توظيفا للمقومات وحماية لقيم المجتمع واقتصاده وتقوية لمركز العملة المحلية وتشجيعا للقطاع الخاص على الاسهام في حل مشكلة البطالة. وقال سموه في كلمة في افتتاح ملتقى السياحة والاستثمار الخليجي (جايتوف 2008) مساء امس: ان دول مجلس التعاون تمتلك مقومات تؤهلها لنيل حصة عادلة من السياحة العالمية, مشيرا الى ان السياحة جاوزت الترفيه والتسوق الى أغراض العلم والعلاج والاقتصاد وفيما يلي كلمة سموه:

“يسعدني ان ارحب بضيوفنا الأكارم في ربوع جدة, المدينة الأجمل على البحر الاحمر والتي تستمد مرجعيتها من الموقع والتاريخ والعراقة الى جانب حركة التطوير والتحديث الدؤوب التي تجري في ارجائها, باعتبارها الممر الطبيعي لغالبية الحجاج والمعتمرين وهمزة الوصل بين الحرمين الشريفين.

الاخوة الأفاضل..

لقد شهدت العقود الأخيرة -كما هو معروف- اهتماما عالميا غير مسبوق بالسياحة, التي لم تعد قاصرة على الترفيه والتسوق, من قبل النخب القادرة فحسب بل جاوزت الى اغراض شتى تتعلق بالعلم والعلاج والاقتصاد والمؤتمرات وغيرها من الاغراض المستحدثة, واصبحت سلعة ينشدها عامة الناس وخاصتهم.

ولم يكن غريبا ان يشهد هذا المجال طفرة قياسية, بفعل المستجدات على الساحة العالمية ومن أهمها النهضة الصناعية والثورة التقنية التي اعقبتها فاختزلت المسافات وفتحت بوابات التواصل بين العالم على مصراعيها, بل ان المحاولات تجرى الآن على قدم وساق للخروج بالسياحة من عالم الأرض الى عالم الفضاء.

ولقد استطاعت دول كثيرة ان تعيد اكتشاف مواردها وتوظيفها لسوق المنافسة العالمية, وحققت الدول الأكثر نشاطا في ترقية هذه الصناعة معظم مواردها من هذا المجال حتى فاق دخل السياحة في عام 1996م دخل أهم السلع الاستراتيجية.

الحضور الكريم..

ودول مجلس التعاون الخليجي لديها من المقومات ما يؤهلها لنيل حصة عادلة من السياحة العالمية, اذا ما تآزرت جهود المعنيين والمستثمرين في هذه الدول للنهوض بمشروع فاعل ومؤثر في هذه الصناعة, وفي الصناعات والخدمات المساندة لها. وهذا ما سوف يتيحه ملتقاكم -إن شاء الله- بعرض الفرص المتاحة للاستثمار, وعقد الصفقات التي يمكن ان تتبنى هذا الهدف الاقتصادي الرائد القائم على المشاركة, بما يشجع السياحة الداخلية والبينية, ويستعيد أموالنا المهاجرة الى السياحة الخارجية, ويعالج الخلل الحاد -بعشرات المليارات سنويا- في ميزان المدفوعات الذي يتكبده اقتصاد دول الخليج.

الحفل الكريم..

وفي ظل التحولات والسياسات الاصلاحية الاقتصادية التي تشهدها المملكة العربية السعودية, كان لابد ان تأخذ السياحة حظها على الخارطة الاقتصادية, توظيفا للمقومات التي تحت أيدينا, وحماية لقيم المجتمع واقتصاده, وتقوية لمركز العملة المحلية, وتشجيعا للقطاع الخاص على تبني المشروعات السياحية, والاسهام في حل مشكلة البطالة.

وكشاهد عيان استطيع القول بأن المشروع السياحي في المملكة العربية السعودية قد انطلق من منطقة عسير وان كان على استحياء بين اقدام المواطن واحجامه, بسبب الحاجة وقتها الى تطوير الثقافة السياحية, والعمل على تقبل المجتمع لممارسة هذه المهنة المشبوهة آنذاك, وهو الامر الذي يعالجه احد محاور ملتقاكم الموقر.

وبالجهد والمثابرة استبانت الرؤية امام اهل المنطقة بأن مشروعنا السياحي لن يحيد عن مقتضيات قيمنا الاسلامية, وان ميزتنا التنافسية مبنية على هذه القيم, فانخرط الجميع بكل الصدق والاخلاص في منظومة عمل بالتعاون والتكامل بين جهود القطاعين الحكومي والاهلي, لتصنع -في زمن قياسي- هذه المعجزة التنموية القائمة على السياحة.

ولا شك ان وراء هذا الانجاز دعم القيادة السعودية وحكومتها للمشروع السياحي, في اطار مشروع المملكة التنموي الطموح, الذي بلغ ذروته في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز رائد السياحة في المملكة, الذي ترأس الهيئة العليا للسياحة منذ نشأتها وحتى سلم زمامها الى سمو وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز فحمل لواء مسؤوليتها على خير وجه وعمل جاهدا لتحفيز هذا القطاع وتطويره, وبجهد أمينها العام أخي سمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الذي بذل مع فريق العمل منذ نشأة الهيئة جهدا مشكورا لتنمية هذا القطاع الاقتصادي الواعد.

وقال صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العليا للسياحة في كلمة القاها نيابة عنه عبدالله الجهني نائب الأمين العام لقطاع التسويق والاعلام بالهيئة:

لقد اصبحت السياحة في دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الخمس الماضية واقعا ملموسا, وصناعة حقيقية, ورافدا اقتصاديا مهما يساهم في تنويع مصادر الدخل الوطني, ودعم الناتج المحلي, وزيادة فرص العمل والاستثمارات, حيث استفادت دول المنطقة من الموقع الاستراتيجي المتميز والعمق التاريخي لدول الخليج, والموارد والمقومات السياحية التي تتمتع بها ولله الحمد.

تبشر الاهمية المتزايدة لمنطقة الخليج العربي على خريطة السياحة الدولية والنمو المضطرد للعائدات والاستثمارات الضخمة لدول المنطقة في البنية التحتية بمستقبل زاهر لصناعة السياحة الخليجية.

كما ان القرارات الاستراتيجية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي لإنشاء السوق الخليجية المشتركة وتسهيل تنقل المواطنين بين دول المجلس, سيكون لها بإذن الله اثار إيجابية على نمو السياحة البينية وزيادة الاستثمارات المتبادلة بين دول المنطقة.

إن اشتداد المنافسة العالمية وتحسين وسائل الاتصال, والفرص والتحديات الناتجة عن تحرير تجارة الخدمات, تتطلب من دول مجلس التعاون الخليجي, عملا دؤوبا لتكثيف جهودها في التنسيق المشترك لزيادة التدفقات السياحية ولتعميق ثقافة السياحة ومتطلباتها والاستثمار في التسويق المشترك بينها, خاصة وان كثيرا من الدول توجه جهودها التسويقية نحو اجتذاب السائح الخليجي الذي يعد متوسط إنفاقه ومدة إقامته عاليين مقارنة بالمتوسطات العالمية الأخرى.

تتلخص رؤية المملكة العربية السعودية للتنمية السياحية, وهي مهبط الوحي ومقصد المسلمين من كافة أرجاء المعمورة, في سعيها لتحقيق تنمية سياحية قيمة ومميزة ومستدامة ذات منافع اجتماعية وثقافية وبيئية واقتصادية, انطلاقا من قيمها الإسلامية وأصالة تراثها العريق, وضيافتها التقليدية.

ولتحقيق هذه الرؤية أعدت الهيئة العليا للسياحة استراتيجية عامة لتنمية السياحة الوطنية خلال عشرين عاما اعتمدتها حكومتنا الرشيدة في محرم من عام 1425هـ وتهدف الاستراتيجية العامة الى زيادة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي ليصل الى 18% بحلول عام 1440هـ وتوفير أكثر من مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.. تستهدف هذه الاستراتيجية بشكل أساس سوق السياحة المحلية يليه سوق دول مجلس التعاون الخليجي.

وتنتهج الهيئة العليا للسياحة في تطبيق استراتيجيتها منهجا واضحا ومعلنا يتم فيه مراعاة قيم المجتمع وتميز المملكة مع العمل على تعزيز الشراكة والتعاون البناء مع الأجهزة والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، واستخدام التقنية الحديثة والمتقدمة في مجال المعلومات والاتصال لمساندة اعمال وقرارات الهيئة.

وتحدث سعيد عسيري رئيس اللجنة المنظمة فقال: يأتي تنظيم الملتقى تأكيدا على حرص أمير المنطقة على تفعيل السياحة البينية بين مدن مجلس التعاون الخليجي.

من جهته قال نائب رئيس اللجنة المنظمة محمد بوزيزي: ان مقومات السياحة الخليجية وفق التصنيف الدولي عالية ولدينا بنية تحتية مساندة ومتميزة.

وأشار عبدالرحمن فقيه في كلمة ألقاها نيابة عن الرعاة إلى أن السياحة تمثل أهمية اجتماعية واقتصادية.

وقال عصام فخرو رئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي: نتوقع ان ترتفع مساهمة السياحة الخليجية في الناتج المحلي الاجمالي وفي دعم البيئة الهيكلية من خلال توسيع القاعدة الانتاجية وتنويعها وتوليد حجم كبير من فرص العمل.

وفي ختام الحفل تم تكريم “عـكاظ” بحضور المدير العام وليد قطان وتسلم درع التكريم سعيد بن عبدالعزيز الغامدي مستشار المدير العام والمشرف على الشؤون الادارية.