بشير أحمد الأنصاري
بشير أحمد الأنصاري
-A +A
بشير أحمد الأنصاري *
لقد أرسل لي الدكتور أسد الله شافي رسالة تتطرق إلى أبعاد الصيام الصحية والعلاقة بين طول العمر واستهلاك الطعام والشراب. يقول الدكتور شافي: إن الخلية أشبه ما تكون بمجمع إنتاجي كبير يحتوي في داخله على مئات المصانع التي تعمل بتزامن وتناغم. من هذه المصانع الجهاز المسمى بالميتوكاندريا المكلف بإنتاج الطاقة، بمعنى أن الغذاء الذي نستهلكه يتم تحويله من خلال هذا المصنع إلى طاقة وهذه الطاقة هي ما نحتاجه لاستمرار حياتنا.

النقطة المرتبطة بموضوعنا هي أننا عندما نستهلك الغذاء للحصول على الطاقة الضرورية تحدث انفعالات في داخل هذا المصنع، بمعنى أننا كلما استهلكنا غذاءً أكثر كلما عمل المصنع أكثر وأنتج طاقةً أكثر. وكلما عمل المصنع أكثر فستزداد الزوائد التي تتراكم على بعضها، ومن ثم يُسبب تراكم هذه الزوائد تقليل كفاءة عمل الخلايا، وهو ما يسبب علامات الشيخوخة. فالشيخوخة عبارة عن إنتاج وتراكم الزوائد داخل الخلايا.


من هنا يمكننا القول بأن الإقلال من الطعام بقدر متناسب له دور أساسي في مقدار تراكم الزوائد داخل الخلايا، بعبارةٍ أخرى: «الإقلال من الطعام يساوي عمراً أطول بكفاءةٍ أفضل».

إن الصيام يوفر الطاقة التي نستهلكها في الأيام العادية لهضم الطعام، فإذا أضفنا إليها الطاقة الروحية الناتجة عن الصيام فعندها يشعر الإنسان بأنه موصول بمخزون هائل من الطاقة.

عندما فاز مارتين كورنيكا عام 1955م في مسابقات جنوب غرب أمريكا للتنس وهو في السبعين من عمره، سأله الناس عن سر فوزه المدهش، فأجاب بأن السر كان في الصيام. أحيانا يُصبح الطعام مصدر تعب ووجع، والتحرر منه تحرر من أغلال وقيود. لذا كان رمضان موسماً لتصفية قِطَع هذا الجهاز الكبير المسمى بجسم الإنسان وموعداً لحرق الدهون المزعجة والتخلص من الزوائد المتراكمة داخل الجسم.

إن هناك آلافاً من الآثار العلمية حول الصيام وفوائده كتبها العلماء حول العالم، نتيجة العلاقة الوثيقة بين الصيام والعلم، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة في قوله تعالى: «وأن تصوموا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون».

أجل! إن طريق العلم والتفكير والتأمل ينتهي إلى مدرسة الصيام.

* محاضر بجامعة (إس إم يو) بولاية تكساس الأمريكية سابقا