لم يكن مستغربا أن يهتم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بحال أشقائنا في الأردن ودعوته لعقد اجتماع يضم إخوانه الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية والشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي في دولة الإمارات في مكة المكرمة اليوم (الأحد) لمناقشة سبل دعم الأردن الشقيق للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها"، فهذا ديدن القيادة منذ تأسيسها وهذا ما جبل عليه الملك سلمان وجعله يتجاوز الفعل المرتبط بالأحداث إلى عمل مؤسساتي مستمر ودائم وفق منظومة دقيقة.
ويشهد التاريخ وتؤكد المواقف بأن أيادي المملكة الخيرة تمد إلى (50) دولة في أنحاء العالم لمساعدة المتضررين من الأزمات والحروب والكوارث الطبيعية وما تقدمه المملكة من دعم لأشقائنا العرب وما تبذله من مساعدات إنسانية عبر جهات عدة أبرزها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» و«الصندوق السعودي للتنمية» إلى دول الأشقاء مثل اليمن وفلسطين وسورية والعراق والصومال ودول أخرى، أكبر دليل على ذلك. وقد تلقى المجتمع الأردني هذه الدعوة بردود فعل مستبشرة ومشاعر متفائلة وامتنان كبير
الأشقاء لا ينسون
حيث علق الدكتور محمد أحمد القضاة عميد الأدب العربي في الجامعة الأردنية قائلا: حين قرأت بيان الديوان الملكي السعودي الصادر في 23 رمضان استبشرت خيرا وقلت هذه مواقف الأخوة المشرفة تجاه الأردن وحين تأملت كلمات البيان كلمة كلمة أدركت أن الدم لا يصير ماء وأن الإخوة الأشقاء لا ينسون الأردن ومواقفه التي تصب في إطار من الاحترام والتقدير والمواقف المشتركة، والبيان يأتي في إطار اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بأوضاع الأمة العربية وحرصه على كل ما يحقق الأمن والاستقرار فيها.
وأضاف القضاة "حين تقرأ هذا البيان تستوقفك سياسة الملك سلمان بن عبدالعزيز وتجدها صورة مشرقة في إدارة الحكم، وضّاءة في عيون المسلمين؛ حيث يمتاز بحكمة وحنكة قلَّ نظيرهما، وهو يمتلك من الخبرات ما يؤهّله ليكون على هذا النحو، بحيث يحملُ الوطن في قلبه، ويعيش لأجل الأمّة فيضعها دائمًا نصبَ ناظريه، وهو فضلاً عن ذلك يحسن قراءة الأحداث، ويتمتّع بصبر وأناة لافتتين، عرفته مدارج الحكم في وطنه إنسانًا صادقًا جادًّا، مهيب الجانب، لا يقبل أنصاف الحلول، ولا يهادن، ولا يُبارى له قول، رمحًا سعوديًّا يتألق المجد في أثوابه عطاءً وبذلاً وجودًا؛ كأنه بحرٌ لا ساحل له، يراه شعبه كما أمّته حاكمًا حكيمًا سريع البديهة فطِنًا، ما جعل سياساته في دعم القضايا العربيّة والإسلاميّة تحقق نجاحاتٍ كبيرةً وغير مسبوقة، وهذا نهج سعودي متّزن يعرفه القاصي والداني، ولا يختلفُ فيه اثنان.
وأعتبر القضاة أن نص بيان الدعوة «يمثل قراءة عميقة لأوضاع الأردن الاقتصادية خاصة أن أنموذج العلاقة الثنائيّة بين البلدين؛ الأردنّ والسعوديّة، فريدة ومثالية في الأخوّة والتعاون في مختلف الجوانب الاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة والتعليميّة والاجتماعيّة، فلا تكاد تجد بابًا أو زاوية إلا وتجد حالة راسخة ومكافئة بين الطرفين، ممّا يعني أنهما كلٌّ واحد في التعاون والمواقف والتحدّيات المحيطة بهما. وحين تعود إلى الوراء، وتقرأ الأرقام التي نشرها مركز الدراسات الاستراتيجيّة في الجامعة الأردنيّة قبل سنوات عن نتائج استطلاع للرأي حول علاقات الأردنّ بالسعوديّة، تجد أنها جاءت في المرتبة الأولى؛ أفاد الاستطلاع بأنّ خيار الأردنيين حول أفضل العلاقات الاستراتيجيّة التي يمكن بناؤها تمثّل في المملكة العربيّة السعوديّة، وأكّد في الوقت نفسه أنها الدولة الأكثر دعمًا للاقتصاد والاستقرار الأردنيين، فضلاً عن جانبي الاستثمار والمنح، إضافة إلى الجانب المتعلّق بالعمالة الأردنيّة، التي تعمل في جميع الحقول في السعوديّة، والاحترام والتقدير اللذين تلقاهما تلك العمالة هناك؛ إذ هي في وطنها الثاني وبين أهلها، كلُّ هذا يؤكّد عمق هذه العلاقات وقوّتها واستراتيجيّتها وتكاملها.»
وعن مشاعر الاشقاء الأردنيين بعد تلقيهم خبر الدعوة قال القضاة " فها هم الأردنيّون يقدرون بكلّ حفاوة ومحبّة وتقدير بيان خادمَ الحرمين الشريفين، وهم يضرعون إلى الله أن يَمُدَّ في عمره، ويلهجون له بالشّكر والعرفان على حرصه الدائم على تطوير العلاقات الثنائيّة بين البلدين الشقيقين، ويقدّرون دعمه اللامحدود للاقتصاد الأردني ومبادراته الطيّبة في المجالات جميعها؛ التعليميّة والثقافيّة والاقتصادية...، ما يجعل لهذا البيان بعداً غير مسبوق في العلاقات التاريخيّة بين البلدين، وسيبق هذا الموقف محطّة فخر واعتزاز لكلّ أردني وسعوديّ على حدّ سواء.
واختتم القضاة حديثه قائلا «الحقَّ يُقالُ: ما أجمل أن نكتب عن قائد عربي نذر نفسه للخير والأمّة والحياة الفُضلى، فكان بلسمًا شافيًا لكلّ مكلوم، وما أجمل أن ترى مشاعر المحبّين له في كلّ مكان تفرح به وتطرب لسماع مكرماته وتسعد لمواقفه مقدّرة تواصله مع الجميع على قاعدة من الاحترام والحبّ والتقدير».
من جهته، قال المحلل السياسي نصر المجالي إن «الدعوة السامية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لقمة رباعية في مكة المكرمة هدفها دعم الأردن، ليس موقفا تاريخيا وحسب بل هو تأصيل لهذا التاريخ الذي يربط المملكة مع الشقيقة الأردنية».
وموقف خادم الحرمين الشريفين بمبادرته الاتصال مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وكذلك اتصال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليس غريبا على الإطلاق إذا ما درسنا المسار التاريخي الذي يربط الجارتين منذ ثلاثينيات القرن الماضي في مجالات شتى تبدأ بالأصول العائلية المشتركة والدماء المشتركة وعمق الصحراء العذية الفذّة بتحدياتها التي رسمت بإباء معنى العلاقات وجذورها البعيدة عبر القرون.
مرة قال لي الأمير سلطان بن سلمان أول رائد فضاء عربي، رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة ورئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية، خلال لقاء معه في الرياض قبل عشر سنوات: أتعرف يا نصر أن ما يربط السعوديين والأردنيين نحو 95 % من الجينات المشتركة حسب دراسات وأبحاث علمية.
وإذ لن أبتعد عن مباردة الملك العربي المسلم الأصيل العريق أبا الفهد تجاه أبنائه في الأردن، فإن الدعوة للاجتماع جاءت بمثابة «لطمة» لكل المتربصين والمتقولين والزاعمين في الإقليم الذين ظلوا لشهر يلعبون على وتر علاقات ـ الرياض وعمّان وينسجون من الروايات والخيالات ما شاء لهم دون ضمير أو حياء أو خجل تنفيذا لمخططات إيران وتركيا وعصابات الإخوان وراعيتهم قطر وحزب الله وقطعان اليسار والقوميين الذين لا تربطهم بالأمة العربية والإسلامية أي رابط سوى التوصيفات الصحفية الساذجة والتصريحات البلهاء والمواقف المتشنجة في المقاومة والممانعة المدعاة.
واستعاد المجالي مسار العلاقات بين البلدين الشقيقين بقوله: "منذ هزيمة العرب الأولى في فلسطين العام 1948 إلى هذه اللحظة مرورا بكل التحديات التي واجهها الأردن وحتى في لحظات استقلاله وإنهاء المعاهدة البريطانية، كانت وحدها المملكة العربية السعودية من دون الجوار الاتهامي الخطابي الثرثار التي جسدت معنى لعروبة ومفاهيم الإسلام على أرض الواقع في العلاقات مع الأردن قيادة وشعبا.
وهنا بد من التذكير بأن العلاقات السعودية - الأردنية تطورت تحديدا خلال العقدين الماضيين ووصلت إلى مستويات «استراتيجية»، وهي انعكست على مجمل العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية، وفي زيادة مجالات التعاون وحجم التبادل التجاري، وتنامي أعداد الطلبة السعوديين الدراسين في الجامعات الأردنية.
ولا بد من التذكير أيضا بأن تاريخ العلاقات بين البلدين إلى الثلاثينات من القرن الميلادي الماضي، وبدأ التمثيل الديبلوماسي بينهما أواخر الأربعينات. ويملك البلدان حدوداً مشتركة تفوق 740 كيلومتراً، وتربط بينهما ثلاثة معابر تعمل على مدار الساعة، وهي من الجانب السعودي: الحديثة، وحالة عمار، والدرة.
وتعد الروابط الاجتماعية بين الشعبين من أهم مصادر قوة واستمرارية هذه العلاقة وتطورها، إذ يرتبط أبناء البلدين بكثير من علاقات القربى والدم والمصاهرة، يزيد منها التشابه في العادات والتقاليد الاجتماعية بينهما، ما يجعل للعلاقة ميزة أخوية وتاريخية كبيرة.
وتعتبر المملكة الشريك الاستراتيجي الأهم بالنسبة إلى الأردن في المنطقة، إذ تقدر استثماراتها فيه بـ13 مليار دولار، وتحل الرياض في المراتب الأولى بالنسبة إلى حجم التجارة مع عمان، بحجم تبادل تجاري تجاوز خمسة بلايين دولار، في الوقت الذي تستورد فيه الأردن 20% من وارداتها من السعودية، بينما شكلت صادراتها إليها حوالى 25% من إجمالي صادراتها إلى العالم.
واختتم المجالي تصريحه بقوله " لم تقف المملكة يوما موقفا انتهازيا كما وقفت قطر التي ظلت على الدوام تلوح للأردن بطرد نحو 40 ألفا من العاملين هناك كوسيلة للضغط على المملكة الهاشمية، السعودية تستضيف نحو 600 ألف أردني أو تزيد، والإمارات نحو 400 ألفا والكويت نحو 100 ألف، ولم يكن هؤلاء ورقة على الإطلاق بيد الدول الثلاث للضغط على الأردن تحت أي ظرف من الظروف أو أي سبب من الأسباب. هكذا هي عاصمة الأمل.
من جهتها، عبرت الباحثة الدكتور هناء علي البواب عن مشاعرها نحو دعوة الملك سلمان لعقد القمة الرباعية بقولها: «في الوقت الذي تتصاعد فيه الأزمات الاقتصادية على الشعب الأردني، والذي خرج عن صمته فجأة ليعلن للحكومة الأردنية بقيادة هاني الملقي أنه شعب متماسك لايمكن أن يسكت المواطن الأردني على موجة الغلاء الحاد في أسعار السلع الرئيسة والخدمات، والتي طالت»الخبز«الذي هو أبرز سلعة شعبية في السوق المحلية، والذي يعتبر أساسا في مد يد الحكومة لجيب المواطن. في ذلك الوقت كلف الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية، عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة هاني الملقي، في محاولة جادة لتخفيف العبء الاقتصادي على المواطن، في حينها تمتد جذور الحب والتواصل العريقة بين البلدين».
وفي ظل هذه الأزمات يصدر الديوان الملكي السعودي بيانا عاجلا، ينبيء أن خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز أجرى اتصالات مع العاهل الأردني عبدالله الثاني، وأمير الكويت صباح الأحمد الصباح، وولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وكل ذلك للاتفاق على عقد اجتماع يضم الدول الأربع في مكة، لمناقشة سبل دعم الأردن للخروج من الأزمة الاقتصادية والاحتقان الشعبي الذي يمر بها الأردن خلال هذه الأيام. وبالرغم من محاولات لإفشال روح الأخوة الشقيقية التي يصدر صوتها منذ آلاف السنوات بين البلدين إلا أن هناك ما يحرك الشعور الأخوي الذي لن تتنازل عنه المملكة بحكم القلب الكبير الذي تحمله متنامية في علاقتها مع بلدنا الأردن، وملك الأردن يبقى مادا تلك اليد البيضاء مصافحا فيها كل الحب واستقبال أرضه لكل أصحاب الكوارث والأزمات، وهنا تظهر الروح القوية التي دفعت خادم الحرمين للتأكيد أن بلاده معنية بالأردن، مع لغة مباشرة تشير إلى أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين معنيّ تماما بأوضاع الأمة العربية، وحرصه على كل ما يحقق الأمن والاستقرار فيها؛ وذلك من خلال مبادرته العاجلة بمتابعة الأزمة الاقتصادية في الأردن".
وختمت البواب حديثها بقولها "نحن الأدباء وأصحاب الكلمة لانبحث سوى عن لحظة آمنة تستقر فيها حياتنا بعيدا عن موجة الصخب والصراخ والعنف، نبحث عن وسادة هانئة، وليلة صافية، وكلمة جميلة نتغنى فيها بأمجادنا وعروبتنا التي حفظناها منذ طفولتنا المدرسية والتي علمتنا أن: ( بلاد العرب أوطاني).
ويشهد التاريخ وتؤكد المواقف بأن أيادي المملكة الخيرة تمد إلى (50) دولة في أنحاء العالم لمساعدة المتضررين من الأزمات والحروب والكوارث الطبيعية وما تقدمه المملكة من دعم لأشقائنا العرب وما تبذله من مساعدات إنسانية عبر جهات عدة أبرزها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» و«الصندوق السعودي للتنمية» إلى دول الأشقاء مثل اليمن وفلسطين وسورية والعراق والصومال ودول أخرى، أكبر دليل على ذلك. وقد تلقى المجتمع الأردني هذه الدعوة بردود فعل مستبشرة ومشاعر متفائلة وامتنان كبير
الأشقاء لا ينسون
حيث علق الدكتور محمد أحمد القضاة عميد الأدب العربي في الجامعة الأردنية قائلا: حين قرأت بيان الديوان الملكي السعودي الصادر في 23 رمضان استبشرت خيرا وقلت هذه مواقف الأخوة المشرفة تجاه الأردن وحين تأملت كلمات البيان كلمة كلمة أدركت أن الدم لا يصير ماء وأن الإخوة الأشقاء لا ينسون الأردن ومواقفه التي تصب في إطار من الاحترام والتقدير والمواقف المشتركة، والبيان يأتي في إطار اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بأوضاع الأمة العربية وحرصه على كل ما يحقق الأمن والاستقرار فيها.
وأضاف القضاة "حين تقرأ هذا البيان تستوقفك سياسة الملك سلمان بن عبدالعزيز وتجدها صورة مشرقة في إدارة الحكم، وضّاءة في عيون المسلمين؛ حيث يمتاز بحكمة وحنكة قلَّ نظيرهما، وهو يمتلك من الخبرات ما يؤهّله ليكون على هذا النحو، بحيث يحملُ الوطن في قلبه، ويعيش لأجل الأمّة فيضعها دائمًا نصبَ ناظريه، وهو فضلاً عن ذلك يحسن قراءة الأحداث، ويتمتّع بصبر وأناة لافتتين، عرفته مدارج الحكم في وطنه إنسانًا صادقًا جادًّا، مهيب الجانب، لا يقبل أنصاف الحلول، ولا يهادن، ولا يُبارى له قول، رمحًا سعوديًّا يتألق المجد في أثوابه عطاءً وبذلاً وجودًا؛ كأنه بحرٌ لا ساحل له، يراه شعبه كما أمّته حاكمًا حكيمًا سريع البديهة فطِنًا، ما جعل سياساته في دعم القضايا العربيّة والإسلاميّة تحقق نجاحاتٍ كبيرةً وغير مسبوقة، وهذا نهج سعودي متّزن يعرفه القاصي والداني، ولا يختلفُ فيه اثنان.
وأعتبر القضاة أن نص بيان الدعوة «يمثل قراءة عميقة لأوضاع الأردن الاقتصادية خاصة أن أنموذج العلاقة الثنائيّة بين البلدين؛ الأردنّ والسعوديّة، فريدة ومثالية في الأخوّة والتعاون في مختلف الجوانب الاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة والتعليميّة والاجتماعيّة، فلا تكاد تجد بابًا أو زاوية إلا وتجد حالة راسخة ومكافئة بين الطرفين، ممّا يعني أنهما كلٌّ واحد في التعاون والمواقف والتحدّيات المحيطة بهما. وحين تعود إلى الوراء، وتقرأ الأرقام التي نشرها مركز الدراسات الاستراتيجيّة في الجامعة الأردنيّة قبل سنوات عن نتائج استطلاع للرأي حول علاقات الأردنّ بالسعوديّة، تجد أنها جاءت في المرتبة الأولى؛ أفاد الاستطلاع بأنّ خيار الأردنيين حول أفضل العلاقات الاستراتيجيّة التي يمكن بناؤها تمثّل في المملكة العربيّة السعوديّة، وأكّد في الوقت نفسه أنها الدولة الأكثر دعمًا للاقتصاد والاستقرار الأردنيين، فضلاً عن جانبي الاستثمار والمنح، إضافة إلى الجانب المتعلّق بالعمالة الأردنيّة، التي تعمل في جميع الحقول في السعوديّة، والاحترام والتقدير اللذين تلقاهما تلك العمالة هناك؛ إذ هي في وطنها الثاني وبين أهلها، كلُّ هذا يؤكّد عمق هذه العلاقات وقوّتها واستراتيجيّتها وتكاملها.»
وعن مشاعر الاشقاء الأردنيين بعد تلقيهم خبر الدعوة قال القضاة " فها هم الأردنيّون يقدرون بكلّ حفاوة ومحبّة وتقدير بيان خادمَ الحرمين الشريفين، وهم يضرعون إلى الله أن يَمُدَّ في عمره، ويلهجون له بالشّكر والعرفان على حرصه الدائم على تطوير العلاقات الثنائيّة بين البلدين الشقيقين، ويقدّرون دعمه اللامحدود للاقتصاد الأردني ومبادراته الطيّبة في المجالات جميعها؛ التعليميّة والثقافيّة والاقتصادية...، ما يجعل لهذا البيان بعداً غير مسبوق في العلاقات التاريخيّة بين البلدين، وسيبق هذا الموقف محطّة فخر واعتزاز لكلّ أردني وسعوديّ على حدّ سواء.
واختتم القضاة حديثه قائلا «الحقَّ يُقالُ: ما أجمل أن نكتب عن قائد عربي نذر نفسه للخير والأمّة والحياة الفُضلى، فكان بلسمًا شافيًا لكلّ مكلوم، وما أجمل أن ترى مشاعر المحبّين له في كلّ مكان تفرح به وتطرب لسماع مكرماته وتسعد لمواقفه مقدّرة تواصله مع الجميع على قاعدة من الاحترام والحبّ والتقدير».
قمة دعم الأردن
من جهته، قال المحلل السياسي نصر المجالي إن «الدعوة السامية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لقمة رباعية في مكة المكرمة هدفها دعم الأردن، ليس موقفا تاريخيا وحسب بل هو تأصيل لهذا التاريخ الذي يربط المملكة مع الشقيقة الأردنية».
وموقف خادم الحرمين الشريفين بمبادرته الاتصال مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وكذلك اتصال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليس غريبا على الإطلاق إذا ما درسنا المسار التاريخي الذي يربط الجارتين منذ ثلاثينيات القرن الماضي في مجالات شتى تبدأ بالأصول العائلية المشتركة والدماء المشتركة وعمق الصحراء العذية الفذّة بتحدياتها التي رسمت بإباء معنى العلاقات وجذورها البعيدة عبر القرون.
مرة قال لي الأمير سلطان بن سلمان أول رائد فضاء عربي، رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة ورئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية، خلال لقاء معه في الرياض قبل عشر سنوات: أتعرف يا نصر أن ما يربط السعوديين والأردنيين نحو 95 % من الجينات المشتركة حسب دراسات وأبحاث علمية.
وإذ لن أبتعد عن مباردة الملك العربي المسلم الأصيل العريق أبا الفهد تجاه أبنائه في الأردن، فإن الدعوة للاجتماع جاءت بمثابة «لطمة» لكل المتربصين والمتقولين والزاعمين في الإقليم الذين ظلوا لشهر يلعبون على وتر علاقات ـ الرياض وعمّان وينسجون من الروايات والخيالات ما شاء لهم دون ضمير أو حياء أو خجل تنفيذا لمخططات إيران وتركيا وعصابات الإخوان وراعيتهم قطر وحزب الله وقطعان اليسار والقوميين الذين لا تربطهم بالأمة العربية والإسلامية أي رابط سوى التوصيفات الصحفية الساذجة والتصريحات البلهاء والمواقف المتشنجة في المقاومة والممانعة المدعاة.
واستعاد المجالي مسار العلاقات بين البلدين الشقيقين بقوله: "منذ هزيمة العرب الأولى في فلسطين العام 1948 إلى هذه اللحظة مرورا بكل التحديات التي واجهها الأردن وحتى في لحظات استقلاله وإنهاء المعاهدة البريطانية، كانت وحدها المملكة العربية السعودية من دون الجوار الاتهامي الخطابي الثرثار التي جسدت معنى لعروبة ومفاهيم الإسلام على أرض الواقع في العلاقات مع الأردن قيادة وشعبا.
وهنا بد من التذكير بأن العلاقات السعودية - الأردنية تطورت تحديدا خلال العقدين الماضيين ووصلت إلى مستويات «استراتيجية»، وهي انعكست على مجمل العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية، وفي زيادة مجالات التعاون وحجم التبادل التجاري، وتنامي أعداد الطلبة السعوديين الدراسين في الجامعات الأردنية.
ولا بد من التذكير أيضا بأن تاريخ العلاقات بين البلدين إلى الثلاثينات من القرن الميلادي الماضي، وبدأ التمثيل الديبلوماسي بينهما أواخر الأربعينات. ويملك البلدان حدوداً مشتركة تفوق 740 كيلومتراً، وتربط بينهما ثلاثة معابر تعمل على مدار الساعة، وهي من الجانب السعودي: الحديثة، وحالة عمار، والدرة.
وتعد الروابط الاجتماعية بين الشعبين من أهم مصادر قوة واستمرارية هذه العلاقة وتطورها، إذ يرتبط أبناء البلدين بكثير من علاقات القربى والدم والمصاهرة، يزيد منها التشابه في العادات والتقاليد الاجتماعية بينهما، ما يجعل للعلاقة ميزة أخوية وتاريخية كبيرة.
وتعتبر المملكة الشريك الاستراتيجي الأهم بالنسبة إلى الأردن في المنطقة، إذ تقدر استثماراتها فيه بـ13 مليار دولار، وتحل الرياض في المراتب الأولى بالنسبة إلى حجم التجارة مع عمان، بحجم تبادل تجاري تجاوز خمسة بلايين دولار، في الوقت الذي تستورد فيه الأردن 20% من وارداتها من السعودية، بينما شكلت صادراتها إليها حوالى 25% من إجمالي صادراتها إلى العالم.
واختتم المجالي تصريحه بقوله " لم تقف المملكة يوما موقفا انتهازيا كما وقفت قطر التي ظلت على الدوام تلوح للأردن بطرد نحو 40 ألفا من العاملين هناك كوسيلة للضغط على المملكة الهاشمية، السعودية تستضيف نحو 600 ألف أردني أو تزيد، والإمارات نحو 400 ألفا والكويت نحو 100 ألف، ولم يكن هؤلاء ورقة على الإطلاق بيد الدول الثلاث للضغط على الأردن تحت أي ظرف من الظروف أو أي سبب من الأسباب. هكذا هي عاصمة الأمل.
من جهتها، عبرت الباحثة الدكتور هناء علي البواب عن مشاعرها نحو دعوة الملك سلمان لعقد القمة الرباعية بقولها: «في الوقت الذي تتصاعد فيه الأزمات الاقتصادية على الشعب الأردني، والذي خرج عن صمته فجأة ليعلن للحكومة الأردنية بقيادة هاني الملقي أنه شعب متماسك لايمكن أن يسكت المواطن الأردني على موجة الغلاء الحاد في أسعار السلع الرئيسة والخدمات، والتي طالت»الخبز«الذي هو أبرز سلعة شعبية في السوق المحلية، والذي يعتبر أساسا في مد يد الحكومة لجيب المواطن. في ذلك الوقت كلف الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية، عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة هاني الملقي، في محاولة جادة لتخفيف العبء الاقتصادي على المواطن، في حينها تمتد جذور الحب والتواصل العريقة بين البلدين».
وفي ظل هذه الأزمات يصدر الديوان الملكي السعودي بيانا عاجلا، ينبيء أن خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز أجرى اتصالات مع العاهل الأردني عبدالله الثاني، وأمير الكويت صباح الأحمد الصباح، وولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وكل ذلك للاتفاق على عقد اجتماع يضم الدول الأربع في مكة، لمناقشة سبل دعم الأردن للخروج من الأزمة الاقتصادية والاحتقان الشعبي الذي يمر بها الأردن خلال هذه الأيام. وبالرغم من محاولات لإفشال روح الأخوة الشقيقية التي يصدر صوتها منذ آلاف السنوات بين البلدين إلا أن هناك ما يحرك الشعور الأخوي الذي لن تتنازل عنه المملكة بحكم القلب الكبير الذي تحمله متنامية في علاقتها مع بلدنا الأردن، وملك الأردن يبقى مادا تلك اليد البيضاء مصافحا فيها كل الحب واستقبال أرضه لكل أصحاب الكوارث والأزمات، وهنا تظهر الروح القوية التي دفعت خادم الحرمين للتأكيد أن بلاده معنية بالأردن، مع لغة مباشرة تشير إلى أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين معنيّ تماما بأوضاع الأمة العربية، وحرصه على كل ما يحقق الأمن والاستقرار فيها؛ وذلك من خلال مبادرته العاجلة بمتابعة الأزمة الاقتصادية في الأردن".
وختمت البواب حديثها بقولها "نحن الأدباء وأصحاب الكلمة لانبحث سوى عن لحظة آمنة تستقر فيها حياتنا بعيدا عن موجة الصخب والصراخ والعنف، نبحث عن وسادة هانئة، وليلة صافية، وكلمة جميلة نتغنى فيها بأمجادنا وعروبتنا التي حفظناها منذ طفولتنا المدرسية والتي علمتنا أن: ( بلاد العرب أوطاني).