تزداد مخاوف السلطات الألمانية من وضع تنظيم القاعدة لألمانيا على رأس قائمة الأهداف التي يسعى لضربها وذلك لمساهمتها العسكرية في أفغانستان ضمن قوات حلف شمال الأطلسي. إذ تشير تقارير الحكومة الألمانية إلى تزايد عدد الرسائل المعادية لألمانيا عبر منتديات ومواقع الانترنت المشبوهة والتي تدعو للهجوم على الأراضي الألمانية. ويشير هاينز فروم رئيس هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في برلين إلى العثور على رسائل وأشرطة لشرح تنفيذ العمليات، وتشكيل الخلايا، وصناعة القنابل داخل هذه المواقع مترجمة إلى اللغة الألمانية. وثمة توافق في الآراء بين أعضاء الحكومة والاستخبارات على تدهور الوضع الأمني الداخلي، وتزايد احتمالات التعرض لهجمات إرهابية خاصة بعد الرسالة التي بثتها الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية هذا الشهر باللغة الألمانية عبر مواقع الانترنت المتطرفة تدعو فيها أنصار التنظيم داخل ألمانيا للقيام بعمليات إرهابية ضد حكومة هذه الدولة. ويزداد القلق الألماني أيضا إزاء العدد المتزايد من المواطنين الألمان الذين يسافرون أو يسعون إلى السفر إلى باكستان من أجل التدريب وتلقي الأفكار المتطرفة ثم العودة لتنفيذ هجمات داخل ألمانيا. ورغم استبعاد الخبراء إحراز تنظيم القاعدة لأي تقدم حقيقي في تكوين شبكات أو خلايا إرهابية منظمة داخل الأراضي الألمانية، إلا أنهم يعبرون عن قلقهم جراء التهديدات الإرهابية المعتمدة على مبادرات فردية. كما تعبر السلطات الألمانية عن قلقها إزاء تنامي ظاهرة الإرهاب الداخلي المنشأ. حيث زعمت دراسة تبنتها وزارة الداخلية الألمانية في ديسمبر 2007 أن ستة في المئة من أصل ما يقرب من 3.5 ملايين مسلم - معظمهم من الأتراك - لديهم نزعة متشددة وميول لتبني العنف باسم الإسلام. وتتناقض هذه الدراسة بشكل صارخ مع التقرير الذي أعدته هيئة حماية الدستور في أبريل من نفس العام والذي أشار إلى أن هذه النسبة لا تتعدى الواحد في المئة. إلا أن الخبراء الألمان يرجعون هذا التفاوت إلى التطور النوعي في أساليب تنظيم القاعدة الدعائية لنشر الفكر المتطرف وتجنيد المتطرفين خاصة عبر شبكة الانترنت! وتسود في ألمانيا حاليا نظريتان مختلفتان بشأن الأسلوب الأمثل في مواجهة التطرف وتنامي خطر الإرهاب الداخلي المنشأ. الأولى لا تخلو من التطرف والتناقض حتى مع ذاتها، تقترح تعديل الدستور الألماني لتوسيع دائرة صلاحيات السلطة التنفيذية وأجهزة المخابرات والشرطة لتشمل الاعتقال الوقائي للمشتبه بهم دون توجيه تهمة أو محاكمة، وإجراء عمليات مراقبة وتنصت، وتفتيش بشكل سري، ومصادرة للممتلكات واستيلاء على البيانات دون إذن مسبق...وغيرها من الإجراءات التي غالبا ما ستستهدف أفراد الجالية الإسلامية وتضعهم في زاوية الشبهة الجماعية، وتزيد من حالة التهميش السياسي والعزلة التي يعيشونها داخل المجتمع الأوروبي.
أما النظرية الثانية والسائدة حتى الآن فتدرك خطر تبني وسن مثل هذه التشريعات من الناحية السياسية والقانونية وحقوق المتهم. فهي تؤمن بالموازنة بين تبني التشريعات والإجراءات الوقائية الخاصة للتصدي للإرهاب وبين حقوق الإنسان. فمن أهم المبادئ التي تؤمن بها هذه النظرية أن خطر الإرهاب لا ينبع من الإسلام أو الجاليات المسلمة، بل من بعض الأفراد الذين يسعون إلى توظيف الإسلام لخدمة أهدافهم السياسية. لذا يؤمن أنصار هذه النظرية بضرورة التفرقة بين الإسلام والإرهاب، وبقدرة المسلمين أكثر من غيرهم على التصدي للأفكار المتطرفة. كما يرى هؤلاء أن محاربة الإرهاب والفكر المتطرف لا تتأتى دون كسب عقول وقلوب أبناء الجالية الإسلامية، ومد جسور المصداقية والثقة والتعاون بين الحكومة الألمانية وبين المسلمين داخل المجتمع الألماني، وإضفاء الطابع المؤسسي على الحوار مع زعماء الجاليات الإسلامية في ألمانيا لتطوير هذه العلاقة. والحق أنه ما من شك يساور عاقلاً أن علاج التطرف لا يتحقق عبر تبني الفكر المتطرف والتشريعات والإجراءات والسياسات المناهضة لحقوق الإنسان. والأمل أن تنجح أصوات العقل والحكمة في ألمانيا في الحفاظ على إعمال حقوق الإنسان والحفاظ على سيادة القانون؟
afansary@yahoo.com
أما النظرية الثانية والسائدة حتى الآن فتدرك خطر تبني وسن مثل هذه التشريعات من الناحية السياسية والقانونية وحقوق المتهم. فهي تؤمن بالموازنة بين تبني التشريعات والإجراءات الوقائية الخاصة للتصدي للإرهاب وبين حقوق الإنسان. فمن أهم المبادئ التي تؤمن بها هذه النظرية أن خطر الإرهاب لا ينبع من الإسلام أو الجاليات المسلمة، بل من بعض الأفراد الذين يسعون إلى توظيف الإسلام لخدمة أهدافهم السياسية. لذا يؤمن أنصار هذه النظرية بضرورة التفرقة بين الإسلام والإرهاب، وبقدرة المسلمين أكثر من غيرهم على التصدي للأفكار المتطرفة. كما يرى هؤلاء أن محاربة الإرهاب والفكر المتطرف لا تتأتى دون كسب عقول وقلوب أبناء الجالية الإسلامية، ومد جسور المصداقية والثقة والتعاون بين الحكومة الألمانية وبين المسلمين داخل المجتمع الألماني، وإضفاء الطابع المؤسسي على الحوار مع زعماء الجاليات الإسلامية في ألمانيا لتطوير هذه العلاقة. والحق أنه ما من شك يساور عاقلاً أن علاج التطرف لا يتحقق عبر تبني الفكر المتطرف والتشريعات والإجراءات والسياسات المناهضة لحقوق الإنسان. والأمل أن تنجح أصوات العقل والحكمة في ألمانيا في الحفاظ على إعمال حقوق الإنسان والحفاظ على سيادة القانون؟
afansary@yahoo.com