في جزيرة فرسان التي تبعد عن مدينة جازان 45 كيلومترا، عيون ساهرة تراقب الحدود، وتنتظر الميليشيات الحوثية لتلقنها دروسا في فنون القتال لن تنساها، وفيها رجال مؤهلون لمواجهة العدو في كل الظروف، يتحلون بالشجاعة، سلاحهم إيمانهم بأنهم يواجهون عدوا يسعى واهما إلى زعزعة أمن واستقرار المملكة، خصوصا وهم يدركون بأنه ينفذ أجندة إيرانية، تسعى إلى استمرارية الفوضى، وتشكيل حزب إرهابي على الحدود، وهو ما لن يتحقق مهما كانت التضحيات. ويشير الأبطال الذين التقتهم «عكاظ» وهم يتمترسون في مواقعهم الأمامية، إلى أنهم يشعرون بالفخر والاعتزاز وهم ضمن من كتب الله لهم شرف المساهمة في مواجهة عصابات إرهابية، نكلت بشعب يمني أعزل، وزرعت الألغام لاستهداف الأبرياء في المناطق السكنية السعودية المحاذية للحدود.
7 مراكز بحرية
وأكد مساعد قائد قطاع حرس الحدود بجزيرة فرسان المقدم حسن سويدي لـ«عكاظ»، أنه يتبع للقطاع سبعة مراكز؛ خمسة منها خطوط بحرية، واثنان ساحليان في جزيرة فرسان، تقوم بمهمات برية وبحرية، وجميعها تغطي حدود الجزيرة المأهولة بالسكان، ومساحة حدودها مجتمعة 306 كيلومترات. وأوضح أن هناك مراكز بحرية تقع على الحدود مع اليمن، وأخرى على المياه الإقليمية، مشيرا إلى أنه يتم تسيير دوريات متوسطة المدى باستخدام زوارق جديدة أدخلت للخدمة، مجهزة بالرادارات والكاميرات الحرارية، أي أن تجهيزاتها عالية جدا، وتغطي خط المسؤولية على الحدود، والمجرى الدولي والبحر الإقليمي، إضافة إلى وجود وسائط صغيرة في كل مركز تستخدم للدعم اللوجستي للمراكز والأفراد. لافتا إلى إدخال وسائط جديدة تخدم المراكز البحرية، ونحمد الله أن جميع المراكز تعمل وفق أحدث الخطط الحربية، يدعمها في ذلك أحدث الأجهزة والمعدات من حيث التجهيز والمراقبة والتسليح. وقال إن التسليح الذي يمتلكه حرس الحدود قادر على التعامل مع الأهداف البحرية فوق السطح، والطيران المنخفض، لذلك الجاهزية ممتازة جدا.
التعامل مع الميليشيات بحزم
وأوضح المقدم سويدي، أنه يتم تسيير دوريات على مدار الساعة، وتغطي كامل الحدود مع اليمن، إضافة إلى الرادارات التي ترصد الأهداف التي تظهر على الخط الحدودي، أو قبل خط الحدود، ومهمتها توجيه الدوريات للمواجهة، فنحمد الله السيطرة على الحدود في قبضتنا. مبينا أنه تم رصد أهداف معادية بصفة يومية. مشيرا إلى أن التعرف على هذه الأهداف يكون عن طريق القوات العسكرية الأخرى، أو من قبل القوات البحرية وقيادة حرس الحدود. وقال إن أي هدف لم يتم التعرف عليه يتم التعامل معه بحزم سواء كان مهربا أو هدفا معاديا.
إفلاس العصابات الإيرانية
وقال مساعد قائد قطاع حرس الحدود بجزيرة فرسان، إن الميليشيات الحوثية الإيرانية تتبع العمل الميليشياوي وحرب العصابات، لكنها لا تملك جيشا أو قوة بحرية منظمة، وأسلوبهم في المواجهة يعتمد على الهجوم والانسحاب، وهذا دليل إفلاسهم وخوفهم وعدم قدرتهم على المواجهات الحقيقية. وأوضح أن هذه الميليشيات تعتمد على الزوارق المفخخة، وكذلك الطائرات المسيرة، التي تستخدم في الاستطلاع. مشيرا إلى أنه تم تزويد حرس الحدود بزوارق على أعلى مستوى، ومجهزة بأحدث التقنيات، وأنظمة رادارات متطورة، ونظام مراقبة حرارية، تغطي إلى مسافة 300 كيلومتر. وقال إن هذه الأنظمة الحديثة سهّلت الكثير من المهمات في عمليتي المراقبة والاستطلاع، وإضافة إلى التسليح تم إدخال مدفعية جديدة، وأسلحة أخرى قادرة على التعامل مع الأهداف الجوية المنخفضة مثل طائرات الدرون الإيرانية.
تدريب أكاديمي وميداني
وأكد المقدم سويدي، أن حرس الحدود وهو يتلقى هذا الدعم في التسليح والمراقبة والاستطلاع يعمل على التدريب والتأهيل الأكاديمي المستمر في الجامعات والمعاهد البحرية، إضافة إلى التدريب على رأس العمل. وقال إن قائد الزورق يتولى تدريب الطاقم الذي يعمل معه، والأفراد في المراكز يتدربون على استخدام الأسلحة الحديثة، إضافة إلى إرسال فريق مشكل من التدريب والتموين والأسلحة لاختبار قدرات العاملين في المراكز. والأهم من ذلك أن هناك مسارا تدريبيا لكل ضابط أو فرد عند تخرجه، بحيث لا يلتحق بالعمل ما لم يتجاوز دورات ومهمات تدريبية معينة. وقال سويدي إن أبطال حرس الحدود أسوة بغيرهم من أبطال جميع القوات العسكرية يظهرون عند الشدائد، والعالم أدرك حقيقة شجاعة وإقدام السعوديين في الحرب ضد الميليشيات الحوثية الإيرانية. لافتا إلى أنهم جميعا على قلب رجل واحد ويتسابقون لأداء المهمات والمسؤوليات الموكلة إليهم ليلا ونهارا.
دروس وحكايات تروى
وأوضح أنه لا يمكن لأحد أن يتصور كفاءتهم في الانطلاق نحو الميدان، إلا من يكون قريبا منهم، وعلى التصاق دائم بهم، فلك أن تتخيل أنهم الأسرع ربما عالميا في تجهيز الزوارق ومواجهة الحدث، وهذا لم يأت من فراغ، وإنما بسبب تسابقهم لنيل الشهادة، وإيمانهم بعدالة قضيتهم في مواجهة عدو لا يريد الخير للوطن والمواطن. وقال: «شجاعة وإرادة الضباط والأفراد في الميدان تظل دروسا وحكايات تروى». مشيرا إلى أن الميليشيات الحوثية الإيرانية مدحورة، وأن بقاءهم مسألة وقت. وقال: «نحارب عصابة، ونهايتهم قريبة جدا». وطمأن الشعب السعودي بأن لا خطر عليهم من هكذا ميليشيات إرهابية. وأضاف: كل ما نريده الدعاء بالتمكين.
روح العمل الجماعي
وأثناء زيارتنا لمرافئ الزوارق الحربية في جزيرة فرسان، شعرنا وكأننا في ورشة عمل، كل ضابط أو فرد يقوم بمهماته، ويقف عند حدود مسؤولياته، في منظر مبهج يؤكد الاحترافية التي يعمل وفقها جميع المنتسبين لقطاع فرسان. وما يلفت الانتباه أن تجهيز الزورق للانطلاق لا يستغرق وقتا طويلا، وهو ما يعكس الجاهزية للتحرك في مواجهة الميليشيات الحوثية الإيرانية، والقدرة الفائقة والإقدام الذي عرف به الفرد السعودي. وما يثلج الصدر أن الضباط والأفراد يعملون كأسرة واحدة، وهم يؤدون واجبهم الوطني، الابتسامة ترتسم على محيا كل منهم، رغم صعوبة المهمة.