-A +A
«عكاظ» (الرياض)



انطلقت صباح اليوم (الثلاثاء) أعمال الجلسات العلمية للمؤتمر الوطني لمنهج السلف الصالح في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودور المملكة في تعزيزه، الذي تنظمه الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورأس إمام وخطيب المسجد الحرام المستشار في الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، أولى الجلسات العلمية، مشيراً في بداية حديثه إلى أهمية البحوث وأوراق العمل المقدمة في جميع جلسات المؤتمر، عادّاً المؤتمر مبادرة ستنعكس إيجاباً على العمل التطويري في الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إدارياً وفنياً وميدانياً.

وركز المتحدثون في بحوثهم وأوراق عملهم على موضوعات تتناول مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند السلف الصالح، بوصفه أول محاور المؤتمر المنتظر أن يناقشها المؤتمر في برنامجه العلمي، منوهين بعناية واهتمام قيادة المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

من جانبه تطرق نائب وزير الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد، الشيخ الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري، شرعية وتاريخيّة منهج السلف في هذه الشعيرة، وعناية الدولة بها ورعاية مؤسساتها والقائمين عليها، داعياً هذه المؤسسات إلى الاستفادة من هذه الرعاية والدعم لاستحداث برامج تأهيلية وتدريبية متخصصة في العمل الوعظي والتوعوي، ونشر ثقافة التناصح بين المواطنين والمقيمين.

وفضلّ عضو هيئة التدريس بكلية التربية بجامعة حائل الدكتور عثمان بن صالح العامر، من جهته تعريف خطاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكلٍ عام، ومدى أهمية تحديد مصطلح هذا النوع من الخطاب، مشدداً على ضرورة مراعاة تصنيفه، وتعريفه على النطاق الفردي والاجتماعي.

واستعرض مدير عام مركز البحوث والدراسات بالرئاسة الدكتور أحمد بن علي الشهري، في ورقته نشأة وتطور أنظمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى قبل أن تصبح هيئة رسمية، والعلاقة النظامية بين أنظمة الرئاسة العامة للهيئة، والنظام الأساسي للحكم في المملكة.

ورأى الدكتور ألطاف الرحمن بن ثناء الله، الحديث عن منهج السلف الصالح في مناصحة ولاة الأمر، ومراعاة وسطية واعتدال الدين الإسلامي الحنيف فيما يتعلق بالنصح والإرشاد للمجتمع ولولاة الأمر، والاهتمام البالغ بتربية للنشء على المنهج الصحيح في هذا الصدد، والعمل على توثيق العلاقة الطيبة بين الراعي والرعية والحث على التماسك.

بدوره نوّه الأستاذ المساعد في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الغيث في مشاركته بجهود المملكة التطويرية على المستوى الإداري للرئاسة العامة للهيئة، وبيان أهم ملامح أنظمة الهيئة، مشيداً بالعمل الكبير الذي تعكف عليه الرئاسة العامة فيما يتعلق بالتخطيط الإداري، منوهاً بلزوم الاهتمام بوسائل التقنية الحديثة، وتوظيفها لخدمة برامجها وأنشطتها.

وركزت الجلسة العلمية الثانية التي رأسها الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي إمام وخطيب المسجد الحرام الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، على ضوابط ومراتب إنكار المنكر والأمر بالمعروف وفق منهج السلف الصالح.



وأكد السديس خلال رئاسته للجلسة على أهمية الدور الإعلامي والاستفادة من التقانة الحديثة في خدمة الأمر بالمعروف مؤكداً المسؤولية الكبيرة التي تقع على وسائل الإعلام تجاه هذه الشعيرة.

وتطرق وكيل الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للشؤون الميدانية والقضايا الدكتور عثمان بن ناصر العثمان إلى مراتب تغيير المنكر ودرجاته, وكيفية التعامل مع المنكرات الشرعية, والمسائل الخلافية، والأساليب المثلى وفقاً لكتاب الله العزيز، وسنة نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

من جانبه، أشار أستاذ الحديث وعلومه المساعد بكلية الشريعة وأصول الدين الدكتور صلاح بن صالح الحارثي إلى لزوم أخذ منهج السلف الصالح في الحسبان عند التعامل مع المنكرات العقدية القولية والعلمية والمنكرات، وهو ذات الأمر الذي ذهب إليه مدير إدارة المتابعة بفرع الرئاسة العامة بمنطقة الرياض الشيخ علي بن سالم الشهري من منطلق مفهوم الأمر بالمعروف والسلف الصالح, وأهمية الالتزام بمنهج السلف الصالح، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع مراعاة التطور التاريخي له.

بدوره، لفت عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء الدكتور محمد بن عبدالله العامر الانتباه إلى أهمية القضاء والأمر بالمعروف وعلاقة الاتفاق والاختلاف والعلاقة بينهما، في حين فضّل المتحدث الأخير في الجلسة مدير عام الشؤون القانونية بالرئاسة الدكتور خالد بن عبدالعزيز الدخيل، الحديث عن حكمة قادة هذه البلاد - حماها الله - عندما أقروا تأسيس جهاز مستقل يعنى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويسن أنظمته، لأن ذلك من الأركان الأساسية لبناء مجتمع إسلامي متناصح مترابط.

وأوضح المدعي العام بالمحكمة الجزائية عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمد بن عبدالله بن خنين، الذي رأس الجلسة نيابة عن المدعي العام الشيخ سعود بن عبدالله المعجب، أن المؤتمر يبرز جملة من أهم الشروط والآداب التي ينبغي للوعاظ والدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر مراعاتها، والتحلي بها.

وأوضح بن خنين في توطئته خلال رئاسته ثالث جلسات المؤتمر، أن تلك الآداب والشروط من شأنها ضمان التأثير وتحقيق الهدف الذي ينشده الواعظ أو الداعية، وهو ذات الموضوع الذي تناوله البحث المقدم من فضيلة الشيخ الدكتور وصيّ الله محمد عباس، أول المتحدثين في الجلسة الثالثة، مؤكداً أن الدعوة إلى الله والموعظة وفق نصوص الكتاب والسنة الصحيحة تتطلب شروطاً أهمها العلم، والبدء بالتوحيد، ومراعاة المصالح والمفاسد، فيما أبرز جملة من آداب الأمر والنهي (العمل بما يأمر به وينهى عنه، والبدء بالأقارب والعشيرة، والصبر والتوكل على الله، واستعمال الرفق واللين، واستعمال أسلوب الستر والإشارة والتلميح، وتحين الفرصة وتحري الوقت المناسب للموعظة).

ورأى الأستاذ المشارك بقسم الفقه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الدكتور أحمد بن سليمان العبيد، تسليط الضوء في مشاركته على موضوع حيوي ومهم، يتمثل في فقه إنكار المنكرات الإلكترونية المستجدة، ويتطرق إلى مفهوم فقه النوازل والمستجدات الإلكترونية، مع الإشارة إلى حكم إنكار المنكر وشروطه، وبيان أنواع وسائل التواصل الاجتماعي، وتوضيح درجات تغيير المنكر في وسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيق ذلك على المنكرات في وسائل التواصل الاجتماعي.

من جانبه أشار المتحدث الرابع في الجلسة الشيخ الدكتور سعود الحربي، إلى دور الأسرة المهم فيما يتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجوب استشعار أهميته البالغة في هذا الشأن، والعمل بجدية وإخلاص ومثابرة لتعزيز هذه الفضيلة داخل الأسرة، وذلك بفهم طبيعة العلاقة بين الأسرة كمؤسسة اجتماعيّة وبين شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثقافة مجتمع، والوقوف على آليّات تأدية هذا الواجب داخل الأسرة بما يضمن تعزيز دورها، مشيراً إلى أهمية دور المؤسسات التربوية والتعليمية والاجتماعية.