خفافيش الليل يظهرون مع زوال الشمس ويتكاثرون مع حلول الظلام الدامس وتكاد الأزقة تختنق بهم وبروائحهم وفجأة تجدهم يجثمون على الأرصفة ويفترشون الممرات للجلوس والبيع السريع والسمسرة لكل ما لذ وطاب.. عمالة لا تعرف اوضاعهم فمنهم النظامي والمتستر والمخالف والمتخلف ولكنهم في هذا الشارع ينحصرون في جنسيتين البنجلاديشية والأندونيسية وقد تجد أعداداً لا تذكر من بقايا التسمية (الجنسية الباكستانية).. بين هذا وذاك تجدهم يعملون في شارع اطلق عليه اسم (شارع باكستان) الذي عرف منذ 30 عاماً بهذا الاسم نظراً لأن غالبية سكانه من الجنسية الباكستانية ومع مرور السنوات تغير الحال وأتت جاليات اخرى لتزاول مهنة البيع والشراء.. العجيب في هذا الشارع انه احتفظ بهذا الاسم ولم تفلح محاولات البلدية في تغيير الاسم حسب التسمية الجديدة (شارع الأنصار) بل ان الاهالي لا يعرفون الا الاسم القديم الذي يمتد من شارع بن لادن وينتهي في شارع بغداد ويبدو ان امانة جدة لم تنتصر في جولاتها على الحي الذي عرف بالقصور في فترة ماضية وكان من الاحياء الراقية في عصور جدة القديمة..
هذا يبحث عن خادمة وذاك تكفيه الجلسة الليلية مع الاصدقاء من ابناء جلدته وآخر يريد التسويق لمنتجات جلبها بعناية من اطعمة والبسة وأوان ومستلزمات متنوعة بما فيها المنشطات وعقاقير التخسيس..
كل هذا يدور وأكثر منه في حي اختنق بالعشوائية التي انتشرت بشكل سريع وحولت الحي الى ازقة وممرات ضيقة يصعب الدخول فيها ويحلو بداخلها التخلف والاستيطان في اوكار تعد مصدراً من مصادر الجريمة وبؤرة للتخلف والمتخلفين ورغم المداهمات التي شهدها الحي الا انهم سرعان ما يعودون اليه..
دخلت الحي على فترات متقطعة من النهار وفي ايام متعددة لعلي اتعرف عما يدور بداخله ففي النهار تجد الوضع عاديا جداً مجرد بيع لخضار في الأزقة والعمالة في محلاتهم ولكن الحال يختلف تدريجياً قبل غروب الشمس اذ تنطلق العربات المحملة بالبضائع وتشاهد الكراتين المحمولة على الاكتاف لتبدأ ممارسات البيع التي تمتد من المغرب وحتى الحادية عشرة مساء وهو الموعد الذي حدد من قبل الجهات الأمنية لإغلاق جميع المحلات والأسواق.. كل شيء هنا في شارع باكستان يباع بأسعار رخيصة والإقبال عليه كبير لمغريات الأسعار وممارسات الغش والتدليس.
سماسرة الخادمات
في احدى البقالات الاندونيسية شاهدت تواجداً للخادمات بشكل غير عادي وملفت للنظر ودفعني الفضول لمعرفة ما يدور بداخلها، أوهمت البائع بأنني أريد كريمات للجسم وبدأ يعرض علي ما لديه هذا بريال وذاك بريالين وبخمسة وأسعار لا تصل الى العشرة ريالات.. تماديت معه في الحديث وقال: لدينا أدوية تخسيس قلت له ولكنني لا أحتاجها فهل لديك أدوية أخرى.. فطلب مني الانتظار ريثما يفرغ من زبائن المحل وبعدها بدأ يعرض علي العقاقير والمنشطات في تلك الأثناء دخل احد ابناء جلدته وبرفقته ثلاث نساء وكان كل المتواجدين يحيطون به وسط حفاوة وترحيب وتقديم البارد له وعرفت فيما بعد انه احد سماسرة الخادمات. غادرت لمتابعة المشهد من خارج البقالة وبعد لحظات اصطحب معه النساء الثلاث واتجه لسيارته وحملوا الشنط وتسللوا الى داخل الحي وعرفت ان ذلك المنزل هو أحد الأوكار التي تؤويهم.. عدت الى نفس الشارع وكان هناك سماسرة يحيطون بالبقالات الاندونيسية التي ترتادها الخادمات ويتهامسون بلهجتهم، تارة تجد من يحضرن لشراء متطلباتهن ويغادرن وتارة أخرى تجد من أنهت عملها وعادت الى البقالة (محطة التجمع والانتشار).. يومان فقط كانت كافية لكشف اسرار الشارع، بمجرد الجلوس على احدى السيارات شاهدت الحركة الخاصة بالسماسرة ووصول الزبائن (الباحثون عن الخادمات)، أحدهم حضر وبرفقته زوجته وبقي في سيارته بينما زوجته دخلت البقالة لتعود له بعد لحظات ولم يمكثا طويلاً حتى دنا منهما السمسار واتفق معهما ليحضر بعد ذلك الخادمة وشنطتها ويغادر المكان، الموقف نفسه يتكرر كل يوم والاسعار تصل الى 1500 شهرياً واجازة يوم واحد تحدده الخادمة و600 للخادمة التي لا ترغب المبيت فقط تقوم بدور النظافة والغسيل وعمل من الصباح الى المساء.
ما يلفت النظر هنا ان السمسار يتولى جلب الخادمات الهاربات او القادمات للعمرة والحج ويتولى اسكانهن وتشغيلهن وتساعده نساء في ذلك فيما يقتصر نشاط البقالات على محطة تجمع بحجة الشراء واصطياد الزبائن اذ ان من يريد خادمة يتوجه لتلك البقالات ولن يكلفه الامر الا اصطحاب الزوجة وطرح سؤال للمتواجدين من متسوقين او بائعين وحتماً تكون الاجابة (انتظر في السيارة) هذا يحدث في الوقت الذي تجد فيه المعاملة الحذرة لخضوع الموقع لمراقبتهم من قبل سماسرة يجلسون في الشارع ويعطون تعليماتهم لعامل البقالة عبر الجوال اذا كانت هناك خطورة او شكوك اما اذا كان العكس فسرعان ما يرسلون لك السمسار لتحديد الراتب وتسليمك الخادمة والعملية لا تستغرق الا دقائق معدودة.. تغلغلت في اوساطهم وتعرفت على طبيعة نشاطهم واتضح لي ان المنزل يستأجره مقيم ويؤوي فيه عشرات الخادمات مقابل اجر يومي ونسبة في السمسرة اذا وجدت الخادمة عملا.
عشوائية الجلوس
هذا الشارع الذي نتحدث عنه (شارع باكستان) اصبح من اشهر احياء حي الجامعة او ما يطلق عليه (الكيلو ستة) ويتقاطع مع شوارع سميت حديثاً يتقاطع مع شارع صقر الجزيرة وشارع ابن ربيعة وشارع رشاد فرعون وقد حوله حفنة من العمالة الوافدة الى مرتع للتسوق والمخالفات اما سكان الحي الاصليون فهم أقلية في الحي بأكمله وقد نزحوا على مدى السنوات الماضية بعد ان اصابه ما اصابه من عشوائية وجرائم وكثرة العمالة وعجزت كل المحاولات عن استئصال هذا الوباء الذي أتى على الحي وما جاوره والأهالي يحملون الأمانة وبلدية الحي مسؤولية ما حدث معتبرين انه لو تم وقف التعدي والتجاوز في البناء لما اصبح الوضع الآن من المستحيلات.
ولأن الوضع في حي الجامعة بات خارج السيطرة منذ القدم فقد تم تقسيمها الى الجامعة الوسطى والغربية والشمالية والشرقية وأوكل لكل عمدة موقع محدد يزاول من خلاله مسؤولياته ولكن معاناتهم تكمن في عدم وجود التخطيط الكامل والتنظيم للاحياء والشوارع لا سيما الفرعية منها.
الحركة داخل الحي صعبة للغاية وخطرها فادح ولو شب حريق لصعب على آليات الدفاع المدني الدخول واخماده.. في هذا اليوم ترجلت عن سيارتي وقررت السير في الأزقة حيث شاهدت غرائب الحي من الداخل وكأنه مفرغ من السكان عدا العمالة التي تمر باتجاه شارع باكستان تسير خلفهم وتجدهم يهتمون في جلسة الشارع بعد عناء يوم كامل من العمل يعملون في النهار ويقضون وقت الراحة في الشارع ليلاً وبعضهم يشارك اصدقاءه العمل في بسطات يباع فيها كل شيء العاب الاطفال، الجوالات، البضائع المسروقة والمغشوشة، والتالفة، والقديمة والجديدة وكل ما يخطر على البال حتى الخضار والفواكه واللحوم والاسماك تجد لها باعة ورواجا دون اهتمام لما تتركه على الصحة العامة يصطادون الصغار والكبار ولو تجاوزنا ممارساتهم في هذا النشاط فإن تواجدهم الكثيف في الشارع غير مبرر وتستغرب انه لا يوجد احد يسألهم عن هذا التجمع الليلي وعلى قولهم (سلام يا جاري انت في دارك وانا في داري) تلك المقولة تنطبق على سكان حي الكيلو ستة حيث ان الجار لا يسأل عن جاره ولا يعرف وضعه او عمله ولا عجب ان تجدهم في الشارع فمنهم كما اسلفت النظامي والمخالف لدرجة انهم استولوا على الشارع بل ان لافتات بعض المحلات تجدها مكتوبة بلغتهم.. والمأكولات تعد بشكل يوحي لهم انهم في وسط بلدانهم ويقبل عليها ابناء جلدتهم ولا يقتصر ذلك عليهم فحسب بل ان المقيمين وأبناء البلد تستهويهم..
البحث عن سكن
الدخول الى الحي صعب للغاية والداخل قد يواجه صعوبات في ايجاد المخرج وقد يتعرض للمضايقة اقلية المواطنين المقيمين في الحي وخصوصاً انهم اعتادوا على فئات بعينها تدخل الحي اما غيرهم فإن وضعه مشكوك فيه وما يثير السؤال لماذا هذا الحي محاط بمحلات قطع الغيار وورش السيارات التي حولت الحي الى منطقة صناعية مصغرة.. في وسط الحي استوقفني صبية وقالوا: من تريد في الحارة فقلت لهم اريد الخروج للشارع الرئيسي فنهرني احدهم وقال بلهجة الحواري (الطريق اللي جيت منه ترجع منه وش دخلك في الحارة) شعرت انني على حافة الخطر فاضطررت للعودة من نفس الطريق وهم يتبعوني ولم اتوقف عند هذا الحد بل قررت العودة للحي من موقع آخر سيراً على الاقدام واثناء تجولي وجدت ان المنازل تحتوي على غرف صغيرة وخصوصاً تلك التي يقطنها العزاب وهي تلاصق بعضها البعض توقفت امام احدها وطلبت من عامل بنغالي ان يرشدني لمنزل للايجار بحجة ان لدي عمالا فابتسم في وجهي وقال (ايش جنسية.. فيه اقامة) قلت له بنغالي وفيه اقامة.. (قال خلي نفر يجي.. ويحصل سكن.. كله هنا صديق) فهمت منه انه يصعب عليه الحصول على سكن وشاهدت منزله من الداخل عبارة عن غرف تدل فعلاً على تمدد العشوائية ليس في المنازل من الخارج لكن العشوائية في كل مكان وكأنها وباء استفحل في جنوب شرق جدة..
هذا يبحث عن خادمة وذاك تكفيه الجلسة الليلية مع الاصدقاء من ابناء جلدته وآخر يريد التسويق لمنتجات جلبها بعناية من اطعمة والبسة وأوان ومستلزمات متنوعة بما فيها المنشطات وعقاقير التخسيس..
كل هذا يدور وأكثر منه في حي اختنق بالعشوائية التي انتشرت بشكل سريع وحولت الحي الى ازقة وممرات ضيقة يصعب الدخول فيها ويحلو بداخلها التخلف والاستيطان في اوكار تعد مصدراً من مصادر الجريمة وبؤرة للتخلف والمتخلفين ورغم المداهمات التي شهدها الحي الا انهم سرعان ما يعودون اليه..
دخلت الحي على فترات متقطعة من النهار وفي ايام متعددة لعلي اتعرف عما يدور بداخله ففي النهار تجد الوضع عاديا جداً مجرد بيع لخضار في الأزقة والعمالة في محلاتهم ولكن الحال يختلف تدريجياً قبل غروب الشمس اذ تنطلق العربات المحملة بالبضائع وتشاهد الكراتين المحمولة على الاكتاف لتبدأ ممارسات البيع التي تمتد من المغرب وحتى الحادية عشرة مساء وهو الموعد الذي حدد من قبل الجهات الأمنية لإغلاق جميع المحلات والأسواق.. كل شيء هنا في شارع باكستان يباع بأسعار رخيصة والإقبال عليه كبير لمغريات الأسعار وممارسات الغش والتدليس.
سماسرة الخادمات
في احدى البقالات الاندونيسية شاهدت تواجداً للخادمات بشكل غير عادي وملفت للنظر ودفعني الفضول لمعرفة ما يدور بداخلها، أوهمت البائع بأنني أريد كريمات للجسم وبدأ يعرض علي ما لديه هذا بريال وذاك بريالين وبخمسة وأسعار لا تصل الى العشرة ريالات.. تماديت معه في الحديث وقال: لدينا أدوية تخسيس قلت له ولكنني لا أحتاجها فهل لديك أدوية أخرى.. فطلب مني الانتظار ريثما يفرغ من زبائن المحل وبعدها بدأ يعرض علي العقاقير والمنشطات في تلك الأثناء دخل احد ابناء جلدته وبرفقته ثلاث نساء وكان كل المتواجدين يحيطون به وسط حفاوة وترحيب وتقديم البارد له وعرفت فيما بعد انه احد سماسرة الخادمات. غادرت لمتابعة المشهد من خارج البقالة وبعد لحظات اصطحب معه النساء الثلاث واتجه لسيارته وحملوا الشنط وتسللوا الى داخل الحي وعرفت ان ذلك المنزل هو أحد الأوكار التي تؤويهم.. عدت الى نفس الشارع وكان هناك سماسرة يحيطون بالبقالات الاندونيسية التي ترتادها الخادمات ويتهامسون بلهجتهم، تارة تجد من يحضرن لشراء متطلباتهن ويغادرن وتارة أخرى تجد من أنهت عملها وعادت الى البقالة (محطة التجمع والانتشار).. يومان فقط كانت كافية لكشف اسرار الشارع، بمجرد الجلوس على احدى السيارات شاهدت الحركة الخاصة بالسماسرة ووصول الزبائن (الباحثون عن الخادمات)، أحدهم حضر وبرفقته زوجته وبقي في سيارته بينما زوجته دخلت البقالة لتعود له بعد لحظات ولم يمكثا طويلاً حتى دنا منهما السمسار واتفق معهما ليحضر بعد ذلك الخادمة وشنطتها ويغادر المكان، الموقف نفسه يتكرر كل يوم والاسعار تصل الى 1500 شهرياً واجازة يوم واحد تحدده الخادمة و600 للخادمة التي لا ترغب المبيت فقط تقوم بدور النظافة والغسيل وعمل من الصباح الى المساء.
ما يلفت النظر هنا ان السمسار يتولى جلب الخادمات الهاربات او القادمات للعمرة والحج ويتولى اسكانهن وتشغيلهن وتساعده نساء في ذلك فيما يقتصر نشاط البقالات على محطة تجمع بحجة الشراء واصطياد الزبائن اذ ان من يريد خادمة يتوجه لتلك البقالات ولن يكلفه الامر الا اصطحاب الزوجة وطرح سؤال للمتواجدين من متسوقين او بائعين وحتماً تكون الاجابة (انتظر في السيارة) هذا يحدث في الوقت الذي تجد فيه المعاملة الحذرة لخضوع الموقع لمراقبتهم من قبل سماسرة يجلسون في الشارع ويعطون تعليماتهم لعامل البقالة عبر الجوال اذا كانت هناك خطورة او شكوك اما اذا كان العكس فسرعان ما يرسلون لك السمسار لتحديد الراتب وتسليمك الخادمة والعملية لا تستغرق الا دقائق معدودة.. تغلغلت في اوساطهم وتعرفت على طبيعة نشاطهم واتضح لي ان المنزل يستأجره مقيم ويؤوي فيه عشرات الخادمات مقابل اجر يومي ونسبة في السمسرة اذا وجدت الخادمة عملا.
عشوائية الجلوس
هذا الشارع الذي نتحدث عنه (شارع باكستان) اصبح من اشهر احياء حي الجامعة او ما يطلق عليه (الكيلو ستة) ويتقاطع مع شوارع سميت حديثاً يتقاطع مع شارع صقر الجزيرة وشارع ابن ربيعة وشارع رشاد فرعون وقد حوله حفنة من العمالة الوافدة الى مرتع للتسوق والمخالفات اما سكان الحي الاصليون فهم أقلية في الحي بأكمله وقد نزحوا على مدى السنوات الماضية بعد ان اصابه ما اصابه من عشوائية وجرائم وكثرة العمالة وعجزت كل المحاولات عن استئصال هذا الوباء الذي أتى على الحي وما جاوره والأهالي يحملون الأمانة وبلدية الحي مسؤولية ما حدث معتبرين انه لو تم وقف التعدي والتجاوز في البناء لما اصبح الوضع الآن من المستحيلات.
ولأن الوضع في حي الجامعة بات خارج السيطرة منذ القدم فقد تم تقسيمها الى الجامعة الوسطى والغربية والشمالية والشرقية وأوكل لكل عمدة موقع محدد يزاول من خلاله مسؤولياته ولكن معاناتهم تكمن في عدم وجود التخطيط الكامل والتنظيم للاحياء والشوارع لا سيما الفرعية منها.
الحركة داخل الحي صعبة للغاية وخطرها فادح ولو شب حريق لصعب على آليات الدفاع المدني الدخول واخماده.. في هذا اليوم ترجلت عن سيارتي وقررت السير في الأزقة حيث شاهدت غرائب الحي من الداخل وكأنه مفرغ من السكان عدا العمالة التي تمر باتجاه شارع باكستان تسير خلفهم وتجدهم يهتمون في جلسة الشارع بعد عناء يوم كامل من العمل يعملون في النهار ويقضون وقت الراحة في الشارع ليلاً وبعضهم يشارك اصدقاءه العمل في بسطات يباع فيها كل شيء العاب الاطفال، الجوالات، البضائع المسروقة والمغشوشة، والتالفة، والقديمة والجديدة وكل ما يخطر على البال حتى الخضار والفواكه واللحوم والاسماك تجد لها باعة ورواجا دون اهتمام لما تتركه على الصحة العامة يصطادون الصغار والكبار ولو تجاوزنا ممارساتهم في هذا النشاط فإن تواجدهم الكثيف في الشارع غير مبرر وتستغرب انه لا يوجد احد يسألهم عن هذا التجمع الليلي وعلى قولهم (سلام يا جاري انت في دارك وانا في داري) تلك المقولة تنطبق على سكان حي الكيلو ستة حيث ان الجار لا يسأل عن جاره ولا يعرف وضعه او عمله ولا عجب ان تجدهم في الشارع فمنهم كما اسلفت النظامي والمخالف لدرجة انهم استولوا على الشارع بل ان لافتات بعض المحلات تجدها مكتوبة بلغتهم.. والمأكولات تعد بشكل يوحي لهم انهم في وسط بلدانهم ويقبل عليها ابناء جلدتهم ولا يقتصر ذلك عليهم فحسب بل ان المقيمين وأبناء البلد تستهويهم..
البحث عن سكن
الدخول الى الحي صعب للغاية والداخل قد يواجه صعوبات في ايجاد المخرج وقد يتعرض للمضايقة اقلية المواطنين المقيمين في الحي وخصوصاً انهم اعتادوا على فئات بعينها تدخل الحي اما غيرهم فإن وضعه مشكوك فيه وما يثير السؤال لماذا هذا الحي محاط بمحلات قطع الغيار وورش السيارات التي حولت الحي الى منطقة صناعية مصغرة.. في وسط الحي استوقفني صبية وقالوا: من تريد في الحارة فقلت لهم اريد الخروج للشارع الرئيسي فنهرني احدهم وقال بلهجة الحواري (الطريق اللي جيت منه ترجع منه وش دخلك في الحارة) شعرت انني على حافة الخطر فاضطررت للعودة من نفس الطريق وهم يتبعوني ولم اتوقف عند هذا الحد بل قررت العودة للحي من موقع آخر سيراً على الاقدام واثناء تجولي وجدت ان المنازل تحتوي على غرف صغيرة وخصوصاً تلك التي يقطنها العزاب وهي تلاصق بعضها البعض توقفت امام احدها وطلبت من عامل بنغالي ان يرشدني لمنزل للايجار بحجة ان لدي عمالا فابتسم في وجهي وقال (ايش جنسية.. فيه اقامة) قلت له بنغالي وفيه اقامة.. (قال خلي نفر يجي.. ويحصل سكن.. كله هنا صديق) فهمت منه انه يصعب عليه الحصول على سكن وشاهدت منزله من الداخل عبارة عن غرف تدل فعلاً على تمدد العشوائية ليس في المنازل من الخارج لكن العشوائية في كل مكان وكأنها وباء استفحل في جنوب شرق جدة..